كيف نحب الآخرين ؟ المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ

16 أكتوبر 2023
Large image

"المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ " ( ١كو١٣ : ٤ ) المحبة تسعى بطبيعتها لتكريم الآخرين، وتجد سعادتها فى أن تنكر نفسها لتكرم غيرها وذلك عملاً بنصيحة القديس بولس الرسول «مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة» (رو۱۲ : ۱۰). «حاسبين البعض أفضل من أنفسهم » ( في ٢ : ٣) ولأن المحبة تفرح بتكريم ،غيرها، فإنها تنسب إليهم الفضل في كثير من الأمور، وتعمل وتنسب الفضل لمن تحب إنها من خلال منظار الحب ترى في تكريم الغير تحقيقاً لأهدافها، لأن في تكريمهم تمجيداً للفضيلة التي فيهم، وإبرازاً العمل نعمة الله بواسطتهم، وتشجيعاً لهم على المزيد من العمل لمجد الله لهذا كله فالمحبة لا تتفاخر، ولا تحاول أن تبدو متفوقة على من تحب ، أو أن تمدح ذاتها متفاخرة على الآخرين، أو أن تنتقص من شأنهم لكي تبدو في صورة المتفوق .
الإنتفاخ يتعارض مع المحبة :
حينما نقصت المحبة في قلب إبليس من نحو الله ، بدأ ينتفخ ويتفاخر وبالرغم من حكمته الكبيرة، إلا أن الكبرياء سيطرت على أفكاره، لأنها صارت خالية من المحبة «أفسدت حكمتك لأجل بهائك » ( حز ۲۸ : ۱۷ ) المحبة تمنع الكبرياء عن القلب، لهذا قيل أن «من يثبت في المحبة يثبت فى الله والله فيه» «لأن الله محبة» (١يو٤ : ١٦ ) إن المعرفة وحدها قد تقود إلى الكبرياء، أما المحبة فهى محفوظة على الدوام، وتحفظ المعرفة من الظلمة العقلية جميل أن يمتلىء العقل بالمعرفة التي تجعل المحبة تزداد أما المعرفة التي تقود إلى الإنحصار حول الذات، وإنهيار المحبة فهى معرفة باطلة ومفسدة للعلاقة مع الله ومع خليقته العاقلة لهذا ترى أن وصية المحبة الله هى الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها - محبة القريب وبهذا يكمل الناموس كله والأنبياء (متى ٢٢ :٤٠) المحبة هي السر الخفى الذى يتدفق من قلب الله نحو الخليقة وهى الرباط المقدس الذي يربط الخليقة بالله . ويربطها بعضها ببعض على مثال الحب الكائن في الثالوث القدوس منذ الأزل المحبة هى سر الحياة، وهى رباط الكمال، وهي الوصية الأولى والأخيرة، والجديدة القديمة التي لا تشيخ، ولا تسقط أبداً لهذا صلى السيد المسيح قبل الصليب مباشرة، وخاطب الآب قائلاً: «أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتنى وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به، وأكون أنا فيهم»( يو ١٧: ٢٥، ٢٦) كانت أحلى طلبة للسيد المسيح هي أن يسكب الآب محبته في قلوب تلاميذه والذين أحبهم، وأن يحفظ فيهم الحب بعضهم نحو بعض «أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحداً كما نحن» (يو ١٧ : ١١) ونلاحظ أيضاً كيف ربط السيد المسيح بين الحب والمعرفة «أنا عرفتك الحب الذى أحببتنى به » ، «عرفتهم اسمك ليكون فيهم الحب»فالمعرفة السليمة الحقانية تقود إلى الحب، والحب يقود إلى المعرفة ويحفظها لهذا نرى حول عرش الله الشاروبيم الممتلئين أعيناً( أى ملء المعرفة) والسارافيم المتقدين بالنار ( أى ملء المحبة المشتعلة ) فليمنحنا الله معرفة مفعمة بالحب،وحباً ممتلئاً بالمعرفة الخالية من الإنتفاخ والكبرياء والعجرفة .( للحديث بقية )
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد التاسع عشر عام ١٩٨٩

عدد الزيارات 99

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل