دعوة الخدمة

25 ديسمبر 2018
Large image

الدعوة للخدمة في كرم الرب هي بلا شك دعوة مفرحة، تحمل في طياتها فرح الشركة في عمل الرب، وفرح كسب النفوس للمسيح، وفرح المشاركة في بهجة السماء بخلاص النفوس. ودعوة الخدمة في الكنيسة هي دعوة لا تخص فئة معينة من المؤمنين بل تخص كل المؤمنين، فكل من يصبح عضوًا في جسد الرب لابد أن يكون له عمل في كرم الرب، ولكن دعوة الخدمة تختلف من إنسان لآخر بحسب الرسالة التي يعطيها الرب لكل عضو في الكنيسة، فالرب قد اختار إبراهيم ودعاه للخروج ليكون أمة عظيمة ويأتي من نسله المخلص، بينما دعا إرميا ليقلع ويغرس ويهدم ويبني وينذر الشعب للتوبة، واختار بطرس ليكون صيادًا للناس، بينما اختار بولس ليحمل اسمه أمام ولاة وملوك... نعم كل الدعوات هي لمجد الله وانتشار ملكوته، لكن لكل دعوة هناك رسالة محددة تُوجَّه لصاحبها.. ورغم اختلاف رسالة كل منا إلّا أن دعوة الخدمة يميزها عدة أمور..1) قبول الدعوة: فيسوع كان دائمًا يدعو الجميع، لكن دعوة الخدمة كان لابد أن يقابلها مشاعر إحساس بالمسئولية وقبول للدعوة التي يقدمها الرب. فيسوع دعا تلاميذه من على شاطئ بحيرة طبرية، وهم بكل حب قبلوا دعوته وتركوا شباكهم ومراكبهم وصيدهم الكثير وتبعوه. وشاول الطرسوسي وجّه له الرب دعوة أن يحمل اسمه وأن يتألم من أجله، وهو بكل خضوع قبل الدعوة رغم صعوبتها وعاش لأجلها. أمّا الشاب الغني الذي دعاه الرب ان يبيع كل ما له ويتبعه، فقد تعثّر ولم يستطع أن يقبل دعوة الرب له، ففقد رسالته!2) الدعوة تحتاج أن نقبلها بلا شروط: فدعوة الرب للإنسان تحتاج إلى قلب يعرف أن يقول «هأنَذا أرسِلني»، رغم أنه قد لا يعرف كل أبعاد الدعوة، وربما يجهل كل تفاصيلها، إلّا أن الدعوة تحتاج من الإنسان أن يقبلها بلا شروط، فلا يطلب شروطًا لسد احتياجاته، ولا للعمل. فمن يطلب الشروط يظن أنه موظف، أمّا دعوة الرب للخدمة فتحتاج أن يقبل الإنسان دعوته بالإيمان وبلا شروط.. فيسوع دعا بطرس ليتبعه ويكون صيادًا للناس، ولكنه لم يعرف أنه لن يملك مقدار الجزية المطلوب منه ولم يعرف كيف يسدّدها الرب عنه.. أو أنه سيُحكَم عليه يومًا بالصلب مُنكّس الرأس. شاول دُعِي ليحمل اسم الرب ويكرز به، ورغم أنه أراد أن يخدم اليهود، إلّا أن الرب اختار له أن يخدم بين الأمم، وكان عليه أن يقبل بلا شروط.3) الدعوة تحتاج لطاعة كاملة: فالدعوة تحتاج أن يقبلها الانسان بطاعة كاملة ويسلك بحسبها، فلا يقبلها الإنسان بقلبين ويعرج بين الفرقتين ليتشبّه بالعالم وهو يخدم الرب، وبينما هو يخدم يمشي مع التيارات المحيطة ليرضي العالم ويرضي الله في ذات الوقت، فالرب علّم تلاميذه إنه لا يستطيع أحد ان يخدم سيدين.. فلا يجب على الإنسان أن يقبل الدعوة بقلب منقسم.4) الدعوة بلا شك تحمل وعودًا من الرب لصاحبها: فقد وعد الرب إبراهيم أن يجعله بركة وأن يكون أمة عظيمه. ووعد إرميا أنه يواجه محاربات من الشعب لكنهم لا يقدرون عليه. ووعد بطرس أن يصير صيادًا للناس. ووعد بولس أن يكون له إناءً مختارًا. ولا شك أن دعوة الرب دائمًا تحمل لكل مدعو بركات عظيمة، أعظمها أنه حيث يكون هو يكون أيضًا خادمه.5) أخيرًا يحتاج صاحب الدعوة أن يقبل الآلام: فإبراهيم الذي وعده الرب بأرض تفيض لبنًا وعسلًا، كان الجوع أول آلامه، ورغم أنه قبل وعدًا بأن يكون أمة، انتظر عشرات السنوات ليكون له ابن. وبولس الذي وُعِد أن يحمل اسم الرب أمام الملوك والولاة، قضى سنوات من عمره في السجون، وانكسرت به السفن، ورُجِم، وقضي في عمق المياه فترات صعبة.. الخ، لكنه قبل دعوته بكل طاعة. لذلك في كل دعوة نحتاج أن نهيئ أنفسنا لقبول آلام الطريق، متذكرين قول الكتاب: «لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ» (في1: 29).
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

عدد الزيارات 2449

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل