إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر بابه (مت٢٢:١٤-٣٦)

04 نوفمبر 2023
Large image

" وللوقت ألزَمَ يَسوعُ تلاميدَهُ أَنْ يَدخلوا السفينة ويَسبقوهُ إِلَى العَبرِ حتَّى يَصْرِفَ الجُموعَ. وَبَعدَما صَرَفَ الجموعَ صَعِدَ إِلَى الجَبَلِ مُنفَرِدًا لِيُصَلِّي وَلَمَّا صَارَ المساء كان هناك وحدَهُ. وأمّا السَّفِينَةُ فكانت قد صارت في وسط البحرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأمواج. لأنَّ الرِّيحَ كانَتْ مُضادَّةً. و وفي الهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيهِمْ يَسوعُ ماشيًا على البحر. فلما أبصَرَهُ التلاميدُ ماشيًا على البحر اضطَرَبوا قائلين: إِنَّهُ خَيال. ومِنَ الخَوْفِ صَرَخوا! فللوقتِ كَلَّمَهُمْ يَسوعُ قائلاً: تشجعوا ! أنا هو. لا تخافوا. فأجابَهُ بُطرُسُ وقال: يا سيد، إنْ كُنتَ أنت هو، فمُرني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى المَاءِ. فقال: تعالَ. فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى المَاءِ ليأتي إِلَى يَسوعَ . ولكن لَمّا رأى الرِّيحَ شَدِيدَةً خاف. وإذ ابْتَدَأَ يَعْرَقُ، صَرَحَ قائلاً: يارَبُّ، نَجِّنِي!. ففي الحالِ مَدَّ يَسوعُ يَدَهُ وأَمْسَكَ بـهِ وقال له: يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟ .ولَمّا دَخَلَا السَّفِينَةَ سكَنَتِ الرِّيحُ. والذين في السفيئَةِ جاءوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقَةِ أَنتَ ابنُ اللَّه!. فَلَمّا عَبَروا جاءوا إلى أرض جنيسارَت، فَعَرَفَهُ رجال ذلكَ المَكانِ. فأرسلوا إلى جميع تلك الكورة المُحيطَةِ وأحضروا إليهِ َجميعَ المَرضَى، وطلبوا إليهِ أن يلمسوا هُدبَ ثوبه فقط. فجميع الذين لَمسوه نالوا الشفاء ".
الزم تلاميذه:
فصل الإنجيل هذا تمت أحداثه بعد معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات مباشرة وبعد أن صرف الجموع بقى يسوع وحده على الجبل ويقول الإنجيلي إن الرب ألزم تلاميذه أن يركبوا السفينة وحدهم حتى يصرف الجموع".
وهذه هي المرة الأولى والوحيدة التي يقال إن الـرب ألزم تلاميذه بشيء ويبدو أن التلاميذ الأطهار كانوا يريدون أن يبقوا في صحبة الرب وإن لزم الأمر أن يعبروا إلى الجهة الأخرى فيكونوا في معيته. ولكن الــرب طلب منهم أن يركبوا السفينة وحدهم فلما أبدوا عدم الرغبة في ذلك ألزمهم أن يركبوا وحدهم كان الرب مزمعًا أن يختبر إيمانهم ليزيدهم ثقة في شخصه وليرتفع رصيدهم من اختبار يد الرب في الأوقات الحرجة فهو كان مزمعًا أن يحرك الريح والموج ضدهم ولو إلى ساعة !! أليس الريح والبحر يطيعانه.
وإن سألت فيما كانت سفينة التلاميذ تتقاذفها الأمواج وترتطم بها وتخطفها الرياح وتقذفها، فإن سألت بعمق هل كان هذا بسماح من المسيح أم لا؟ فإن الجـواب التلقائي يكون بكل تأكيد سمح الرب للرياح أن تهب وأذن للأمواج أن تلاطم السفينة.
أليس هو ضابط الكل...
على أن السر الأعظم في هذا التدبير الإلهي هـو مــا خفي عن بال التلاميذ في ذلك الوقت وهو إن ركبوا السفينة وحدهم فهو كائن معهم لم يتركهم ، وإن كانت حواس الجسد لا تسعفهم بالرؤيا إذ قد تركوه على الجبل وكلما ابتعدوا عن الشاطئ غاب عنهم جسديًا ... إلا أن ما كان يجب أن يدركوه بالإيمان أنه موجود في كل مكان وفي كل زمـــان. لذلك عندما جاء إلى سفينتهم وقلوبهم المضطربة بكت عدم إيمانهم. فما هو الإيمان؟ أليس هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا ترى؟ إيمان أن اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، وإن كان الله معنا فمن علينا ؟ إيمان بحضور المسيح الذي لا يغيب وإن لم نره بالعيان فنحن بالإيمان نسلك لا بالعيان، ونحن غير ناظرين إلى ما يرى بل إلى ما لا يرى إيمان بحضور المسيح معنا في أقسى الظروف وأصعب المخاطر وأن كان ما يدور حولنا حتى ما يصيبنامن ضرر أو خسارة يجري تحت بصره وبسماح منه فهو إن جربنا لا يدعنا نجرب فوق ما نحتمل بل يعطي التجربة المنفذ.
الهزيع الرابع:
الهزيع الرابع هو آخر رمق، بعد أن يكون الإنسان جاز الهزيع الأول والثاني والثالث وهو مترقب ومنتظر ومتوقع خلاص الله لقد أجاز الرب تلاميذه في هذا الاختبار الصعب لخيرهم وقد صارت هذه الحادثة كحجر أساس يُبنى عليه المستقبل.فبولس الرسول حين انكسرت به السفينة وقضـــــي لـيـلاً ونهارًا كاملاً في العمق معلقًا بأحد ألواح السفينة وكان لـــه في نفسه حكم الموت حتى يئس من الحياة أيضا فلما نجــاه الرب وأنقذه مع جميع ركاب السفينة صــار يـكـــرز بهذه الخبرة الروحية، إذ لم يعد يتكل على نفسه بل على الله الذي نجاه من موت مثل هذا وهو ينجي الذي له رجاء أنه سينجي أيضا فيما بعد. فمن هذه الامتحانات الإيمانية الصعبة تخرج النفس بخيرات جزيلة وإيمان أعمق أليس الذهب يختبر بالنــــار كقول القديس بطرس الرسول فالإيمان أثمن من الذهب لذلك يُمحص بأتون التجارب إذن انتظر الرب فهو لابد أت ولو في الهزيع الرابع لا تضع توقيتا لمجيئه فهو له تدبيره الإلهـ فإنه يأتي في الوقت الذي يراه نافعًا لخلاصنا لما رآه التلاميذ ماشيًا على البحر ظنوه خيالاً ومـــن الخوف صرخوا، كما ظنته مريم المجدلية بعد قيامته إن مجيئه يفوق تخيلنا وتوقعاتنا ستجده ماشيًا على الماء أو متمشيا في أتون النار ووقتها حين تدرك حضوره وتحتمي فيه تقول: "جزنا في الماء والنار وأخرجتنا إلى الراحة". المشي على الماء ليس ضد قوانين الطبيعة بل هو فوق قوانين الطبيعة فالمسيح أخضع الطبيعة تحت قدمي إنسان العهد الجديد إنسان القيامة لقد عبر إسرائيل في العهد القديم في وسط الماء كاليابسة وصار الماء سورا عن يمين وعن يسار، فهل يكثر على المسيح (إسرائيل الجديد) أن يمشي فوق الماء صوت الرب بقوة صوت الرب علــى المياه" لما جاء إلى الأردن ليعتمد فيه، رأته المياه فخافت كقول المزمور. وأيضا ارتعدت أيضا اللجج" في مزمور آخر.
بطرس الرسول:-
أما القديس بطرس فإنه بتلقائية قال للرب: " إن كُنتَ أنت هو، فمرني أن آتي إلَيكَ ". لم يقل هذا على سبيل التجربة، فهو تلميذ الرب فكيف يجربه؟ ولكنه أراد أن يختبر إيمانه، وثقته في المسيح وحين مارسها مشى على الماء إذ كان إيمانه في قمة الثقة والتصديق. ولكن ألا يدوم هذا الإيمان فينا؟ سريعًا ما نضعف، ونتلفت ذات اليمن وذات اليسار وتجذب انتباهنا الرياح تلفحنا والموج الذي ندوسه فنهتز ويهتز قلبنا في داخلنا. وما كنا ندوسه بثقة ينقلب ضدنا ليحتوينا ويغرقنا. في ذلك نحتاج مراحم الله لكي تدركنا، ونحتاج يــــد المسيح لترفعنا حين نصرخ قائلين: "يارب نجنا". فيمد يــــده يرفع من الموت ويخلص من الهلاك ولكن الأمر لا يخلو من عتاب حنون لماذا" شككت يا قليل الإيمان؟!!".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 125

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل