إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر هاتور (مت ۱۱ : ٢٥ - ٣٠ )

25 نوفمبر 2023
Large image

" في ذلك الوقت أجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السماءِ والأرض، لأنَّكَ أخفيت هذِهِ عـــن الحُكَماءِ والفُهَماءِ وأعلَنتَها للأطفال نَعَمْ أَيُّها الآب لأن هكذا صارَتِ المَسَرَّةُ أمامَكَ.كُلُّ شَيْءٍ قد دُفِعَ إِلَيَّ من أبي، وليس أحَدٌ يَعرِفُ الابن إلا الآبُ، ولا أحَدٌ يَعرِفُ الآبَ إِلا الابنُ ومَنْ أرادَ الابْنُ أَنْ يُعَلِنَ لَهُ. تعالَوْا إِلَيَّ يا جميعَ المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُمْ. احملوا نيري علَيكُمْ َوتعَلَّموا مني، لأني وديع ومُتَواضِعُ القَلبِ، فتجدوا راحةً لنُفوسِكُمْ لأن نيري هَيِّنٌ وحِملي خفيف "."أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء وأعلنتها للأطفال الصغار". جاء هذا بعد أن تكلم الرب عن جماعة الكتبة والفريسيين الذين رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم وأغمضوا عيونهم وسدوا آذانهم من نحو قبول المسيح وصادروه على كل كلمة يقولها وتكلموا عليه بالردئ. ثم تكلم الرب على المدن التي صنع فيها أكثر قواته ولم تتب أو ترجع إليه وقال : أنه سيكون لسدوم في يوم الدين راحة أكثر مما لتلك المدن. وعلى العكس من ذلك نظر يسوع إلى رسله الأطهار القديسين الذين تبعوه وآمنوا بـه والتصقوا به وتركوا كل شيء إذ وجدوا يسوع وألقوا رجاء هم بالتمام عليه، وقالوا : إلى من نذهب" وكلام الحياة الأبدية هو عندك".
نظر إليهم في إيمانهم البسيط فوجد قلوبهم كأطفال أطهار إذ صاروا أنقياء بسبب الكلام الذي كلمهم به. حينذاك رفع عينيه نحو أبيه القدوس الذي في السموات وقال: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء... الحكماء في أعين أنفسهم، أغلقوا على أنفسهم خارج ملكوت المسيح. رئيس هذا العالم طمس عيونهم وسد آذانهم صارت كرازة الصليب جهالة عند الحكماء، ولكنها قوة الله، وجهل الله أحكم من الناس. قال الرب لأورشليم في يوم دخوله إليها كملك وديع راكبًا على أتان وجحش ابن أتان "لو كنت تعلمين مـا هـو لخلاصك... ولكنه قد أخفى عن عينيك". فلاسفة وحكماء كثيرون عثروا في المسيح بينما البسطاء سبقوهم إلى الملكوت . موسى بعد أن تهذب بكل حكمة المصريين لم يعرف الله بالحكمة بل في عليقة صغيرة في وسط البرية مشتعلة بالنار . الحكماء عند أنفسهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله، وأحبوا أن يعظمهم الناس وينالوا أجرًا من الناس، ومديح الناس واستحسان الناس، فقال لهم الرب: "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض". لقد كان في وسطهم يأكل ويشرب، فعثروا فيه، وحين علّم سدوا مسامعهم لأنهم هم معلمو الناموس فماذا عساه أن يزيد على معرفتهم؟ وإذ صنع آيات قالوا إنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين وحين فتح عيني الأعمى قالوا:"نحن نعلم أن هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت".أما البسطاء المعتبرون أنهم أطفال صغار بحسب الروح فقال للآب: "لقد أعلنتها للأطفال الصغار" فأسرار الملكوت وأعماقها وأبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام الأطفال. لذلك قال الرب: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد لن تدخلوا ملكوت الله، ومن لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله". فلما سأل الرب الرسل من يقول الناس في ابن البشر من هو ؟ أجاب القديس بطرس بإيمان طفل بالحق ونطـق بالإيمان جهارًا قائلاً: أنت هو المسيح ابن الله الحي" فأجاب الرب وقال : طوباك يا سمعان بن يونا إن دما ولحما لم يعلنا لك هذا ولكن أبي الذي في السموات". هذه هي شهادة الآب عن ابنه يسوع المسيح وهي ذات الشهادة التي يعلن بها الآب لكل من حاز قلب طفل في صدق وبراءة ونقاوة وعدم شك. فليس من يعرف الابن إلا الآب، ولا من يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له". معرفة الله إذن ليست عقلانيات، ولا نظريات تدرس ولا علوم جافة وجدل عقيم، هي أولاً وآخِرًا إعلان الله، وإظهار الله لذاته، هي معرفة مفاضة من الله للذين أُعطي لهم أن يكونوا كأطفال صغار بلغ بهم التصديق إلى مداه والثقة في كل ما يسمعونه من الله. أمور الله غير المدركة أعلنها لنا الله بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.على أن إعلان الله ذاته لأولاده (الأطفال الصغار) إذصار لهم نعمة البنوة، هذا الأمر عينه هو مسرة الآب"هكذا صارت المسرة أمامك لأن اقتبال الآب لأبنائه بعد زمان الغربة والقطيعة هو فرح الآب "ينبغي لنا أن نفرح ونسرّ لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش" الآب يفرح بخاطئ واحد يتوب، يكون فرح في السماء برجوعنا إلى الآب السماوي، وهو يجزل لنا العطاء بسخاء،حتى قيل إن الآب نفسه يحبكم.كل شيء قد دُفع إلي من أبي"كل ما للآب هو لي، أنا والآب واحد". هكذا قال المسيح له المجد، وكل ما أعطاه الآب وهو حامل طبيعتنا صار لنا في المسيح. وقمة عطاء المسيح لنا هو ما نلناه في شخصه من نعمة البنوة حين أخذ ما لنا وأعطانا الذي له، وقمة ما أخذناه هو نعمة البنوة والتمتع بحضن الآب الذي هو كائن فيه كل حين.هنا وبعد هذا الاستعلان الفائق نادى المسيح بصوته الحنون: "تعالَوْا إِلَيَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحُكُمْ". تعالوا إلى حضن الآب، فالأب يحبكم لأنكم آمنتم إني خرجت من عنده. تعالوا بأحمالكم فأنا حمل الله أحملها عنكم تعالوا بحمل خطاياكم لأني مستعد أن أموت حاملاً خطاياكم.كل من يجيء للمسيح يطرح خطاياه وأثقاله على المسيح، ثم يأمره المسيح أن يحمل نيره (صليبه) . المسيح يكسر عنا نير خطايانا، ويخلصنا من حمل العالم ونيره الثقيل المخيف، ثم يحملنا نيره الخاص أي صليب حبه.نير المسيح هين وحمله خفيف. وصايا المسيح ليست ثقيلة كما قال يوحنا الحبيب. هيا بنا نحمل صليب الذي أحبنا. هيا بنا نفرح بهذا النير الهين ونشكره لأنه أخذ عنا ثقل حملنا وأراح التعابي على صدره.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 48

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل