لماذا التجسد ؟

27 نوفمبر 2023
Large image

سؤال هام هو المسيحية كلها سؤال طالما أثير فى كل مكان وزمان سؤال أستدعى أن يسطر الوحي الإلهي على يدى معلمنا يوحنا الحبيب إنجيله ورسائله، ليوضح لنا حتمية التجسد لخلاص البشريه ، وإستحالة الخلاص دون الإيمان بتجسد الله الكلمة ففى إنجيل معلمنا يوحنا يستهل الوحى حديثه بالتحليق في آفاق اللاهوت العليا « فى البدء - أى فى الأصل، ومنذ الأزل - كان الكلمة ،والكلمة كان عند الله ، وكان الله الكلمة »( يو ١ : ١ ) ثم يقول : «والكلمة صار جسداً » ( أى اتخذ له جسداً فهو لم يكف عن كونه كلمة الله ) ، وحل بيننا ، « ورأينا مجده » ( يو ١ : ١٤ ) وفي رسائل معلمنا يوحنا يعتبر الرسول ( بوحى من الله طبعاً ) أن : «كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد ، هو من الله ، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد فليس من الله وهذا هو روح ضد المسيح، الذي سمعتم أنه يأتى والآن هو فى العالم » ( ١ يو : ٤ : ٣،٢) ولقد قصد الله أن يبقى يوحنا الحبيب ، الذي طالما اتكاء على صدر السيد المسيح ، حتى نهاية القرن الأول شاهداً أميناً على الفكر اللاهوتي المسيحي السليم كما تسلمه من الرب نفسه. فبينما استشهد بقية الإثني عشر وحتى بولس الرسول قبيل سنة ٧٠ ميلادية ، بقى يوحنا الحبيب حتى نهاية القرن الأول تقريباً لتثبيت العقيدة المسيحية السليمة في مواجهة العديد من الهرطقات مثل :
١- هرطقة الغنوسيين :-
الذين تصوروا أن الخلاص يمكن بالمعرفة العقلانية حيث كلمة Know=Gnoses أي يعرف وقالوا أن التأمل العقلاني يطهر النفس ويخلصها وأن السيد المسيح مجرد إنسان عليه حل روح علوى وإذا سلمنا بهذا فقدنا كل شيء ، فالخلاص بالعقل يلغي ضرورة التجسد والفداء. وأن يكون المسيح إنساناً فمعنى ذلك أن من فدانا محدود ، ففداؤه ناقص . لهذا رفضت الكنيسة هذه البدعة الخطيرة .
٢ - هرطقة التهود
التي سادت لفترة على حياة بعض اليهود الداخلين إلى المسيحية - حيث لم يستطيعوا التحرر بسرعة من أمجاد العبادة القديمة الشكلية وطقوسها وفرائضها الرمزية . فانبرى لهم معلمنا بولس الرسول ليوضح لهم أمجاد المسيح والمسيحية، خصوصاً في رسالته إلى العبرانيين التي مفتاحها هو كلمة « أفضل » . فالسيد المسيح أفضل من الملائكة بما لا يقاس (ص ۱ : ۲)، وأفضل من موسى ( ص3) ، ومن يشوع ( ص ٤ ) ، ومن هرون ( ص ٥ ) ، ووعده هو الأثبت (ص ٦ ) ، وذبيحته كانت ترمز إليها تـقـدمـة ملكيصادق ( ص۷) : وكهنوته أفضل من كهنوت هرون ( ص ) ، وعهده أفضل من العهد القديم ( ص ۹) ،وأقداسه أفضل من أقداس الهيكل ( ص (۱۰) ، والإيمان به هو سر خلاص الآباء (ص ۱۱) ، وناموسه أكمل من ناموس موسى ( ۱۲ ) ، ودمه أفضل من دم الذبائح ( ص ۱۰ ، ۱۳ ) .
٣- هرطقة الدوسينيين
الذين تصوروا جسد السيد المسيح غازياً وخيالياً ، معتقدين أن المادة لا يليق أن ندخل إلى حياة الله . وهى البدعة التي تجددت فيما بعد بواسطة أوطاخي، وما زالت أصداؤها ترن فى التساؤلات حول التجسد إذ يتساءلون :
( أ ) هل التجسد ضد طبيعة الله ؟
( ب ) هل التجسد ضد قداسة الله ؟
( ج ) هل التجسد ضد قدرة الله ؟
( د ) لماذا التجسد ... ألم يكن هناك حل آخر سواه ؟
( هـ ) ما مدلول التجسد في حياتنا ؟
وهذه الأسئلة الهامة يجب أن نستوعب إجابات عليها لعدة أسباب :
أولا : للتثبت من إيماننا الصخرى، الذى تحطمت على صخرته كل الهرطقات .
ثانياً : لندعم أخوتنا في المسيح على أساس المعرفة الأساسية اللازمة للخلاص ، إذ يقول الكتاب المقدس: «هلك شعبي من عدم المعرفة » .
ثالثاً : لأن التخلى عن عقيدة التجسد هو بعينه التخلى عن نصيبنا في المسيح وفي الملكوت فما دام الله يستنكف أن يتخذ له جسدا إذن ، فهو لن يسكن فينا ،وهذا هو الهلاك بعينه ، إذ كيف نحيا معه في الملكوت ونحن لا نشبهه قط لهذا قال الرسول : "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (۱ تي٣ : ١٦ ) فالتجسد إذن هو سر التقوى الإنسانية ،وبالتالي الخلاص الأبدى .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن كتاب أسئلة حول التجسد

عدد الزيارات 121

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل