بالتجسد ... تم الفداء

13 ديسمبر 2023
Large image

لم يهدف إلهنا العظيم بتجسده أن نتعرف عليه وحسب ، بل قصد أن يفدينا من موت الخطية ويعتقنا من سلطانها الخطير. فكيف كان ذلك ؟ سقط أبونا آدم ، وكانت سقطته غير محدودة حيث أنها كانت موجهة إلى إلهنا غير المحدود. كما أنها أورثت الجنس البشرى طبيعة فاسدة ، فلم ينتج عنها سوى المزيد من الخطايا في الأجيال المتعاقبة وهكذا صارت خطية الجنس البشرى غير محدودة من حيث نوعها وكمها .
ما الحل إذن ؟
هناك أكثر من احتمال :
۱ - ينفذ الله كلمته ويميت الإنسان، وينتهي كل شيء لكن هذا معناه هزيمة الله أمام الشيطان الذى أفسد له عمل يديه . ما الحكمة من خلق الإنسان إذن ، مادام سيسقط في الموت منذ البداية ؟
٢ - يسامح الله الإنسان، فهو محب ورحوم . ولكن هذا يعني أن تتجلى إحدى كمالات الله ( المحبة ) بينما تتضاءل صفة أخرى ( العدل ) . وهذا بالإضافة إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في مسامحة الإنسان الساقط ، ولكن في مداواة آثار السقوط ، أى فساد الطبيعة الإنسانية . ما قيمة أن يسامحنى الله عما سلف، دون أن يجدد ويقدس طبيعتي حتى تنتصر على الخطيئة وتصير في شركة مع طبيعته القدوسة ؟
٣- إذن ، فليرسل الله فاد لفداء الإنسان ، فمن جهة ينفذ فيه حكم الموت، ومن جهة أخرى تنال البشرية الغفران . ولكن ما المطلوب من هذا الفادي ؟
مواصفات الفادى المطلوب :
إن مهمة الفادى خطيرة ، فهو لابد أن تتوافر فيه صفات معينة مثل :
١ - يجب أن يكون الفادى إنساناً ، فالإنسان هو الذي سقط ،والفادى سيمثله في حمل القصاص .
٢ - ويجب أن يموت هذا الفادى ، لأن « أجرة الخطية هي موت » ( رو ٦: ٢٣ ) ، ولأن حكم الله على آدم وحواء كان هو الموت « موتاً تموتا » ( تك ۲ : ۱۸ ) .
٣- ولكن هذا الفادى يجب أن يكون غير محدود ، ليستطيع وفاء الدين غير المحدود على الإنسان ، وذلك ـ كما ذكرنا - لأن الخطية كانت موجهة ضد الله غير المحدود، ولأن البشرية كلها ساهمت بنصيب في هذا الدين فصار ضخماً جداً .
٤ - كذلك يجب أن يكون الفادى بلا خطية ، لأن فاقد الشيء لايعطيه ، إذ كيف يفدينا وهو خاطيء يحتاج لمن يفديه ؟
ه - ويجب أن يكون خالقاً لأن المطلوب منه ليس فقط الغفران ،ولكن تجديد خلقة الإنسان ، بالروح القدس .وأمام هذه المواصفات كان لابد من التجسد ، لماذا ؟
التجسد هو الحل :
لأن أقنوم الكلمة ، الحكمة الإلهية، حينما إتخذ له جسداً وحل بيننا صار قادراً أن يفدى الإنسان، محققاً كل المواصفات المطلوبة :
أ - فبناسوته : هو إنسان ، يموت .
ب - وبلاهوته : هو غير محدود ، بلا خطية ، خالق .
وهكذا إستطاع رب المجد أن يحل مشكلة فساد الطبيعة البشرية ، بأن أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له » . أى أنه حمل خطايانا ، و بررنا ببره كما أنه أخذ جسدنا بلا خطية ، وأعطانا شركة طبيعته الإلهية . هل هناك حل آخر ؟ مستحيل ! .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن كتاب أسئلة حول التجسد

عدد الزيارات 83

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل