التجسد والإنسان

19 ديسمبر 2023
Large image

لقد سقطت للطبيعة البشرية في جنة عدن وتلوثت الخليقة المادية كلها عندما سقط تاجها وكاهنها في العصيان .. وإذا كان البعض - من غير المسيحين - يرى أن التوبة كانت كافية لاعادة آدم إلى مركزه الأول فإن أثناسيوس الرسولى يرى أن التوبة لا تستطيع أن توفى مطالب الله العادل ، لأنه إن لم يظل الإنسان في قبضة الموت يكون الله غير صادق .. هذا بالإضافة إلى أن التوبة تعجز عن أن تغير طبيعة الانسان لأن كل ما تفعله هو أنها تقف حائلا بينه وبين إرتكاب الخطيئة مرة أخرى وهكذا لو كان ما إرتكبه الانسان لم يتبعه الفساد لكانت التوبة كافية ، أما الآن وقد أصبح الفساد طبيعة آدم وحرم من تلك النعمة التي سبق أن أعطيت له ، لم يبق غير أن يتقدم كلمة الله الذي خلق كل شيء من العدم ليرد إلى آدم نعمته السليبة .وفى هذا الصدد يقول حامى الايمان ، وإذ رأى الكلمة أن ناموس فساد البشرية لا يمكن إبطاله إلا بالموت وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة الموت لإنه خالد باق غير خاضع لناموس الموت .. أخذ لنفسه جسداً قابلا للموت حتى بإتحاده بالكلمة يكون جديراً أن يموت نيابة عن الجميع ، وهذا عين ما قاله الرسول بولس و لانه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع ، ( اكو ۱٥ : ۱۲ ) وفى موضع آخر يقول « فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم إشترك هو أيضاً فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى أبليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية . عب ٢ : ١٤ و ١٥ ) إن الموت لم يكن خارجاً عن جسد آدم حتى تأتيه الحياة من خارجه أما وقد صار الموت ممتزجا بالجسد أيضا وسائداً عليه ، فكان مطلوبا أن تمتزج الحياة بالجسد حتى إذا ما لبس الجسد الحياة نزع منه الموت وإذ انحط فكر البشر نهائيا إلى الأمور الحسية فقد إستتر الكلمة بظهوره في الجسد لكي يستطيع كإنسان أن ينقل البشر إلى ذاته ويركز احساساتهم في شخصه . أليس هذا هو ما عناه بولس الرسول بقوله ، وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله . ( أف ۳ : ۱۸-۱۹ ) ان الله بتجسده أعطى للإنسان إمكانية أن يوجد الله فيه لا أن يبقى الله بعيداً عنه كما كان في العهد القديم .. لهذا يقول السيد المسيح له المجد في صلاته الشفاعية الأخيرة وأنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلني وأحببتهم كا أحببتني ، ( يو ١٧ : ٢١ ) .وفى نفس الصلاة يقول ،وعرفتهم إسمك وسأعرفهم ليكون
فيهم الحب الذي أحببتنى به وأكون أنا فيهم . ( ير ١٧ (٢٦) . إن الله بتجسده قد أوجد الإنسان حسب النموذج الكامل الذي كان في قصده ، وفى هذا نذكر قول بيلاطس عن المسيح عندما قدم للمحاكمة أمامه و هوذا الإنسان . يو ١٩ : ٥ الانسان بمعناه الانساني الحقيق الانسان في نموذجيته ومثاليته الواقعية العملية الانسان في رقته وحزمه ، في لطفه وصرامته ، في وداعته وشدته ، فى إتضاعه وعظمته، في بعده الداخلي وبعده الخارجي ، في روحه وجسده معاً فالانسان بعد المسيح قد صار حاضراً أمام الله الآب كل حين ، وأضحى المسيح شفيعا وحيداً ووسيطاً وحيداً لدخول الانسان إلى أقداس الآب الانسان بعد المسيح قد تجاوز الألم لان المسيح حمل أوجاعنا وإمتص بصليبه وموته غصة الألم ليجعله شركة حب وهبة تمنح للمختارين .الإنسان بعد المسيح قد تجاوز مشكلة العزلة والفراغ لان المسيح قد صار له كل الملئ. وكل الشبع وكل الراحة والسلام .الانسان في المسيح قد تجاوز مشكلة الموت لأن المسيح قد داس بموته شركة الموت والذين في القبور أنعم لهم الحياة الأبدية .الإنسان في المسيح قد صار مدعواً إلى التألة كما قال اثناسيوس الرسولى . فقد أخذ الله إنسانيتنا لهيبنا مجده الإلهى.
مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا

عدد الزيارات 75

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل