إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر هاتور( مت ١٧ : ١٤ - ٢١ )

02 ديسمبر 2023
Large image

" ولَمَّا جاءوا إِلَى الجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيهِ رَجُلٌ جَاثِيَا لَهُ وقائلاً: يا سيد، ارحم ابني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ ويتألَّهُ شَدِيدًا، ويَقَعُ كثيرًا في النّارِ وكثيرًا في الماء. " وأحضرتُهُ إلَى تلاميذك فلم يقدروا أنْ يَشفوه. " فأجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمِن المُلتَوي، إلى متى أكون معكم؟ إلَى مَتَى أَحتَمِلُكُمْ؟ قَدَّمُوهُ إِلَيَّ ههنا!. فانتَهَرَهُ يَسوعُ فخرجَ مِنهُ الشَّيطانُ. فشفي الغلامُ مِنْ تِلكَ السَّاعَةِ. ثم تقَدَّمَ التلاميدُ إِلَى يَسوعَ على انفراد وقالوا: لماذا لم لقدر نَحنُ أن تُخرِجَهُ؟ فقالَ لَهُمْ يَسوعُ: لَعَدَم إِيمَانِكُمْ. فالحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: لو كانَ لَكُمْ إِيمَانُ مِثلُ حَبَّةٍ خَرْدَلٍ لكُنتُمْ تقولون لهذا الجَبَلِ : انتَقِلْ مِنْ هنا إِلَى هناك فَيَنتَقِلُ، ولا يكونُ شَيءٌ غَيْرَ مُمْكِن لَدَيكُمْ. "وأما هذا الجنس فلا يَخرُجُ إِلا بِالصَّلاةِ والصَّوْمِ ".
لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه؟
هذا الإنسان المسكين الذي جربه الشيطان في ابنه تقدم إلى يسوع جاثيًا في المجمع قائلاً: "يا سيد ارحم ابني". فإن سأل من إله المراحم قائلاً ارحم... ألا يستجيب؟!. لقد وضعت كنيستنا المبنية على أساس الإنجيل. وضعت في أفواه أولادها هذه الطلبة ارحمنا... ارحمنا... ونحن لا نبالغ حين نقول إنه ليس في كنائس الشرق أو الغرب من يطلب هكذا ، فنحن نكثر في طلب المراحم من منطلق أننا خطاة، وضعفاء ومحتاجون رحمة ربنا يسوع... ولا يستطيع أحد أن يعد المرات التي نكرر فيها (كيرياليصون... يارب ارحم...) في صلواتنا... ففي كل مرة في صلوات الأجبية نقول كيرياليصون ٤١ مرة متمسكين بجلدات المسيح وإكليل الشوك والحربة كينبوع المراحم ومعظم مردات القداس هى طلب مراحم بخشوع بحضور جسد المسيح ودمه. بل أن صلوات القسمة حين يقسم جسد المسيح في جميع المناسبات يرد الشعب قائلاً: يارب ارحم... يارب ارحم... يارب ارحم.أيضًا في صلوات اللقان تقال كيرياليصون ١٠٠ مرة مع التضرعات والكاهن يحمل الصليب مضاء بثلاث شمعات لأن الصليب هو مصدر المراحم والذي صلب عليه النور الحقيقي. وكذا مئات المرات في يوم الجمعة العظيمة ومرات بلا عدد مع الميطانيات في أسبوع الآلام وكل مناسبات الكنيسة.هذه طلبة غالية عند المسيح، وهو ينبوع الرحمة والرأفة، كثير الحنان، فائض الحب. يا ليتنا نطلبها دائما بوعي روحي وانكسار قلب فننال رحمة من لدنه.قدّم الرجل ابنه للرسل الأطهار فلم يقدروا أن يشفوه، لم يقدروا على الشيطان، فالشيطان عنيد وعنيف ومقاوم فلما لم يقدر الرسل على إخراجه اهتز إيمان الرجل ومن حوله. لذلك لما طلب الرجل إلى المسيح أن يرحم ابنه قال الرب: "أيها الجيل غير المؤمن والملتوي إلى متى أكون معكم حتى متى أحتملكم".كم من الآيات رأوا ؟ شيء مهول لا يقع تحت حصر. ولكنهم راقبوا الآيات للتسلية وليس للإيمان، وقضوا بها القصص كحكايات الأساطير ، وكأشياء فائقة للطبيعة، ترضي خيال الإنسان ولم يأخذوها مأخذ الجد للخلاص والإيمان والثقة في شخص المسيح. فلما لم يستطيع التلاميذ أخراج الشيطان من الولد
المريض، انتهزها اليهود فرصة للشماتة وحرك الشيطان في قلوبهم شكوك كثيرة لا في التلاميذ فقط بل وفي معلمهم المسيح. لذلك قال المسيح موبخًا إياهم كجيل غير مؤمن وملتو، يحيدون عن الحق ويتنكرون له عند أول فرصة يهيئها لهم عدو الخير ويتناسون مئات وآلاف الإحسانات والأعمال والآيات... ولكن هل يُبطل هذا الجحود عمل المسيح؟ حاشا . قال: "قدموه إلي ههنا ... وانتهر الشيطان ورحم الرجل المسكين ورد له ابنه صحيحًا معافى. كثيرًا ما يوجد هذا الجحود أو هذه الشماتة في مخدومين حين يجدوا علة في خادمهم أو حين يفشل في عمل ما لا سيما إن كان من جهة القوة الروحية ولكن ليتقو الذين يخدمون المسيح بالصوم والصلاة لكي لا يجد العدو فرصة للشكوى.هذا هو الطريق كما رسمه المسيح، صوم وصلاة معا هذا الجنس النجس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم. والسؤال الملح الآن ، لماذا تغلبنا الشياطين وتهزأ بنا. لماذا هذا الكم من الخطايا بأنواعها من عدم محبة وكراهية وخصام بل وعنف وقتل، ولماذا هذا الوابل من النجاسات والزنى والفجور والإباحية وكل ما هو نجس؟ ولماذا شياطين الانقسام والتحيز تجول في وسطنا وبلا رادع؟ ولماذا شياطين الانحلال من كل فضيلة وشياطين الفريسية والمظاهر صارت صاحبة سلطان وسيادة بيننا؟ ولماذا شياطين الكبرياء والاعتداد بالذات وهى أخبث الشياطين صارت تطاردنا ولا نستطيع أن نطردها؟. ليتنا نصرخ ساجدين مع هذا الرجل ونقول ارحم ابني ارحم نفسي وبنوتي الوحيدة فالشيطان يعذبني ارحم أخي وأختي فهم أعضاء جسمي وكنيستي ارحم الشبان والشابات الكبار والصغار حل المربوطين وأقم الساقطين.
واسندني لكي أصوم فأتقوى بك لأنك صمت عني وعلمني أن أصلي فصلاتي دائما ترجع إلى حضني. وبنعمتك أتقوى في الإنسان الباطن وأستعيد سلطاني لكي أدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو. وإن اكتشفت ضعفي ووهني أمام أي من هذه الشياطين الخبيثة "اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني ليخز ويخجل طالبو نفسي".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 65

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل