بالتجسد .سقط الشيطان

18 ديسمبر 2023
Large image

الشيطان كائن حي ، وشخصية حقيقية . وهو في الأساس رئيس ملائكة سقط مع طغمة في فترة الإختبار التي كانت لهذه المخلوقات الروحية. وقصة سقوطه مدونة فى الكتاب المقدس في مواضع عديدة أهمها :-
أشعياء ١٤ : «كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح . كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم . وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات ، أرفع كرسى فوق الكواكب، أصير مثل العلى ، لكنك إنحدرت إلى الهاوية ، إلى أسافل الجب » ( أش ١٢:١٤ - ١٥ ) .
رؤیا ۱۲ : « وحدثت حرب فى السماء ميخائيل وملائكته . حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته ، ولم يقووا ، فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء . فطرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو إبليس والشيطان ، الذي يضل العالم كله، طرح إلى الأرض، وطرحت معه ملائكته » ( رؤ ۱۲ : ۷-۱۷ ) .ولكن ... لماذا سمح الله بسقوط الشيطان ؟ أو بالحرى مادام الله كان يعرف أن الشيطان سيسقط فلماذا خلقه من الأساس ؟ وبعد أن سقط لماذا تركه وهو يعلم أنه سيسقط الإنسان ؟
لماذا الشيطان ؟
الشيطان هو المفتاح الوحيد لموضوع حرية الإختيار لدى الإنسان . الله لا يريد مخلوقات تابعة، ولكنه يريد مخلوقات حرة . لذلك أعطى فترة إختبار للملائكة حين خلقهم ، تاركاً لهم حرية الإختيار بين أن يكونوا معه، أو أن يرفضوا ذلك . وهكذا إختار الشيطان أن يستقل عن الله ، ونسى المسكين أن نوره مستمد من النور الإلهي . وإنه يستحيل أن ينير من ذاته. فانقطعت فرصة إنارته وصار كتلة من الظلام ومن هنا إستحالت توبته فهو مسئول عن تصرفه مسئولية كامة ، لم يتقدم أحد ليغريه . كما أنه صار ظلاماً كله، فليس هناك أدنى أمل في توبته أو خلاصه أما الإنسان، فكانت أمامه أيضاً حرية الإختيار، أن يحيا لله أو للشيطان، حسبما أراد فإذا اختار أن يحيا لله سيكون ذلك بمحض حريته، وليس بقهر من الخالق. إنها الحرية التي خلقنا الله عليها ، ويحب لنا أن نمارسها. وشكراً لله أن الذى دفع ثمن هذه الحرية ، وديون ذلك السقوط الإنساني هو الله نفسه ، فهو لم يسمح بسقوطنا على يد إبليس ثم يتركنا لنخلّص أنفسنا بأنفسنا ، بل بالعكس ، رأى أننا في ضعفنا تم إغراؤنا ، فنزل لفدائنا ، وسحق الشيطان .
كيف سقط الشيطان ؟
على عود الصليب، ظن الشيطان أنه انتهى من السيد المسيح . فلقد كان متحيراً فيه ، وكان الرب يخفى لاهوته عنه . مرة يظهر له صفة من صفات اللاهوت إذ يجده يخلق عيناً لأعمى ، ويقيم ميتاً بعد أن أنتن ، ويغفر الخطايا، ويجدد القلوب، ومرة أخرى يظهر له صفة من صفات الناسوت فيجوع ويعطش وينام ، وكان الرب يفعل كل ذلك «تدبيرياً» لكي يكمل الشيطان خطته و يؤلب اليهود والرومان عليه ، فيقتلونه بالصليب . وكان الرب يهدف إلى هذه الغاية ، لأنه على الصليب إنفصلت نفسه الإنسانية عن جسده الإنساني، غير أن لاهوته كان متحداً بكليهما . فالرب شابهنا في ناسوت كامل : جسد + نفس + روح إنسانية . ولما نزلت النفس الإنسانية إلى الجحيم كأنفس القديسين السابقين على الفداء ( لأن الفردوس كان مغلقاً ) ، ظن الشيطان أنه سيقبض عليه كبقية أرواح القديسين ولكنه صعق إذ وجد هذه النفس متحدة باللاهوت . وانسحق الشيطان أمام السيد المسيح، الذي أحدث ثورة في الجحيم بين الأنفس المنتظرة لفدائه، وخرج به غالباً ، وفتح لها باب الفردوس ، وأودعها فيه بفرحة عارمة وهكذا تمت الكلمة التي قالها الرب : رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء » ، «رئيس هذا العالم آت ، وليس له في شيء » (يو ١٠ : ١٨ ، يو ١٤ : ٣٠ ) . وهكذا صار لنا إمكانية النصرة عليه : « إله السلام سيسحق الشيطان تحت أقدامكم سريعاً » ( رو ١٦ : ٢٠ ) فلم يعد لنا حجة أن نجعل من الشيطان الشماعة التي نعلق عليها خطايانا الآن، فهو يعرض دون أن يفرض ، وقد فقد سلطانه علينا إلى الأبد، تمهيداً ليوم سيعذبه فيه الله إلى ما لا نهاية ، لأنه إختار ذلك بنفسه و بكبريائه المرة ونحن الآن في المسك الألفى نتمتع بنصرة عليه ، إذ نقوم مع الرب من قبور الخطية « إستيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات ، فيضيء لك المسيح » ( أف ٥ : ١٤) : « أقامنا معه » ( أف ٢ : ٦ ) وذلك تمهيداً للقيامة الثانية قيامة الأجساد ، لنحيا مع الرب إلى الأبد.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن كتاب أسئلة حول التجسد

عدد الزيارات 73

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل