إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبه ( يو ١:٥-١٨)

27 يناير 2024
Large image

وبعد هذا كان عيد لليهود، فصَعِدَ يَسوعُ إِلَى أورشليم، وفى أورشليمَ عِندَ باب الضأن بركَةً يُقالُ لها بالعبرانيةِ بَيتُ حِسدا لها خمسة أروقة. " في هذِهِ كانَ مُضطَحِعًا جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرْضَى وعُمي وعُرجِ وعُسم، يتوقعون تحريك الماءِ. لأَنَّ مَلَاكًا كَانَ يَنزِلُ أحيانًا في البركَةِ ويُحَرِّكُ الماءَ فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعدَ تحريك المـاء كـان يبرأُ مِنْ أَيِّ مَرَضِ اعْتَراهُ. وَكانَ هناكَ إِنسانُ بِهِ مَرَضٌ منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا رَآهُ يَسوعُ مُضطَحِعًا، وعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمانًا كثيرًا، فقالَ لَهُ: أتُريدُ أنْ تبرأ ؟. أجابَهُ المَريض: يا سيد، ليس لي إنسان يُلقيني في البركةِ مَتَى تحرّك الماء، بل بينما أنا آت يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ. قَالَ لَهُ يَسوعُ: قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وامش". فحالاً برئ الإنسانُ وحَمَلَ سريرَهُ ومَشَى. وكان في ذلك اليوم سبت.فقال اليهودُ للذي شُفي: إِنَّهُ سبتُ! لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تحمل سريرَكَ. أجابَهُمْ: إِنَّ الذي أبرأني هو قال لي: احمل سريرك وامش. فسألوه : مَنْ هو الإنسانُ الذي قال لك: احمل سريرك وامش؟. أما الذي شفي فلم يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هو، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ إِذ كَانَ فِي المَوْضِعِ جمع. بعد ذلك وجَدَهُ يَسوعُ في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت، فلا تُخطئ أيضًا، لئلا يكون لك أَشَرُّ. فمَضَى الإِنسانُ وأخبَرَ اليَهُودَ أَنَّ يَسوع هو الذي أبرأه.ولهذا كان اليهودُ يَطرُدُونَ يَسوع، ويُطلبونَ أَنْ يقتلوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذا في سبت. " فأجابَهُمْ يَسوعُ: أبي يَعْمَلُ حتَّى الآن وأنا أعمَلُ. فمن أجل هذا كان اليهودُ يَطلُبُونَ أكثرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَم يَنقُضِ السَّبْتَ فقط، بل قال أيضًا إنَّ الله أبوهُ، مُعادلاً نفسَهُ بالله ".
بركة بيت حسدا:
يقع الأحد الثالث من شهر طوبه بعد احتفال الكنيسة بعيد الظهور الإلهي، لذلك رتّب الآباء أن تكون قراءات الأحد الثالث والرابع من شهر طوبه تدور حول المعمودية المقدسة إكراما لعماد السيد المسيح الذي أنار لنا الحياة والخلود، وفيه قبلنا نعمة البنوة بحميم الميلاد الجديد وتقديس الروح القدس. في إنجيل العشية شفاء مريض بركة بيت حسدا، حيث الملاك الذي كان ينزل أحيانًا في البركة ويحرك الماء، ومن نزل أولاً كان يبرأ من أي مرض اعتراه. والفكر المسيحي يتجه لا إلى بركة حسدا ، وملاك يحرّك الماء، وشفاء الجسد بل إلى الماء والروح وجرن المعمودية الذي هو الرحم المقدس للكنيسة.وليس ملاك هو الذي يحرّك الماء بل روح الرب على المياه، صوت الرب بعظيم الجلال الروح الذي كان يرف على وجه الماء منذ بدء الخليقة المادية هو هو يرف على مياه الخليقة الجديدة. ورهبة الله التي شقت الطريق في الماء للشعب ليعتمد لموسى إذ غطتهم السحابة واحتضنهم الماء من كل جانب. وأيضًا مثل أيام إيليا الشبي حيث إله المجد أرعد برعود وبروق ونار نازلة من السماء حيث الذبيحة محاطة بالماء برسم الثالوث (إذ في حال سكب المال قال: "ثنوا... وثلثوا")، وبعدها صار مطر ماء الحياة بعد قبول الذبيحة، بعد أن أغلق إيليا السماء ثلاث سنين وستة أشهر. هذه هى بركة بيت الرب إلهنا في أورشليم الجديدة أي في
كنيسته المقدسة.إنها ليست شفاء من أمراض الجسد بل هي قيامة من الأموات. دفنا معه في المعمودية للموت... حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن في جدة الحياة".لقد وجدنا يسوع... لقد انتهى الزمن الذي يقول فيه البائس ليس لي إنسان، لأنه وجد لنا شفيع ووسيط، الإنسان يسوع المسيح.هذا هو ابن الإنسان الذي صار لكل إنسان ملقى في فراش الخطية للموت، وهو يقترب من كل الذي ألقاهم العدو وطرحهم أمواتا بالخطايا.والمسيح حينما يجدد الطبيعة ويشفي من الأمراض،يقول: "لا تعد تخطئ لئلا يكون لك أشر".الخطية هي السبب الأساسي لكل الكوارث حتى لو لم نقر بذلك لأن كثيرًا ما نعزي ما أصابنا إلى أسباب وأسباب والخطية وراء كل مصيبة، لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء.لمَّا أقام المسيح هذا الرجل الملقى ٣٨ سنة أقامه بقوة القيامة التي فيه، لأنه هو قيامتنا، وهو الذي أقامنا معه. قال له: "قم"، تماما كما قال للعازر المنتن: "هَلُمَّ خارجًا" فخرج الميت قول المسيح - أي كلمته الخالقة - يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة. قال للمفلوج الذي قدّمه الأربعة: "قم احمل سريرك"، وقال للمخلع: "قم"، فقام وحمل سريره. وهو قالها لنا يوم المعمودية بعد أن كنا جالسين في الظلمة وظلال الموت قالها فقمنا معه.وكلمته هذه يقولها لنا كل يوم وكل ساعة، وهي كلمة الحياة الأبدية، وهى كلمة الإنجيل الذي يحمل لنا قوة الحياة وقوة القيامة. كلمة المسيح حية وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين". ومن يسمعها يقوم من الموت، لذلك قبل أن نقرأها في الكنيسة نقول أوشية الإنجيل "طوبي لآذانكم لأنهـا
تسمع". وهذا حق لأن الذين يسمعون يحيون.
حمل الصليب
لقد صار لنا الصليب في قيامتنا عوض السرير الذي حمله من كان مريضًا لأن حمله للسرير كان الدليل الملموس والمنظور أنه حاز على صحة الجسد فصار قادرًا لا على المشي فقط بل على حمل السرير. هكذا صار لنا الصليب علامة حياة في المسيح، كل من يحمله ويمشي تابعًا المُخلّص يعرف الجميع أنه قد انتقل من الموت إلى الحياة.لما سئل الرجل، من الذي قال لك أن تحمل سريرك... أجاب على الفور الذي أبرأني هو قال لي احمل سريرك... ورغم أنه كان السبت الذي حرص اليهود على حفظه بحسب الحرف فقط ولكن لم يملك الرجل إلا الطاعة للذي أبرأه. فماذا نقول عن الذين أقامهم المسيح من الأموات وأمرهم "من أراد أن يأتي ورائي يحمل صليبه كل يوم ويتبعني". ماذا لنا سوى أن نتبعه حاملين صليبه المحيي الذي به خلصنا وأنقذنا من موت الخطية.لنحمل الصليب بشكر وفرح ونفتخر به قائلين: "حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صلب العالم لي وأنا للعالم".
وليكن في اعتبارنا أن كثيرين سيعترضون سبيلنا ويعترضون على حملنا للصليب بين متهكم وشاتم، وبين مستثقل ومستصعب، وبين ناقد وحاقد... لأن كثيرين هم أعداء الصليب لأن" كلمة الصليب" عن الهالكين جهالة
أما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله". قيل عن الرجل الذي كان مريضًا، إذ قد شفاه الرب لم يكن يعلم من هو يسوع، لقد قبل نعمة الشفاء ولم يتعرّف على المنعم عليه. أما نحن فنقول: "أنا عارف بمن آمنت". إنه الذي أعطانا نعمة الحياة الجديدة ونعمة البنوة والولادة التي من فوق وأعطانا روحه.هو حال وساكن فينا وأعطانا جسده ودمه الأقدسين وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية وورثة الملكوت... ألا نعرفه ؟!.إن كل هذه العطايا والنعم أنعم بها علينا في شخصه فصرنا نقول: لأعرفه" وقوة قيامته" وشركة آلامه متشبها بموته".بل إننا لا نعرف آخر سواه، فليس لنا معين في شدائدنا وضيقاتنا إلا هو. وليس لنا ذراع بشر نتكل عليه. وليس لنا اسم آخر تحت السماء إلا اسم يسوع بل إننا نقول واثقين: "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض". إننا نعرفه، ونعترف بقيامته ونبشر بموته المحيي ونحمل صليبه إلى النفس الأخير.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 47

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل