إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر طوبه( يو٥ : ٣١-٤٦ )

03 فبراير 2024
Large image

" إِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لَنَفسي فشهادتي ليست حقا. "الذي يَشْهَدُ لي هو آخَرُ ، وأنا أعلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ التي يَشْهَدُها لي هي حَقٌّ. " أنتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يَوحَنَا فَشَهِدَ للحَقِّ.وأنا لا أقبَلُ شَهادَةً مِنْ إنسان، ولكني أقولُ هذا لتخلصوا أنتُم. كـان هـو السراج الموقدَ المُنير، وأنتُمْ أَرَدتُمْ أن تبتهجـوا بنوره سـاعَةً. "وأما أنا فلي شَهادَةً أَعظَمُ من يوحنا، لأنَّ الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها،هذِهِ الأعمالُ بعينها التي أنا أعمَلُها هى تشهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قد أرسلني. والآبُ نَفسه الذي أرسَلَني يَشهَدُ لي.لم تسمعوا صوته قط، ولا أبصرتُمْ هَيئَتَهُ، وليست لكُمْ كَلِمَتُهُ ثابتَةً فيكُم، لأنَّ الذي أرسله هو لستُم أنتُمْ تؤمِنونَ بهِ. فتّشوا الكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيها حياة أبدية. وهى التي تشهَدُ لي. ولا تُريدون أن تأتوا إلَيَّ لتكونَ لكُم حياة.مجدًا مِنَ الناسِ لستُ أقبَلُ، ولكني قد عَرَفتُكُمْ أن ليستْ لَكُمْ مَحَبَّةُ الله فى أنفُسِكُمْ. أنا قد أتيتُ باسم أبي ولستُم تقبلونني. إنْ أَتَى آخَرُ بِاسمِ نَفسِهِ فذلك تقبلونَهُ. كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتُمْ تقبلُونَ مَجِدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعض، والمجد الذي مِنَ الإِلَهِ الوَاحِدِ لستُم تطلبونَهُ؟ لا تظُنُّوا أني أشكوكُمْ إِلَى الآب. يوجَدُ الذي يَشكوكُمْ وهو موسَى، الذي عَلَيهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُو كَتَبَ عنى شهادة القديس يوحنا المعمدان عن المسيح شهادة صادقة قاطعة من جهة أنه عمّد ابن الله وقد رأى الروح نازلاً عليه مثل حمامة ورأى بعينه أن السموات انشقت بأذنه صوت الآب الصارخ قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به وسمع
سررت".ويوحنا المعمدان لم يكن يعرفه ولكن الذي أرسله قال له الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه هو هو الذي سيعمّد بالروح القدس. وشهد يوحنا المعمدان في الغد أن المسيح هو حامل خطية العالم وقال: "من له العروس فهو العريس". فالمسيح هو العريس الحقيقي الذي اشترى الكنيسة بسفك دمه. أما صديق العريس فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس.وقال عن المسيح: إن" رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع الحنطة إلى مخازن الأبدية ويحرق القش بنــار لا تُغنى".وقال يوحنا المعمدان عن المسيح: "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص". وقال: "أنا لست مستحقًا أن أنحني وأحل سيور حذائه".
وقال: "إن الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء إلى يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن
يرى حياة بل سيمكث عليه غضب الله".هذه هي شهادة يوحنا التي شهدها للحق الذي هو المسيح.ولم يشهد يوحنا من نفسه بل ما سمعه من الذي أرسله وما نطق به الروح القدس الذي يشهد للمسيح كروحه الخاص.وليس كثيرًا على يوحنا أن ينطق بهذه الشهادة لأنه امتلأ من الروح القدس من بطن أمه وارتكض ساجدًا للمسيح وهو بعد في الحشا. وقد سبقت أمه القديسة أليصابات فطوبت العذراء القديسة مريم كأول البشر الذين مجدوا أم ربي وبهذا صارت أليصابات باكورة من مجدوا العذراء .
لا أقبل شهادة من إنسان:
لم يكن المسيح محتاجًا إلى شهادة إنسان، لأن من هو الإنسان حتى يشهد الله؟ هل تُزكي المسيح شهادة إنسان؟حاشا .الذي يشهد لبنوته الحقيقية هو الآب والروح القدس،
الشهادة للمسيح جاءت دائمًا من فوق ولم تأت من الأرض. لما ولد المسيح في صورة العبد وأخلى ذاته وولد في مذود، جاءت الشهادة من فوق بجمهور من جند السماء يسبحون ومجد الرب أضاء على الرعاة وبشارة من فم الملاك ونجم سماوي قاد المجوس إلى حيث كان. ولما تعمّد الرب في الأردن جاءت الشهادة من السماء صوت الآب هذا هو ابني الحبيب... وحلول الروح بهيئة جسمية. ولما قارب الصليب قال: مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. فكان صوت الآب: "مجدت وأمجد أيضًا". وقد ظن الذين سمعوا أنه رعد هو الذي حدث أو
ملاك كلمه.ولما صلب على الصليب جاءت الشهادة من فوق إذ غابت الشمس في وسط النهار وكانت الظلمـة علـى الأرض كلها من وقت الساعة السادسة إلى وقت الساعة التاسعة والصخور تشققت والأموات قامت وانشق حجاب الهيكل من فوق.وأيضًا شهدت للمسيح أعماله ، فهو لا يحتاج إلى شهادة الناس بل على العكس كان يأمر الذين نالوا النعم والآيات والأشفية ألا يقولوا لأحد . وأعماله شهدت للاهوته أنه هو هو الخالق رب الطبيعة آمر الريح ومسكن الأمواج. وهو مقيم الموتى من القبور وهو غافر الخطايا وقابل الخطاة وهو الأزلى الأبدي الكائن في كل مكان وفوق الزمان. فما حاجته إذن إلى شهادة الناس؟
شهادة الكتب :
"فتشوا الكتب التي تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى
التي تشهد لي". إن شهادة يسوع المسيح هي روح النبوة. فكل الكتب الموحى بها من الله، والتي هي أنفاس الروح القدس، وهى التي كتبها وتكلم بها أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس وهي ليست كلمة إنسان، بل هي بالحق كلمة الله الحية الفعالة التي هي أمضى من كل سيف ذي حدين.وهى قول الله وكلمته المرسلة بيد عبيده الأنبياء. "قال الرب لموسى"، قول الرب الذي صار إلى إرميا،وحزقيال... كلمة الرب التي جعلها في فمهم وعلى لسانهم. هذه هى الكتب التي صار اليهود أمناء عليها يحفظونها في خزائنهم ويحرصون على تمجيدها شكليًا. ولكن المسيح يوجههم أن يفتشوها ويفحصوها ويدخلوا إلى أعماقها ليدرك قصد الله من كل كلمة وكيف أنها كلها كتبت عنه وله ولأجله وأنها كلها تُشير إليه وتتحدث عن أنه هو هو المسيا وليس غيره وأنه كما قال إشعياء : "يُدعى اسمه مشيرًا إلها قديرًا أبا أبديًا رئيس السلام". لأن كل من وعى المكتوب رأى المسيح لأن الذين كتبوا رأوا المواعيد من بعيد وصدقوها وحيوها. وها القديس بطرس يوم الخمسين يوم أن امتلأ من الروح القدس أخرج ما كان مكنونا في كنوز العهد القديم والمزامير شهادة عن المسيح. والقديس اسطفانوس وهو ممتلئ من الروح القدس أيضًا شرح في إيجاز معجز وتسلسل بديع من إبراهيم إلى موسى وكيف أنهم عندما رفضوا موسى (المُخلَّص من العبودية) كرمز للمسيح - كان هذا عين ما فعله رؤساء الكهنة وكتبة الشعب حين رفضوا المسيح وقال لهم اسطفانوس: "أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان أباؤكم أيضًا، يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان. هذه هي الشهادة للمسيح الكائن منذ الأزل وإلى الأبد واحدًا مع الآب والروح القدس الذي تجسد من أجل خلاصنا.شهادة من الآب والروح القدس الناطق في الأنبياء وشهادة أعماله التي تنطق بلاهوته ووحدانيته مع الآب، كما أن الآب يقيم الموتى ويحييهم كذلك الابن أيضًا يُحي من يشاء . كل ما هو للآب هو لي"، "أنا والآب واحد". لكن قبل شهادة يوحنا المعمدان - التي هي أصلاً من الله - لكي تؤمنوا أنتم هكذا قال الرب، لأنهم إن كانوا يشهدون ليوحنا المعمدان بنسكه وبره وتعففه عن العالم، وقوة إرساليته ككارز بالتوبة... إلخ، فلعلهم يقبلون كلامه من جهة المسيح. ولكن كان يوحنا المعمدان بالنسبة لهم كسراج منير مؤقت فابتهجوا بنوره ،ساعة، ثم أهملوه وانطفأ نوره في قلوبهم فلم يعبأوا به ولا بكلامه ولا بكرازته. بل رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم غير معتمدين منه فأغلقوا على أنفسهم في الظلام. ولكن طوبى لأولئك الذين قادهم هذا السراج الموقد المنير إلى شمس البر. فأقبلوا إلى النور الحقيقي الذي يُضيء لكل إنسان. إن كل تلاميذ يوحنا المعمدان جاءوا إلى المسيح وأصبحوا له، وقادتهم تلمذتهم للمعمدان لمعرفة المسيح المُخلّص. وهذه هى غاية كرازة المعمدان وإرساليته. لأنه جاء كسابق يُهيئ الطريق قدام المسيا، ويُهيئ للرب شعبًا مستعدًا ويرد القلوب ويشفي تجبر العصاة ويقودهم إلى حمل الله حامل خطية العالم.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 48

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل