قيمة الشخصية عند الله

05 فبراير 2024
Large image

خلق الإنسان على صورة الله فى الحرية والإرادة والقداسة والنطق ، ليكون نموذجاً مباركاً للعمل الإلهى ، إذ يتمجد الله بما في خليقته وعمله من حسن وما فى صنعه جمال . والإنسان قد خلق على أعلى مستوى من الحسن ، وإلى أعمق أبعاد الملء قد دعى إلى الوجود والكيان . وسر عظمة الإنسان أن لديه أبعاداً لا تتوفر لأى خليقة أخرى . إذ له البعد الداخلي وله البعد الخارجي، له الحياة الباطنية وله الحياة الاجتماعية أيضاً عنده العمق وعنده الإنساع أيضاً . فيه الروح وفيه الجسد ، فيه الحياة الروحانية السماوية الملائكية ، وفيه الحياة المادية المرتبطة بالكون وتراب الأرض . فيه العقل والنطق ، وفيه العاطفة والحواس ، فيه الإرادة والحرية ، وفيه الحركة والحيوية. وبإختصار فيه كل ما تتطلبه الحياة السماوية والحياة الأرضية معاً هذه الأبعاد المجتمعة فى إنسجام عجيب هي التي تعطى الإنسان قيمة تجعله تاج الخليقة المنادية كلها . وفى هذا يقول كاتب رسالة العبرانيين مستشهداً بما رنم به داود النبي وضعته قليلا عن الملائكة ، بمجد وكرامة كلته ، وأقته على أعمال يديك . أخضعت كل شيء تحت قدميه .. ( عب ۲ : ۸،۷ )
ولقد بين الله لنا عظم محبته للإنسان أنه نزل من المجد ليحتضن الطبيعة البشرية ويقتبلها فى أقنومه متحدا بها صائراً في شبه الناس مساوباً لنا فى كل شيء فيما عدا الخطية وحدها . ومن خلال تجمد المسيح أصبح الإنسان ذا رتبة أعظم من مركزه الأول إذ صار الإنسان شريكا لرب المجد ، وصار الرب بكراً بين إخوة كثيرين ولقد احتفظ الرب بجسده بعد القيامة ليكون شفيعاً ووسيطاً وحيداً لجنس البشرية أمام الآب السماوى . وأصبح الله حاضراً في العالم وليس مشاركاً لتاريخه فقط بل الجوهره أيضاً ، وأصبح الإنسان المختوم بالروح القدس حاملا المسيح وصار الجسد المعمد ميكلا للروح القدس وعضواً في جسد المسيح الحى أى الكنيسة و كما خلق الله آدم وجعله في الجنة متمتعاً بالمجد والفرح والنور والبهاء الذى يعيش فيه الثالوث الأقدس ، فإن الله أعطى للإنسان أن يشاركه في عملية الخلق ، إذ أمر الله آدم و حـواء أن يكثرا وينسلا ويملأ الأرض. فالرجل والمرأة يقدمان جسدهما في ذبيحة الحب والإتحاد ، والله ينفخ فى الجنين المتكون نفخة حياة وهذا الجسد المستقل وهذه النفخة الفريدة هما اللذان يكونان الإنسان فى كيان شخصى والله يعطى إهتمامه لكل واحد في أبوة عجيبة لا يمكن تصورها وقد كشف لنا الرب يسوع عن هذا السر الأبوى المذهل إذ يقول عن نفسه أنه هو راعى الخراف لهذا يفتح البواب والخراف تسمع صوته فيدعو خرافه الخاصة بأسماء و يخرجها ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تقبعه لأنها تعرف صوته . و إنى أنا الراعى الصالح ، وأعرف خاصتي وخاصتى تعرفنى ، كما أن الآب يعرفنى وأنا أعرف الآب ، ( يو ۱۰ : ١٤،٨ ) . ومن هذا القول الألهى يتبين لنا أن الله يتعامل مع أولاده معاملة خاصة وله علاقة سرية هي علاقة المعرفة الاختبارية الباطنية ، أعطاها الرب نموذجاً وصعيداً هی
العلاقة الفريدة التى بينه وبين أبيه الصالح لأجل هذا نقدم الشكر والسجود للرب يسوع لأنه خلقنا بشراً على صورته ، ولأنه تجد وأخذ طبيعتنا ، وصار واحداً منا ؛ ولأنه يعرف كل منا معرفة خصوصية ... كل ما يمسنا يمس حدقة عينه إذ قد نقشها على كفه بل وضعنا في جنبه المطعون ، وصار ضامناً لنا ومسئولا عنا وإذا كان رئيس الكهنة في القديم يكتب أسماء الأسباط الإثنى عشر على سترته عندما يدخل إلى قدس الأقداس ليخدم ، فما كان هذا إلا رمزاً لما يعمله الرب يسوع معنا إذ يحمل شخص كل واحد فينا في قلبه وعلى منكبيه مبارك أنت يا رب فى محبتك. مستحق كل شكر وتمجيد إلى أبد الابدين آمين
نيافة المتنيح الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن كتاب المسيحية وبناء الشخصية

عدد الزيارات 38

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل