كيف يتحقق هذا النمو المتكامل ؟

19 فبراير 2024
Large image

ولا يمكن أن يتحقق هذا النمو المتكامل المسيحي لا يعى رسالته ولا يدرك مسئوليته ، إذ يلزم بادىء ذي بدء أن يثق المسيحي أنه ليس ترساً في آلة ، وليس نقطة في محيط واسع ، وإنما هو كاهن الخليقة وتاجها ، وقد حمله الرب مسئولية تنفيذ مقاصده الإلهية في دائرة حياته الخاصة مهما كانت بسيطة وصغيرة وتافهة في نظر الناس ولا يمكن أن يتحقق هذا النمر المتكامل إلا من خلال الارشاد والتوجيه النير السليم والطاعة الحقيقية للروح فى كافة المجالات فكما أن الآباء الجسديين يهتمون بنمو أولادهم في الجسد وفي العلم والمعرفة ، فإن الآباء الروحيين الحقيقين يهتمون بالتدبير السليم المتكامل الواعى الذى يحرص على تقدم كل جانب من
جوانب الشخصية وكلما كان المسيحى مطيعاً للحق الذي في كتابه المقدس والذي في مرشده الروحى وأبيه فى الاعتراف ، كلما كان مستعداً لتقبل النضج في كافة مجالاته ، والأمانة في حفظ الوصية ، والاختبار السليم المحبة المسيح ؛ والانفتاح الصادق للمسات الحب الإلهى هذه كلها تجعل الشخصية خصبة نامية ، لها القدرة على العمق كما تغوص الجذور في التربة ، ولها القدرة على العلو كما يعلو النخيل في الهواء ، ولها القدرة على الاتساع كما تتسع الأغصان الحمل مئات العناقيد والأثمار إن الشخصية كفاح مستمر وجهاد دائم وانتصار مستمر على استعباد الذات وليس فى إستطاعة الانسان أن يحقق امكانياته إلا بالجهاد واحتمال المعاناة والسيطرة على الأهواء والشهوات ويرى الفيلسوف برديايف أن العلامة الحقيقية لنمو الشخصية هي تخلصها من الإنفرادية وقدرتها على البذل والتلاحم مع الآخرين إسمعه يقول إن أشر أنواع العبودية هي إستعباد الإنسان لنفسه ، تقوقعه في الأنا المغلقة ودورانه حول ذاته الميتة يفرق برديايف بين الشخصية والفردية، فالرجل الفردى يعنى بالتعبير عن رغبانه وشهواته ويستشعر دائماً أنه في عزلة عن سائر الناس ،ولكن صاحب الشخصية يرى أن له رسالة ،وأن عليه أن يقوم بنصيبه في خدمة الانسانية والشخصية تنمو فى كنف الحب والعطف والعمل الخلاق الموجه إلى الخير العام الشامل إن الوجود الحق عند هذا الفيلسوف هو وجود الشخصية الحرة، والحرية هنا هي ما قصده الرب يسوع الحرية الباطنية التي تقفز بالإنسان خارج سجن ذاته ، وتعطيه القدرة على الانفتاح الآخرين ومحبة الغير و خدمته وقد شرح الرسول بولس هذا الاتجاه في إلهام عجيب عندما بين أن أعضاء الجسد الواحد تستمد كيانها من خلال عضويتها الحية ، وأن المواهب الشخصية ليست الأنانية وإنما لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح ، كما أوضح أن الهدف النهائي من جهادنا سوياً ونمونا سوياً أن تنتهى جميعنا إلى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح ، (أفسس ١٣:٤).
نيافة المتنيح الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن كتاب المسيحية وبناء الشخصية

عدد الزيارات 40

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل