إنجيل عشية أحد رفاع الصوم الكبير( مر ١١ : ٢٢ - ٢٦ )

09 مارس 2024
Large image

" فأجاب يسوع وقال لهم : ليكُنْ لَكُمْ إِيمان بالله.لأني الحَقِّ أقولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ قَالَ لهذا الجَبَلِ انتَقِلْ بل يؤمِنُ
وانطرح في البحر! ولا يشك في قلبه،أنَّ ما يقوله يكون، فمهما قال يكون له لذلك أقولُ لَكُمْ كُلُّ ما تطلبونَهُ حِينَما تُصَلُّونَ، فآمنوا أن تنالوه، فيكون لكُم.ومتى وقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَاغْفِرُوا إِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شيء، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أيضًا أبوكم الذي في السماوات زلاتِكُمْ " وإن لم تغفروا أنتُمْ لا يَغْفِرْ أبوكُمُ الذي في السماواتِ أيضًا زَلَّاتِكُمْ ".
إنجيل باكر أحد الرفاع: (لو ١٧: ٣ - ٦)
اعتاد الآباء أن يسموا الأسبوع الأول من الصوم الكبير المقدس بأسبوع الاستعداد للدخول الحقيقي إلى حياة الصوم وروح الصوم وكان الاستعداد للصوم حسبما عاشوا هو تنقية الجو المحيط بهم من كل ما لا يناسب الصوم وبصفة خاصة الوجود في سلام مع كل أحد وتصفية أي نوع من الخلافات بين الإخوة أعني أن هذا الأسبوع كان يُصام لحساب المحبة الأخوية وتوطيد العلاقات ونبذ كل خلاف أو خصام أو قطيعة الخ، لأنه من المعروف جدًا أنه إذا صام الإنسان وهو في حال خصام أو عدم سلام قلبي مع إخوته فإن صومه يكون كمن يجمع إلى كيس مثقوب.
ألم يقل الرب إذا قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك اترك قربانك واذهب أولاً واصطلح مع أخيك"فقد جعل الرب الصلح مع الأخ والأقربين أفضل من تقديم القرابين، بل وبدونه لا تُقبل قرابين لذلك وضع الآباء فصل إنجيل عشية هذا اليوم كلمات الرب الصارخةوالصريحة من نحو السلام الكامل والمحبة الأخوية وقد مارست الكنيسة عمليًا هذا الكلام منذ الجيل الأول في خدمة الافخارستيا إذ تصير القبلات المقدسة والمحبة هي موضوع الصلاة وموضوع الممارسة حين نقبل بعضنا بعض بقلب طاهر وضمير صالح قبل أن نتقدم إلى شركة التناول من جسد ودم ابن الله إذ نصير مستحقين لتحقيق هذه النعمة فينا بسبب محبتنا بعضنا لبعض التي هي علامة مسيحيتنا وعنوان تبعيتنا للمسيح بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي إن كان لبعضكم حب بعض"نعود إلى كلمات الرب إن أخطأ إليك أخوك وتاب فاغفر له وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً أنا تائب فاغفر له هذا القبول للإخوة يرتكز على الروح الذي فينا روح المسيح غافر الخطايا ويرجع إلى تمتع الإنسان نفسه بنعمة غفران الخطايا وإدراكه الحقيقي لقيمة هذه النعمة فإن تمتع بها يستطيع أن يعطيها أيضًا إذ يصير سريع الصفح وكثير الغفران مدركًا تمامًا أنه بمقدار ما يغفر يُغفر له، وبقدر ما يتسع قلبه لأخيه يقبل من الرب أضعاف قبول والكلام هنا كثير كرره ربنا يسوع في تعاليمه المحيية فمرة يقول"أخطأ إليك أخوك اذهب وعاتبه" هو أخطأ
وأنت تذهب تسعى إليه لكي تربح أخاك وتربح نفسك وبينما المنطق العالمي أن الذي أُسيئ إليه هو صاحب حق وإذا أتى إليه المسيئ وسامحه يُحسب صاحب فضل فإن ناموس المسيح يتخطى هذه العقبات النفسية ويرتفع بنا إلى علو السماوات فيصير الإنسان قادرًا بالنعمة على كسر حواجز الشر ويرتمي في حضن أخيه ويقبله ويربحه المسيحي الحقيقي لا يخسر له أخا مهما كانت الأحوال! رسالتنا في المسيح هي رسالة ربح النفوس بحكمة الروح
وسلطان المحبة.
سبع مرات في اليوم
إن رقم سبعة يُعبر دائمًا عن الكمال فإن كان الأخ يُخطئ إليك سبع مرات أي إلى أقصى درجة ممكن أن نتخيلها أو لا نتخيلها فهناك باب المسيح المفتوح لقبول أعتى الخطاة ويمين المسيح تقيم ليس من العثرات والسقطات بل قادرة أن تقيم من الأموات !!.قلب المسيح متسع اتساعًا أبديًا، يسبي النفوس ويخضع
الوحوش فمن يؤتمن على قلب يسوع يستطيع أن يحفظ
وصايا يسوع هذا هو إنساننا الداخلي المخلوق من جديد
بقوة قيامة المسيح من الأموات هذه هي الطبيعة الجديدة،والطبيعة الجديدة من يحياها يغلب بها كما غلب ذاك الذي هو رأسنا جرب قول الرب أخضع ذاتـك لــه واطلب معونة المسيح واكسر حاجز الشر لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير لا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في حينه إن كنا لا نكل الإنسان هو الذي يُحجّم عمل الروح القدس فيه ويحصره في أطار المحدودية حين يقول أنا حاولت مرة ومرتين ولم أفلح في أن اقتني أخي وأربحه أنا عملت ما علي أن أفعله ولا أستطيع أن أفعل أكثر هذا يكفي وهذه حدودي؟.
هنا يصير الإنسان قد أغلق على نفسه، وحبس الروح الذي لا حدود له ولا يُعطي بكيل الروح يا إخوة لا يحد بحدود والعمل الروحي يستطيع أن يعمل ويعمل حتى الكمال ولا يكف ولا يكتفي ولا ييأس حتى من الفتيلة المدخنة والقصبة المرضوضة.الحفاظ على محبة الإخوة هي رسالتنا وهدفنا المحبة
القلبية هي كنزنا ليس بسهولة نبيعها أو نفرط فيها سبب ضعف الكنيسة الآن هو القصور في تكميل المحبة وعدم السعي الجاد في أثر الصلح بالروح. العاجز في تكميل المحبة يركن دائما على أعذار وأعذار ولكنها غير مقبولة لدى المسيح لأن المسيح هو الحب الكامل حتى للأعداء .
زد إيماننا :
قال الرسل للرب إذ سمعوا كلامه عن هذا الحب السماوي السامي الفاخر سبع مرات في اليوم - بل إلى سبعين مرة - قالوا للرب إذ أدركوا أن الأمر يحتاج إلى إيمان وتصديق قلبي لكلام المسيح وتبعية مطلقة وإلقاء كل الحياة على رجاء كلمة المسيح.قالوا زد إيماننا أي زودنا بهذا الإيمان القوي القادر على بغض البغضة وكره الكراهية زد إيماننا لكي نستطيع أن نغفر سبع مرات في اليوم فقال الرب لو كان لكم إيمان كحبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم"يارب زد إيمان أولادك بأن المحبة هي البقاء والحياة وأن
البغضة والقطيعة هي الموت بعينه من يحب أخاه فقد أحب الله ومن يبغض أخاه يبقى في الموت من يبغض أخاه فهو قاتل نفس ما أجمل أن نبدأ صومنا بهذا الاستعداد الروحي في السعي نحو السلام وتكميل المحبة الذي جعلته الكنيسة منطلق المسيرة والدافع الروحي للحركة هو الآب.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 36

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل