يوم الاثنين من الأسبوع الثالث( لو ١١: ٣٣ - ٣٦)

25 مارس 2024
Large image

لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلَا تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ . سَرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً. انْظُرْ إِذَا لِئَلَّا يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةٌ. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيْراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّراً كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ .
العين البسيطة
إنجيل هذا الصباح يتكلم عن موضوع مهم للغاية، يُعتبر من أخطر المواضيع التي تقابل الإنسان الروحي في جهاده الروحي، وهو: العين البسيطة. هذا معيار مسيحي من الدرجة الأولى، ويُعتبر امتيازاً عالياً للإنسان الروحي. في الحقيقة لو أننا أخذنا التشبيه على أنه العين البشرية؛ لخرجنا تماماً عما يقصده المسيح الرب هنا لا يقصد العين البشرية. لأسباب كثيرة:
أولاً : هي عين واحدة وليست عينين، فهنا يتجه المعنى ناحية عملها وليس ناحية الشكل أو الصفة. ثم هي عين بسيطة، وكلمة بسيطة في اللغة اليونانية تعني معاني قوية جداً، ولكن لا معنى منها يتفق مع الجسد. أول هذه المعاني إنها مفردة أي ليست مركبة، فهي لا تحتمل التعقيد أو الثنائية،بمعنى أنها لا يمكن أن تنقسم إلى رؤيتين.
الصفة الثانية: هي عين مستقيمة، في اتجاه أمامي، وليس تعريجاً بين يمين ويسار. وصفة ثالثة : أنها صحيحة، أي ليست مريضة وليس بها شوائب. ثم هي واضحة أو صافية ليس فيها تعتيم، وآخر صفة لتلك العين البسيطة هي إنها مكشوفة، ليس فيها أشياء مخفية. إذن، كما رأينا، لا تنطبق واحدة من كل هذه الصفات على العين الجسدية.
إذن ما هو المقصود بالعين البسيطة؟
إنها العين الروحية، إنها العين البصيرة، والبصيرة ليست الإبصار، إنها إدراك الحق وتمييزه وليس كالبصر الذي يرى فقط الظواهر الخارجية. فالعين التي يقصدها المسيح هي إدراك الحق والتمييز ما بين الحق وغير الحق والحق في المفهم اللاهوتي والإنجيلي هو النور، والباطل هو الظلمة. وعندما نقول: النور، فالمقصود هو شخص الرب يسوع الذي قال عن نفسه: «أنا هو نور العالم». فالعين البسيطة هي التي انفتحت بصيرتها على المسيح والحياة الأبدية. بعكس العين الشريرة التي انفتحت على الشر.وعندما نقول أنها عين بسيطة مفردة فنقصد أنها لا تقبل غير المسيح، وترفض أن يكون له بديل. ثم هي عين مستقيمة، أي أن اتجاهها هو ناحية المسيح، لا تميل عنه يمنة ولا يُسرى. وهي عين صحيحة، أي ليس بها سقم غوايات وشهوات الجسد، وتستطيع أن ترى المسيح بصفاء وبدون تشويش. ثم، هي أخيراً عين مكشوفة وصريحة، بمعنى أن كل شيء أمامها واضح.العين الروحية موقعها عند المسيح أعلى شيء عند الإنسان، وأهم عضو من أعضائها، والذي عليه كل التركيز في فهم الإنجيل. يقول عن تلميذي عمواس إنه: «فتح ذهنهم ليفهما المكتوب». لقد انفتحت العين الروحية على الحق ودخلها نور المسيح دخلها الحق؛ فانكشف لها كل شيء عن المسيح. انظروا كم هي مهمة، لذلك جعلها المسيح مثل المنارة التي يضعونها في أعلى مكان في البيت.لو كانت العين الروحية سليمة؛ فإن نور المسيح ونور الله سيدخل ويضيء كل أعضاء الإنسان المنظورة وغير المنظورة، يضيء الفكر والضمير والعواطف والمشاعر والقلب، وتبتدئ كلها تستنير وتعمل الحساب النور. فإذا كان النور البشري المصنوع عنده القدرة أن يعمل في الجسم ويطهر من الميكروبات ويُظهر الخفيات؛ فما بالك بالنور الروحي، نور المسيح الفائق الفاعلية، عندما يدخل ويستقر في الإنسان كم هو قادر أن يميت الخطية، ويطهر الفكر والقلب والضمير من الأعمال الميتة.لو كانت عينك الروحية سليمة؛ فإن النور الإلهي يدخلها وينفذ فيها،الأمر الذي يسميه المتصوفون: التحديق في النور الإلهي، أي الشخوص في نور المسيح.الإنسان الذي دخله شعاع النور من خلال العين الروحية يستطيع أن ينفذ أيضاً من خلالها لينظر ويتأمل في الله. وهذه عملية من أروع ما يمكن، ذلك لأن كلما تأمل الإنسان في الله أكثر ؛ كل ما انسكب فيه النور أكثر.فهنا التحديق في نور الله في الحق الإلهي في شخص يسوع المسيح، هذا يزيد العين جلاء واستنارة.ولكن لاحظ أنه في بداية التأمل يحصل صراخ، فبمجرد أن العين تتأمل في الأمور الإلهية ترتد العين سريعاً، ثوان قليلة وتعود أدراجها، لا تستطيع أن تحدق، لماذا؟ لأن العين ليست سليمة، لابد لها من تطهير وغسيل أكثر وأكثر. ولكن كلما داوم الإنسان في النسك وفي العبادة والقراءة؛ كلما راقت العين وصفت، ويستطيع بعد هذا أن يحدق في النور أكثر، ويوجه ذهنه نحو آية من الآيات أو صفة من صفات الله، ويركز فيها الذهن مع القلب والمشاعر مع الفكر، فلابد له هنا أن يخرج بغنيمة، ولا يمكن أن يخرج فارغاً أبداً.
المتنيح القمص متى المسكين

عدد الزيارات 27

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل