يوم الاثنين من الأسبوع الأول (مر ۹: ۳۳: الخ)

11 مارس 2024
Large image

" وَجَاءَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَإِذْ كَانَ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُمْ: «بِمَاذَا كُنْتُمْ تَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فِي الطَّرِيقِ ؟» فَسَكَتُوا ، لأَنَّهُمْ تَحَاجُوا فِي الطَّرِيقِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي مَنْ هُوَ أَعْظَمُ. فَجَلَسَ وَنَادَى الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلاً فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِماً لِلْكُلِّ». فَأَخَذَ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ ثُمَّ احْتَضَنَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبلَ وَاحِداً مِنْ أَوْلادِ مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي». فَأَجَابَهُ يُوحَنَّا قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِداً يُخْرِجُ شَيَاطِينَ باسْمِكَ وَهُوَ لَيْسَ يَتْبَعُنَا ، فَمَنَعْنَاهُ لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُنَا» . فَقَالَ يَسُوعُ: «لَا تَمْنَعُوهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعاً أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا. لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا. لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَهُ. وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ الصَّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحَى وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا . خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لَا تُطْفَأُ. حَيْثُ دُودُهُمْ لَا يَمُوتُ وَالنَّارُ لَا تُطْفَأُ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مَنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لَا تُطْفَأُ. حَيْثُ دُودُهُمْ لَا يَمُوتُ وَالنَّارُ لَا تُطْفَأُ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ. حَيْثُ دُودُهُمْ لَا يَمُوتُ وَالنَّارُ لَا تُطْفَأُ. لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمَلِّحُ بِنَارٍ، وَكُلِّ ذَبِيحَةٍ تُمَلِّحُ بِمِلْحِ الْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلَكِنْ إِذَا صَارَ الْمِلْحُ بَلَا مُلُوحَةٍ، فَبِمَاذَا تُصْلِحُونَهُ ۚ لِيَكُنْ لَكُمْ فِي أَنفُسِكُمْ مِلْحٌ، وَسَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً ".
العثرة وواجبنا إزاءها
هذا المسلسل من البتر لليد والرجل وقلع العين هو منهج النسك العالي للذين أعثرهم العالم وهم لا يريدون أن يعيشوا في الخطية. ولتوضيح هذا القانون الروحي الصارم يلزم أن نفهم أن حياة الطهارة والبر والقداسة في وسط عالم الخطية والعثرات تتطلب احتمال فداحة الثمن. فالذي يريد أن يعيش طاهر اليد لا يمدها للحرام، أيا كان الحرام نوعه، سواء نجاسة أو سرقة أو اختلاس أو تزوير أو غش أو إيذاء بالضرب، فإن ضبط اليد من جهة اليد نفسها وما يحركها من فكر وضمير ونية وإرادة يحتاج إلى شدة وعنف وإصرار وقطع في الضمير والقلب والنية وربط اليد بالإرادة، بحيث أن هذه الشدة وهذا العنف لا يقل عنفهما ألماً من آلام قطع اليد وما يتأتى من ذلك من آلام وعجز وفضيحة. هكذا يصور المسيح منهج ضبط اليد لكي لا تمتد للحرام من العنف والصعوبة ما لا يقل عن قطعها بالإرادة أو بالقانون.ويلاحظ القارئ أن المصدر الذي تداعى منه ذكر هذا القانون النسكي هو نفسه الآية السابقة التي تنص على عدم إعثار أحد الصغار، وإلا فخير لمن يعثر ولداً أن يُربط عنقه بحجر رحى ويُلقى في البحر. فالإعثار هو الذي ربط الحديث السابق بهذا الحديث. فانظر عزيزي السامع وتأمل الغرامة المريعة التي يستحقها من يعثر ولداً فلكي نتخطى الإعثار لابد من جهاد ومجاهدة ضد الذات والجسد. جهاد يساوي على الأقل في الألم والمعاناة الغرق في لجة البحر أو قطع اليد أو الرجل أو قلع العين. فلو تأملت معي عقوبة إنسان ترك لعينه الحرية أن تنظر في الأجساد وتشتهي وتملأ شهوتها في القلب ماذا تكون؟ عقوبتها ما هو لعقوبة الزنى الفعلي. لا زناة يدخلون ملكوت الله فانظر فداحة الغرامة. إذا علينا أن نُحوّل هذه الغرامة إلى مجاهدة إرادية في الإرادة والفكر والضمير والعين ذاتها.هذا هو المنهج النسكي الصارم الذي يقترحه المسيح أن نسلكه بالإرادة لكي ننجو من نار جهنم ودودها. أما نارها فأشد وأقصى من نار الأرض عشرات المرات، فهي نار الندم الذي يحرق الضمير ويظل يحرقه إلى أبد الآبدين. أما الدود فهو الإحساس بالخسارة التي تلاحق الضمير والنفس بلا نهاية .ونعيد ونؤكد أن هذه الوصايا هي على مستوى الروح، بمعنى أن نقطع وتهلك وتميت ونصلب هي كلها بالنية من الداخل، بالروح، وهذا الإجراء الروحي لهو أشد فعالية مئات المرات من الإجراء الجسدي.فهذه الأفعال القاطعة بالنية بالروح في الداخل قادرة بالفعل أن تبطل وتشل حركة هذه الأعضاء، لأن الفعل بالنية إذا كان صادقاً وعلى مستوى التكميل يقابله عند الله قبول شديد باعتبار أن الإنسان يكون في نظره قد أكمل الفعل، فيكمله هو له بأن يُحوّله إلى الضد.وأعظم مثل لذلك هو ما صنعه المسيح يوم الخميس الكبير، إذ صلب نفسه بالنية وقدم جسده مكسوراً ودمه مسفوكاً قبل أن يتمم ذلك فعلياً بالجسد على الصليب يوم الجمعة، فصارت ذبيحة يوم الخميس على مستوى ذبيحة الصليب يوم الجمعة.أو كما صنع إبراهيم لما أكمل بالنية ذبح ابنه؛ فكان أن حسب الله لإبراهيم أنه أكمل فعلاً وحقاً ما أمره به حتى دون أن يكمله جسدياً.هكذا عوض تكميل قطع الأعضاء جسدياً لبتر الخطايا منها، يحفظها الله في إطار نعمته ويُحولها إلى أعضاء مقدسة ترتعب من الخطية وتعمل الصلاح بحرية، وتؤول لدى صاحبها إلى قداسة وفخر وبجد، تماماً كما قال المسيح حرفياً: «من يُهلك نفسه من أجلي يجدها» ، «يحفظها إلى حياة أبدية».هنا الإهلاك بالنية يُحوّله المسيح إلى تكميل روحي حيث يبطل عمل الذات ويلاشي سلطانها بنعمته لتتحول إلى ذات مقدسة للمسيح، أي لا تعود بعد تتبع أمور العالم؛ بل تتبع الله لتكميل أمور الله.يقول بولس الرسول: لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته، ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية؛ بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات، وأعضاءكم آلات بر لله»، هنا عامل القطع والخصي والإهلاك والإماتة والصلب هو من عمل الروح، والروح إذا تسلط على الجسد يضبطه ويقمعه ويشل حركته ويحوله إلى أداة الصلاح عوض النجاسة والإثم.المسيح هنا لا يخاطب إنسان الجسد؛ بل يخاطب الروح في الإنسان لتتسلط على خطية الجسد لتقطع منه أصول الخطية وعروقها.
المتنيح القمص متى المسكين

عدد الزيارات 35

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل