ذبيحة الصوم

04 مارس 2024
Large image

ما هو تعريف الصوم؟
الصوم هو انقطاع عن الطعام لفترة من الزمن، وبعد ذلك نأكل أكلاً بسيطًا خاليًا من الدسم الحيواني من هذا التعريف البسيط يتّضح لنا أنّ الصوم ليس مجرد تغيير بعض الأطعمة الحيوانيّة بأخرى نباتيّة، ولكنّه أولاً انقطاع عن الأكل، وإمساك البطن جيّدًا، وضبط شهوة الطعام فينا.
لماذا نُسمِّي الصوم ذبيحة؟!
لأنّنا كما أنّنا نقدِّم في عبادتنا لله ذبائح روحيّة مثل الصلاة والتسبيح والعطاء وطاعة الوصيّة، فإنّ الصوم أيضًا هو ذبيحة حُبّ روحية، فيها تضحية عظيمة المقداربمعنى أنّه:
1- في الصوم يذبح الإنسان إرادته الشهوانية ناحية بعض الأطعمة المُحبّبة اللذيذة، التي تجعله أحيانًا يغرق في الجسديات.
2- في الصوم يقدّم الإنسان جزءًا من لحمه ذبيحة للمسيح، فمثلاً: قد يبدأ الصيام بوزن معيّن لجسده، وينتهي من الصيام بوزن أقلّ! فكأنّه من أجل محبته للمسيح يكون قد قدّم له بعضًا من لحمه كذبيحةٍ له!
3- الصوم يساعد على ضبط الجسد؛ فتستطيع الروح أن تنطلق، وتنتعش، وتنمو.
ما هي فوائد الصوم في حياتي؟!
1- يدرّبني على ضبط النفس، وهي صفة هامة ومفيدة، إذ تحميني من كثير من الأخطاء والأخطار، وتجعلني محبوبًا، قويًّا، متعفِّفًا، وناجحًا في أعمالي.
2- يعلمني الصبر وهي صفة أساسية ولازمة للخلاص، فالذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص (مت13:24)، والذين يصمدون في الإيمان، ومحبة المسيح إلى النهاية هم الذين سينالون الفرح، والمجد الأبدي.
3- يحفظني من الشَرَه، والنَهَم، وهي عادات مُضِرَّة، ومكروهة.
4- هو شركة آلام مع المسيح.. فألم الجوع والحرمان هما تَقدِمَة ومشاركة حُبّ بسيطة مع الربّ يسوع في آلام صليبه وإن كنا نتألم معه فبالتأكيد سوف نتمجّد معه (رو17:8).
5- يعطيني الفرصة أن أنطلق بروحي مع ضبط جسدي بالصوم وعندما تنطلق الروح بالصلاة والقراءة والتأمُّل تتمتع بالمسيح أكثر فيمتلئ قلبي بالسعادة إذ تتحقق فيّ كلمات الإنجيل؛ أنّ "اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام" (رو6:8).
6- يمنحنّي قوّةً وانتصارًا على عدو الخير فالصوم مع الصلاة قوّة ضاربة ضدّ الشيطان وحروبه كما علّمنا ربّنا يسوع المسيح أنّ جنس الشياطين لا يتمّ التغلُّب عليه إلاّ بالصوم والصلاة (مت17: 21).
كيف أقدم ذبيحة الصوم؟
1- المحبة هي الأساس أضع محبّة المسيح أمام عينيّ، وأحتمل من أجله الجوع، والعطش، وأقدّمهما ذبيحةً له.
2- فترة الانقطاع هي عنصر رئيسي في الصوم أحتاج أن أتفق عليها مع أب اعترافي، وألتزم بها.
3- من المهم الانتباه لصوم الفم واللسان والفكر والحواس عن الخطيّة وليس فقط صوم البطن.
4- الأصوام الكنسية بركة كبيرة لا ينبغي أن أهملها أبدًا بأيّ حُجّة تافهة.
5- من الضروري أن يكون الصوم مصحوبًا أيضًا بالصلاة، والتغذية الروحيّة بوجه عام، من قراءة وقُدّاسات وتسابيح..
الصوم والصحّة الجسديّة:
مؤكَّدٌ إنجيليًا وعِلميًا أن الصوم ليس عملاً من أجل الصِّحّة الجسدية!
فداود النبي يقول"ركبتاي ارتعشتا من الصوم، ولحمي هُزِلَ عن سِمَنٍ" (مز24:109) "أَذللتُ بالصوم نفسي" (مز13:35) "أبكيتُ بصوم نفسي، فصار ذلك عارًا عليَّ" (مز10:69).
ومعروفٌ عِلميًا أن الطعام الصيامي يفتقر إلى بعض الأحماض الأمينية الأساسية Essential Amino Acids التي لا توجد إلاّ في البروتين الحيواني.وعلى هذا فالصوم حقيقةً يُضعِف الصحّة بمقدارٍ ما، ويجب أن نكون على وعيٍ بهذا ولكن، هذا الأمر يكون مُزعِجًا فقط للجسدانيين، الذين ينظرون للصوم كعمل جسدي فقط، وليس عملاً روحيًا وذبيحة حُبّ نقدّمها للمسيح الصوم هو عمل محبّة من الدرجة الأولى، وجانب لذيذ من تذوُّق الصليب في حياتنا فنحن نصوم ونقدِّم أجسادنا كذبيحة طاهرة، لكي نُحسَب أهلاً أن نَحمِل في جسدنا إماتة الربّ يسوع، وبالتالي تظهر حياة يسوع مُشرقةً في جسدنا المائت (2كو4: 10-11) لذلك ما أجمل أن ينتهي الصوم بالتناول من الأسرار المقدّسة، فبالشّركة في الجسد والدم الطاهرين تَكمُل ذبيحتنا ويُتوَّج بذلنا، بهذه الشركة المجيدة مع المسيح المذبوح لأجلنا، الذي ذُبِحَ واشترانا لله أبيه (رؤ5: 9) ما أروع أن يكون الحُبّ متبادَلاً بهذه الصورة!
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.

عدد الزيارات 52

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل