مع الفادى الحبيب (۲) تجديد الطبيعة البشرية

16 أبريل 2024
Large image

كان السبب الأول للتجسد والفداء، هو حكم الموت عن البشرية بموت المسيح نيابة على عود الصليب لكن المشكلة لم تكن مشكلة قانونية ، بمعنى مشكلة دينونة حكم موت مسلط على رقاب البشر، فهناك شكلة أخطر هي مشكلة «فساد الطبيعة البشرية » إن خطية آدم أفسدت طبيعة الإنسان، هذا هو السبب الأساسي لطرد آدم من الفردوس ، لا كقسوة من الله ، ولكن محبة منه الثلا يأكل من شجرة الحياة - بعد أن أصابه الفساد فيحيا إلى الأبد في هذا الفساد. لذلك خرج آدم من الفردوس، ومعه وعد بالفداء وبأن يسحق نسل المرأة الحية (ابليس ) بمعنى أن تتجدد الطبيعة الإنسانية بالروح القدس، وباستحقاق دم المسيح ، فيصير الإنسان إنساناً جديداً « مخلوقاً بحسب الله ، في البر وقداسة الحق » (أف ٤:٢٤)
الأمر إذن يحتاج إلى « إعادة خلق » وهذا يستلزم وجود الخالق وفعله إن الطوفان الذي أتى به الله على الأرض ومن فيها لم يجدد طبيعة الإنسان من الداخل بالروح القدس ، وكان هدفه مجرد رد الإنذار والتوجيه ، ليجاهد الإنسان في طاعة الله وتنفيذ وصاياه الأمر المستحيل دون معونة وتجديد من الله . كان الهدف إذن، أن يقتنع الإنسان بحاجته إلى المخلص كان الناموس مؤد بنا إلى المسيح » وكانت غاية الناموس هي أن أرى نفسى فاسداً وضعيفاً فأشعر بحاجتي إلى المخلص ، الذي « افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا » ( غل ٣: ١٣ ) المشكلة إذن ليست أن يسامح الرب آدم ، فما أسهل ذلك، ولكن كيف يجدد الرب طبيعة آدم ، و يقدسها بالروح القدس ، و يعيد إليها الصورة الإلهية التي خلقت عليها ؟
ومن هنا كان التجسد، ليأخذ الله طبيعتنا البشرية ويعطينا «شركة الطبيعة الإلهية » ( ٢بط ١ : ٤ ) كذلك فالمشكلة ليست أن يموت المسيح عنا ، فيرفع عنا حكم الموت ، لكن الأهم أن يجدد طبيعتنا من الفساد ، ويجعلها قابلة للحياة المقدسة هنا ، والحياة الأبدية هناك.
+ فكر القديس أثناسيوس : وهنا ، لابد لنا من الرجوع إلى فكر النوراني العظيم ، القديس أثناسيوس ، لتفهم منه حاجتنا إلى تجديد الطبيعة . هذه بعض أقواله من كتاب «تجسد الكلمة » . «كان أمام كلمة الله مرة أخرى أن يأتي بالفاسد إلى عدم الفساد، وفى نفس الوقت أن يوفى مطلب الآب العادل المطالب به الجميع » ( فصل ٤ فقرة ٥ ) . « وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسداً مماثلاً لطبيعتها، وإذ كان تحت الجميع قصاص فساد الموت ، فقد بذل جسده للموت عوضاً عن الجميع، وقدمه للآب . كل هذا فعله شفقة منه علينا وذلك :
أولاً : لكي يبطل الناموس الذي كان يقضى بهلاك البشر.
ثانياً : لكي يعيد البشر إلى عدم الفساد » . ( فصل ۸ فقرة ٤ ) . « إذ اتحد ابن الله عديم الفساد بالجميع بطبيعة مماثلة ، فقد ألبس الجميع عدم الفساد ... بوعد القيامة من الأموات » (فصل ۹ فقرة ٢)
+ « إن تلطخت تلك الصورة المرسومة على الخشب بالأدران من الخارج أو أزيلت ، فلابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية، لكى يساعد الرسام على تجديد الصورة على نفس اللوحة الخشبية لأنه إكراماً لصورته يعز عليه أن يلقى بتلك اللوحة ( الإنسان الساقط ) وهى مجرد قطعة خشبية ، بل يجدد عليها الرسم »( فصل ١٤ فقرة ١ ) .
إذن، فلابد من الفادى ! فما هي المواصفات المطلوبة في ذلك الفادى ؟؟؟
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد التاسع عشر عام ١٩٨٩

عدد الزيارات 13

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل