حياة صالحة للذين في الزيجة

12 أبريل 2024
Large image

البولس في صلاة الإكلیل (أف٥ :22-33) استكمالاً ﻟﺘأملاتنا ﻓﻲ الصلوات القصيرة من القداس الغريغورى نصل إﻟﻰ"حياة صاﻟﺤة للذين فى الزيجة".
الصلاح
ھي كلمة كبیرة من الكلمات المشھورة في الحیاة الكنسیة، والصلاح ھو ثمرة من ثمار الروح القدس، (غل ٥ : ۲۲ ،23)
ثلاثة أمور هامة ﻓﻲ تكوين الأﺳﺮة
۱- الزواج ھو قمة العلاقات الإنسانیة الرسمیة في العالم كله، لذلك فإن الأفراح والأكالیل أمور ھامة جدًا بالنسبة للأفراد، وبالنسبة للدول أیضًا،لأن كل زیجة توثق في عقد ككیان وعلاقة رسمیة داخل البلد. وتنتج عن الزیجة مسئولیات.
۲- الزواج ھو رابطة ثلاثیة من خلال سر كنسي مقدس، یعمل فیه روح لله من أجل وحدة ھذا الكیان الجدید أي الأسرة. یدخل الاثنان إلى الكنیسة وتتم صلوات الإكلیل من خلال كاھن شرعي أمام الھیكل، ثم یخرجان كزوج وزوجة ومعھما المسیح، مكونین ما نسمیه رابطة ثلاثیة Triple Bond ھذا ما قال عنه الكتاب: "الْخَیْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ یَنْقَطِعُ سَرِیعًا" (جا ٤ : 12)،ھذه ھي الزیجة المسیحیة، فاحترس لأن حولنا أمورًا لیست في معنى الزواج المسیحي، فلا تقلد ما تراه.
۳- كیان الأسرة ھو أیقونة الكنیسة، كما قال القدیس یوحنا ذھبي الفم وكلمة أیقونة ھنا معناھا الجمال المقدس ومجموع الأسر ھو الجمال المقدس في الكنیسة لذلك فإن كیان الأسرة ھو كیان خطیر لذلك
نطلب أن كل أسرة تعیش حیاة صالحة.
كيف تعيش الأﺳﺮة حياة صاﻟﺤة؟
الأسرة یكون فیھا المسیح: المسیح الذي أخذناه من أمام الھیكل ودخلنا به إلى البیت، وظیفته في كل أسرة أن یحفظ لھا دوام المحبة. لأن الزوجة/الزوج ھو ھدیة المسیح التي اختارھا للطرف الآخر، وبما أنھا ھدیة من ید المسیح إذن ھي ثمینة جدًا وتوضع على الرأس. وعلى ھذا الأساس یكون المسیح ھو صاحب ھذا البیت، والشاطر ھو من یشعر بوجوده، بوجود علاقات المحبة وكلمات المحبة إذا اھتممتم بالمسیح داخل البیت، بالصلوات الدائمة والإنجیل الدائم، تزداد المحبة بینكما ویصیر البیت أكثر من رائع. لینظر كل طرف إلى الطرف الآخر على أنھ عطیة المسیح وعطیة المسیح لا تتقادم، لذلك یقول "لِكَيْ یُحْضِرَھَا لِنَفْسِه كَنِیسَةً مَجِیدَةً، لَا دَنَسَ فِیھَا وَلَا غَضْنَ أوَ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلكِ، بَلْ تَكُونُ مُقدَّسَةً وَبلِاَ عَیْبٍ" (أف5 :27) وتظل ھكذا. أما إن كان البیت خالیًا من المسیح، یحیا حیاة العالم بكل صورھا،ستكون النتیجة أن المسیح ینزوي ویحزن لا تحزنا مسیحكما وإن حدث أي خلاف -وھو أمر وارد- فلن یحله سوى المسیح، لأن الصلوات والإنجیل یجعلان الطرفین یفھما بعضھما بعضًا جیدًا، أما إھمال وجود المسیح فنتیجته خطیرة. إن المسیح ھو صمام الأمان داخل الأسرة، لذلك نضع صلیب داخل باب المنزل لأنه علامة أمان وأیضًا
علامة حضور المسیح، فیكون أول من تودعه وأنت تغادر وأول من تراه عند دخولك.
۲- الأسرة كنیسة: "كنیسة" تعني ھیكلًا ومذبحًا، أي لابد أن یكون القلب مرفوعًا ﻟﻠﮫ على الدوام من خلال الصلوات. یكون البیت ممتلئًا من روح الصلاة التي تلد قدیسین، لأن كل أسرة ھي مصنع للقدیسین. یقول الكتاب عن زكریا وألیصابات والدي یوحنا المعمدان "وَكَانَا كِلاَھُمَا بَارَّیْنِ أَمَامَ للهِ" (لو1 : 6) وكانت النتیجة یوحنا المعمدان السابق والصابغ والشھید أعظم موالید النساء، الذي نحتفل به إلى الیوم والحقیقة إن الحیاة القاسیة التي نعیشھا في الأزمات الحاضرة من الناحیة الاجتماعیة والاقتصادیة ھذه لا یسندھا
إلا روح الصلاة إن روح الصلاة تعلمك، وتستر على بیتك، وعلى كل أفراده، وتبارك ما فیه، وتعطي روح الرضى الداخلي مھما كانت الأحوال.
۳- الأسرة كتاب مقدس: كل أسرة تتكون ھي إنجیل مفتوح، مقروء من جمیع الناس، لأن الزوجین یأخذان الوصیة ویعیشا بھا ویلقناھا لأولادھما، فیتربى الأولاد بالنعمة بالمعرفة الكتابیة. یجب أن تكون التعاملات داخل الأسرة بالمبادئ الكتابیة وأحد أھم المبادئ ھو مبدأ الاحترام أرجوكم أن تتجنبوا أي موقف بأي
صورة من الصور یكسر أو یجرح ھذا الاحترام،لأن كسر الاحترام للأسف لا ینجبر ولا یُمحى، وھذا یؤثر على سلامة بیوتنا والحیاة الصالحة فیھا.
٤- الأسرة منارة: تتكون داخل الأسرة الجدیدة منارة. والمنارة معناھا الاستقامة، مثلما نقول: "قلبًا
نقیًا اخلق فِيّ یا لله، وروحًا مستقیمًا جدّد في أحشائي" (مز ٥۱ : 10) الأسرة التي ترید أن تعیش في الصلاح لا یصح أن تعیش متقلقلة وبعیدة وتائھة، بل لا بد أن تعیش حیاة الاستقامة وفي اللغة العربیة یقولون عن الاستقامة كان حرف الألف حرفًا مثل كل الحروف، ولكنه عندما استقام جعلوه أول الحروف. المنارة تعبیر عن استقامة ھذا البیت. لذلك قال السید المسیح عن عروس النشید (كل أسرة): "كُلُّكِ جَمِیلٌ یَا حَبِیبَتِي لَیْسَ فِیكِ عَیْبَةٌ" (نش ٤ :7) والاستقامة ھي: الصدق والوضوح والطھارة، وھي عدم اللف والدوران،وعدم الكذب، عدم وجود أمر مخفي، عدم وجود سلوك منحرف، عدم وجود علاقات ردیئة. إن
وجود مثل ھذه الأمور یكسر البیوت. إننا نقول في الصلوات "بیوت صلاة، بیوت طھارة، بیوت بركة"، فالصلاة والسلوك بطھارة یجلبان البركة وحیاة الصلاح في الأسرة ھي الاستقامة في كل شيء والاستقامة تشمل في داخلھا حیاة الطھارة والنقاوة.
٥- الأسرة أسرار: الكنیسة محل الأسرار السبعة، وكل أسرة ھي موضع للأسرار، أي موضع للخصوصیة. كلمة "سر" تعني نعمة غیر منظورة ننالھا من خلال طقس منظور بفعل الروح القدس ومن الدعوات الشعبیة الجمیلة التي تقال للعروسین ربنا یھدي سركم حیاة الصلاح في البیت المسیحي یقصد بھا الخصوصیة في البیت،أي ألا یتكلم الطرفان عن خصوصیاتھما مع أي إنسان مھما كان إیاك أن تجرح ھذه الخصوصیة لأن ھذا سر علیك أن تحفظه الوحید الذي تستطیع أن تكلمه عن ھذه الخصوصیات ھو الله. أتجاسر وأقول إنه أحیانًا تكون ھناك مشكلة صعبة داخل بیت، وربما لو أشركنا أولادنا فیھا یتعبون، لذلك
یجب أن تظل بین الزوجین فقط، یصلیان من أجلھا وأضیف أن أكثر ما یحفظ الخصوصیة ھو حیاة الرضى. یا لسعادة البیت العمران بالرضى الداخلي، فھذا یجعل من یعیش في مكان بسیط أكثر سعادة ممن یعیش في قصر.
اﻟﺨلاصة
عبارة "طھارة للذین في البتولیة" ھي لكل شاب وشابة إلى أن تأتي مرحلة الزواج، ثم نقول: "حیاة
صالحة للذین في الزیجة". والحیاة الصالحة ھي
في خمس نقاط:-
۱- المسیح صمام الأمان ومعطي المحبة في الأسرة،
۲- الكنیسة ھي موضع الصلاة لنحب بعضنا أكثر،
۳- البیت كتاب مقدس وحیاة وصیة نعیش فیھا لنفھم ما یریده المسیح منا،
٤- حیاة الصلاح تشبھ المنارة المستقیمة من حیث الحیاة والسلوك والنقاوة،
٥- حیاة الأسرار ھي خصوصیة الحیاة. كان البابا كیرلس دائمًا یقول: "داري على شمعتك تقید".
ﻟﻴحفظكم الرب ويبارك أسركم ويعطيكم دائماً الحياة الصالحة.
قداسة البابا تواضروس الثانى

عدد الزيارات 14

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل