البابا تواضروس الثاني

Large image

البابا الأنبا تواضروس الثاني (4 نوفمبر 1952 -)، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ال118. وُلِد باسم وجيه صبحي باقي سليمان بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، ووالده كان يعمل مهندس مساحة، وتنقلت الأسرة في المعيشة ما بين المنصورة و سوهاج و دمنهور.

في 4 نوفمبر 2012، تم اختياره عن طريق القرعه الهيكلية ليكون بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 118[1].

م ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث هو وأربعة آخرين هم الأنبا رافائيل ، القمص رافائيل أفامينا ، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.[2] ،فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني 118 يوم الأحد 4 نوفمبر 2012 م

رؤيته لمستقبل الكنيسة يقول الأنبا تواضروس "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هي التي سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر".

ويُطالب الأنبا تواضروس بإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس بالمهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة في الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، مُعتبرا أن إقامة قنوات للحوار مع الشباب أمر ضروري، وكذلك يدعو المسيحيين إلى الاندماج في المجتمع من خلال التعليم ووسائل الإعلام.

وقد حصل الأنبا تواضروس على تزكيات من الأنبا دميان أسقف عام ألمانيا والأنبا سوريال أسقف ملبورن، والأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا ، والأنبا باخوم أسقف سوهاج، والأنبا اندراوس أسقف أبوتيج والانبا رفائيل الاسقف العام.

تم تجليسه كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية في قداس الأحد 18 نوفمبر 2012 برئاسة القائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وباشتراك كافة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية و مشاركة وفود من كل الكنائس في مصر والعالم.

المقالات (228)

13 يونيو 2025

فضيلة الالتصاق بالرب

في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة وعبرت عن الإيمان بفضائل ، فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء، والالتصاق بالرب عند حنة النبية، والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ،والرجاء عند زكريا الكاهن. وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧ عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات.... فضيلة الالتصاق بالرب (لو ٣٦:٢-٣٨) "وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير وهي متقدمة في أيام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهار فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم والمجد لله دائما" حنة النبية لم يتكلم عنها الكتاب المقدس سوى ثلاث آیات فقط رغم أنها عاشت سنين طويلة والكلام عن هذه الأرملة التي عاشت ٨٤ سنة بعد زواج دام سبعة سنوات ويبدو أنه لم يكن لها أبناء يقول عنها الكتاب المقدس عبارة جميلة " وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا و نهارا "(لو ۳۷:۲) لم أقصد نموذج حنة النبية بالذات ولكن أقصد الفضيلة نفسها التي نضعها أمامنا كنموذج للإنسان الذي يلتصق بالرب فهو يلتصق بالرب فكرا ونفسا وجسدا وروحا في العهد القديم نسمع عن هيكل سليمان هذا الهيكل كان منشأ ضخما وكان فيه غرف كثيرة منها للكهنة ومنها للأطفال الصغار الذين نذروا لله مثل صموئيل وأمنا العذراء مريم، وأيضا غرف يقيم فيها الكبار "رجالاً أو نساء" يقضون فيها حياتهم كلها. وفي إحدى هذه الغرف التي عاشت في الهيكل بعد وفاة زوجها لأنها كانت بلا سند وبلا عائل، فكان الهيكل هو من يعولها، وقد عاشت بهذه الصورة فترة طويلة حوالي ٨٤ سنة لكنها تميزت بأمرين: الأمر الأول أنها لا تفارق الهيكل، تحيا فيه الأمر الثاني إنها عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا حياتها كانت شكلاً من أشكال العبادة النقية.كانت القديسة حنة لا تفارق الهيكل وهذا من الناحية الشكلية أو الخارجية أو الظاهرية ولكن الجوهر عابدة بأصوام وطلبات ولذلك الحياة مع الله تأخذ شکلین شکل خارجي لكنه لا يكفي وشكل داخلي يكمل الشكل الخارجي، هي لا تفارق الهيكل موجودة في هذا المكان باستمرار مثل شخص كرس حياته، وتسأله كم سنة في التكريس يجيب ويقول ٢٠ سنة ٢٠ سنة لا يفارق التكريس، ولكن ماذا عن حياتك الداخلية ؟ ويطبق هذا المثل على آية فئة سواء كنت في مجال الخدمة أو الشماسية أو الرهبنة وهكذا، ماذا عن الداخل، ماذا عن الجوهر هل عشت مثل هذه القديسة التي قال عنها الكتاب "إنها عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا" . هناك قضية في علوم الاجتماع تعرف بقضية "الكم والكيف" وهي الكم في السنين .٣٠،٢٠,١ سنة - اما الكيف فهو ما في الاعماق قد يكون هناك فناء كبير في الخارج لكنه خاو من الداخل، وبالتالي ليس له معنى.لذلك يجب على الإنسان أن يحيا حياة حقيقية وليست شكلية وهذا هو السبب في أن الله اعطانا القلب الذي لإيراه أحد، فانت لا تعرف ما في قلبي وأنا لا أرى ما في قلبك قد تعرفني من مجرد النظر إلى عينى "تعبانا فرحانا متضايقا" لكن القلب لا يستطيع أحد أن يراه سوى الله فقط، ولذلك الوصية تقول "يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي" (ام٢٦:٢٣) إن العين تمثل الأمور الخارجية، أما القلب يمثل الحياة الداخلية وما في حياتك الداخلية؟ في العهد القديم نقرأ عن عالى الكاهن كان له ابنان يخدمان الهيكل ولا يفارقا الهيكل ولكن كان لهما سلوك ردئ غير مقبول ويقول أحد الفلاسفة " لا تنسوا أن الدكك لا تفارق الكنيسة" أى نعم هى موجودة داخل الكنيسة لكن ليس لها حياة داخلية.يقول الشيخ الروحانی " احد كبار نساك البرية " عندما تعيش مع السيد المسيح احمله في حضنك مثل مريم العذراء. وخذه على ذراعيك مثل سمعان الشيخ، وضع رأسك على صدره مثل يوحنا الحبيب هذه هي الحياة الداخلية لا تكتفي بالشكل الخارجى فأنت تحتاج إلى الشكل الداخلي وانت تعبر عنها في فضيلة الالتصاق بالله في طقس كنيستنا نحرص على تعميد أولادنا وبناتنا وهم اطفال صغار رضع فالكنيسة تمنحهم من خلال الأسرار إمكانية الالتصاق بالله فتبدا مع الطفل بسر المعمودية والولادة الجديدة التي نسميها ميلاد الحياة، ثم يتم رشمه بالميرون ونسميه" تثبيت الحياة" ثم يتناول سر الإفخارستيا، والذي نسميه "غذاء الحياة" وحتى لايسقط في الطريق ويظل ملتصقا بالرب يمارس سر التوبة والاعتراف والذي نسميه" دواء الحياة" وبالتالي هذه الأسرار الأربعة منهم سران لا يتكرران، وقد قدمتهما الكنيسة في بكور عمر الإنسان وعمره أيام، ثم تقوم بعد ذلك برحلة العمر، وندخل رحلة الحياة "غذاء ودواء،" وهما احتياج أساسي تغذى صحتك الروحية فإذا تعبت روحيا هناك دواء اسمه التوبة، وتمضى حياة الإنسان بهذه الفضيلة "الالتصاق بالله" ولذلك الكنيسة بها فترات تسابيح مثل "تسبحة كيهك" وفيها فترات صوم وفترات اعتراف وفترات نسك مثل "أسبوع الآلام" وفيها فترات فرح هذا التنوع الجميل في مسيرة حياة الإنسان كي يتذوق حلاوة الالتصاق بالرب. سمات الإنسان الملتصق بالرب إن الإنسان الملتصق بالرب وحياته فعلاً حقيقية تتوافر فيه عدة سمات (١) الممارسة الواعية لوسائط النعمة الأسرار الروحية تحتاج إلى ممارسة واعية فعندما اذهب لأجلس مع أب اعترافي هذا يعني إني ذاهب لجلسة روحية حددت فيها ضعفاتي وخطاياي وقدمت الاعتراف امام الأب الكاهن طالبا التوبة ونقاوة القلب والحياة المستقيمة كلنا نصلي كل يوم طالبين من الرب يسوع ونقول له "قلبا نقيا اخلق في يا الله ورحا مستقيما جدده في أحشائي" وهذه الطلبة نكررها مرات عديدة في اليوم الواحد ربنا طالب من قلبك هدية فكيف تقدمة اول سمة لحياة الإنسان الذي يعيش فضيلة .الالتصاق بالرب هو الإنسان الذي يمارس وسائط النعمة بوعي، في كل صغيرة وكبيرة وكانها عادة. يقول احد الاباء عبارة جميلة "الصلاة في أعظم الوسائل التقرب إلى الله، بل الصلاة هي أن يطير عقلنا إلى الله بجناحين هما الصوم والصدقة" ونقرأ عنهما في إنجيل معلمنا متى الاصحاح. السادس.في العهد القديم كان يوجد حزقيا الملك، ورغم أن اباه كان شريرا إلا أن حزقيا لم يكن مثل أبيه بل كان يعيش بنقاوة، ويقول عنه الكتاب والتصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى وكان الرب معه وحينما كان يخرج كان ينجح (۲ مل٦:١٨-٧) قد نتذكر القديس بولس الرسول بالآية الجميلة التي ذكرها في (في١٣:٤) "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني "وكان بالتصاقة بالمسيح صار المسيح ظاهرا وهو المختص فالمسيح هو الذي يعمل كل شيء ويصنع كل شيء ويأخذ القوة منه عندما نتقدم للتناول "من يأكل جسدي ويشرب دمی يثبت في وانا فيه" (يو٥٦:٦) هذا الثبات هو الالتصاق بالرب فعندما تتقدم لهذا السر بمعرفة وبوعى وباستعداد وتوبة سوف تنال بركات هذا السر وتعيش فيه جميل أن يتناول الفرد كل يوم، ولكن هل أنت تتقدم بوعي هل تتقدم باستعداد كاف للتناول كل يوم مارس عبادتك مارس وسائط النعمة مارس الأسرار بوعي (۲) المحبة المحبة كلمة كبيرة جدا يتكلم عنها كل الناس لكن ليس كل الناس يعرفون معناها واصلها يقدم لنا الكتاب المقدس ايات كثيرة عن المحبة بل وضع لنا أصحاحا كاملاً عن المحيدبة ( ١كو ١٣) والقديس يوحنا الحبيب قديس المحبة قال عبارات كثيرة عن المحبة من ضمنها الآية التي تقول "الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه (١يو٤ :١٦) وعندما تقرأ الإنجيل لا تقراه بطريقة عابرة أريدك أن تقرأ الإنجيل وانت تتذوق كلماته وتشعر بها، اجعلها تدخل إلى اعماقك قد تهتز محبتك مع الأفكار والشائعات والأكاذيب ولكن إن كانت محبتك ثابتة فسوف يثبت في الله والله يثبت فيك، نقرأ في سفر المزامير "رفعت عيني إلى الجبال" (مز ۱:۱۲۱) والجبال دائما تعلم الإنسان الثبات فالجبل دائما ثابت في مكانه ولذلك في تاريخ كنيستنا المصرية معجزة نقل جبل المقطم والمحبة عندما تكون في قلبك حقيقية تكون كالجبل وقد أضاف الكتاب تعبيرا أقوى للمحبة وقال "المحبة قرية كالموت"( نش ٦:٨) لم يجد سليمان الحكيم تعبيرا يعبر به عن قوة المحبة سوى الموت فليس هناك اقوى من الموت عندما سألوا السيد المسيح ما هي الفضيلة العظمي في الناموس( الناموس= الوصية) فأجاب قائلاً "تحب الرب الهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل قدرتك، ومن كل فكري، وقريبك مثل نفسك " (لو ۱۰ : ۲۷)هذة هى حياة الالتصاق بالرب، ولذلك الالتصاق احد معانيه الثبات، فعن سر الزيجة يقول الكتاب "يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمراته ويكونان جسد واحد" تك٢٤:٢) وهذا معناه ثبات ورسوخ هذه العلاقة الزيجية التي ربطت بين اثنين قد تتعرض لأمواج وعواصف لكن كلما كان هذا الرباط قويا كلما صمد والمحبة الزيجية لو طرف أحب الأخر في المسيح سوف ينطبق عليه الآية التي قالها القديس يوحنا الحبيب "من يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه "(١يو ١٦:٤) ونسمع عن زيجات مباركة عاشت عشرات السنين وربنا بارك في الزوح والزوجة وبارك في أولادهما واجيالهما وذكرهما الحسن "طوبي للودعاء لأنهم يرثون الأرض (مت ٥:٥) اسمهم يرث الأرض ويعيش.نقرأ في العهد القديم عن حنة أم صموئيل. كانت عاقرا وصلت صلوات كثيرة جدا حتى أن عالي الكاهن ظن أنها إنسانة سكرانة، وعندما كلمته بدموع وأنها تطلب من الله أن يعطيها نسلاً اعطاها الله صموئيل لقد أنجبته بعد بكاء وصراع وانسحاق، وبعد أن انجبته لم تمنعه عن الله وقدمته لربنا کی يعيش في التصاق وتقول "وانا ايضا قد أعرته للرب جميع أيام حياته هو عارية للرب" ( ١صم٢٨:١) هى قدمت ابنها بمحبة خالصة من أجل أن يعيش ملتصفا بالرب.كذلك داود ويوناثان والمحبه التي كانت تربط بينهما والتي عبرت عن الصداقة القوية. ٣- الاتضاع يجب أن يلفت نظرنا شيء مهم جدا" ان السيد المسيح عندما ولد كان العالم كله أمامه لكنه لم يختر سوى مذود بسيط جدا حتى أن أول من عرفوا بخبر الميلاد كانوا الرعاة البسطاء، وهذه إشارة لنا، فالله لا يسكن إلا في بسطاء النفوس وكانها رسالة يرسلها لنا الله مع بداية تجسده وميلاده فيجب أن تعرف أن المسيح يفرح بالنفس المتضعة أما المتكبرة فقال عنها الكتاب "يقاوم الله المستكبرين، أما المتواضعون فيعطيهم نعمة "يع ٤: ٦)، والعذراء مريم قالت "أنزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين " (لو٥٢:١) نقرأ ونعيش قصصنا كثيرة عن الاتضاع و يكفي نموذج اتضاع أمنا العذراء مريم اتضاعك يجعل المسيح يسكن فيك، وبالتالي سوف تكسب الكثير وتعيش فضيلة الالتصاق بالرب، فعينه عليك من أول السنة إلى اخرها ويكون معك مثلما كان مع يوسف فكان رجلاً ناجحا ( تك٢:٣٩) قد تكون مشغولاً باستمرار سواء في عملك أو دراستك او غير ذلك ولكن يعلموننا في الدير أن نخلط أعمالنا بصلواتنا، فالحياة الديرية لدى الراهب مقسمة إلى ثلاث فترات فترة صلاة فترة القراءة وفترة عمل وصار بهذه الصورة الجميلة يدمج عمله بصلواته ومن هنا جاء تدريب الصلاة القصيرة یاربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ اللهم التفت إلى معونتي ، ياربي يسوع المسيح أسرع وأعنى وتكرر هذه الصلاة باستمرار . ٤- الطهارة من الأشياء الجميلة في كنيستنا أنها تتعامل معنا كام الأم التي تربي في كل مرة نصلى فيها القداس نجد تغييرا في القراءات وأحيانا يختار أبونا صلوات معينة ويغير القسمة حسب المناسبة والألحان تتغير لكن هناك عبارة ثابتة في كل القداسات لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يمضى وشهوته معه، وهذه هي نقطة الاتصاق بالرب وفي البعد عن العالم بكل ما فيه من شرور امنع دخول العالم إلى قلبك لا تجعل العالم يبرد محبتك اترس من أن تفقد طهارك مكتوب طوبي لانقياء القلب لأنهم يعاينون الله ( مت ٨:٥) ولذلك الطهارة أو النقاوة هى هدف حياة الإنسان كل يوم. الملك سليمان طلب سليمان الحكمة من الرب وأعطاه الله نعما كثيرة، ولكننا نجده يسقط في الخطية ويرتبط بزيجات كثيرة. فقد ابتعد عن مخافة الله وخالف الشريعة التي نهت عن الإكثار من الزيجات ومنعت الزواج من اجنبيات يقول عنه الكتاب أن نساءه أملن قلبه وراء الهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه (امل ٤:١١) وإن كان في آخر حياته قدم توبة وقال عبارته الشهيرة الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس ( جا ١١:٢) أن الخطايا التي وقع فيها سليمان كانت بلا فائدة فهي لم تحقق له أى مكسب لا داخلي ولا خارجي لقد التصق سليمان باجنبيات وفقد طهارته وفقد الالتصاق بالرب الابن الضال عندما فكر الابن الضال أن يترك بيت ابيه واعتبره سجنا وقال أنطلق إلى الحرية، يقول لنا الكتاب إنه لما أنفق كل شي حدث جوع شديد في تلك الكورة فأبتدا يحتاج فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فارسله إلى حقولة ليرعي خنازيره (لو ١٤:١٥-١٥) قد ظن أن بيت أبيه سجن، في حين أنه كان في مطلق الحرية، لقد كان معززا مكرما، يغلق عليه باب الأمان ولكنه خرج وظن أنه سينال الحرية الحقة ولكن كانت النتيجة أنه التصق بواحد من أهل تلك الكورة صاحب مزرعة الخنازير حتى طعام الخنازير لم يجد أحدا يعطيه له ولكن عندما رجع نجد اخاه الكبير معاندا ومتمرنا، يقول لابيه هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني (لو ٢٠١٥) ٥- قبول الألم يشرح لنا القديس الأنبا بولا أول السواح قبول الألم في عبارته المعروفة من يهرب من الضيقة يهرب من الله، وكان الضيقة تجعل الإنسان أكثر التصاقا بالله ولذلك إذا جات على الإنسان ضيقات معينة فهذه الضيقات تسمح أن يكون هناك صلة و ارتباط قوی بالله حنة النبية هذه الأرملة بلا شك انها تعرضت لالام كثيرة فكان هناك ألم الترمل، ولم يكن هناك رعاية ولا اهتمام بالأرامل مثل هذه الأيام لكنها عاشت في الهيكل وكانت لا تفارقه بل عاشت باصوام وطلبات كثيرة لقد كان كل إتكالها على ربنا. انثوسا والدة القديس يوحنا الذهبي الفم الذي نحتفل بتذكار نياحته في ٢٧ نوفمبر هذه الام قد تزوجت ولكنها فقدت زوجها بعد أن انجبت طفلين بنت وولد، وبعد وفاة الزوج توفيت ابنتها. ويقول لنا التاريخ أن هذه الأم كانت جميلة وبالتالي سيعرض عليها الزواج بعد ترمها ولكنها رفضت وفضلت أن تعيش لابنها وعندما كبر الابن أراد أن يترهبن، فقالت له عبارة مشهورة جدا في التاريخ يا ابني لا ترملني مرة ثانية، فاستجاب يوحنا لهذه الطلبة وبعد نياحة أمه انطلق إلى الحياة الديرية ولكن من هذه الضيقات كلها ظهر لنا القديس يوحنا الذهبي الفم ذائع الصيت في التاريخ حنة النبية تقدم لنا فضيلة الالتصاق بالرب كي نعيش فيها، فضعها أمامك كي تتمتع بها كل يوم. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
06 يونيو 2025

فضيلة الاتضاع في الحوار

في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو اثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة وعبرت عن الإيمان بفضائل فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء والالتصاق بالرب عند حنة النبية والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول (٥ - ٧) عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات (لو ٢٦:١-٣٨) وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف،واسم العذراء مريم فدخل إليها الملاك وقال سلام لك ايتها الممثلثة نعمة. الرب معك مباركة انت في النساء فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا، فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظلك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله وهوذا اليصابات نسيبك هي ايضا حبلي بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً لأنه ليس شيء غیر ممکن لدی الله فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضي من عندها الملاك والمجد لله دانما نحن جميعا وباستمرار نتكلم ونستخدم ما يسمونه بالتواصل فكيف يكون الحوار وكيف يكون الحوار متضعا وكيف أمتلك فضيلة الاتضاع في كل حوار؟ العذراء مريم امنا العذراء تلك الفتاة الصغيرة التي تعيش في الهيكل خبرتها محدودة حياتها صلاة وتسييح تخدم رعاية الكبار الموجودين في الهيكل جاء إليها الملاك وأنشأ معها حوار ،ترى ما طبيعة هذا الحوار يبدأ معها الملاك بتحية قد تكون غريبة لم يسمعها أحد من قبل، ولا حتى في الكتب المقدسة سلام لك ايتها الممتلئة نعمة الرب معك مباركة انت في النساء (لوا :۲۸) اما امنا العذراء يقول عنها الكتاب إنها اضطربت أي اندهشت . وظهر على وجهها علامات التعجب بدأ الملاك يقول لها : لا تخافی یا مریم حتى يزيل منها علامات الخوف ثم بدأ معها الحوار الهادئ حيث كان يشرح لها، وما هي إلا ان تسمع فقط دون أي اعتراض وهنا يظهر اتضاعها في الحوار.بعد ما انتهى الملاك من كلامه وسمعت مريم كل هذا الكلام بكل اهتمام سالته سؤالاً صغيرا ولكنه محير كيف يكون هذا وانا لست. أعرف رجلا (لو ٢٤:١ ) هذا السؤال تم في هدوء شديد وسلام إذا أول شيء يمكن أن نتعلمه هو الإنصات ثم الاستفهام بهدوء بدأ الملاك يشرح لها ويقول الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله (لو١ :٣٥) ثم يخبرها بحبل اليصابات هوذا اليصابات نسيبتك في أيضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا (لو١ : ٣٦) ثم بدأ يأتي لها بعبارات مطمئنة من العهد القديم، فيقول لها "ليس شيء غير ممكن الذى الله "(لوا :۳۷) ومريم في هدوئها واتضاعها في هذا الحوار الهادي تقول "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" (لو١: ۳۸) ليس في الحوار أي مجادلة ولا معاندة.كلنا نتحاور كثيراً سواء في التليفون أو البيت أو العمل فتجد على سبيل المثال الأم تعلم ابنها أو ابنتها ، والرئيس يتحاور مع مرؤوسية في العمل فهناك حوار قائم كيف تكون متضعا في الحوار الذي تصنعه كل يوم ١- ليس فيه غضب ولا صوت مرتفع. ٢- لا يقاطع أحد كلام الآخر. ٣- لا يكون فيه أي نوع من السخرية الجواب اللين يصرف الغضب (ام ١:١٥). ٤- لا تتحدث عن نفسك، فالحوار ليس فيه تمجيد للذات، فالأم عندما كانت في سن المراهقة. تختلف عن ابنتها وهي في نفسي السن، والسبب هو اختلاف الوقت والزمان حيث تغير تماما ولذلك لابد أن تفهم الجو الخاص بالموضوع الذي تتكلم فيه يقولون عن بعض لغات العالم إنها صعبة، قد لا تفهم من هو أمامك ولكن وانت تسمعها من المتحدث أمامك قد تساله هل تفهمني الا ان العذراء مريم في هذا الحوار الذي يتسم بالاتضاع كانت تنظر إلى نفسها على أنها أمة الرب أمنا العذراء تعطينا درسا في سلامة الحوار الناجح، فيكون الإنسان فيه بلا مجادلة فتجد في نهاية الحوارة وببساطة شديدة تقول للملاك هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك (لو ۳۸:۱) وامة الرب تعنى خادمة حقيرة مثلما يقول الأب الكاهن ومن فم حقارتی ای انا خدامك يارب هنا يظهر في الحوار الإيمان الواثق في قلبها ، ونجحت بالفعل في هذا الحوار. رحلة عبر الكتاب المقدس:- هيا بنا نستمتع برحلة عبر الكتاب المقدس مع بعض الحوارات الموجودة فيه العهد القديم حوار بين لوط وإبراهيم هذا الحوار بين اثنين احدهما كبير،والأخر صغير وكل منهما كان لديه رعي في الأرض الواسعة لكن الخدم تنازعوا على عيون الماء فنجد إبراهيم يبدأ يدخل في حوار متضع مع لوط وأرجوك أن تنتبه إلى هذا الحوار يقول إبراهيم لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا نحن اخوان (تك۱۳ :۸).هنا يجب أن تتذوق طبيعة هذا الاتضاع في الحوار، حينما ينزل إبراهيم ويضع نفسه في مستوى ابن أخيه لوط ويقول له إننا أخوة وتصور أيضا لو أن إبراهيم اتخذ موقفا عكسيا سوف يكبر الخلاف لذلك من المهم أنه حينما تظهر رائحة الخلاف داخل الحوار نبدا في تبسيط الحوار وتهدئة الكلام لكن إذا كان هناك عناد بين الطرفين سيخرب الحوار يقول إبراهيم إننا أخوان أنت يا لوط اختر الأول اختر عيون الماء والأرض التي تريدها. ما هذا الاتضاع ؟ وما هذه الكرامة؟ وما هذه ونسمع القصة أن لوط اختار ما يريده ولكن ماذا كانت النهاية وما شكل سدوم وعمورة؟ وإبراهيم كان خير الله في يديه زائدا جدا جدا. ٢- حوار داود و شاول شاول هو أول ملك لبني إسرائيل التي سميت المملكة المتحدة، أي (۱۲سبطا ) ولكنهم انفصلوا بعد ذلك إلى مملكتين: مملكة السامرة وتضم ١٠ أسباط ومملكة يهوذا وتضم سبطين شاول الملك الكبير وداود راع صغير ولكن داود كان أكثر براعة وشجاعة لذا كان شاول يغار می داود. وبدات الغيرة تتحول إلى نوع من النقمة ودخل شاول روح ردي فاراد ان يقتل داود وفي ذلك الوقت اتت لداود فرصة قوية جدا وهي قتل شاول يقول الكتاب ، وكان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطى رجليه وداود ورجاله كانوا جلوسا في مغابن الكهف فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هانذا ادفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك فقام داود وقطع طرف جبة شاول سرا وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على قطعة طرف جبة شاول فقال لرجاله حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب، فامد يدى إليه لانه مسيح الرب هو (اصم ٣:٢٤-٦) وبكل اتضاع بدأ داود يتكلم مع شاول ويقول له ماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك، هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت لا امد يدى إلى سيدى لانه مسيح الرب هو فانظر يا ابي انظر أيضا طرف جبتك بیدی فمن قطعی طرف جبتك وعدم قتلي اياك أعلم وانظر انه ليس في يدى شر ولا جرم ولم أخطئ إليك وأنت تصيد نفسى لتأخذها، يقضى الرب بینى وبينك وينتقم لي الرب منك، ولكن يدى لا تكون عليك، كما يقول مثل القدماء من الأشرار يخرج شر، ولكن يدى لا تكون عليك وراء من خرج ملك إسرائيل وراء من أنت مطارد وراء كلب ميت وراء برغوت واحد (اصم٩:٢٤-١٤) ما كم هذا الاتضاع يا داود؟ ناجح ومنتصر وظاهر في كل مكان ومحبوب والحق معك ومع ذلك تقول: لا أمد يدى على مسيح الرب. وبهذا الحوار الرائع المتضع نجد رد فعل شاول فيقول عنه الكتاب فلما فرغ داود من التكلم بهذا الكلام إلى شاول قال شاول أهذا صوتك يا ابني داود، ورفع شاول صوته وبكي ثم قال لداود انت أبرمني لأنك جازيتني خيرا وأنا جازيتك شرا وقد أظهرت اليوم أنك عملت بي خيرا لأن الرب قد دفعني بيدك ولم تقتلني ( اصم ١٦:٢٤-١٨) هذا يذكرني بموقف يوحنا المعمدان عندما سالوه عن السيد المسيح ويوحنا كان شخصية ذائعة الصيت ومشهورة وسط المجتمع اليهودی وله تلاميذه و مهابته، لكننا نجده يقول عن نفسه ينبغى أن ذلك يزيد والي اناانقص (يو ۲ :٣٠) من يستطيع أن يتمثل بيوحنا المعمدان ويقول مثلما قال هل ممكن أن يقولها الكاهن لأخيه الكاهن أو يقولها خادم لأخيه أو يقولها زوج لزوجته أو اب لابنه؟ إن حقائق الكتاب وروح الحق الساكن فيه يجب أن تسكن فينا، لذلك علمنا مسيحنا أنه عندما نتكلم تجعل كلامنا مملحا بملح لأن الملح هو الذي يجعل لكلامك قيمة. ٣- حوار داود ونابال وابيجايل نابال زوج ابيجایل و داود كان هاربا من شاول مع بعض من رجاله وكانوا جوعي فارسل داود في نابال يطلب منه بعض الطعام الموجود عنده على اعتبار ان نابال كان الطعام متوفرا لديه بسبب مناسبة ما، لكن كان رد فعل نابال کله کبریاء وكان يفقد حياته بسبب حماقته حتى أن اسمه على مسمى لان نابال معناه احمق، اما زوجته فكانت إنسانة حكيمة جدا، وقت ما جاه طلب داود لزوجها يقول الكتاب "فأجاب عبيد نابال داود " وقال من هو داود و من هو ابن يسي الله قد كثر اليوم العبيد الذين يقحصون كل واحد من أمام سيده أأخد خبزي وماني وذبيحى الذي ذبحت لجاري وأعطيه لقوم لا أعلم من اين هم" فتحول غلمان داود إلى طريقهم ورجعوا وجاءوا وأخبروه حسب كل هذا الكلام (اصم٢٥ : ١٠-١٢) هذا الكلام بالتأكيد موجع بالنسبة لداود، والكلام الموجع يهيج السخط( ام ١:١٥) فبدا داود يجمع الناس الذين معه لكي ينتقموا من نابال هذا التصرف كان بسبب حوار قد تتحاور أنت وجارك ولكن بكلمة من أحدكما تشعل النيران وبكلمة بسيطة ينتهي الموضوع بهدو ، فالنار لا تطفئ النار بل الماء هو الذي يطفئ النار، التواضع والهدوء والكلمة الطيبة سمعت بهذه القصة ابيجايل زوجة نابال، ولأنها كانت حكيمة اخذت تحضر خبزا وطعاما وذبائح وركبت على الدابة لتقابل رجال داود الغاضبين ثم نجدها تنزل وتسجد امام داود وتتوسل إليه أن يسمعها فيسمح لها بالحديث وتبدأ كلامها مع داود بكلمة سيدي تلاحظ أن الكلمة الأولى منك قد تكون المفتاح الذي يفتح الطريق أو يعطله ثم تبدأ تتكلم عن نفسها وتقول أمتك ای خادمتك يا لها من امراة رائعة ويمكن أن تكون أمنا العذراء قد تعلمت من حوار أبيجايل عندما قالت للملاك هوذا أنا أمة الرب، ومن الضروري أن تنتبه أن زوجها نابال قال من هو داود هذا هى قالت سيدي، أنا أمتك، وبدات تقول أصفح عن ذنب أمتك لأن الرب يصنع لسيدي بيتا امينا لأن سيدي يحارب حروب الرب ولم يوجد فيك شر كل آيامك (اصم ٢٨:٢٥) هذا الكلام كالماء الذي يطفي نار داود وينتهي القصة وتنقذ زوجها وبعد عشرة أيام يصاب نابال بأزمة صدرية يقول عنه الكتاب أن جمد قلبه في صدره من خوفه من داود وانتهت حياته وعاشت قصة ابيجايل امام داود تمثل الحوار المتضع. هل حوارك فيه الخشوع والاتضاع؟ رحلة عبر سير القديسين. ١- الأنبا بيمن من أبا البرية المباركين والمشهورين كان يطلق عليه اسم "الآب الرؤوف" الحنين جاء إليه أحد أبنائه في فترة الصوم وكان الرهبان في هذه الفترة ينقطعون من الكلام، وعندما أتى إليه وجد الباب مفتوحاً فدخل وسأله وأجاب عليه فالاخ الصغير أراد أن يعترف بشئ فقال له "اتعرف یا آبی بیمن اني كنت لا أتي إليك اليوم لأني كنت أخشى أن يكون الباب مغلقا في الصوم المقدس" كان من الممكن أن يقول له الأب بيمن فعلاً هذا التوقيت غير مناسب للكلام ونحن في فترة الصوم وياخذ الموضوع بموضوع توبيخ لكن الأب بيمن رد وقال له "إننا لم نتعلم يا ابني أن نغلق الباب المصنوع من الخشب، ولكننا تعلمنا أن نغلق باب افواهنا" لذلك يجب أن نتعلم أنه لا يصح أن يخرج من افواهنا کلام ردئ نحن لم نتعلم أن نغلق الباب في وجه إنسان لقد كان حوارا متضعا بسيطا وفي ذات الوقت حكيما ٢- القديس افراهاط:- هذا القديس من بلاد فارس ایران وقد عاش عمرا طويلا جدا في حياة البرية مثل المتوحدين وفي ذات يوم جاء إليه شخصية مهمة جدا "والى البلاد" وزاره وأتى له بهدية ولكن هذا القديس كان لا يقبل أي هدية وعندما قدم له الهدية ساله ما هذه الهدية فقال له ثوب فقال له القديس أريد أن استشيرك في موضوع ما فقال له إننى منذ ١٧ سنة عزمت أن يكون لي صديقا واحدا اخترته ليرافقني ويعيش معى، وكان هذا الصديق يعزيني ولم يخزلنى أبدا لكن جاء الخبر من بلد بعيد، وأراد أن يحل مكانه فأى الاثنين افضل فأجابة الوالي قائلاً، بالتأكيد تختار الأول الذي عاش معك ١٦ سنة. فقال له فعلاً سوف اختاره فالصديق القديم هو ثوبي الذي لازمني كل هذه السنوات الطوال فكيف استبدله بأخر. وصلت الرسالة إلى الوالي وأخذ هديته وشكر الأب ثم انصرف الخلاصة يا إخوتي انك عندما تدخل في حوار اجعل حوارك متضعا. كيف يكون الحوار متضعا؟ ١- كلمات الاحترام:- ضع دائما في حوارك كلمات الاحترام يا استاذ يا مدام با اخ فلان با دکتور لا تقل الاسم مجردا حتى صوتك اجعل فيه دائما الاحترام والوقار، ولا يكون فيه أي نوع من الاستهزاء. ٢- كلام الحب ضع في الحوار كلام الحب أو الكلمات المترادفة عندما اقول كلمة حبيبى ، فکأنی بفرش ارضية للموضوع بيني وبينه فدائما كلمات الحب تشبع عاطفة الإنسان .ذات مرة حدث خلاف بين زوح وزوجته وكانت الزوجة في عصبية شديدة وأثناء عصبيتها أعطى الله للزوج الحكمة فقال لها في وسط الغضب خدي بالك انا بحبك جدا نراه ترك الموضوع ودخل في دائرة الحب الذي كان سببا في عودة السلام وتهدئة الزوجة .عندما اتحدث مع ابني أو ابنتي اتكلم معهم بلغة الحب وكلماته ضع كلمات الحب في حوارك ولكن كل واحد بحسب الكلام الذي يناسبه. ٣- المشاركة الوجدانية كلمات المشاركة الوجدانية اجعل دائما في كلام مشاركة للآخر في عواطفة فمثلاً اسألك عندك كام طفل؟ تجيب قائلاً ثلاثة فيجب أن يكون ردي على إجابتك ربنا يخليهم وتفرح بيهم دائما هذه تعتبر من كلمات المشاركة الوجدانية. كلمات التشجيع ابنك أو ابنتك أو خادم أو كاهن كبير او صغير يقترح اقتراحا، لا يجب أن تقول له إنه لا يصلح لأن كلمات التشجيع تفجر الطاقات في الإنسان. كلمات المديح السيد المسيح عندما تقابل مع السامرية في حوار طويل قال لها ضمن الحوار "حسنا قلت". كلمات الاعتذار في حواراتنا توجد ثلاث كلمات نکررهم باستمرار "شکر ، من فضلك ، اسف أو اخطات". هناك شخص تتكلم معه إذا قال كلمة أسف ينتهي الحوار بسلام هذه الكلمات نسميها "كلمات الاعتذار" استخدمها دائما في حوارك كي يكون حلوا الاتضاع في الحوار فضيلة نتعلمها من خلال هذا الصوم ضعها في حياتك، وفى نفسك کی تستطيع أن تعيش ويظل كلامك کله مملحا بملح. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
30 مايو 2025

عيد الصعود

خريستوس أنيستى .. أﻟﻴثوس أنيستى اﻟﻤسيح قام.. باﻟﺤقيقة قام في الیوم الأربعین لقیامة السید المسیح نحتفل بعید الصعود المجید، كما احتفلنا بعید دخول المسیح إلى الھیكل في الیوم الأربعین لمیلاده وعید الصعود المجید ھو أحد الأعیاد السیدیة الكبرى، وفیه نقدم المعایدة لبعضنا البعض بعبارة یونانیة ھي μαρὰν ἀθά (ماران أثا) ومعناھا "الرب آتٍ" أو "الرب قادم" أو "الرب قریب"(1كو ۱٦: 22 ) لقد ظل السید المسیح یظھر لتلامیذه خلال الأربعین یومًا بعد قیامته ظھورات متعددة وفي أوقات مختلفة ولأعداد مختلفة (للتلامیذ بدون توما،للتلامیذ ومعھم توما، لتلمیذي عمواس، لمریم المجدلیة، لأكثر من ٥۰۰ أخ، إلخ..)، حتى كان الظھور الأخیر وھو یوم صعوده إلى السموات أرید أن أتأمل معكم في ما قبل الصعود، وما أثناء الصعود، وما بعد الصعود. قبل الصعود ( ٤٠ يومًا) ۱- كان السید المسیح یظھر لتلامیذه یشرح لھم ویثبت إیمانھم (أع ۱:1- 3) یمكننا أن نعتبرھا مجموعة دروس أو منھج أو كورس كبیر عن الأمور المختصة بملكوت السموات ولم یكن ھو فقط المتكلم، بل كانوا یسألونه وھو یرد علیھم (أع ۱: 6, 7) لقد كتب الرسل بعض الشذرات لكنھم لم یكتبوا كل ما قاله، بل سلموا كل شيء مشافھة للكنیسة من جیل إلى جیل. ۲- كل ما قاله السید المسیح شفویًا في ھذه الفترة وسلمه للكنیسة كان یختص بالسماء (أع ۱: 3) إن المعنى الرئیسي الذي ثبته السید المسیح ھو أننا نعیش على الأرض، وأقدامنا على الأرض لكن فكرنا في السماء وإن تأملنا فیما یعمله عدو الخیر معنا، نجد أنه یحاربنا لكي یحرمنا من السماء وما ھي الخطیة؟ إن الخطیة تضع حجر عثرة أمام طریقنا للسماء فكل أمور حیاتنا مرتبطة بالحیاة السماویة أو بالأمور المختصة بالملكوت. ۳- كلمھم عن انتظار موعد الآب، وھو موعد حلول الروح القدس (أع ۱: 4) وانتظروا قلیلاً،عشرة أیام فقط، إلى أن حل علیھم الروح القدس في یوم الخمسین وھو العید الذي نسمیه عید العنصرة ومن عید العنصرة انطلقت المسیحیة لكل العالم. ٤- كان یكلمھم عن الاستعداد للمجيء الثاني (أع ۱: 6, 7)لابد أن یكون في فكرنا عقیدة مجيء المسیح الثاني،وانتظاره لقد جاء السید المسیح أولاً لكي ما یخلص الإنسان ویفدیه على الصلیب، وسوف یأتي ثانیة لكنه في ھذه المرة سیأتي دیانًا عادلاً لكل العالم ھذه ھي الأمور التي كان السید المسیح یتكلم عنھا قبل الصعود، وھو ما نسمیه إعداد الفكر وكان ھذا الإعداد أمرًا ھامًا قبل إرسالھم لیكرزوا باسمه إلى الخلیقة كلھا ھذا طبعًا بالإضافة لفترة خدمته الجھاریة ثلاث سنوات أمامھم لإعدادھم من: صنع معجزات، وتقدیم أمثال وتعالیم، وعمل مقابلات مع كثیرین. يوم الصعود ۱- الصعود ثمرة من ثمرات الصلیب: حدث الصعود من فوق جبل الزیتون، لكن في الطریق مر السید المسیح وتلامیذه على بیت عنیا وعلى بستان جثسیماني وھي الأماكن التي كان لھا تاریخ في أسبوع الآلام، فالسید المسیح كان یبیت في بیت عنیا (بیت الألم أو العناء) حیث لعازر وأختاه مرثا ومریم وھا ھو السید المسیح في وسط تلامیذه على جبل الزیتون لكي یصعد إلى السماء وھو أمر مفرح، لكنه یرید أن یقول إن ھذا الصعود ھو ثمرة لبیت عنیا وبستان جثسیماني. ۲- المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع: موضوع صعود السید المسیح أمام تلامیذه فوق جبل الزیتون كان بالنسبة لھم أمرًا في غایة الإثارة، لكن المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع لذلك یقال عن المسیحیة إنه لیس لھا سقف (سقف الكمال)،لأن الإنسان یظل یتقدم في حیاته الروحیة ولا یتوقف عند خط معین ویقول وصلت لا الحیاة الروحیة مستمرة فعید الصعود یقدِّم لنا أھم اختبار وھو حالة الإنسان إنه دائمًا في حالة نمو وتقدم إن الفتور أو البرود الروحي في حیاتنا الروحیة ھو حالة من لا یستطیع أن یرتفع، وھذا ما جعل داود النبي في یوم من الأیام یقول "لَیْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِیرَ وَأَسْتَرِیحَ" (مز ٥٥: 6) الحمامة رمز للنقاء والجناح رمز للسمو والطیران والارتفاع فھو یأمل ویترجى أن یكون عنده ھذا الشكل لیمكنه من الصعود السمو والنمو الدائم. ۳- رجعوا بفرح عظیم وسجدوا: لما بدأ السید المسیح في الصعود ظھر حوله ملاكان، بدءا یشرحان للتلامیذ ما یحدث ویقدمان لھم رسالة اطمئنان، لأنھم وقتھا كانوا في حالة غریبة، ماذا سیعملون والمسیح یتركھم، وكانت لدیھم مجموعة من الأسئلة الكبیرة لكن الجمیل أنه بعد أن صعد المسیح وتركھم وقدم لھم الملائكة الشرح، یقول الكتاب: "فَسَجَدُوا لَه وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِیمَ بِفَرَحٍ عَظِیمٍ" (لو۲٤: 52) علامة للرضا أو الاكتفاء أوالشبع أو الفھم. بعد الصعود ۱- الصعود یضع أمامنا أن مسیحیتنا سماویة المسیحیة بدأت في السماء واكتملت في السماء "ھكَذَا أَحَبَّ اللهُ (في السماء) الْعَالَمَ (الأرض) حَتَّى بَذَلَ ابْنَه الْوَحِیدَ (الصلیب)، لِكَيْ لاَ یَھْلِكَ كُلُّ مَنْ یُؤْمِنُ بِه (الخدمة الكرازة)، بَلْ تَكُونُ لَه الْحَیَاةُ الأَبَدِیَّةُ (عودة إلى السماء)" (یو16:3) وھذا ما یجعلنا ككنیسة وفي تاریخھا نصِّر على معمودیة الطفل وعمره أیام ونسمیھا الولادة الجدیدة من الماء والروح، لكي یكون له العضویة السماویة وحینما نقارن المسیحیة بأي فلسفات أو مذاھب أخرى، نجد أن كل المذاھب بدأت على الأرض وترید أن ترتفع وتصل إلى السماء، أما المسیحیة فقد بدأت من السماء وأخذت رحلة الأرض لتأخذ الإنسان إلى السماء. یقول السید المسیح: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا" (یو ۱٤: 2)لأجعل لكم نصیبًا في السماء. ۲- الصعود یثبت أن المسیح ھو صاحب السماء "لَیْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي ھُوَ فِي السَّمَاءِ"(یو ۳: 13) لذلك في كل مرة نصلي ونقول: "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" ونخاطب الذي في السموات ونقول له: "لِیَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِیَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِیئَتُكَ" (مت ٦: 9, 10) تصیر ھناك ھذه العلامة المتواصلة والمستمرة بین الإنسان على الأرض والله في السماء. ۳- الصعود یؤھلنا لسكنى السماء صارت السماء غیر بعیدة عنا وھذا ھو السبب الرئیسي في أن الكنیسة تعمل حامل الأیقونات وتضع فیه قدیسین موجودین في السماء (السیدة العذراء،یوحنا المعمدان، الآباء الرسل، الشھداء، القدیسین) وكأنه الصف الأول في الكنیسة، یتطلعون من السماء علینا لكي یشجعونا حتى نصیر معھم. وھذا ما جعل بعض المفسرین یقولون إن الكنیسة مكونة من جزئین ھما في السماء الكنیسة المنتصرة،وعلى الأرض الكنیسة المجاھدة، موضحین مقدار الرابط الذي یربطنا بالسماء ھذه النقطة لابد أن تشغل فكرنا كثیرًا أن یسوع في السماء یعد لي مكانًا، وأنا دوري أن أجتھد لكي أحافظ على ھذا المكان والكنیسة ملیئة بزخم كبیر من صلوات،أصوام، جھاد، توبة، ممارسة الأسرار، تدریبات روحیة، سیر قدیسین، إلخ.، كل ھذا الكیان الروحي ھو من أجل أن أحافظ على مكاني الذي أعده لي المسیح في السماء فلا یضیع مني لذلك بدون المعمودیة "أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ"(تك ۳: 19) أما بالمعمودیة والحیاة الروحیة أنت من سماء ویمكن بجھادك أن تعود إلى سماء وھذه ھي قیمة الجھاد الروحي في الفكر الكنسي. ٤- الصعود یجعلنا ننتظر بشوق المجيء الثاني لذلك تعلمنا الكنیسة أن نتجه للشرق، ونسمع نداء الشماس في كل قداس: "أیھا الجلوس قفوا" ویقصد قفوا من الخطیة ثم یقول: "وإلى الشرق انظروا" ویقصد جددوا أشواقكم في انتظار مجيء السید المسیح. ختام بركات عيد الصعود الكثيرة تملأ حياتنا وحياة الكنيسة كلها ونقول لكل الآباء ولكل الأحباء ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤسكونة ﻛﻞ سنة وأنتم طيبين "ماران أثا". قداسة البابا تواضروس الثاني عظة عيد الصعود من كنيسة التجلي بدير الأنبا بيشوي
المزيد
23 مايو 2025

“القيامة والحواس المضيئة”

القيامة المجيدة هى أروع حدث فى تاريخ حياتنا ومسيحيتنا، فضلا عن كونها أساس إيماننا وعقيدتنا, وبالتالى فهى مصدر أفراحنا وسلامنا. والقيامة ليست تاريخا أو حدثا ومضى، بل هى حياة معاشة كل يوم ونورها يتخلل كل أنشطة حياتنا لأنها فعل مستمر وممتد عبر السنين والقرون، وهى تدشين بُعد جديد للوجود الانسانى. ولذا نحتفل بها على أربعة مستويات: كل يوم «فى صلاة باكر بالاجبية», كل اسبوع «فى يوم الاحد الذى هو يوم النور «Sunday», كل شهر قبطى فى يوم 29 من الشهر تذكار للبشارة والميلاد والقيامة», وكل سنة «فى الخماسين المقدسة التى تلى يوم عيد القيامة». والمثير للدهشة اننا فى صلاة باكر كل يوم نردد هذه القطعة الثانية حيث نقول: «عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا» النور الحقيقى.. فلتشرق فينا.. الحواس المضيئة ..والأفكار النورانية .. ولاتغطينا ظلمة الآلام… وأود أن أتوقف معكم عند عبارة «الحواس المضيئة» والتى نسبقها بمخاطبة السيد المسيح بكونه «النور الحقيقى» حيث نطلب منه أن يشرق فينا وذلك من خلال قيامته المجيدة حتى تصير لنا الحواس المضيئة. والمعروف أن الحواس نعمة من الله لجميع الكائنات الحية خاصة الانسان الذى منحه الله هذه الحواس الخمس التى هى المصدر الرئيسى للإدراك والاكتشاف والتعليم والمعرفة والفهم والشعور والاحساس وترتبط هذه الحواس الخمس مع بعضها فى عملية التواصل مع الاشياء والافراد والحياة الانسانية بمجملها. وبالطبع فهذه الحواس تقوم بعملها على المستوى المادى الأرضى وعندما تضعف أى حاسة يحتاج الانسان الى مساعدات مثل النظارة للعين أو السماعة للاذن وهكذا. ولكن نورقيامة السيد المسيح يمنح هذه الحواس امكانات أكثر لتصير مضيئة تتعدى الجانب المادى الى آفاق اكثر اتساعا وفهما لحكمة الخالق، والتعامل الايجابى مع مواقف الحياة المتعددة، وهذا ما نسميه نور العقل أو العقل المستنير بعيدا عما نسميه عمى القلب أو بلادة الاحساس وهكذا. فالحواس المضيئة مرهفة… حساسة… واعية.. تحيا عمق الانسانية وسموها كما قصده الله فيها.ونستطيع أن نرى هذه الحواس المضيئة فى مشاهد القيامة المجيدة ممثلة فى أفراد وشخصيات قدمت لنا كيف تكون حواسنا مضيئة وافكارنا نورانية كشهادات فرح حقيقية. أولا: حاسة البصر والتلاميذ: فى مساء يوم القيامة اجتمع التلاميذ بسبب الخوف من اليهود فى غرفة «عُلية» مغلقة الابواب وذلك بعد احداث الصليب المؤلمة، ولكن فجأة ظهر المسيح فى وسطهم وقال لهم: سلام لكم، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب …» (يوحنا 20 :19 ، 20). كان تلاميذ المسيح مرافقين له فى معجزاته وتعاليمه ومقابلاته وكل أحداث خدمته على الأرض والتى استغرقت ثلاث سنين وعدة أشهر.. كانوا يرونه كل يوم وعرفوه جيدا ولكن موت الصليب أصابهم بألم وهلع ورعب واحتموا ببعضهم داخل غرفة صغيرة خوفا من انتقام اليهود.. وكانت هذه «الرؤية المفرحة» عندما ظهر فى وسطهم عشية يوم القيامة ومنحهم السلام ونفخ فى وجوههم وقال لهم «اقبلوا الروح القدس» (يوحنا 20: 22). فرأت عيونهم مسيحهم القائم والمنتصر. ومن وقتها صارت لهم حاسة البصر المفرحة أى أن رؤية المسيح قلبيا هى سبب أساسى للفرح. وما الصلاة وقراءة الكتاب المقدس إلا ممارسات تعبدية نقوم بها لنرى المسيح فى قلوبنا كل يوم فتصير أبصارنا مضيئة ترى الفرح وتعيشه تشعر به دوما. ثانيا: حاسة السمع ومريم المجدلية: كانت مريم المجدلية انسانة ذات ثروة وصيت حسن ولكن ابتليت بسبعة شياطين أخرجهم منها السيد المسيح فتبعته (لوقا 8 : 2، 3) وثبتت فى تبعيتها الى المنتهى حيث كانت معه وقت الصليب (يوحنا 19 : 25) والدفن (مرقس 15 : 47) وقد شرفها المسيح القائم بحديثه معها عندما ذهبت فجر الأحد الى القبر لتواصل البكاء على مسيحها الذى تشعر بالوفاء نحوه…. ومن كثرة دموعها واحساسها الأليم لم تبصر جيدا من يحدثها وظنته البستانى الذى يعتنى بالمكان ، ولكن عندما سمعت اسمها ينطقه المسيح، انتبهت بأذن مضيئة وعرفته على الفور وقالت له :«ربونى» الذى تفسيره يامعلم (يوحنا 20 : 11ــ 18). هذه هى الأذن الجديدة التى اشرق عليها نور المسيح فصارت أكثر استجابة وحضورا وفهما صارت اذن مستنيرة تطيع الوصية فنشعر بالفرح وتنتهى الدموع مثلما كان صموئيل النبى طفلا عندما تلقى نصيحة معلمه الكاهن ليصلى قائلا: «تكلم يارب لأن عبدك سامع» (صموئيل 3: 9). وفى المقابل يشتهى الله أن يسمع أصواتنا فهى جميلة ولطيفة عنده مثلما قال لعروس النشيد: «أرينى وجهك، أسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نشيد الانشاد 2: 14). ثالثا: حاسة الشم والمريمات: جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومه إلى القبر فى فجر يوم الأحد أول الاسبوع حاملات الطيب والحنوط ليقدمن رمز الوفاء على حبيبهن المسيح الذى مات على عود الصليب (مرقس 16: 102)والحنوط مواد نباتية ذات روائح عطرية محببة للنفس تقدم كأسمى المشاعر الانسانية تذكارا وامتنانا لمن انتقل من هذه الحياة وكأنها تقول ـ الحنوط ـ إن سيرتكم كانت سامية وطاهرة ونقية ومقدسة وهذه الحنوط ترمز لذلك. وهذه عادات قديمة جدا ومازالت موجودة حيث نضع الزهور على قبور الأحباء كتعبير عن الوفاء. كانت هذه الحنوط برائحتها الجميلة فى يد المريمات رمزا لحاسة الشم الرقيقة والتى تقدم أفضل ما عندها كما فعلت مريم أخت لعازر التى قدمت «طيب ناردين خالص «نقى» كثير الثمن ودهنت قدمى يسوع ومسحت قدميه بشعرها فامتلأ البيت من رائحة الطيب» (يوحنا 12: 3). ونحن نستخدم البخور أيضا فى صلواتنا الكنسية تعبيرا عن استنارة حياتنا ورقة مشاعرنا نحو مسيحنا القدوس والتى نشتم بها رائحة القداسة والسيرة الحسنة. «لأننا رائحة المسيح الذكية» (2 كونثوس 2: 15) بعيدا عن روائح الشر والدنس والنجاسة بصفة عامة. رابعا: حاسة التذوق وبطرس الرسول: وقع بطرس الرسول فى خطية الانكار (يوحنا 18: 15- 27) أثناء أحداث الصليب، وقد نبهه السيد المسيح قبلا، ولذا «بكى بكاء مرا» (لوقا 22: 62) ويبدو أنه سقط فى صغر النفس وهو الذى كان تلميذا مقربا للمسيح عاين الكثير من معجزاته واعماله، فابتعد عن دائرة التلاميذ مفضلا العودة الى صيد السمك (مهنته الأولى) إحراجا وخجلا (لوقا 5: 1- 11) فذهب مع عدد من التلاميذ إلى بحر طبرية للصيد وهناك اصطادوا مائة وثلاثا وخمسين سمكة بعدما ظهر لهم المسيح ثم دعاهم «هلموا تغدوا» (يوحنا 21: 12)، وبعدما تغدوا وذاقوا من السمك الذى اصطاده، وكان بينهم بطرس، حيث ناداه المسيح » «يا سمعان بن يونا، اتحبنى أكثر من هؤلاء»؟ «قال له: نعم يارب أنت تعلم أنى احبك». وتكرر هذا الحوار مرتين (يوحنا 21: 15 – 18) لذا نسميه حوار الحب الذى تذوقه بطرس بعد خطيته فى ضوء القيامة المجيدة والتى اضفت نورها على حياة بطرس الرسول. فلم يكن هذا اللقاء مجرد معجزة صيد أو تناول طعام بل تذوق حب غامر ومتدفق من المسيح نحونا فى شخص التلاميذ وبطرس الرسول معهم.. وهكذا يوصينا المزمور «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب!» (مزمور 34: 8). حاسة التذوق ليس للماديات فقط وإنما أيضا تذوق الروحيات والمعانى السامية والحياة الطاهرة والسيرة الحسنة… وهكذا تكون حاسة مضيئة. خامسا: حاسة اللمس وتوما الرسول:لم يكن توما الرسول حاضرا وقت قيامة المسيح وعند ظهوره للتلاميذ مساء يوم القيامة، وحين أخبروه أنهم رأوا الرب «قال لهم: إن لم أبصر فى يديه أثر المسامير وأضع أصبعى فى أثر المسامير وأضع يدى فى جنبه لا أؤمن» (يوحنا 20: 25). ومنذ هذه الحادثة أطلق عليه «توما الشكاك»… ولكن بعد ثمانية أيام ظهر السيد المسيح القائم للتلاميذ وبينهم توما وقال له «هات أصبعك إلى هنا وأبصر يدى وهات يدك وضعها فى جنبى ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا»، أجاب توما: « ربى وإلهى» (يوحنا 20: 27، 28) وهكذا من خلال حاسة اللمس استنار وعيه واستعاد إيمانه وصرخ صرخته المدويه «ربى وإلهى» وهو الاعتراف الايمانى واللاهوتى القوى. وحسب التقليد الكنسى يمسك الكاهن والأسقف صليبا على الدوام فى الصوات والخدمات الكنسية ليتلامس مع صليب المسيح فتكون له الحواس المضيئة التى تمتد أيضا إلى تقليد قبله السلامة التى نمارسها أثناء القداس الإلهى كتعبير عن المصالحة والسلام وهكذا تجعل قيامة رب المجد حواسنا مضيئة وأفكارنا نورانية لنواجه عالمنا بالحب والرحمة والحواس الحية والعقول المستنيرة فيصير عالما أفضل وحسب قلب الله وكل عيد قيامة وجميعكم بخير. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
16 مايو 2025

“القيامة إنسانيًا”

المسيح قام بالحقيقة قام إنها تهنئة القيامة المجيدة والتى تعيد بها جميع كنائس العالم لقد خلق الله العالم فى كل نوع من النباتات والحيوانات والطيور اعدادًا كثيرة، وكذلك من الاسماك ومن الزواحف من كل شىء، اما عندما خلق آدم فقد خلقه منفرداً متفرداً متميزاً، خلقه على صورته ومثاله، ذو ضمير صالح قلب طاهرعقل متميز وهذه الثلاثة تميز الانسان عن باقى المخلوقات، وكان آدم يتمتع بالعيش فى الجنة مع حواء متمتعاً بالحضور الإلهى الدائم، ولكن بدخول الخطية عن طريق الحية حُكم على الانسان بالموت، وصار هناك احتياج انسانى للقيامة، وبتجسد السيد المسيح وموته وقيامته وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِى السَّمَاوِيَّاتِ (أفسس 2: 6) وصرنا بقيامته نتذوق السماء ونحن مازلنا على الارض وقامت فينا ما تميزت به انسانيتنا: أولاً : قيامة الضمير أى الإحساس بالآخر:- منذ بدء الخليقة والانسان يعيش الانا، يحب نفسه فوق الجميع، آدم الانسان الاول برر خطيته وقال لله الْمَرْأَةُ الَّتِى جَعَلْتَهَا مَعِى هِيَ أَعْطَتْنِى (تكوين 3: 12)، قايين قال أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِى (تكوين 4 :9)،و يعقوب سرق بكوريه اخيه، و ابشالوم اراد ان يسرق المُلك من ابيه داود، وعندما ارسل الله يونان لشعب نينوى خاف ان يتوبوا فلم يرض ان يذهب اليهم وعاند نداء الله له الى ان ولد المسيح، فاراد هيرودس الملك قتله لئلا يأخذ كرسيه وهاجمه اليهود معتقدين انه ملك ارضى، لكنه اعلن قائلا مملكتى ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 36)، وبدأ يضع تعليماً جديداً للإنسانية، ثم اراد الفريسيون والصدوقيون التخلص منه، واخيراً قام اليهود بالشكاية عليه، لانه يظهر ضعفهم وارادوا صلبه، وعندما خيروهم بين باراباس والسيد المسيح اختاروا اطلاق باراباس القاتل؟ بعد القيامة استيقظ ضمير البشرية فصارت تبحث عن المساعدة، عن العطاء، عن الخدمة، عن الفرح الحقيقى، ضمير يعلى الاخلاق، السلوك، العمل، الاجتهاد، وكما شرح بولس الرسول فى (اعمال الرسل 24 : 16 ) لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُنَفْسِى لِيَكُونَ لِى دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ وقد كتب لأهل كورونثوس قائلاً لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِيبَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِى حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِى نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَافِى الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ (2 كورنثوس 1: 12) لقد كان السيد المسيح محاطاً بأشخاص يخافون فقط على مراكزهم امثال بيلاطس البنطى ورؤساء الكهنة، والشعب الصارخ اصلبه اصلبه، والتلاميذ الهاربين، والتلميذ الذى انكره وغيرهم اما بعد القيامة اختفت الأنا وظهر الاحساس بالآخر فصارت المجدلية تبشر وبطرس الرسول يُعلم وتلميذ آخر يستضيف السيدة العذراء فى بيته وشعب يضع كل امواله عند اقدام الرسل والمثال العملى هو مريم المجدلية وسُميت بالمجدلية نسبة الى موطنها الاصلى فى المجدل على الساحل الغربى لبحر الجليل، على بعد ثلاثة أميال الى الشمال من طبرية ومجدل معناها فى اليونانية برج مراقبة كانت بعيدة، مُتعبة مما أصابها، اخرج الرب منها سبعة شياطين وشفاها، ومن تلك اللحظة تبعته من الجليل وشاهدت حادثة الصلب، وكانت واقفة عند الصليب حتى النهاية، الى ان رأت مكان القبر، كل هذا من بعيد! أما بعد القيامة تغير الوضع، كل التلاميذ كانوا خائفين أما هى وفى فجر الاحد باكراً جداً ذهبت إليه حاملة حنوطاً، لذا استحقت ان تكون أول من رأى الرب القائم، وقد صارت أول كارزة بالقيامة ونقلت الخبر الى التلاميذ والرسل مريم المجدلية كانت تحتاج الله فى حياتها، كانت تعيش الظلمة وبعد القيامة لم تصبح فقط تعيش فى النور بل ايضاً تكرز به، لقد استيقظ ضميرها بعد ان كان غائباً أو نائماً إن قيامة الضمير تعنى الاحساس بالآخر فى صور متنوعة منها ضمير العمل الضمير الذى لايتأثر بالمصالح، الذى يُعلى العام على الخاص،وهو الضمير الذى يجعل الشعوب تتقدم وتحترم الانسان كيفما يكون ضمير السلوك الضمير الذى لا يتأثر بالشهوة بل انسان لديه سلوك مستقيم، يميز بين الابيض والاسود – واضح و لايسير فى الرمادى – يسلك بخوف الله مع كل أحد يتعامل معه ضمير الخير الرحمة والشفقة هى احد اصوات قيامة الضمير، ان تشعر بأخيك، بجارك، بزميلك فى العمل، حتى بالآخر الذى لاتعرفه، وبقيامة المسيح صرنا نرفع شعار «مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ» (يعقوب4: 17). ثانياً قيامة القلب اتساع القلب بالحب للكل:- كل انسان لا يحمل الله فى قلبه، يكون قلبه ميتا، ليس فيه حياة لأن الله قال عن نفسه «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يوحنا 14 : 6)، وكل قلب بداخله الله يعيش السماء على الارض الانسانية بقيامة الرب يسوع اصبح لديها مفهوم تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ (متى22: 39) تبعاً لوصية السيد المسيح. وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا (يو 13: 34) لانه مكتوب، هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (يوحنا 3: 16)هكذا صار مفهوم المحبة هو البذل والعطاء والغفران مفهوم جديد على البشرية، لان الخطية كانت قد اخفت هذا المفهوم اذ دخلت الخطية الى العالم ودنست خليقة الله وصار الانسان فى حاجة لمن يقيمه، جاء الله متجسداً ليقيمنا من موت الخطية ليثبت لك يومياً ان حياتك ثمينة جداً عنده عَالِمِينَ هذَا: «أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ» (رومية 6: 6) والمثال العملى هو بطرس الرسول قبل الصلب كان سمعان بطرس من بيت صيدا عاش فى كفر ناحوم متزوج ويعيش من مهنة الصيد، عاش لمدة 3 سنوات تلميذ السيد المسيح،شخصية مندفعة، احياناً يرى نفسه الافضل وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ”(متى26: 33)، قال لا يمكن ان انكرك، لكنه قبل ان يصيح الديك مرتين انكر الرب يسوع ثلاث مرات وقت الصليب (متى 26: 75) أما بعد القيامة خجل من السيد المسيح خاصة حين سأله اتحبنى؟ فكانت إجابته أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّى أُحِبُّكَ (يوحنا 21: 17) (عرف حجم نفسه، عرف احتياجه الحقيقى ) ثم وفى عظة واحدة كسب ثلاثة آلاف نفس (اعمال الرسل 2) وعملياً حين دخل الهيكل ورأى على باب الهيكل رجل اعرج من بطن امه جلس يستعطى، فنظر إليه وقال له لَيْسَ لِى فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِى لِى فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ! فقام ومشى (أعمال الرسل 3: 6) العطاء الحقيقى هو محبة ومساعدة وقبول الآخر مهما يكن ونحن سفراء القيامة مطلوب منا أن نحيا باتساع القلب والذى يعنى الغفران نقول فى صلواتنا اليومية وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا (مت 6: 12) وتصير طبيعة فينا اننا نغفر للمذنبين الينا القبول نقبل الآخر مهما يكن مختلفا، يونان النبى لم يقبل ان اهل نينوى يتوبون ويعودون الى الله ولكن الله قبل الجميع المحبة الأب فى مثل الابن الضال (لوقا 15 ) مثال رائع على تقديم المحبة، كماوصفها الكتاب المقدس “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا (1 كورونثوس 13: 8) الله حينما اراد ان يصف نفسه كان وصفه اَللهُ مَحَبَّةٌ (1 يوحنا 4: 16). ثالثاً قيامة العقل الرؤية الايجابية للأمور:- خلق الله الانسان بعقل مستنير مميز لما حوله، ادم باكورة الخليقة استطاع ان يعطى اسماء لجميع الحيوانات وهذا ابداع، لأنه يبتكر اسماء غير موجودة فى اللغة، لكن حواء دخلت فى حوار مع الحية لتقنعها ان الله اعطاها كل شىء، وفى لحظه فكرت واقتنعت ان تصير مساوية هى وآدم لله، وفى هذه اللحظة اظلم عقلهم بكلمات الحية وسقطوا فى الخطية وفقدوا الاستنارة وخلال رحلة البشرية نجد كثيرين ابتعدوا عن الله بسبب عقولهم المظلمة، ففكر البشر فى بناء برج بابل ليتحدوا الله ظناً منهم انهم يقدرون ثم جاء السيد المسيح ونادى مَنْ يَتْبَعْنِى فَلاَ يَمْشِى فِى الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ (يوحنا8: 12) وبقيامته اعطانا الله رؤية جديدة للحياة، رؤية ايجابية للاحداث ، لقد اوصانا بولس الرسول: وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ (رومية 12: 2) وقصة تلميذى عمواس شاهدة على قيامة العقل لقد سار تلميذان الى قرية عمواس التى تبعد قليلاً عن أورشليم وكانوا يتناقشوا فيما بينهم حول ما حدث فى اورشليم يوم القيامة، وظهر لهم السيد المسيح وقصوا عليه ما سمعوه عن هذا الانسان النبى المقتدر فى الفعل والقول امام الله وجميع الناس وكيف صلب ومات وكيف شهد تلاميذه والمريمات انه قام وان القبر فارغ فَقَالَ لَهُمَا «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِى الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ!أَمَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِن ْجَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِى جَمِيعِ الْكُتُبِ” ( لوقا 24 : 25-27) كان اليهود لهم النظرة الضيقة للخلاص، يعتبرون ان الخلاص لليهود فقط ينتظرون مخلصا ارضيا من الاستعمار الرومانى، وبصلب المسيح وقيامته تغيرت كل المفاهيم، فى هذا الحوار ظهر لهم مفهوم جديد لكلام التوراة، مفهوم مختلف عن الخلاص، استنارت عيونهم بالقيامة انه بقيامته حول عقولنا من السلبية المظلمة الى الايجابية المستنيرة محول للمواقف كسب المرأة السامرية عندما اعترفت بالحقيقة وقال لها «بالصدق اجبتي» (يوحنا 4)، وفى موقف معجزة اشباع الجموع “فَابْتَدَأَ النَّهَارُيَمِيلُ فَتَقَدَّمَ الاثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَامًا، لأَنَّنَا ههُنَا فِى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ» (لوقا 9: 12) لكن الرب يسوع حول هذا الموقف العصيب الى بركة من خمس خبزات وسمكتين لإشباع الآلاف يمكنك ان تستخدم المواقف الصعبة وتحولها لنجاح، تستطيع ان تكون اقوى من خلال كل ضيقة، عندما يكون لك فكر المسيح الايجابى مبادر للعمل بدلاً من ان تلعن الظلام اضىء شمعة نحن لا نشابه العالم فى التفكير بل نبحث عن ماذا نستطيع ان نقدم للانسانية، قد رأيت انُاساً انشغلوا بالسلبيات فلم يحققوا تقدماً بل انهم حاولوا ان يُعيقوا المتقدمين، وانت اين من هؤلاء واولئك؟، هل ننشغل بما حولنا ام نتقدم للعمل؟ يبنى ولا يهدم تفكيرك الكثير فى الضيقة والمتاعب يفقدك حياتك، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ (رومية 8: 28) لذلك ابنى ثقة مع الآخرين ابنى جسور محبة ابنى اعمال للوطن هكذا يكون انسان القيامة الجديد صاحب ضمير صالح وقلب طاهر وعقل مستنير وهكذا تكون قيامة الانسان لقد قام ليمنحنا هذه القوة الجديدة لحياتنا الانسانية. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
09 مايو 2025

“عين إيجابية للحياة”

المسيح قام بالحقيقة قام ، نحتفل كل عام بقيامة السيد المسيح وننظر الى أحداث القيامة لنتعلم منها لحياتنا على الارض،وعندما ننظر الى الاحداث فان كل منا له نظره مختلفة عن الاخر أنها العين التى تنظر العين ذلك العضو الصغير الذى خلقة الله فى وجه الأنسان ، خلق عينان لكى تكون نظرة الانسان متكاملة بلا نقص ، خلقها فى الوجه وليس فى الخلف لكى ينظر الى الأمام والمستقبل وليس الخلف أو الماضى ، خلقها متحركة لكى يكون للانسان منظور واسع فى الرؤية، ويتوقف أستخدام الانسان لهذا العضو الحى على قدرته و نظرته القيامة تمنح الانسان عين أيجابية للحياة فى ثلاثة أبعاد: 1- نظرة واقعية :- منذ وجدت الإنسانية وجدت الكثير من العقبات والتحديات ، فهذة هى قوانين الحياة ، فليس غريبا أن نفقد أحد الاحباء ، أو أن ننتقل من مكان لمكان طلبا لرزق، أو أن نمرض، أو أن نحزن، وليس غريب أن يصادفنا عقبات خلال مسيرتنا في الحياة، وهنا يأتى دورنا فى أختيار النظر بأيجابية ، هذة النظرة التى تحض على التركيز فى نصف الكوب الممتلئ ، التى تلون يومك بألوان مبهجة والتى تلقى المزيد من الضوء البناء فى كافة المواقف الصعبة ، نجد معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل كولوسي (كولُوسِّي 2:8 )يقول “اُنْظُرُوا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ” وهو يوجه النظر إلى أن مقياسنا هومقياس المسيح ، فى الفرح فى المحبة فى التسامح، فى النظر للامور المختلفة فى الحياة الكتاب المقدس يقول فرح التلاميذ أذ روا الرب (يوحنا20:20) وكان هذا بعد القيامة ، وقد فرحوا لا لانه قد طمأنهم على مستقبلهم أو حياتهم العمليه ، أو لانه سوف يعود فيعيش معهم على الأرض ، هو لم يكلم أندراوس على الرجوع للصيد والمكسب منه، ولم يكلم بطرس عن السعادة الزوجيه ومستقبل أولاده ولم يكلم التلاميذ عن مستقبل مادى لكنهم راؤه ففرحوا ، أنها الايجابية فى الحياة ورؤية الامور بأيجابية فى الحياة. 2- نظرة متكاملة :- قد يعيش الانسان يومه وينظر الى عمله، دخله ، مستواه المعيشى، ويشعر بالقلق على أبناؤه ، و يفتقد اللحظة الحالية بجمالها، ويتمسك بالسلبية التي تجعله يبحر أكثر بالهموم والخوف ، وتبعده عن إيجاد الحلول ، فتجذب كل سلبي لحياته دون الشعور بخطورة ذلك، ولكن ان وضعت الله فى حياتك وبدأت بالامل، بالاجتهاد ، بالطموح من أجل الغد ، تجد الصعب يتحول الى نجاح ، فى وسط الضيق الشديد يظهر الله فى الوسط فتتغير الطرق ، مثلما ظهر للثلاثة فتية فى أتون النور فتغيرت حسابات الكل نجد النظرة المتكاملة فى الصليب ، فمن يرى الصلب والموت والالم يحزن، يشعر بكم من الضيق والالم ويعتبرها نهاية القصة ولكنها نهاية مؤلمة ، ولكن انتظر ثلاثة أيام وسيقوم المسيح من الاموات نحتاج فى حياتنا الى هذة النظرة ، فى الدراسة، فى العمل، فى مجمل الحياة ، حتى نقتنى نظرة متكامله مستقبلية . ومثال عملى لذلك : قد ينظر الناس الى العاصمة الادارية قائلين” كيف يتم صرف كل هذة الاموال على مجرد مبانى؟ كيف نحشد جهودنا فى صحراء ورمال ، مع أن الرؤية الواقعية و المتكامله هى أن العاصمة الادارية هى مستقبل مصر المشرق . 3- نظرة انسانية :- خلال طريق الالام قابل السيد المسيح وهو فى طريقه يحمل صليبة فيرونيكا وهى فتاة كانت تبكى من شدة الحزن عليه واعطته منديل ليمسح الدم المتساقط من أكليل الشوك ، لوكنت واقفا فى هذا المشهد قد تستصغر عطيتها أو تستحقرها أمام هذا الالم المروع ، أما المسيح فقد طبع وجهه على المنديل، ليصير منديلها هو الوحيد فى العالم المطبوع عليه وجهه ، وبذلك رد لها رحمتها الكتاب المقدس يقول “لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ” (مز89:2) أن عالمنا اليوم يحتاج العين الانسانية ، بعد أن تقست قلوب البشر ، وضاعت الرحمة وسط عالم مملؤء بالكذب ، نحتاج أن نشعر بمن حولنا ونقدم يد المساعدة مهما كانت بسيطة وعلى مر العصور تتكرر نظرة ورؤية الانسان لنفسه ، فبنى الانسان برج بابل ظنا منه أنه بهذا البرج لن يستطيع الله محوه من الارض ، فلا يهلك مرتين ، وهى نظرة سلبيه غير حقيقية ، ثم يبنى أسوار حول مدينته ليحصن نفسه مثلما فعل شعب أريحا ، فتنهدم الأسوار بمجرد الالتفاف حولها سبع مرات ، ثم يذبح هيرودس اطفال بيت لحم لكى يحافظ على كرسية ولا ينجح ، … هكذا فكر الانسان وهكذا رأى حياته ونرى هذا جلياً من خلال شخصيات وأحداث الصليب والقيامة ، فنجد أمثلة لأفراد نظروا نظرات ايجابية وسلبية لنفس الحدث منها : يهوذا الاسخريوطى ويوحنا الحبيب: هما تلميذان للسيد المسيح قضوا معه ثلاث سنوات فكانوا شهودا على أحداث حياته ومعجزاته وتعاليمه ، كانوا ملاصقين له ولكن كانت لديهم عيون مختلفة ، اذ رأه يوحنا الحبيب كسيد ومعلم ورب ، ترك كل شئ وتبعه ، علم أنه هو المسيا المنتظر وكانت متعته هى ان يسند رأسه على صدر معلمه ، أما يهوذا فنظر إلى معلمه كأنه كنز من المال ، كان مسؤول الصندوق ويقيم كل أنسان بحسب كم سيعطيه ، لذا كانت له نظره مادية للامور ، وفى يوم تسليم السيد المسيح لليهود ، قيم يهوذا سيده بثلاثين من الفضة أما يوحنا فذهب معه حتى داخل المحاكمات ولم يتركه والنتيجة ظهرت على الصليب اذ أَمن المسيح أمه عند يوحنا الحبيب، أما يهوذا فذهب وشنق نفسه . اللصين الشمال واليمين : انهم لصوص أستحقوا ان يحكم عليهم بالموت على خشبه بحسب الشريعة اليهودية وصلب واحد عن يمين المسيح وأخر عن شماله .. لم يقابلوه من قبل ، لم يعيشوا معه أو يعرفوه ، أما عن نظراتهم فكانت مختلفه تماما ، اللص الشمال كان يسخر منه ويجدف عليه ووصل حتى انه لعنه و قال “وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»” (لو23: 39) أما اللص اليمين كانت له نظره أخرى ” فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ».(لوقا 23: 40) نفس الموقف ونفس الاشخاص ونفس الاحداث ولكن لكل منهم نظرة خاصة ، وبحسب نظرته تأتى أفعله ، أحدهم تهكم لعن جدف ، أستصغر المسيح، أما الاخر فرأى نفسه مذنبا ، مصلوب عن أستحقاق، لكن بجانب رب وسيد الكون، لذا فتح فمه قائلا للمسيح : «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» أما النتيجه فكانت فى أجابة السيد المسيح على اللص اليمين اذ اجابه قائلا “ «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».(لوقا 23: 43) فكسب الدخول الى الفردوس لانه نظر وراى الحق أما الاخر فحوكم عن أستحقاق ونال العذاب الارضى والابدى . بيلاطس الوالي وزوجته : توجه رؤساء الكهنه والكتبه بالمسيح الى بيلاطس ليشتكوا عليه وكانوا يحاولون الصاق كمية من التهم عليه “فوقف يسوع أمام الوالي فساله الوالي قائلا اانت ملك اليهود فقال له يسوع أنت تقول و بينما كان رؤساء الكهنة و الشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء”( مت 27 :12) وسمع بيلاطس الشكوى وسمع كلام المسيح وكان يجب ان يتخذ القرار انه برئ او مذنب ، وهنا تدخلت زوجته مت 27 :19 “و إذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت إليه امراته قائلة اياك و ذلك البار لأني تالمت اليوم كثيرا في حلم من اجله” هى تراه بار وبرئ ، واليهود يرونه مذنب ومجدف ،أما بيلاطس فلم يرى سوى كرسيه ، ولكى يستمر على كرسيه ولكى يكسب اليهود كان قراره “مت 27 :26 حينئذ اطلق لهم باراباس (اللص) و اما يسوع فجلده و اسلمه ليصلب” توما الرسول ومريم المجدلية : بعد الصلب كان سبت وكانت عاده اليهود أن يستريحوا فيه ، وفى فجر الاحد أنطلقت النسوة حاملات الطيب ليكفن الجسد ولكنهم وجدوا القبر فارغا وظهر لهن ملاكان وقالا “لماذا تطلبن الحى بين الاموات؟” وحزنت مريم المجدلية “فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». كان موقف عظيم ، لم تكن تتوقع أنه قام وأن حزنها سيتحول الى فرح ، حينئذ ” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.” ومن مجرد ندائه لها أمنت أن معلمها ومسيحها قد قام ، أما توما فقد سمع من المريمات أن المسيح قد قام ثم عند عودة تلميذى عمواس سمع كيف ظهر لهم المسيح مفسرا وشارحا كيف ينبغى له أن يتألم ويصلب وفى اليوم الثالث يقوم ولكنه لم يؤمن اذ قال : «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ».( يوحنا 20: 25) “وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ (من القيامة )كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!».ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».28 أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!».(يوحنا 20: 26) نفس النداء على لسان مريم المجدليه وتوما الرسول لكن مريم أمنت من مجرد سماع أسمها أما توما فلم يؤمن الا بعد أن وضع يده فى أثر الحربة والمسمار جميعنا لنا هذة النظرة منا من ينظر بأيجابية أو بسلبية ، ومنا من ينظر نظرة متكاملة أو ناقصة ، ومنا من يحول كل السلبيات الى ايجابيات أما السيد المسيح بالقيامة أشرق علينا بنوره وحول ظلمتنا الى نور وحول عيوننا من الارض إلى السماء ، وحول قلوبنا من أشتهاء الارضيات إلى أشتهاء السماويات ، وأصبح لنا النظرة الايجابية المتكاملة ، وليست نظرة الخوف أو القلق أو السلبية اننا نعيش أفراح القيامة ونطلب من الله أن يعطينا عين أيجابية للحياة. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل