البابا تواضروس الثاني

Large image

البابا الأنبا تواضروس الثاني (4 نوفمبر 1952 -)، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ال118. وُلِد باسم وجيه صبحي باقي سليمان بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، ووالده كان يعمل مهندس مساحة، وتنقلت الأسرة في المعيشة ما بين المنصورة و سوهاج و دمنهور.

في 4 نوفمبر 2012، تم اختياره عن طريق القرعه الهيكلية ليكون بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 118[1].

م ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث هو وأربعة آخرين هم الأنبا رافائيل ، القمص رافائيل أفامينا ، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.[2] ،فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني 118 يوم الأحد 4 نوفمبر 2012 م

رؤيته لمستقبل الكنيسة يقول الأنبا تواضروس "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هي التي سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر".

ويُطالب الأنبا تواضروس بإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس بالمهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة في الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، مُعتبرا أن إقامة قنوات للحوار مع الشباب أمر ضروري، وكذلك يدعو المسيحيين إلى الاندماج في المجتمع من خلال التعليم ووسائل الإعلام.

وقد حصل الأنبا تواضروس على تزكيات من الأنبا دميان أسقف عام ألمانيا والأنبا سوريال أسقف ملبورن، والأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا ، والأنبا باخوم أسقف سوهاج، والأنبا اندراوس أسقف أبوتيج والانبا رفائيل الاسقف العام.

تم تجليسه كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية في قداس الأحد 18 نوفمبر 2012 برئاسة القائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وباشتراك كافة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية و مشاركة وفود من كل الكنائس في مصر والعالم.

المقالات (179)

14 يونيو 2024

"أعظم قوة"

من الكلمات المبھرة في الحیاة الإنسانیة كلمة "القوة" وھي كلمة واسعة المعاني وعدیدة الأبعاد والمجالات فھناك قوة العلم والمعرفة والمعلومات وھناك قوة المال والثروة والكنوزوھناك قوة البدن والصحة والعضلات وھناك قوة الفكر والأدب والفلسفات وھناك قوة النسك والزھد والتقشف وھناك قوة السیطرة والاستحواذ والتحكم وغیر ذلك كثیر ونوعیات ربما یصعب حصرھا وذات يوم تساءلت ما ﻫﻲ أعظم قوة ﻓﻲ حياة الفرد؟!أو حياة اﻟﻤجتمع؟!أو حياة الشعوب وشغلني السؤال وأنا أقرأ في كتب التاریخ وقصص الزمان، ووجدت أن كل أنواع "القوة" تظھر على مسرح الزمان وتستمر وقتًا ثم تنتھي وھكذا كانت الممالك والإمبراطوریات الكبیرة والجیوش العتیدة وھكذا كان الملوك والأباطرة والطغاة، ومن كان دكتاتورًا في زمنه وانقضى ومن كان متمیزًا ومشھورًا في جیله وانتھى ومن صار علامة في حیاة البشر إیجابًا أو سلبًا حتى أن سلیمان الحكیم یقول في سفر الجامعة "بَاطِلُ الأَبَاطِیلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِه الَّذِي یَتْعَبُه تَحْتَ الشَّمْسِ؟" ( ۱: ۲ ،3) ویظل التساؤل: ما ھي أعظم قوة في حیاة الإنسان؟ وما ھي ھذه القوة التي تحمي الإنسان من السقوط في الخطأ؟! إنھا قوة "الغفران" التي ینالھا الإنسان من لله،وھي قوة "التسامح" أو المسامحة التي یقدمھاالإنسان لأخیه الإنسان وقبیل صعود السید المسیح إلى السماء بعد قیامته ظل أربعین یومًا یظھر لتلامیذه قائلاً: "ھكَذَا كَانَ یَنْبَغِي أنَّ الْمَسِیحَ یَتَألَمَّ وَیَقوُمُ مِنَ الأمَوَاتِ فيِ الْیَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ یُكْرَزَ بِاسْمِه بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَایَا لِجَمِیعِ الأُمَمِ" (لو ۲٤: 46،47) أمام الخطایا یظھر إله الغفران: "إِله رَحِیمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِیرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِیَةِ وَالْخَطِیَّةِ وَلكِنَّه لَنْ یُبْرِئَ إِبْرَاءً" حتى أن موسى النبي یصلي ویقول "إِنَّه شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ وَاغْفِرْ إِثْمَنَا وَخَطِیَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكًا"(خروج ۳: 6-9)إن الإنسان یعیش في عالم ملئ بالجروح والمشاعر السلبیة والإساءات التي تصیبه من الآخرین، وتكون النتیجة ھي إصابته بمشاعر المرارة والغضب والقلق والخوف والظلم والاكتئاب والانتقام وكل ھذه الجروح والمواقف تسبب له حالة إحباط نفسي یختلف من وقت لآخر وھذا یؤثر على جسده ونفسه وروحه وبالتالي على سلوكیاته وتصرفاته سواء في البیت أو الكنیسة أو المجتمع وتنشأ عنده حالات الكراھیة والیأس والانطواء وغیاب الفرح مع أعراض أخرى مدمرة قاسیة ولا یجدي مع ذلك النسیان أوالإنكار أو الابتعاد ویقف الإنسان حائرًا ماذا یفعل؟! ولیس ھناك علاج أو مخرج من ھذه الحالة إلا بالغفران والمسامحة إن قوة التسامح ھي المنقذالوحید للخروج من ھذه المشاعر السلبیة التي شعرت فیھا النفس بالإیذاء النفسي العمیق ومعروف أن الشریعة في العھد القدیم لا تقتصرعلى وضع حد للانتقام "عَیْنًا بِعَیْنٍ" (خروج ۲۱: 23) ولكنھا أیضًا تنھي عن بغض الأخ لأخیه، كما تحرم الانتقام والحقد نحو القریب (لاویین ۱۹: ۱۸-۱۷) وقد تأمل ابن سیراخ الحكیم في ھذه التشریعات واكتشف الرابطة التي تربط بین غفران الإنسان لأخیه وبین الغفران الذي یلتمسه الإنسان من لله: "اِغْفِرْلِقَرِیبِكَ ظُلْمَه لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَایَاكَ"(سیراخ ۲۸: 2) والقاعدة واضحة جدًا أمام الإنسان؛ أن الله لا یمكن أن یغفر لمن لا یغفر لأخیه ومن أھمیة ذلك أن السید المسیح وضع ھذه القاعدة في الصلاة الربانیة التي نرددھا كل یوم حتى لا ننساھا إن مسامحة أخیك شرط طلب الغفران الإلھي (لوقا ۱۱: 4٤؛ متى ۱۸: 23) ولذا نجد السید المسیح یفرض على بطرس الرسول ألا یمل من الغفران (متى ۱۸ )، ونقرأ أن إستفانوس الشماس الأول مات وھو یغفر لراجمیه (أعمال ۷ :10) لأن الذي "یحب" علیه أن یعي أن ھناك فعلین یعملھما: أن یسامح وأن ینسى أیة إساءة إن الإنسان المسیحي یجب أن یغفر دائمًا ویغفربدافع المحبة أسوة بالمسیح (كولوسي ۳: 13) ولا یقاوم الشر إلا بالخیر (رومیة ۱۲: ۲۱ ) إن السید المسیح لم یدعو الخطاة إلى التوبة والإیمان فقط، بل أعلن أنه لم یأتِ إلا لیشفي ویغفرإن مقابلة الخیر بالخیر ھو عمل إنساني، ومقابلة الخیر بالشر ھوعمل شیطاني، أما مقابلة الشر بالخیر فھو عمل إلھي فالغفران عمل صعب على البشر لأنه لیس من طبیعتھم، ولكنه یحتاج قوة إلھیة خاصة نابعة من المحبة التي سكبھا لله في قلب الإنسان المسیحي (رومیة ٥:5)،وبھا یغفر ویسامح ویغسل قلبه ونفسه من الإساءة ومن المرارة، ولذا نصلي یومیًا "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحْشَائِي" (مزمور ٥۰) یا صدیقي: أن تسامح الإنسان الآخر الذي أساء إلیك ھو قرارك بإرادتك ورغبتك واختیارك ولكن اعلم أن مكسبك كبیر للغایة وھو الحصول على قدر أكبر من الرحمة الإلھیة والشفاء الداخلي الذي تحتاجه في حیاتك الحاضرة والآتیة أیضًا كما نصلي في مدیحة الصوم الكبیر طوبى للرحما على المساكین فإن الرحمة تحل علیھم والمسیح یرحمھم في یوم الدین ویحل بروح قدسه فیھم والمساكین ھنا لیس فقط فقراء المال والعوز ولكن أصحاب الشخصیة الفقیرة في السلوك والتصرف والأدب والأخلاق والمعاملة. لتكن صلاتك: أعطني یارب طاقة تسامح وغفران لكل من أساء إليَّ املأ قلبي بمحبتك فأستطیع أن أحب حتى الذین أساءوا إليَّ في مشوارحیاتي لا تدعني أحمل ضغینة ضد أي أحد علمني أن أسامح وأن أغفر وأن أحب رغم الضعف والفكر والمیول القلبیة الشریرة التي تحاربني وتبعدني عن طاعة وصیتك الغالیة "اِغْفِرُوا یُغْفَرْ لَكُمْ" (لوقا ٦: 37) أوعدك یارب أن أبدأ صفحة جدیدة كلھا تسامح وغفران وتوبة وحیاة نقیة أطلب فیھا نعمتك وروحك القدوس مرشدًا ومعینًا لحیاتي آمین. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 يونيو 2024

معونة للمساكين

اﻟﻤساكين ثلاثة أنواع: ۱- مساكین بالروح: "طُوبَى لِلْمَسَاكِینِ بِالرُّوحِ،لأَنَّ لَھُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت ٥: 3) المسكین بالروح ھو الإنسان الذي یعیش في اتضاع ووداعة ونقاوة. یعیش على الأرض لكن یخاف على نصیبه في السماء، لذلك حیاته على الأرض تكون مستقیمة وصحیحة. وإن سقط أو ارتكب أیة خطیة یتوب سریعًا لیكمل مشواره بطریقة صحیحة.والمساكین بالروح یعیشون في مخافة الله على الدوام. مثال لھم أمنا العذراء مریم التي قالت: "لأَنَّه نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِه" (لو ۱: ٤۸ )، وھي التي اختارھا الله لنقاوتھا الفائقة لیتجسد منھا ویولد، وصارت ھي فخر جنسنا. ۲- مساكین الاحتیاج: الكل لھم احتیاجات متعددة، وأحیانًا من لا یجد احتیاجه یقع في الخطأ یقول السید المسیح: "تَعَالَوْا یَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِیسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَیْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِیبًا فَآوَیْتُمُونِي. عُرْیَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِیضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَیْتُمْ إِلَيَّ" (مت ۲٥ :34 -36)،ھنا ذكر ٦ احتیاجات. وفي الصوم الكبیر نردد مدیحة "طوبى للرحماء على المساكین"، فأنت في كل مرة تخدم إنسانًا صاحب احتیاج أنت تخدم المسیح مباشرةً. ۳- مساكین لا یعرفون الله: ھؤلاء حملوا الجھل في قلوبھم ولم یعرفوا طریق الرب. وأي إنسان لا یعرف الله ھو إنسان جاھل ومسكین ویستحق الشفقة لأنه لا یعرف الله صاحب الخیرات والنعم. طلب الله منا أن نهتم باﻟﻤساكين:- "طُوبَى لِلَّذِي یَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِینِ. فِي یَوْمِ الشَّرِّ یُنَجِّیه الرَّبُّ. الرَّبُّ یَحْفَظُهٌ وَیُحْیِیه. یَغْتَبِطُ فِي الأرَضِ، وَلا یُسَلمِّهٌ إلِىَ مَرَامِ أعَدَائِه الرَّبُّ یَعْضُدُه وَھُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ" (مز ٤۱: 1-3) "مَنْ یَحْتَقرِ قرَیبَهُ یخُطِئُ، وَمَنْ یَرْحَم المْسَاكِینَ فَطُوبَى لَهُ" (أم ۱٤: 21) "مَنْ یَسُدُّ أذُنَیْه عَنْ صُرَاخِ المْسْكِینِ، فھَوُ أیَضًا یَصْرُخُ وَلاَ یُسْتَجَابُ" (أم ۲۱: 13) مساكين ذكروا ﻓﻲ الكتاب المقدس: داود النبي قبل أن یكون ملكًا في بعض الأوقات كان مسكینًا لا یجد طعامًا له ولا لمن حوله ویرسل یطلب من نابال. وإرمیاء النبي أیضًا كان مسكینًا وحمل في جسده وقلبه آلام شعبه. وأیوب بعد أن ضُرب كان مسكینًا. بل بولس الرسول یقول عن السید المسیح نفسه: "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا یَسُوعَ المْسِیحِ، أنَّهُ مِنْ أجَلكِم افْتَقرَ وَھُوَ غَنيِّ، لكِيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ" ( ۲كو8 :9) الفقراء الفقیر ھو الفقیر فعلاً الذي تضیق به الحیاة ویقول القدیس یوحنا ذھبي الفم عنھم: "الفقراء حراس الملكوت". هناك نوﻋﺎن من اﻟﻨاس: ۱- غیر محتاج یأخذ من مسكین: مثل آخاب الملك الذي اشتھى قطعة الأرض الصغیرة التي لنابوت الیزرعیلي، واغتصبه. وھذا شر. ۲- مسكین یعطي من احتیاجه: مثل الأرملة التي قدمت الفلسین فأشار إلیھا السید المسیح وقال: "الْحَق أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ھذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِیرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِیعِ الَّذِینَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، لأَنَّ الْجَمِیعَ مِنْ فَضْلتَھِمْ ألَقَوْا. وَأمَّا ھذِهِ فَمِنْ إعِوَازِھَا ألَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَھَا، كُلَّ مَعِیشَتِھَا" (مر ۱۲: 43-44) ھذا ھو قمة العطاء، وھو یدل على عظم الإیمان. طريقة خدمة اﻟﻤساكين من قصة أعرج باب الهيكل الجميل ( أع 3 :2-10) ۱- التقدیر: "فَتَفَرَّسَ فِیه بُطْرُسُ مَعَ یُوحَنَّا" أي بدءا ینظرا إلیه باھتمام واحترام ویتحدثا معه. من المھم أن نتعامل مع المساكین عمومًا بتقدیر لشخصھم. ولنعلم أن أي منا كان من الممكن أن یكون في نفس ظروف ھذا المسكین (مشرّد، بلا مأوى، إلخ). ۲- استعداد العطاء: "لَیْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَھَبٌ،وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِیَّاهُ أُعْطِیكَ". أي تكون مستعدًا دائمًا للعطاء والتقدیم. إیاك أن تقول "لا یوجد"لأنك إن قلتھا فلن تجد بالفعل، أما إن قدَّمت بحسب قدرتك فسوف یبارك لله ویعطي أكثر وأكثر،والقصص في ھذا المجال كثیرة جدًا. ھناك من یغلق یده، ویقسي قلبه، ولا یعرف أن یعمل عمل رحمة، لكن ھناك من ھو متكل على الله ویقدِّم وھو یعلم أن الله ھو الذي یغطِّي الاحتیاجات. بالنسبة لمن یخدم الفقراء في الكنیسة، فلیعلم أن ما في یده لیس له فضل فیه، وإن الله ھو الذي یحرك القلوب، وأما وظیفته ھو، فھي أن یكون أمینًا.ومن المھم أن نعلم الأطفال العطاء من الصغر، وأن نحرص على تقدیم عشور دخلنا ﻟﻠﮫ لبركةالبیت كله. ۳- القیام بعمل: "بِاسْمِ یَسُوعَ الْمَسِیحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ. وَأَمْسَكَهٌ بِیَدِهِ الْیُمْنَى وَأَقَامَهٌ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْباهُ، فَوَثبَ وَوَقَفَ وَصَارَیَمْشِي". تكلم الرسولان مع الأعرج بابتسامة وحنیة وإیمان قوي، فنال الرجل شفاءً كاملاً. نوعيات اﻟمعونة للمساكين: في العھد القدیم ذكر حجر المعونة stone of help"فَأَخَذَ صَمُوئِیلُ حَجَرًا وَنَصَبَه ٌبَیْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَدَعَا اسْمَهٌ" حجر المعونة" وَقَالَ: إِلَى ھُنَا أَعَانَنَا الرب" ( ۱صم ۷: ۱۲ ).وكلمة "حجر" تعني أن یستند الإنسان على أساس. ۱- معونة نفسیة: ھناك من یحتاج إلى تشجیع وتقدیر واھتمام وحب. البعض عندھم شعور أن لا أحد یحبھم. وفي نظریات التربیة یقولون إن الوالدین بین الحین والآخر لابد أن یسألوا الأبناء إن كانوا یشعرون بمحبتھم لھم أم لا، لیتأكدوا أن أولادھم یشعرون بمحبتھم. الشخص الفقیر دائمًا مجروح وخجل، فكیف تستطیع أن تقدم له المعونة النفسیة وتساعده؟ ۲- معونة روحیة: كیف یندمج الشخص في وسط الكنیسة ویكون له دور وخدمة، كیف تكون له أجبیة خاصة وإنجیل خاص.. نقدم لكل شخص بحسب ظروفه. ۳- معونة مادیة: ھناك مجالات واسعة جدًا للعطاء مثل: السكن، التعلیم، العلاج، زواج البنات إلخ.نحن نحاول أن نعمل مشروعات صغیرة، من خلالھا یكبر الشخص ویعیش حیاة طیبة بعمله. فلم نعد نسمیھا "خدمة أخوة الرب" بل نسمیھا "مكتب التنمیة". نرید في كل بیت عمل وتعب وتنمیة.ھناك بلاد كبیرة قامت على المشروعات الصغیرة.وھذه المشروعات الصغیرة تتجمع وتعمل مشروعًا كبیرًا. ٤- معونة اجتماعیة: أن یشعر الشخص بحضوره في المجتمع، وأنه محبوب لذاته، وله تقدیر ومكانة في المجتمع. والحقیقة من أعظم الإنجازات التي تمت في مصر في السنوات القلیلة الماضیة أن الدولة أزالت المناطق العشوائیة وعملت مساكن جدیدة محترمة یسكن بھا الناس ویعیشوا حیاة وقورة. كذلك مشروع "حیاة كریمة"ھذا المشروع یرتقي بالحیاة.. فحاول أن تكون لك مساھمة حتى ولو قلیلة جدًا، وتذكر الولد الذي كان معه خمسة أرغفة وسمكتین، وأنھا لما وضعت في ید المسیح شبع منھا خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال وفضل عنھم ۱۲ قفة. إن المعونة الاجتماعیة ھي أن تحب كل إنسان وتقدم حتى ولو فلسین معونة للمساكین. ختام: یجب أن نشعر أننا كلنا مساكین أمام الله، كل إنسان مھما كبر به نقطة ضعف (صحیة، نفسیة،روحیة، اجتماعیة)، لذلك نقول في المزمور: "أَمِلْ یَا رَبُّ أُذُنَكَ. اسْتَجِبْ لِي، لأَنِّي مَسْكِینٌ وَبَائسِ أنَا"(مز ۸٦ : 1) والمعونة التي تقدمھا لتكن بمحبة، لیس كفرض أو واجب أو مظھریة. وما تقدمه بمحبة سیأتي بنتائج ویكون له أثرًا كبیرًا.نصلي ونقول: "معونة للمساكین"، فتذكَّر حجر المعونة، أي أن یكون كل مسكین واقفًا على أرض صلبة فلا یشعر بالضیاع وسط أي مجتمع. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 يونيو 2024

تجديد العقل

بمناسبة عید حلول الروح القدس أحب أن أكلمكم عن صلاة نقولھا باستمرار: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" (مز ٥۱: 10 )، لأن أحد مفاعیل الروح القدس ھو عمل التجدید فالروح القدس یجدد فكر الإنسان ویعطيه الاستنارة في حیاته الله حینما خلق الإنسان خلقه بصفات ثلاثة: عاقلاً، وعاملاً، وعابدًا فصار للإنسان: عقل یفكر، وید تعمل، وقلب بروحه یتصل باﻟﻠﮫ باستمرار. شخصيات ﻓﻲ الكتاب اﻟﻤقدس تميزت برجاحة العقل: یقول الكتاب عن دانیال والفتیة الثلاثة: "أَمَّا ھؤُلاَءِ الْفِتْیَانُ الأَرْبَعَةُ فَأعَطَاھُمُ الله مَعْرِفَةً وَعَقْلاً فِي كُلِّ كِتَابَةٍ وَحِكْمَةٍ، وَكَانَ دَانِیالُ فَھِیمًا" (دا ۱: 17)وقال داود النبي لأبیجایل زوجة نابال الكرملي التي تصرفت بحكمة: "مُبَارَكٌ عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33) وفي العھد الجدید مدح السید المسیح المرأة الكنعانیة التي قالت: "نَعَمْ، یَا سَیِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَیْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي یَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِھَا" (مت15: 27) أما زكا العشار فحینما تقابل مع السید المسیح وتغیر حاله واكتسب رجاحة العقل وقال:"ھَا أَنَا یَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِینِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَیْتُ بِأحَدٍ أرَدُّ أرَبَعَةَ أضْعَافٍ" (لو ۱۹: 8) فقد حصل خلاص له ولأھل بیته. وبولس الرسول لما استنار عقله قال: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَھِدًا وَمُفْتَرِیًا" ( ۱تي ۱: ۱۳ )، وصار كارزًا بل وعملاقًا في الكرازة. ﻟﻤاذا خلق الله العقل للإنسان؟ وظیفة العقل الأولى، ھي التعرف على الله والخلیقة كلھا. یقول المزمور "اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ للهِ، وَالْفَلَكُ یُخْبِرُ بِعَمَلِ یَدَیْھِ" (مز ۱۹: 1) فالنجوم والنباتات والحیوانات كلھا تجعل الإنسان یعیش روح التأمل. وظیفة العقل الثانیة، ھي إنه وعاء للمعرفة الواسعة في العالم. وظیفة العقل الثالثة، ھي أنه یساعد الإنسان في اتخاذ قراراته. فلو كان عقل الإنسان على مستوى الاستنارة والتجدید المستمر تكون قراراته صحیحة وتسیر حیاته بطریقة سلیمة. ما ﻫﻲ علامات العقل السليم؟ ۱- أن الله ھو الذي یقوده ولیس الھوى الشخصي وكنیستنا تعلمنا أن أول رشمة للمیرون تكون على النافوخ، وھو موضع العقل، وذلك لتقدیس العقل وتخصیصه ﻟﻠﮫ لیعمل فیه یقول المزمور: "وَصَایَا الرَّبِّ مُسْتَقِیمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاھِرٌ یُنِیرُ الْعَیْنَیْنِ. نَامُوس الرَّبِّ كَامِلٌ یَرُدُّ النَّفْسَ. شَھَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَیِّرُالْجَاھِلَ حَكِیمًا. خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ.أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّھَا" (مز ۱۹: 7-9) وأیضًا "سِرَاج لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِیلِي" (مز119: 105)ھناك أناس ربما یقرأون لكنھم لا یسمحون لكلمة الإنجیل أن تجدد حیاتھم، لذلك تعلمنا الكنیسة قبل قراءة الإنجیل أن نطلب من الله أن یفتح ذھننا لنفھم. ۲- أن یكون العقل مملوءًا بمعرفة متوازنة،لا یمیل للیمین ولا للیسار، فالاتزان ھو من علامات صحة العقل وفي اللغة المتداولة نقول "فلان متزن فلان كلامه موزون". ویقول الكتاب: "بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ" (مت ۱۲: 37 )، "وَمَن قَالَ: یَا أَحْمَقُ، یَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِجَھَنَّمَ" (مت ٥: 22) لذلك فإن آباء البریة فضلوا الصمت كثیرًا جدًا، لأن "كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِیَةٍ" (أم ۱۰ :19) ۳- أن تكون للعقل مرجعیة، فالذین بلا مرشد كأوراق الخریف یسقطون سریعًا. ومھما كبرالإنسان في المعرفة وفي خبرات الحیاة فإنه محتاج دائمًا أن یكون له مرجع یرجع إلیه كنوع من صمام الأمان. وكنیستنا تعلمنا أن یكون لنا آباء اعتراف ومرشدین حكماء طوال حیاتنا نسمع عن القدیس أثناسیوس العظیم أن مرجعیته كانت البابا ألكسندروس ال ۱۹ . والقدیس أغسطینوس كانت مرجعیته القدیس أمبروسیوس، وكذلك سیرة القدیس أنطونیوس. ٤- أن یكون العقل دائمًا متجددًا، وفي كل مرة نشعر أن الفكر بدأ في الحیدان نقول: "رُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" لنعود إلى الاستقامة یقول المزمور عن الرجل الصالح: "یَكُون كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ" (مز1 :3) والمیاه الجاریة ھي میاه متجددة وبالتالي فإنھا مرویة ونافعة إن عملیة تجدید العقل ھي عملیة روحیة داخلیة، فیھا عمل للنعمة وعمل لإرادة الإنسان معًا ومن حلاوة كنیستنا أنھا تعمل لنا طقسًا فرایحي،وكیھكي، وصیامي، وشعانیني، وسنوي. ھذاالتنوع "عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ"، ھو التجدید المستمر. إن عملیة التنوع والتجدید والتغییر المستمر یضفي بھجة، وتشویقًا، واستنارة. في نھایة سفر مراثي إرمیا یقول: "جَدِّد أَیَّامَنَا كَالْقَدِیمِ" (مرا ٥ :21) بمعنى اجعل أیامنا الحاضرة فیھا روح الجدة كما كانت في القدیم وھناك آیة واضحة قالھا القدیس بولس الرسول "تَغَیَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِیدِ أَذْھَانِكُمْ" (رو ۱۲: 2)وتجدید الذھن ھو شكل من أشكال التوبة. بعض سمات العقل غير السليم: ۱- عقل التھویل: یھول الأمور، كما یضیف إضافات وینسج روایات. ۲- العقل المنحرف: ھو دائمًا یعیش في الخیال والتصورات. ۳- العقل المشحون بالیأس:یرى أن كل شيء لا یصلح، لن ینفع، سیفشل. لیس عنده رجاء. ٤- العقل المتجمد: لا یتطور بل یعیش في خبراته القدیمة ویرفض كل جدید. ٥- العقل الروتیني: لا یتغیر عن الروتین الذي اعتاده، ولا یعرف التجدید ولا الابتكار. ھنا ویجب أن نعرف الفرق بین مصطلحین: الأصالة (الجذور)، والمعاصرة (الشجرة والثمر)، وعملیة الجمع بین الاثنین تحتاج إلى العقل الذي یجدده الروح القدس. ٦- العقل الفضولي: یبحث عن الأخبار، ویشبع نفسیًا حینما یعرفھا وینقلھا. ھذا عقل مریض. ۷- العقل المنقاد: لا یعرف إلا شخص واحد،یكون بطلاً في نظره، یصیر مسلوبًا لفكره وكأنه مسبي. ۸- العقل المشوش: حینما یتكلم ینتقل من موضوع لثاني ثم ثالث ورابع وتبحث عن أصل الموضوع فلا تجده. ھو تائه. ۹- العقل المنفعل: یكون دائمًا متوترًا وقلقًا،وأبسط كلمة تثیر انفعاله. ۱۰ - العقل الشھواني: الذي تتحكم فیه الخطیة والشھوات. مقترحات لكيفية ﺗﺠديد العقل: إن النعمة تساعد الإنسان في تجدید ذھنه وعقله،لكن یجب أن یكون لإرادة الإنسان دور، لذلك أقدم عدة مقترحات: ۱- یتجدد العقل من خلال القراءة المستمرة وعلى رأسھا قراءة الإنجیل، واظب على تدریب قراءة الإنجیل كل یوم، وجدد عقلك بقراءات مستمرة ومتنوعة. ۲- یتجدد العقل بالجلوس إلى الكبار، في أخذ المشورة من الأمناء، فإن خبرات الماضي تستطیع أن تفید الإنسان في الحاضر وتكون مؤثرة جدًا. ۳- من الممكن أن یتجدد العقل بمعرفة التاریخ،فلحكمة بالغة نجد في كنیستنا السنكسار والدفنار. اﻟخلاصة: مع احتفالنا بعید حلول الروح القدس نرفع قلوبنا ونقول: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا لَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي". نصلي ونطلب من خلال عمل الروح القدس، أن یمنحنا الله روح التوبة والتجدید والاستنارة في كل حیاتنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
24 مايو 2024

وداعة للفضلاء

من هم الفضلاء؟ كلمة "الفضلاء" جمع كلمة "فاضل" من"الفضیلة"، فالفاضل ھو من ینمو في الفضیلة إن كل إنسان مسیحي ھو صورة للمسیح في كل مكان یحل فیه، لأن السید المسیح قال لنا: "أَنْتُم مِلْحُ الأَرْضِ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (مت ٥: 13, 14) وقیل أنتم "رَائِحَةُ الْمَسِیحِ الذَّكِیَّةِ" ( ۲كو ۲: 15) یقول القدیس بطرس: "نِھَایَة كُلِّ شَيْءٍ قَدِاقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. وَلكِن قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِیدَةً،لأَن الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَایَا. كُونُوامُضِیفِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ (تذمر). لِیَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أخَذَ مَوْھِبَةً، یَخْدِمُ بِھَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِینَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ"(۱بط ٤: 7-10 )ھذه الكلمات ھي دعوة للحیاة الفاضلة. وقد أعطى الله كل إنسان موھبة معینة لكي نكمِّل بعضنا بعضًا. لذلك قال معلمنا یعقوب: "كُل عَطِیَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْھِبَةٍ تَامَّةٍ ھِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ" (یع ۱: 17) كيف نكسب الفضيلة؟ یسمح لله للبعض أن یولدوا بالفضیلة، وھي حالات خاصة مثل یوحنا المعمدان الذي قیل عنه "من بَطْنِ أُمِّه یَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (لو ۱: 15) ومثل إرمیا النبي الذي قال الله له "قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ" (إر ۱: 5). أما غالبیة الناس فیجاھدون من أجل الوصول لحیاة الفضیلة، مثلما نسمع عن جھاد القوي القدیس الأنبا موسى الأسود. ﻟﻤاذا نقول "وداعة للفضلاء"؟ لأن الفضیلة لا تعیش ولا تظھر إلا بوداعة الإنسان، فمن لیست عنده وداعة لا تظھر فضیلته.والفقرة التي نقرأھا في صلاة باكر توضح ذلك"فَأَطْلُب إِلَیْكُمْ، أَنَا الأَسِیرَ فِي الرَّبِّ أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِیتُمْ بِھَا بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ،وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"(أف ٤: 1-3) في ھذه الفقرة نجد ثلاثة أمور: ۱- السلوك: "أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ" فكل منا له دعوة مختلفة عن الآخر (أب، كاھن، خادم،مدرس، مھندس، طبیب، إلخ.) یجب أن یسلك في ھذه الدعوة بكل أمانة. وفي سلوك الإنسان یقول الله تعبیر مطمئن: "لا تَخَفْ، أَیُّھَا الْقَطِیعُ الصَّغِیرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ یُعْطِیَكُمُ الْمَلَكُوتَ" (لو ۱۲: 32) ۲- الاحتمال: "مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ"، وھذه الفقرة نقرأھا كل صباح في صلاة باكر قبل أن نخرج ونتعامل مع البشر، لنتعلم أن نحتمل بعضنا بعضًا في المحبة، فلا نتأثر بتعبیروجه أو كلمة أو تصرف. بل السید المسیح قال "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت ٥ :44) لذلك یجب أن یكون القلب مفتوحًا لكل إنسان. ۳-الاجتھاد: "مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"، بمعنى احفظ سلامة أسرتك،وسلامة خدمتك، وسلامة المجتمع الذي تعیش فیه أن یكون مجتمعًا ثابتًا وقویًا، وھكذا ما ﻫﻲ الوداعة؟ كل إنسان منا لابد أن یقدِّم الفضیلة وھي محفوظة بالوداعة. وقال السید المسیح: "اِحْمِلُوانِیرِي عَلَیْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِیعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ۱۱: 29) المسیح الذي فیه كل كمالات الفضائل كانت الوداعة والتواضع ھما الفضیلتان الأساسیتان التي علمنا وطلب منا أن نقتدي به فیھما. وطوبى للإنسان الذي یحتمل ویعرف إنه بذلك یتشبه بسیده وكلمة ودیع أو لطیف ھي أسماء جمیلة ھومعنى اسم القدیسة دمیانه، وأحد معاني اسم داود النبي ونتذكر أن السیدة العذراء قالت في تسبحتھا: "أَنْزَل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِینَ" (لو ۱: 52) وقال القدیس موسى الأسود: "وداعة القلب تتقدم الفضائل كلھا والكبریاء ھي أساس كل الشرور". كيف نعيش الوداعة؟ التواضع یحتاج الوداعة: التواضع فضیلة تحتاج للوداعة وأنت تمارسھا. مثال لذلك قصة داود النبي ونابال الكرملي: ذھب رسل داود إلى نابال لیطلبوا بعض الطعام في یوم احتفاله، فغضب وطردھم وتصرف بحماقة كمعنى اسمه (نابال=حماقة) فقرر داود أن ینتقم منه، ولما علمت زوجته أبیجایل الحكیمة، جمعت مأكولات وخرجت مع بعض الغلمان فقابلت داود ورجاله في الطریق ثم بدأت تتكلم بكلام لطیف وودیع ومتضع، وقدّمت لداود نصیحة فتراجع عن انتقامه لنفسه، وقال لھا "مُبَارَك عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33) ھكذا فإن وداعة الإنسان تصرف الغضب ویقول الكتاب "اَلْجَوَاب اللَّیِّنُ یَصْرِفُ الْغَضَبَ،وَالْكَلاَمُ الْمُوجعُ یُھَیِّجُ السَّخَطَ" (أم ۱٥: 1) انتبه وأنت تتحاور مع أي إنسان ألا یخرج منك لفظ یتعب أو یجرح أو لا یقبله الآخر. الوداعة تحمي المحبة: إن عالم الیوم جوعان للمحبة، ھو عالم غارق في المادیات والتكنولوجیا والاختراعات الحدیثة ومنصات التواصل الاجتماعي والأفكار الغریبة الشاردة، كما قال السید المسیح "الْعَالم كُلَّه قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّیرِ"(1یو ٥ :19) یقول القدیس موسى الأسود "قساوة القلب تولد الغیظ والوداعة تولد الرحمة"علِّم نفسك أن تقول الكلمة التي تتسم بالوداعة لما أحضروا للسید المسیح امرأة ضبطت في الخطیة، وأوقفوھا في الوسط، وأمسك كل منھم حجرًا لیرجمھا، جلس ھو بمنتھى الھدوء والوداعة وكتب خطایاھم على الأرض بدون تحدید وقال لھم "مَن كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِیَّةٍ فَلْیَرْمِھَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ" (یو ۸: 7) فانصرفوا. لم یھاجمھم ولم یفضحھم بل تصرف بمحبة ووداعة، ثم نظر للمرأة في وداعة وقال لھا "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ وَلا أَنَا أَدِینُكِ. اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸: 10-11)ھكذا نقدِّم فضیلة المحبة بالوداعة. الوداعة مع الشجاعة: لابد أن یكون الإنسان شجاعًا لكن الشجاعة بدون وداعة تكون تھورًا طرد السید المسیح الباعة والصیارفة الذین یبیعون ویشترون بشكل لا یتناسب مع قدسیة الھیكل وطھر الھیكل، وقال: "بَیْتِي بَیْتَ الصَّلاَةِ یُدْعَى وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لصُوصٍ" (مت ۲۱: 13) وھي عبارة فیھا تعلیم ومبدأ ونصیحة دانیال النبي وھو في الأسر، اتھموه بأنه یعصى الملك لأنه یرفض أن یسجد لتمثال الذھب، وكانت النتیجة أنه ألقي في جب الأسود،وفي الیوم التالي عندما ذھب إلیه الملك ووجده حیًا، رد على الملك بمنتھى الوداعة قائلاً "یَا أَیُّھَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَد! إِلھِي أَرْسَلَ مَلاَكَه وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ" (دا ٦: 21,22) الوداعة في العبادة والصلوات: "تَأَوُّهَ الْوُدَعَاءِ قَدْ سَمِعْتَ یَا رَبُّ. تُثَبِّتُ قُلُوبَھُمْ. تُمِیلُ أُذُنَكَ" (مز ۱۰: 17) الإنسان الودیع الذي یقدم مع صلاته بكاء أو تأوه ھذا یستمع له الله یقول القدیس أمبروسیوس "إن الوداعة ھي القاعدة الأولى الجدیرة بالاتباع في التسبیح والترتیل. وصلواتنا نفسھا تكون بالوداعة مقبولة ومرضیة جدًا وتكسبنا نعمة عظیمة لدى الله" فالعبادة التي تقدَّم ﻟﻠﮫ بوداعة تكون مقبولة أمامه. الوداعة ﻟﻬا هذه الصفات اﻟﺜلاث الرئيسية: ۱- اللطف: "كُونُوا لُطَفَاءَ" (أف ٤: 32) إن مجرد كلمة لطیفة یكون لھا أثر كبیر یستمر لزمن طویل. ۲- التسامح: "اغْفِر لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَیْضًا لِلْمُذْنِبِینَ إِلَیْنَا" (مت ٦: 12) والشخص المتسامح یمرر الأمور ولا یعقدھا. ۳- الاتضاع: ھو "أرض حاملة لكل الفضائل"،كما یعلمنا الآباء. ختام تعلمنا الكنیسة أن نصلي لمن ھم في موضع تقدیم الفضیلة (الفضلاء)، فنطلب أن یشملھم الله بالوداعة، لتظھر الفضیلة بالوداعة. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
17 مايو 2024

صلاًحا للأغنياء

ما هو الغنى؟ في معجزة إشباع الجموع قدَّم طفل صغیر خمس خبزات وسمكتین باركھا السید المسیح فتم توزیعھاعلى خمسة آلاف، وأكل الجمیع وشبعوا بل وفضل عنھم ۱۲ قفة من الكسر (مت ۱٤) والمقصود بالغنى أساسًا ھو البركة، فھذا الطفل یعتبر غنیًا، بالرغم من أن ما بیده كان قلیلاً،والمرأة صاحبة الفلسین كانت لدیھا عملة بسیطة جدًا، قدمتھا من أعوازھا، لكن قال السید المسیح "إِنَّ ھذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِیرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِیعِ"(لو ۲۱: 3 ,4) إن الغنى لیس ھو غنى المال فقط. أنواع من الغنى ۱- الغني بالحب: عنده طاقة حب: "إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَیْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا یَطِنُّ أَوْ صَنْجًا یَرِنُّ" ( ۱كو ۱۳ :1) ۲- الغني بالعطاء: عنده روح العطاء فیعطي من الأعواز: "الْجَمِیعَ مِنْ فَضْلَتِھِمْ أَلْقَوْا وَأَمَّا ھذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِھَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَھَا، كُلَّ مَعِیشَتِھَا"(مر ۱۲ :43 ,44) ۳- الغني بالإیمان: إیمانه قوي "أَمَا اخْتَارَ للهُ فُقَرَاءَ ھذَا الْعَالَمِ أَغْنِیَاءَ فِي الإِیمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ" (یع ۲: 5) مثل الشھداء ٤- الغني بكلمة ربنا: تكون الوصیة في لسانه وفي حیاته، ویعیش الوصیة. ٥- الغني بالستر: القدیس الأنبا أبرآم كان یقول "لا حُزنا ولا عُزنا". في التاریخ الكتابي ھناك أغنیاء كثیرون كانوا قدیسین مثل: إبراھیم أبو الآباء، وإسحاق،ویعقوب، ویوسف الصدیق، وأیوب، ودانیال النبي، وداود الملك، وسلیمان، ومتى العشار،وأكیلا وبریسكلا، ویوسف الرامي، وغیرھم. وفي التاریخ المسیحي: الأنبا أنطونیوس، والأنباأرسانیوس معلم أولاد الملوك، ومكسیموس ودومادیوس، والملكة أناسیمون السائحة، والملكة ھیلانة، والملك زینون، والمعلم إبراھیم الجوھري وغیرھم. یقول القدیس أغسطینوس: "لیس الشر في أن یكون لدیك ممتلكات بل في أن الممتلكات تمتلكك". الصلاح الصلاح صفة من صفات الله. حینما قال الشاب الغني للمسیح "أَیُّھَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَیَاةَ الأَبَدِیَّةَ؟ فَقَالَ لَه یَسُوعُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَیْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَھُوَ اللهُ" (مر ۱۰ : 17, 18)وكلمة "صلاح" نسمیھا باللغة الحدیثة "التدبیرالحسن". لذلك یجب أن نعرف المبدأ الذي قدَّمه الكتاب المقدس: "أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِالَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِیمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعِ كَثِيرَةٍ" (اتي6: ١٠). فليس "المال" إنما محبَّة المال أَصْلِّ لِكُلِّ الشَّرُورِ" لأن المال من نعم الله. معنى كلمة صلاح من أحرفها "ص" = صدق: "السالِكُ بِالْكَمَالِ يَخْلُصُ، وَالْمُلْتَوِي في طَرِيقَيْنِ يَسْقُطُ فِي إِحْدَاهُمَا" (أم ۲۸:۱۸) الصادق هو إنسان مستقيم، لا يكسب ماله بطرق ملتوية. "ل" = لين: ألا يكون صاحب قلب قاسي. ولا تنسوا أن الله قال: "لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ" (مت ٦ : ٢٤) هنا المال وضع في مكانة كأنه إله، وهو بالحقيقة صنم. القلب الرحيم لا يعرف الغلظة، بل هو قلب ممتلئ رحمة وحنانا قدم لنا السيد المسيح مثل الغني ولعازر كان الغني يسكن قصرًا، وكان لعازر الفقير يستعطي على بابه، تلحس الكلاب قروحه لكن تبدل الحال لما انتقلوا، فصار الغني يشتهي أن يأتي هذا الفقير الذي أهمله ليبرد لسانه بطرف أصبعه احترزوا فإن أحد أعراض المال إنه يقسى القلب لذلك قيل" مَحَبَّةُ الْمَالِ أَصَلِّ لِكُلِّ الشَّرُورِ " ( ١ تي ٦ :١٠). "أ" = اكتفاء: أن يكون الإنسان مكتفيا من الداخل وليس عنده جشع ولا أنانية ولا انفرادية ولا ذاتية. "في يَوْمٍ مُعَيَّنِ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِي الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُم فَصَرَخَ الشَّعْبُ: هَذَا صَوْتُ إِلَهِ لَا صَوْتُ إِنْسَانٍ فَفِي الْحالِ ضَرَبَهُ مَلَاكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للَّهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدودُ وَمَاتَ"( اع ۱۲ : ۲3-۲1). "ح" = حكمة: يقول يوحنا ذهبي الفم: "ليس هناك أية خطيئة في كونك غنيًا ولكن الخطيئة أن تكون غنيا بدون عقل". مثل الغني الغبي الذي أعطاه الله ثروات كثيرة فقال: "أعمل هذا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي اعظم، وَاجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غلاتي وَخَيْرَاتِي وَأَقُولُ لِنَفْسي يَا نَفْسٌ لَكِ خَيْرَاتٌ كثيرة، موضوعة لسنين كَثِيرَةٍ. اسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهَذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ" (لو ۱۲: ۱۸-20)، أي كانت النتيجة أنه أخذ لعنة. أما الطفل الذي قدم الخمس خبزات والسمكتين الطعام الذي يكفيه لكنه فكر في الجموع فكانت النتيجة أنه أخذ بركة. قال القديس غريغوريوس النزينزي: "الثروة لیست شرا، ولكن هي شر إذا استخدمت بشكل طمعي وجشعي".هذه كلها نقاط مهمة في معنى عبارة "صلاحا للأغنياء". خطة بولس الرسول (٢-٤-٢) تحت عنوان صلاحا للأغنياء": أولاً: ينهي الأغنياء عن أمرين "أَوْصِ الْأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَسْتَكْبِرُوا ، وَلَا يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنى للتَّمَتَّع " ( ١ تي ٦ : ١٧). ١- "لا يَسْتَكْبِرُوا": لأن قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ،وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُحُ الرُّوح" (أم ١٦: ١٨). ٢- " لَا يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى : اجعل رجاءك على الله، لا تظن أن غناك يسندك يمكن أن يضيع في لحظة. يقول سفر الجامعة: "من يُحِبُّ الْفِضَّةَ لَا يَشْبَعُ . مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لا يَشْبَعُ مِنْ دَخل هذا أَيْضًا بَاطِلٌ" (جاه: ۱۰) وقال السيد المسيح: "لأنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الْإِنْسَانُ لَو ربح العالم كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ" (مت ١٦: ٢٦). ثانيا: ينصح الأغنياء بأربعة أمور وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلَاحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَالَ صَالِحَةِ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التوزيع" (اتي ٦: ١٧-١٨). ١- أَنْ يَصْنَعُوا صَلَاحًا": اصنع بمالك أعمالاً صالحة، وإياك أن تستخدمه في أمر غير صالح. ٢- أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَة : تُقدِّم لأخوة الرب الأصاغر لمشروعات الكنيسة لمدارس الأحد، للإكليريكيات والمعاهد اللاهوتية لنشر الكتب والأبحاث، لمشروع "بنت الملك"، ولا بد أن يتسع ذهنك لاحتياجات أخرى كثيرة في الكنيسة. ٣-أَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ": عندما تكون سخيا في عطائك سيكون الله سخيا معك،ويعود عليك بنعم في أشياء كثيرة. ٤- "كُرَمَاءَ في التوزيع": كن كريما في التوزيع، وحتى إن لم يكن لديك لا تمتنع. ثالثا: يضع أمام الأغنياء هدفين مهمين مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّة" ( ١ تي٦: ١٩). ۱ - مُدَّخِرِينَ لأَنفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ"، يكون الإنسان مدبرًا صالحًا لما في يده ويضع أساسا صالحًا للمستقبل. ٢- لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ"، "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ (بكل الأشكال) فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ" (مز ١:٤١) قال يوحنا ذهبي الفم: "إن الفقراء حراس - الملكوت" أنت أيها الغني لكي ما يكون عملك صالحًا انظر دائما إلى الحياة الأبدية وأمسك بها، اجعل أمامك نصيبك الذي في السماء، واجعل نظرك إلى الله يقول سفر الأمثال: "الرَّجُلُ الْأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ، وَالْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لَا يُبْرَأ" (ام ۲۸: ۲۰) فإن أعطاك الله نعما، فكن مدبرًا حسنا فيما أعطاك واخدم به وفرح به آخرین. فالفرح يأتي عندما تعطي وليس عندما تأخذ. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 مايو 2024

في انتظار القيامة

في ليلة سبت الفرح تصعد الكنيسة بنا الى السماء بكل ما فيها من جمال وكأننا في حلم جميل، فهذه الليلة هي العبور من الموت إلى الحياة الألحان تنتقل من النغمة الحزايني إلى الفرايحي، فيقال اللحن نصفه بالنغمة الحزايني والنصف الآخر بالفرايحي كذلك نجد القراءات عبر هذه الليلة تنتقل من الموت إلى الحياة : تسبحة موسي - صلاة حبقوق النبي - صلاة يونان في بطن الحوت صلاة حزقيا الملك - تسبحة الثلاثة فتية في أتون النار - قصة سوسنة العفيفة. وتنتقل بنا الكنيسة إلى فرح القيامة حينما تختم الليلة في فجر السبت مع «أبو غالمسيس» وهي كلمة يونانية أصلها أبو كاليسيس أي رؤيا، وفيها نقرأ سفر الرؤيا بأكلمه وبذلك نقضي فجر السبت مع هذا السفر العميق لتنفتح أعيننا، ليس على أسرار القيامة فحسب، بل على أسرار ما بعد القيامة أيضا والكلام عن هذه الليلة يطول جدا ، ولكن أجملها هو الحديث عن القيامة: ما هي القيامة؟ القيامة كلمة جديدة ظهرت في العهد الجديد عندما قال السيد المسيح لمريم ومرثا أمام قبر لعازر : «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يوحنا ٢٥:١١) إذا القيامة قوة، ومعجزة المعجزات، فالسيد المسيح ذهب للصليب بإرادته وقام بسلطان لاهوته. أنواع القيامة: القيامة نوعان: قيامة أولى، أي ترك الخطية وحمل الصليب والجهاد ضد الشيطان، حتى توضع الأكاليل في القيامة الثانية تأتي ساعة فيها يسمع الذين في القبور (قبور الخطية) صوته والسامعون يحيون، وتأتي ساعة (في المجيء الثاني) يسمع الذين في القبور صوته فيخرج الذين صنعوا الصالحات إلي قيامة الحياة قيامة السيد المسيح فتحت أمام البشرية باب الحياة بالإيمان بدمه لغفران الخطايا، وبالجهاد حتى النفس الأخير لكي نحيا معه كل حين . فالقيامة أعطت البشرية بابا مفتوحا لحياة السماء بلا موت بالموت داس الموت والذين في القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية (تسبحه القيامة) فالموت لا يكون فيما بعد بل من أمن بالرب يسوع ولو مات فسيحيا سعيد ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى، إن هؤلاء لا يكون للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح (رؤيا٢٠: ٦). القيامة مع المسيح إن الإنسان لا يستفيد من القيامة إلا إذا استيقظ من نومه وقام من رقاده، أي يقوم من بين الأموات، وكل أنظارنا متجهه نحو ملكوت السموات: « فإن كنتم قَدْ قَمْتُمْ مَعَ المسيح فَاطَّلَبُوا مَا فَوْقَ ، حَيْثُ المَسِيحُ جَالس»(كولوسي ۳ : ۱) فما أجمل أن تكون سمائيين بالفكر والمشاعر والاتجاهات لا تكن مثل هيرودس وحنانيا وقيافا الذين لم يستفيدوا من قيامة المسيح بل أنكروها، ولا تكن مثل الحراس الذين شاهدوا القيامة وأنكروها نظير رشوة مال، بل كن مثل التلاميذ الذين بشروا مجاهدين بقيامة المسيح واحتملوا في سبيل ذلك الآلام والعذاب ، كل ذلك من أجل محبتهم في المسيح وإيمانهم القوي بالقيامة، لأنهم أيقنوا أنه لا قيامة بدون صليب ولا صليب بدون قيامة عش هذه الأيام بالرجاء والفرح فكل صليب بعده قيامة وكل مشكلة بعدها حل،وكما علمنا قداسة البابا شنوده الثالث «ربنا موجود، كله للخير، مسيرها تنتهي.وكل عام وأنتم بخير . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل