البابا تواضروس الثاني

Large image

البابا الأنبا تواضروس الثاني (4 نوفمبر 1952 -)، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ال118. وُلِد باسم وجيه صبحي باقي سليمان بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، ووالده كان يعمل مهندس مساحة، وتنقلت الأسرة في المعيشة ما بين المنصورة و سوهاج و دمنهور.

في 4 نوفمبر 2012، تم اختياره عن طريق القرعه الهيكلية ليكون بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 118[1].

م ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث هو وأربعة آخرين هم الأنبا رافائيل ، القمص رافائيل أفامينا ، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.[2] ،فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني 118 يوم الأحد 4 نوفمبر 2012 م

رؤيته لمستقبل الكنيسة يقول الأنبا تواضروس "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هي التي سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر".

ويُطالب الأنبا تواضروس بإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس بالمهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة في الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، مُعتبرا أن إقامة قنوات للحوار مع الشباب أمر ضروري، وكذلك يدعو المسيحيين إلى الاندماج في المجتمع من خلال التعليم ووسائل الإعلام.

وقد حصل الأنبا تواضروس على تزكيات من الأنبا دميان أسقف عام ألمانيا والأنبا سوريال أسقف ملبورن، والأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا ، والأنبا باخوم أسقف سوهاج، والأنبا اندراوس أسقف أبوتيج والانبا رفائيل الاسقف العام.

تم تجليسه كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية في قداس الأحد 18 نوفمبر 2012 برئاسة القائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وباشتراك كافة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية و مشاركة وفود من كل الكنائس في مصر والعالم.

المقالات (188)

30 أغسطس 2024

أخطر نار

ﻓﻲ اﻟﺘاريخ الإنسانى تعتبر اﻟﻨار أحد مكونات نظرية العناﺻﺮ الأربعة وﻫﻲ: اﻟﻤاء– اﻟﻬواء– اﻟﻨار– التراب ولیس المقصود في ھذا المقال "النار المادیة" التي تدمر وتحرق وتترك كل شيء رمادًا كما في الحرائق التي تحدث لأسباب مادیة أو بیئیة، مثل حرائق الغابات والتي تأكل ملایین الأشجار بسبب تغیرات المناخ، أو ثورة البراكین والحمم المحرقة التي تفیض منھا وتدمر كل شيء إنما المقصود من ھذا المقال النار المعنویة التي یشعلھا اللسان الذي كتب عنه یعقوب الرسول في رسالته قائلاً: "فَاللِّسَانُ نَارٌ عَالَمُ الإِثْمِ" (یعقوب ۳: 6) وقدیمًا قال سفر الأمثال ( ۱۸: 21) "اَلْمَوْتُ وَالْحَیَاةُ فِي یَدِ اللِّسَانِ" إن الإنسان كائن ناطق یتواصل من خلال الكلام والاستماع والقراءة والكتابة، وھذا ھو سر حضارة الإنسان، لأننا في المقابل مع سائر الكائنات الحیة الأخرى من نباتات وحیوانات والتي لیس لدیھا لسان الكلام وبالتالي لیس لدیھا أي حضارة على مستوى تاریخ الوجود البشري وتكمن أھمیة اللسان بأھمیة النار في التأثیر والحضور والبناء والھدم وبه نبارك الله وبه نلعن الناس المخلوقین على صورة الله (یعقوب ۳: 12) وﻳﺨصص القديس يعقوب الرسول أصحاحًا ﻛﺎملاً عن اللسان ويصفه بصفات عديدة مثل عضو صغير يفتخر متعظمًا– ﻋﺎلم الإثم– يدنس اﻟﺠسم ﻛﻠه – يضرم (يشعل) دائرة ا لكون يضرﺮم من جهنم – هو ﺷﺮ لا يضبط – ﻣﻤلوء سُمًا ﻣﻤيتًا - ... إلخ.ولكن یتربع على ھذه الصفات كلھا أنه "نار" فعلیة تستطیع أن تشعل النفوس والقلوب والعقول وتحرق وتبید وتدمر وھكذا یكون الاستخدام السئ للسان فاللسان البذيء یصدر الكذب والغش والریاء والاغتیاب والنمیمة، كما أنھ أفعى (مز۱٤۰: 4) وھو موسى مسنونة (مزمور ٥۲ :2) ، وسیف حاد (مز ٥۷ :5) ، وسھم قاتل (إرمیاء ۹ : 7, 18:18)وصارت أكاذیب اللسان في كل العصور سھام شریرة توقد نارًا بین الأفراد والجماعات والشعوب والأمم حتى حذَّر منھا السفر الأخیر في الكتاب المقدس حین وصف الفئات الثمانیة التي لا تدخل إلى حضرة الله: "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَیْرُ الْمُؤْمِنِینَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِیعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِیبُھُمْ فِي الْبُحَیْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِیتٍ، الَّذِي ھُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي" (رؤیا۲۱ : ۸) ثم یؤكد في الأصحاح الأخیر من نفس السفر على ذلك بقوله "لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالقْتَلَةَ وَعَبدَة الأوَثاَنِ، وَكلُ مَنْ یحُبِّ وَیصَنعَ كَذِباً"(رؤیا ۲۲ :15) وبسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات العدیدة على شبكة الإنترنت وانتشار أجھزة التلیفون المحمول (الموبایل) والتي تعد بالملیارات في أیدي الصغار والكبار صار الكذب بكل صوره وأشكاله وأحداثه ھو الطاغي في عالم الیوم بین الناس، ووجد "اللسان البشري"وسیلته البارعة في نقل ونشر الكذب على كل المستویات بدءً من الأخبار الدولیة والمحلیة وانتھاءً بعملیات النصب والسرقة بین الأفراد والعصابات ونسمع عن الأمن السیبراني الذي یھدف إلى حفظ البیانات بدلاً من تزویرھا واستخدامھا بصورة سلبیة في شتى المجالات. في بدایة الكنیسة المسیحیة وبعد یوم الخمسین سجل الكتاب المقدس قصة حنانیا وسفیرة زوجته كمثال صارخ عن حالة الكذب وإخفاء الحقیقة طمعًا في المال والكرامة والشھرة. ولكن كان العقاب قاسیًا إذ ماتا بسبب كذبھما (أعمال٥ :1-11) وعالم الیوم صار فیه الكذب شائعًا بصورة مرعبة بین الأخبار والرسومات والتسجیلات والفیدیوھات وغیرھا، ودخل الذكاء الاصطناعي في ھذا المیدان مما صعب حالة الضلال وعدم التمییز بین ما ھو صادق وما ھو كاذب وصارت الكذبة الأولى في أي موضوع تؤدي إلى الثانیة ثم الثالثة وھكذا حتى صار "الكذب السلس" ھو الذي ینزع وخز الضمیر شیئًا فشیئًا حتى یصیر الإنسان بلا ضمیر ویصیر عالمه والھواء الذي یستنشقه ھو الكذب والغش والضلال ومن صور نار اللسان ما تصفه كتابات بعض المواقع ووصف شخص بأنه "ھرطوقي"، والكلمة اتھام قاسي یصف الشخص الذي یبتدع في الإیمان والعقیدة بأقوال غیر صادقة وكاذبة بل ومنحرفة ولكن ھذا الاتھام الذي یخص سلامة الإیمان لیس من حق أي إنسان أن یصدره، تمامًا مثل القاضي فقط ھو الذي یصدر حكمًا ما في حق إنسان متھم أمامه أما إطلاق ھذا الوصف على إنسان ما فھو یشیع ویشعل نارًا حوله سرعان ما تنتشر دون تحقیق أو تدقیق إن الجھة الوحیدة التي لھا حق إطلاق ھذا الوصف "ھرطوقي" على شخص ما ھو المجمع المقدس في الكنیسة وبإجماع أعضائه وبعد تحقیقات عدیدة یتاح فیھا الفرصة للشخص بالدفاع عن نفسه أما الكتابات والمواقع التي بسبب ألسنة أصحابھا تطلق ھذا الوصف أو غیره عن أي إنسان فھي تشعل أخطر نار مدمرة ومحطمة لحیاة إنسان وأسرته وعائلته. يا صديقى لسانك نار إن استخدمته كذبًا وضلالاً ضد آخر،واعلم أنه بكلامك تتبرر وبكلامك تدان، فاحذر هذه اﻟﻨار التى لا ﺗﺨمد ﺳريعًا بل تمتد من زمن إﻟﻰ زمن،ولا تشترك ﻓﻲ مثل هذه الأﻛﺎذيب التى إن صنعتها فقدت نصيبك السماوي ومن ﻟﻪ أذنان للسمع فليسمع وﻳﺤذر قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
23 أغسطس 2024

أعظم راحة

تتوزع ساﻋﺎت اﻟﻴوم عند الإنسان ﻋﻠﻰ ثلاثة أقسام متساوية ﻏﺎﻟﺒًا٨ ساﻋﺎت للنوم وهو الاحتياج الأول عند الإنسان 8 ساﻋﺎت للعمل أو اﻟﺪراسة واﻟﺒحث وﻫﻲ ساﻋﺎت الإﻧﺠاز.8 ساﻋﺎت ﺗﺨتلف من إنسان لإنسان ولكنها تتوزع ﻋﻠﻰ الأ نشطة اﻟﺘاﻟﻴة الأﺳﺮة والأصدقاء والعبادة والصحة واﻟﻬواية والقراءة واﻟﺨدمة واﻟﻨواﺣﻲ الشخصية والمعروف أن جمیع البشر یتساوون في عطیة الوقت الیومیة، إذ ینالون ۲٤ ساعة كل یوم مھما كانت أعمارھم أو أعمالھم أو مؤھلاتھم أو صحتھم أو خدمتھم والإنسان یبحث دائمًا عن الراحة سواء الشخصیة أو الأسریة أو الاجتماعیة، حتى أنه من الوصایا العشر وصیة "اُذْكُرْ یَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَه"(خر۲۰: 8؟) أي تخصصه لأعمال المحبة والرحمة والعبادة والتفرغ من كل أشكال العمل الأرضیة لیكون یومًا مخصصًا لأجل الله وفي الخلقة التي تمت في ستة أیام انتھت بخلقه الإنسان ذكرًا وأنثى في الیوم السادس لیكون قمة الخلیقة ثم مكتوب "وَفَرَغَ اللهُ فِي الْیَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ فَاسْتَرَاحَ فِي الْیَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِیعِ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ، وَبَارَكَ اللهُ الْیَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَه، لأَنَّه فِیه اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِیعِ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا"(تكوین ۲: 2, 3) والراحة في مفھوم الوصیة رمز للتحرر من العمل والمسؤولیة ولیس راحة الكسل والنوم، رغم أن الإنسان یقضي ثلث عمره في النوم والاسترخاء، وھذا یعتبر أحد الأسرار الإنسانیة عند علماء الدراسات الإنسانیة لماذا ینام الإنسان؟! والإجابة البسیطة: لكي یرتاح. ویأتي السؤال الذي لم یجد له العلماء إجابة وھو: لماذا یرتاح؟!.. وفي تاریخ بني إسرائیل كانوا یشتاقون إلى أرض الراحة أو أرض المیعاد، كما ھو موصوف في كتب العھد القدیم، ویعتبرون ذلك أنه الراحة المرجوة، ولكنھم لم ینعموا بذلك على الإطلاق،فیقال أن مدینة السلام أورشلیم القدس بنیت منذ ثلاثة آلاف سنة لم تنعم بالسلام سوى ثلاثین عامًا فقط عبر تاریخھا الطویل. ويأﺗﻲ السؤال الشخصى ما ﻫﻲ أعظم راحة عند الإ نسان؟! والإجابة مدهشة إذ أن أعظم راحة ﻫﻲ خدمة الآخرين واﻟﺘعب واﻟﺒذل من أجلهم!!! وما أحلى الراحة الداخلیة التي یشعر بھا الإنسان بعدما یخدم الآخرین في أي من مجالات الخدمة الواسعة وربما كان ھذا السبب وراء إنشاء المنظمات والھیئات التي تخدم الآخرین دون مقابل، مثل ھیئة الصلیب الأحمر أو أطباء بلا حدود وغیرھا، والتي تعتمد أساسًا على عنصرالخدمة التطوعیة دون أي منافع مادیة، وتمتد خدمتھم عبر الشعوب والدول دون غرض معین سوى مساعدة وخدمة الإنسان في وقت الأزمات دون أدنى منفعة سوى الراحة الداخلیة واجتماعیًا یختلف مفھوم الراحة من إنسان لآخر، فالبعض یعتبر أن الراحة ھي الإجازة أو الفسحة أو السفر إلى بلاد أخرى أو التنزه بین الحدائق أو الراحة المنزلیة بكافة صورھا، وھذه وغیرھا غیر مفھوم الكسل والتراخي وعدم العمل بأي شكل بل والنوم حتى في أوقات غیر ساعات اللیل أو عدم بذل المجھود بأي شكل، ومكتوب إن "الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَیْدًا" (أم ۱۲: 27) ومن أجمل الفقرات الكتابیة التي تتحدث في ھذا الموضوع سفر الأمثال "اِذْھَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَیُّھَا الْكَسْلاَنُ تَأَمَّلْ طُرُقَھَا وَكُنْ حَكِیمًا" (أمثال ٦: 6) إذن الراحة الحقیقیة ھي التعب من أجل الآخرین حتى أن السید المسیح جاء إلینا مكملاً عمل الخلاص للإنسان حیث قال على الصلیب "قَدْ أُكْمِلَ" (یو ۱۹: 30) فكان بذل الصلیب وآلامه ھي عطیة الخلاص للإنسان وفرح الله أن تكون لخلیقته الحیاة الأبدیة "لأَنَّه ھكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَه الْوَحِیدَ، لِكَيْ لاَ یَھْلِكَ كُلُّ مَنْ یُؤْمِنُ بِه، بَلْ تَكُونُ لَه الْحَیَاةُ الأَبَدِیَّةُ" (یوحنا ۳ : ۱٦) وطبعًا ھناك فرق كبیر بین العمل في وظیفة ما لھا أجر أو مرتب أو مقابل مالي، وبین الھوایة التي یمارسھا الإنسان بدون أجر أو مقابل مادي سوى الحصول على متعة وراحة نفسیة تجعل الإنسان یمضي الساعات والساعات دون كلل أو ملل محصلاً سلامًا نفسیًا وراحة داخلیة حتى وإن بذل العرق والوقت والمجھود المضني وھذا یحقق سعادته الداخلیة ھكذا خدمة الآخرین في مجالات عدیدة ولكن الھدف ھو إسعاد الآخر سواء كان طفلاً یتیمًا مثلاً أو إنسانًا معاقًا من ذوي القدرات أو مریضًا أو مسنًا متقدمًا في الأیام أو الانخراط في مساعدة البشر في أوقات الضیق والكوارث الطبیعیة أو النزاعات والحروب القتالیة. صديقى القارئ العزيز لن تشعر بالراحة اﻟﺤقيقية إلا عندما تتعب ﻓﻲ خدمةالآخرين الأب والأم الذین یبذلون الكثیر والكثیر في تربیة وتنشئة أبنائھم. المدرس والمعلم وھو ینقل خبرات الحیاة في تعب وبذل لكل تلامیذه. الخادم والخادمة الذي یتعب في افتقاد أبنائه وربطھم الحیوي بالكنیسة. الكاھن الذي یكرس حیاته في خدمة ورعایة شعبه بكل قطاعاته. المسؤول الكنسي أو المدني في خدمته أو عمله المتعلق بخدمة الآخرین وتسھیل أمور الحیاة أمامھم إن الراحة المتحصلة من خدمة الآخرین أینما كانوا وأینما ظھروا ھي التي تحصن الإنسان ضد الأنانیة والتقوقع حول الذات، حیث یخرج الإنسان من انحساره حول نفسه إلى الآخرین في تعب وبذل وتضحیة حقیقیة تجعله یشعر بإنسانیته وبرسالته في الحیاة كما أرادھا الله له وینطبق نفس الأمر عندما ندعو أحدًا إلى الخدمة أو التكریس أو الكھنوت أو الأسقفیة ھي لیست دعوة ترقیة أو منصب أو ریاسة ولكنھا دعوة إلى"التعب المریح" أي خدمة الآخرین خدمة كل إنسان وكل الإنسان.صديقى تمتع بالراحة الحقيقية فى تعبك وبذلك لكل أحد. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
16 أغسطس 2024

نشكرك لأنك نعمة الحياة

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك "وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية. نعمة الحياة "الرب راعي فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني إلى مياه الراحة يوردنی يرد نفسی يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه أيضا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك انت معى عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن رأسي كاسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي واسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (مزمور ۲۳) نعمة الحياة هي النعمة التي أعطاها لنا الله إلى هذه الساعة أي الساعة التي تصلى فيها، فوجودنا في هذه الحياة هو نعمة من الله، وأنه أعطانا اننا نعيش لهذه الساعة في نعمة أخرى. وقد يتساءل الإنسان لماذا خلقنا الله ؟!! نجيبه الله خلقنا لأنه يحبنا، ومحبته لنا جعلته يوجدنا لكي ما نشترك في هذه الحياة وأيضا أعطانا أن تمتد بنا الحياة إلى هذه الساعة، فهناك نفوس انتهت إقامتها على الأرض وانتقلت إلى السماء. لذلك فإننا في كل صباح نصلي قائلين" نشكرك يارب لأنك اعطيتنا نهارا جديدا وعمرا جديدا" فكل يوم يعطيه الله لنا، هو نعمة في حد ذاته. فالله، لأنه يحبك بصورة خاصة أوجدت في هذه الحياة، لكي ما يكون لك هدف معين وخطة وعمل وقصد... إن الله عندما خلق الإنسان خلقه بقصد، وصحيح أن الإنسان المشترك مع الله في نمو الخليقة وتكاثرها، وذلك من خلال سر الزيجة المقدس، إلا أن الله هو وحده معطى هذه الحياة. وهذا هو التكوين الجميل للبشرية، فإن ادم وحواء أو من مثلهما عندما يرتبطان ينتج من هذه الارتباط ابنا أو ابنة، وهذا المولود يبدا جنينا صغيرا جدا عبارة عن خلايا قليلة في رحم أمه، ثم ينمو بالتدريج على مدار 4 أشهر، حتى يأتي إلى العالم.. ويكون مجيئه سبب فرحة كبيرة للأب والأم والأسرة والمجتمع كله. حيث يتم عمل شهادة ميلاد له بتاريخ ميلاده ويصبح إنساناً له وجود في المجتمع. وهنا تبدأ الكنيسة في ممارسة دورها بصلاة الحميم ثم المعمودية المقدسة ثم يبدأ في ممارسة الأسرار الكنسية المختلفة. وتبدأ ظهور خطة الله في حياة هذا الإنسان ان الله في خلقته للإنسان، كان هدفه الاساسي هو المحبة لذلك نقول "الله محبة" (١يو ٨:٤)، ومن هذه المحبة أوجد الله الإنسان حتى إنه لا يستطيع أن يعيش إلا من خلال هذه المحبة، وأيضا الله لا ينسى الإنسان الذي خلقه كما يقول الكتاب "فهل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا انساك، هوذا على كفى نقشتك" (إش ١٥:٤٩- ١٦) ومن الطقوس الجميلة في كنيستنا فكرة بيض النعامة التي توضع على باب الهيكل، إشارة إلى القيامة، وأيضا إلى عناية الله لأن النعامة تدفن بيضها في التراب، وبذلك تعرضه لخطر اقدام الحيوانات التي من الممكن ان تهرس البيض، ولكن الله يحفظ البيض، فالله الذي استطاع أن يحفظها، يستطيع أيضا أن يحفظك لأن عينيه عليك فلن ينساك الله يظل يعتني بالإنسان ويرعاه "الرب راعي فلا يعورني شيء" (مز ۱:۲۳)، وبالرغم من كل هذا، قد يقول البعض أن وجودي غير مهم في هذه الحياة ... أو لماذا خلقني الله ؟!! وكأنه يعتدي على نعمة الله أمثلة من الكتاب المقدس توضح نعمة الحياة إرميا النبي فعندما رفض شعب مملكة يهوذا كلام ارميا النبي ونبواته ورفضوا التوبة كتب ارميا وقال "ملعون اليوم الذي ولدت فيه اليوم الذي ولدتني فيه أمي لا يكن مباركا " لماذا خرجت من الرحم، لأرى تعباً وحزناً فتفنى بالخزى أيامی (ار ١٤:۲۰-۱۸) يونان النبي فعندما ذبلت اليقطينة التي كان يستظل تحتها ورأی شعب نينوى لبس المسوح وبدأ في حياة التوبة الصادقة، قال "موتي غير من حیاتی (یون٤ :۸) أبوب الصديق تعرض لتجارب وآلامات شديدة جداً، فقال: "ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه، والليل الذي قال: قد حبل برجل لم لم أمت من الرحم" عندما خرجت من البطن، لم لم أسلم الروح" ( ای ٣:٣-١١) لكن أيوب بعدما دخل التجربة وتمحص وتصفى من حب الذات كانت النتيجة أنه عاش بعد هذه التجربة ١٤٠ سنة وأعطاه الله نعمة الوجود، وأصبح يمكنه أن يقف يصلى ويقول اشكرك يارب لانك أتيت بي إلى هذه الساعة إن كثيرين من الممكن أن يتعرضوا إلى مثل هذه المواقف لكن الحياة نعمة، والاعتداء عليها يعتبر خطية، لذلك الإدمان خطية والانتحار خطية فكلاهما اعتداء على نعمة الحياة يعقوب أبو الآباء عندما علم من أولاده أن يوسف حي يقول الكتاب "فجمد قلبه لأنه لم يصدقهم ثم كلموه بكل كلام يوسف الذي كلمهم به، وأبصر العجلات التي أرسلها يوسف لتحمله فعاشت روح يعقوب أبيهم فقال إسرائيل كفى يوسف ابني حي بعد أذهب وأراه قبل أن أموت، (تك ٢٦:٤٥-٢٨) وكما ذكر الكتاب أنه عندما علم يعقوب بموت يوسف عن طريق وحش ردي كان مثل الميت ولكن عندما علم أن ابنه حي ردت فيه الحياة مرة ثانية، فقال يعقوب ليوسف "أموت الآن بعدما رأيت وجهك انك حي بعد" (تك ٣٠:٤٦) وفي هذه اللحظة اعتقد أنه وقف وقال اشكرك يارب لأنك أتيت بي إلى هذه الساعة. سمعان الشيخ الذي ولد قبل مجيء السيد المسيح، واشتراك في ترجمة التوراة، وتوقف عند كلمة عذراء تحبل وتلد، فوضع بدلاً من كلمة "عذراء "كلمة فتاة فظهر له ملاك الرب، وأمره أن يكتب كلمة عذراء وليس فتاة، ووعده أنه لن يرى الموت قبل أن تتحقق هذه النبوة "وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب(لو ٢٦:٢) وبالفعل عاش سمعان الشيخ حتى حمل الطفل يسوع على ذراعيه وبارك الرب قائلاً "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام(لو ۲ :۲۹)، وغالباً قال سمعان في هذه اللحظة "اشكرك يارب لأنك اتيت بي إلى هذه الساعة" لماذا أتي بك الله إلى هذه الساعة : ان مجرد أن يأتي الله بالإنسان إلى هذه الساعة، فهذه فرصة، لأنه في نفس هذه الساعة انتهت الفرصة عند آخرين. أولاً فرصة توبة فربما لم يقدر الإنسان على التوبة بالأمس، فهي فرصة للتوبة فرصة لتنقية القلب فرصة لطرد كل خطية إلخ فاثناء الصلاة يقدم الإنسان تعهدا لله على ترك الخطية، حتى يتقابل مع أب اعترافه ويعترف لكيما ينال جلاً وهذه الفرصة قد تضيع إن لم ينتهز الإنسان الفرصة فمثلاً لو كان القديس موسى الأسود. قد عاند وظل كما هو في الشر، ولم يذهب إلى القديس ايسيذوروس، لكان سوف يظل في خطيته، ولكنه استغل فرصة التوبة وتحول. وصار من إنسان قلبه أسود إلى قلب أبيض، وقديس تتشفع به، رغم أن حياته الأولى كانت لا تسر ولا تفرح قلب الله. وتتخيل أن القديس موسى وقف يصلي ويقول أشكرك يارب لانك اتيت بي إلى هذه الساعة ساعة التوبة. ثانيا: فرصة مصالحة ربما يكون الإنسان متخاصما أو قاضيا أو زعلانا مع شخص آخر، وهنا اسال نفسك هل ستسمح أن تنتهى حياتك وانت تحمل كل هذه الأخطاء انتبه أيها الحبيب، فهناك فرصة للمصالحة وعندما تتقدم للمصالحة، فأنت تصنع عملاً سمانيا، فهناك مشاكل قد تستمر لسنوات طويلة وكان من الممكن أن تنتهى بسرعة إن تقدم أحد الطرفين بطلب المصالحة فوجود الإنسان في الحياة حتى هذه الساعة، هو فرصة لصنع السلام مع الآخرين، وكأنه يبدأ صفحة جديدة في حياته تتخيل معى لو أن والد الابن الضال لم يقبله وليس هذا فقط بل أيضا طرده ووبخه بالطبع كان سيعود هذا الابن إلى خطيته مرة أخرى، وربما إلى أكثر مما كان عليه، وبذلك تضيع فرصة المصالحة. ثالثا: فرصة عمل وخدمة يقول الكتاب قال "الكسلان الأسد في الطريق الشبل في الشوارع"(أم ١٣:٢٦). فهناك من يضع معوقات في الطريق والمبررات ولا يستطيع أن يقول كلمة اخطيت من قلبه أتيت بنا إلى هذه الساعة هي فرصة عمل "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل، (يو٥: ۱۷)، فالسيد المسيح في سنوات خدمته على الأرض، كان في عمل وخدمة دائمة ومستمرة، فلا تؤجل أي عمل أو خدمة تطلب منك، واستغل الساعة التي أعطاها لك الله في عمل الخدمة بكل أنواعها وأشكالها واتذكر أنه في إحدى المرات وقبل وجودي في مسئوليتي الحالية جاء إلى شخص وأخبرني عن إنسان يريد التناول وأعلمني أن هذا الشخص بعيد تماما على الكنيسة منذ ما يقرب من ٢٠ عاما !! فذهبت إليه وقبل أن يأخذ التناول قال لي أريد أن اعترف أولاً وبالفعل قدم اعترافا بتوبة وندم، ثم تقدم المتناول من جسد الرب ودمه، وبعد حوالي ساعتين تنيح فالحياة فرصة عمل وخدمة. رابعا: - فرصة للنمو بمعنى أن ينمو الإنسان روحيا. ومعرفيا ودراسيا ينمو في الخبرة والمعرفة، فهناك شخص لا يحب أن يضيع الوقت واتذكر انني في إحدى المرات كنت في الخارج، وكلفت شخصية معينة أن تكون مرافقة لي، فقلت في نفسي هذه فرصة، فالقطار سياخذ ، ساعات من الممكن أن أتعرف فيها على معالم هذه البلد، من خلال هذه الشخصية المرافقة ولكنني فوجئت أن هذه المرافقة قد استغلت هذه الساعات في قراءة أحد الكتب فقد استغلت هذا الوقت في زيادة معرفتها عن طريق القراءة. فهناك شخص قد يستغل الوقت، في الجلوس إلى الأجهزة الحديثة ولكنه لا يستغلها بطريقة جيدة، ويضيع الوقت الذي هو أثمن عملية بدون فائدة فالحياة هي فرصة نمو على كل الأصعدة، لكيما تكون شخصية الإنسان متكاملة. خامسا: - فرصة صلاة الحياة فرصة للصلاة والتسبيح لقراءة الإنجيل. وفرصة لعلاقة روحية اكثر فيكون لك نصيب في السماء وتعرف طريقك من تقليد الكنيسة أنه يوجد ما يسمى بالصلاة السهمية (الدائمة)، استغل الوقت في الصلاة في قراءة الكتاب المقدس وكلما روح الصلاة تتاجج في الإنسان. حياته تكون أكثر استنارة، ويكون بالحقيقة ابنا للسماء، ويصبح قلبه علينا بالنور نشكرك يارب لأنك أتيت بنا إلى هذه الساعة(نعمة الحياة التي تعطيها للإنسان) قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
09 أغسطس 2024

نشكرك لأنك نعمة العضد

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك" وحسب تقلید كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية. "يا الله إلهي أنت. إليك أبكر عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي في ارض ناشفة ويابسة بلا ماء، لكي أبصر فوتك ومجدك كما قد رأيتك في قدسك. لأن رحمتك أفضل من الحياة شفتاي تسبحانك هكذا أباركك في حياتي باسمك ارفع يدى كما من شحم ودسم تشبع نفسي وبشفتي الابتهاج يسبحك فمي إذا ذكرتك على فراشي، في السهد الهج بك، لأنك كنت عونا لي، وبظل جناحيك ابتهج التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني أما الذين هم للتهلكة يطلبون نفسي، فيدخلون في أسافل الأرض يدفعون إلى يدى السيف. يكونون نصيباً لبنات أوى أما الملك فيفرح بالله يفتخر كل من يحلف به، لأن افواه المتكلمين بالكذب تسده" (مز ٦٣) العضد هو الساعد وهي تعنى Support us، فالسيد المسيح صلب على الصليب وهو فاتح ذراعيه، لكي ما يذكرنا دائما انه يعضدنا، ومعلمنا داود النبي يرنم قائلاً "التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني" (مز ٨:٦٣)، وكلمة التصقت هنا تمثل كل أوجه العبادة التي تتعلمها في كنيستنا مثل الصلاة في الأجبية أو حضور القداسات أو ممارسة الأسرار أو إلخ وكل هذا يمثل أشكالاً من الالتصاق بالله. فئات من البشر يعضدها الله إن الله عندما يعضد البشر يعضدهم بأشكالاً كثيرة، وسنتأمل هنا في أربع فئات من البشر الله يعضدها وهم: الفئات الضعيفة جسدياً، والفئات الضعيفة اجتماعياً، والفئات الضعيفة روحيا، والابرار والصديقون أولاً: الفئات الضعيفة جسدياً. هناك بعض البشر لهم ضعف جسدي معين سواء كان هذا الضعف مرضاً جسدياً أو نفسياً أو مرضاً صعباً أو سهلاً أو مرضاً عابراً.. أو مرضاً مزمنا .. الخ.ويقول الكتاب "طوبي للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب. الرب يحفظه ويحيبه يغتبط في الأرض. ولا يسلمه إلى مرام أعدائه الرب يعضده وهو على فراش الضعف. مهدت مضجعه كله في مرضه" (مز١:٤١-٣)وكلمة يعضده، تعنى يسنده، فقد يحتار الأطباء في علاج شخص ما. وفجاة ينال هذا المريض الشفاء بطريقة معجزية أو قد يتوقع الأطباء استمرار المرض لمدة طويلة، ولكن الله يتمجد وينال المريض الشفاء سريعاً بخلاف كل توقعات العلم! فمثلاً في العهد القديم، نقرأ عن حزقيا النبي الذي كان ملكاً على يهوذا، فيقول عنه الكتاب "التصق بالرب ولم يحد عنه، بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى" (۲مل ٦:۱۸)، ولكنه في أحد الأيام تعرض لمرض شديد جداً، كاد أن يودى بحياته ولأن حزقيا كان ملكاً صالحاً، وصاحب أعمال جيدة في مملكته، وأيضاً كان لديه رغبة ملحة في أن يخدم الله أكثر وأكثر، لهذا وقف وصلى أمام الله قائلاً "اه يارب اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب فعلت الحسن في عينيك، وبكي حزقيا بكلء عظيما، (۲ مل ٣:٢٠).وهنا عضده الله، ولم يخرج إشعياء النبي من المدينة حتى أمره الرب بالعودة إلى حزقيا ليعلمه انه سيشفيه ويزيد على عمره ١٥ عاماً !! "قال الرب.. قد سمعت صلاتك. قد رأيت دموعك هانذا أشفيك في اليوم الثالث تصعد إلى بيت الرب وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة (٢ مل ٥:٣٠-٦)، لقد أعطى الله حزقيا الملك الفرصة لكي ما يخدمه أكثر، كما اشتاق في معجزة مريض بيت حسدا، الذي كان مطروحا على البركة ٣٨ عاماً، في حالة ميئوس منها حيث إن عضلات جسده كانت قد يبست وأصبحت عاجزة عن الحركة !! إلا أن السيد المسيح عندما رأه على هذا الحال قال له "أتريد أن تبرأ " (يو٦:٥)، وهذه هي الإرادة فقال له المريض" ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء بل بينما أنا ات ينزل قدامى آخر"( يوه : ٧)، وهنا عضده الرب فقال له: "قم. احمل سريرك وامش" (يو٨:٥)!! وهنا لم يأمره الرب بالقيام فقط، لكنه أيضا أمره بحمل سريره وهذا يعنى أنه قام بصحة كاملة وجيدة، حيث إنه تمكن من حمل فراشه والسير به!! وهناك معجزات كثيرة صنعها السيد المسيح مع فئات المرضى، حيث كان عضدًا لهم وأحيانا يكون التعضيد في احتمال صليب المرض، فقد يصاب إنسان ما بمرض يستمر معه لمدة طويلة، وهنا يحتاج إلى يد الله التي تعضده وتعزيه، لذلك عند زيارة مثل هذا المريض تشعر بيد الله التي تعضده وتملأه بالرجاء، حتى إننا نتعجب من إيمان بعض المرضى !! فالله يعضد الضعفاء جسديا ونفسيا وأتذكر أنني في إحدى المرات ذهبت لزيارة فتاة مريضة بمرض صعب الشفاء، حيث كان عمرها قد قارب على الانتهاء، وكان عمر هذه الفتاة ٢٦ عامًا، وكانت تعمل في التمريض بالجيش بدرجة نقيب !! ودار بيننا حوار لطيف، وفى النهاية سألتها عما تقرأ ؟!! فأجابت بالتأكيد أقرأ في سفر الرؤيا، لكي ما أستعد للأبدية، وبالفعل بعد ١١ يوما سافرت هذه الفتاة إلى السماء وأنا لا أنسى ابتسامتها ورجاءها، حتى في قراءتها لسفر الرؤيا كانت تقرأه باستمتاع فقد قامت برسم كروكي لكل أحداث ورؤى هذا السفر، وكانت جميع هذه الرسومات مليئة بالفرح والرجاء، وتبين مدى تعضيد الله لها في مرضها . ثانيا: الفئات الضعيفة اجتماعيا في كل مجتمع يوجد طائفة من المستضعفين والمهمشين والذين لا صوت لهم والذين يعيشون على هامش الحياة ولكن أخطر الفئات المستضعفة اجتماعيا، هي فئات اليتامى والأرامل، ولذلك قال الله عن نفسه أبو اليتامى وقاضي الأرامل، كما يعلمنا الكتاب "الرب يحفظ الغرباء. يعضد اليتيم والأرملة (مز ٩:١٤٦) قديماً، لم يكن هناك قوانين التأمينات والمعاشات والوحدات الصحية وبيوت ضيافة الأطفال، لكن كان يوجد الله الذي يعمل وما زال يعمل حتى الآن، وبالرغم من الانتشار الواسع للعمل الاجتماعي في خدمة اليتامى والأرامل، إلا أنهم مازالوا من الفئات المستضعفة على مستوى أي مجتمع ويحتاجون دائما إلى الأمانة في الرعاية ونذكر هنا مثالاً من العهد القديم، وهو أرملة صرفة صيدا وكيف عضدها الله في المجاعة، وأعطاها أيضا بركة خدمة إيليا النبي !! فهذه الأرملة لم يكن لديها سوى كمية قليلة من الزيت والدقيق !! ولكنها بالأمانة وبالقليل الذي لديها، عضدها الله وحفظها في أيام المجاعة هي وابنها، إلى جانب بركة خدمة نبي الله إيليا !! وكما قال الكتاب: "لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ، وكوز الزيت لا ينقص إلى اليوم الذي فيه يعطى الرب مطرًا على وجه الأرض" (۱مل ١٤:١٧)، وهذه القصة تعطى لنا مثالاً بسيطاً عن كيف أن هذه الأرملة أو هذا اليتيم، من الممكن أن يكون له علاقة قوية بالله، وأن الله من خلال أمانتهم يستطيع أن يخدم أشخاصاً كثيرين. أما في العهد الجديد فنذكر على سبيل المثال: قصة أرملة نايين، فهي أرملة وحيدة ليس لها سند أو دخل، ولديها ابن وحيد وضعت فيه كل رجائها ومستقبلها وحاضرها، وكأن هذه الأرملة وابنها يعيشان بقلب واحد !! ولكن الله سمح بتجربة قاسية لهذه الأرملة، وهي أن وحيدها يموت!! وهنا تحنن الله عليها ولم يتركها لحزنها فيقول الكتاب" فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها : لا تبكى. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال: أيها الشاب، لك أقول: قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى أمه" (لو ۷: ۱۳-١٥). فاعلم أيها الحبيب، أنه لا تستطيع الكلمات البشرية، أن تعضد إنسانا حزيناً أو متألماً أو مجروحاً أو في تجربة ما إلخ لكن الله وحده هو من يستطيع تعضيد الإنسان، وذلك من خلال آيات وعبارات الكتاب المقدس، ولذلك نوصى دائما أي إنسان يتعرض لتجربة، أن يستلهم تعزيته من كلمات الكتاب وقصصه وأحداثه، وكلمات سفر المزامير تساعد كثيرا في هذه التعزية. ثالثاً : الفئات الضعيفة روحيا : المقصود بهذه الفئة هو الإنسان الساقط في الخطية، سواء كانت هذه الخطية صغيرة أو كبيرة، وكنيستنا تعلمنا دائما أن يكون لنا علاقة قوية بالله، وذلك من خلال الوسائط الروحية المختلفة، لكي ما نكتسب قوة روحية تحمينا من السقوط وإن سقطنا نقوم سريعا، وإن قمنا فعلينا تقديم التوبة. لكن هناك من يسقط بسبب ضعف إرادته!! وحتى في هذا الله يعضده كما يعلمنا الكتاب: "الرب عاضد كل الساقطين، ومقوم كل المنحنين"( مز ١٤:١٤٥ ) ، وعبارة «مقوم كل المنحنين» تعنى من لم يسقط بعد، لكنه في الطريق إلى السقوط، وهذا أيضا الله يسرع لنجدته، فالله لا ينتظر من الإنسان أكثر من طلب المساعدة!! ويقول أيضا "الرب رحيم ورؤوف طويل الروح، وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد .. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب أثامنا .. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا . يذكر أننا تراب نحن"(مز ٨:١٠٣-١٤) والساقطون عبر التاريخ كثيرون جدا،لكن يمكننا أن نقف قليلاً عند سقطة داود النبي، وكيف أن هذه القامة الروحية وهذا النبي العظيم سقط؟!! يقول الكتاب :فقال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب.فقال ناثان لداود الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك. لا تموت» (۲ صم ۱۳:۱۲) وهذا هو أسلوب الله فهو دائما ما يعضد الخطاة، وقد نتساءل كيف إنسان كان في عمق الشر، يصبح في عمق النقاوة، مثل القديس موسى الأسود والقديسة مريم المصرية. والقديسة بائيسة وغيرهم كثيرين؟!! إن ما يحدث لهؤلاء القديسين، لهو شيء لا يرى بالعين المجردة، لكنه ذراع الله الممدودة على الصليب، نحو كل هذه النفوس الساقطة لكى ما تقوم، وتجد نفسها في حياة جديدة وهي حياة التوبة ويقول الكتاب: :إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (١ يو٩:١). ومن أمثلة الكتاب المقدس على ذلك: قصة الابن الضال الذي عاش في بيت أبيه متذمرا ، فتعامل مع أبيه بكل جفاء حتى إنه أخذ نصيبه من الميراث ورحل مع أصدقائه!! ثم بعد أن نفدت أمواله بدأ فى الانحدار حتى وصل إلى القاع عند الخنازير !! وهنا جلس إلى نفسه، واكتشف أنه يموت جوعًا ، بينما أقل عبد في بيت أبيه يعيش أفضل منه !! وعلى هذا، فكر في الرجوع إلى بيت أبيه، وبدأ في وضع سيناريو لمقابلة أبيه، فقال أقول لأبي: "يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست متسحقاً بعد أن أدعى لك ابنا بل أجعلني كأحد أجراك" (لو ۱۸:۱۵-۱۹). وكان من الممكن أن يكتفى بهذا السيناريو، ولا يرجع لبيت أبيه، ولكنه كان له الإرادة القوية التي جعلته ينفذ ما فكر فيه، ولأنه كان صادقا وأمينا في توبته ورغبته ورجائه، مد له الله يمينه وعضده، وبالفعل قام وذهب إلى أبيه يقول الكتاب: "فقام وجاء إلى أبيه" فهذا الابن الشاطر لم يعط نفسه وقتًا للتراجع، فقام في الحال بدون أي تأجيل أو كسل، وبالتأكيد هذا تصرف إنسان سلم إرادته لله.. والله وهو الذي أكمل المشوار. وقد وجد هذا الابن الضال أحضان أبيه مفتوحة له مع كل الفرح... والعجل المسمن.. والخاتم والحذاء... والحلة الأولى .. كما قال الكتاب: "كان ينبغى أن نفرح ونسر، لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالاً فوجد "(لو ٣٢:١٥). وينطبق هذا أيضا على المرأة السامرية وكيف أنها كانت ساقطة روحياً، والله نهض بها إلى أن صارت قديسة. رابعاً: الصديقون والأبرار الله يعضد الصديقين والأبرار لأنهم فئات ضعيفة، أو بمعنى أدق لأنهم فئات متضعة مثل أمنا العذراء التي قالت في تسبحتها : "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين" (لو ٥٢:١)، فالله يعضد هذه الفئات ويقويها، ونجد هذا كثيراً في سير القديسين، فالله يشدد هؤلاء القديسين في حياتهم وخدمتهم. وقد نجد أحياناً قديساً بلا إمكانيات مثل مار مرقس الرسول عند مجيئه إلى أرض مصر !! كان بلا أية إمكانيات.. لم يكن لديه مال.. أو معارف.. أو أي شيء!! لكن الله عضده وكان هو البذرة الأولى لتقديم الإيمان المسيحي في كل أرض مصر!! أمثلة لتعضيد الله من الكتاب المقدس عضد الله موسى النبي طوال مسيرة حياته على الأرض، وعلى سبيل المثال: عندما طلب الله من موسى قيادة شعب بني إسرائيل في الخروج من مصر، اعتذر وقال إنه ثقيل الفم واللسان!! "فقال موسى للرب استمع أيها السيد لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر١٠:٤) وهنا طمأنه الرب وقال له: «من صنع للإنسان فماً؟ أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيراً أو أعمى؟ أما هو أنا الرب؟ فالآن اذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به» (خر٤: ۱۱-۱۲). وبالفعل بدأ موسى يطيع ويدخل إلى فرعون، ويطلب منه إطلاق شعب إسرائيل وفرعون يرفض.. فيعضد الله موسى.. ثم يعود فرعون للعناد .. وهكذا كما ورد في قصة الخروج (خر ٤-١٥). فالله عضد موسى صاحب اللسان الضعيف، لأنه اعترف بضعفه، وعندما يعترف الإنسان بضعفه أمام الله في مسيرة حياته الروحية الله يعضده، فالله مستعد دائماً لمساعدة كل من يطلبه لذلك اجعل أمامك دائماً صورة ذراع المسيح الممدودة على الصليب، وتأكد أنه مازال فاتحاً ذراعيه لكل أحد . عضد الآباء الرسل، بالرغم من أهم كانوا ذوى إمكانيات ضعيفة جداً !! ما بين صيادين للسمك وعشارين!! ولكن بتعضيد الله لهم فتنوا المسكونة كلها بكرازتهم!! ومن خلال ۱۲ تلميذاً و ٧٠ رسولاً والقديس بولس الرسول، وصل الإيمان المسيحى لكل إنسان في العالم... عضد بطرس الصياد البسيط، فأمن على يديه في عظة واحدة ثلاثة آلاف نفس، كما ذكر الكتاب: "فوقف بطرس. ورفع صوته وقال لهم.. فقبلوا كلامه بفرح، واعتمدوا ، وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس"(أع ٤١:٢). عضد الآباء الرسل بصنع المعجزات، وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة، كما قال الكتاب "ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شيء"(لو ۱۹:۱۰)، والله الذي صنع في القديم هذا، يستطيع أن يصنع نفس الأمر في كل زمان.. وفي كل جيل... عضد بولس الرسول وهو في السلاسل ويحاكم وأعطاه فما وحكمة حتى أن أغربياس الملك يقول له" بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً" (أع ٢٨:٢٦) وهنا أجابه بولس: «كنت أصلى إلى الله أنه بقليل وبكثير، ليس أنت فقط، بل أيضاً جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود» (أع ٢٩:٢٦). الخلاصة: "التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني"(مز ٨:٦٣) انظر إلى يدى المسيح الممدودة عى عود الصليب، وممدودة نحوك لتعرف أن المسيح يشاركك ويعضدك وعندما تقف للصلاة، صل قائلاً: «نشكرك يارب لأنك عضدتنا ». قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
02 أغسطس 2024

نشكرك لأنك نعمة الشفقة

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك" وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن نتلو الصلاة الربانية. "وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك ودعى أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس ولما فرغت الخمر، قالت أم يسوع له ليس لهم خمر قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتی بعد، قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه، وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك. حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة قال لهم يسوع املاوا الأجران ماء، فملأوها إلى فوق ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكاء فقدموا فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا، ولم يكن يعلم من أين هي لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتكأ العريس وقال له كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً، متى سكروا فحينئذ الدون. أما انت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن. هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فامن به تلاميذه"(يو۲: ۱-11) إن كلمة الشفقة لها مترادفات كثيرة جدا، فهى تعنى الرحمة، الرأفة التعزية، والأحشاء، وتعنى أيضا الإحساس بالآخرين مثلما حدث مع أمنا العذراء في عرس قانا الجليل فعندما شعرت بالمازق الذي يتعرض له أهل العرس، ذهبت إلى السيد المسيح وقالت له: ليس لهم خمر (يو ٣:٢). وكلمة "خمر" في مدلولتها في معاني الكتاب المقدس تعنى الفرح وكانها تقول للسيد المسيح أن هؤلاء المدعوين يعيشون في حالة من الحزن وذلك لأن العهد القديم باكمله، لم يكن فيه فرح الخلاص، وقد استدل على هذا المعنى من مضمون كلمات السيد المسيح "ما لي ولك يا امرأة لم تات ساعتي بعد".(يو ٤:٢). فقد كانت إجابة السيد المسيح هنا إجابة خلاصية، وكلمة ساعتي، تشير إلى ساعة الصليب التي هي قمة الرحمة والشفقة لبني البشر، وكأن العذراء مريم تقدم لنا نموذجا مصغرا للإحساس بالآخرين والسيد المسيح في إجابته يوضح لنا أن ساعة الرحمة الشاملة والكاملة في ساعة الصليب وكانت هذه هي أول اية يقوم بها السيد المسيح، ثم بعد ثلاث سنوات من هذا الحدث، صلب السيد المسيح على الصليب، وقدم الفداء والرحمة لكل البشرية، ولذلك فإن أكثر كلمة تستخدمها في صلواتنا في ارحمنا يا الله، فعبارة "ارحمنا يا الله" نكررها باشكال كثيرة وفي أوقات مختلفة وأيضا نصلى في مزمور التوبة قائلين "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك "مز ٥٠ قبطي)، وعبارة "عظيم رحمتك" تعنى عظيم الشفقة، أي شفقة الله التي لا تنتهى على البشر وإن توقفنا قليلاً عند أعمال السيد المسيح، نجد أن جميعها لا تخلو من أفعال الرحمة إن كان ذلك من خلال المعجزات أو الامثال أو المقابلات لمعجزات المسيح كانت تتنوع ما بين شفاء المرضى أو إقامة الموتى أو عرس قانا الجليل، وكل هذا يحمل روح الشفقة والرحمة. فمثلاً في معجزة شفاء مريض بيت حسدا مر السيد المسيح على هذا الإنسان الضعيف المطروح عند البركة وقال له اتريد أن تبرا، واعتقد أنه عبر الـ ٣٨ عاما التي قضاها هذا المريض عند البركة، لم يسأله أحد هذا السؤال فقال له المخلع "يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء بل بينما أنا أت ينزل قدامی اخر "(یو٧:٥)، ولكن المسيح كلى الرأفة قال له "قم أحمل سريرك وامش "(يو ٥ :۸)، واعطاء الرحمة والشفقة اللتين كان في احتياج إليهما. وأيضاً أمثال السيد المسيح، تشتمل جميعها على الرحمة والشفقة، فمثلاً في مثل الابن الضال عندما عاد إلى أبيه، لم يجد منه غير الشفقة والرحمة فيقول الكتاب "وإذ كان لم يزل بعيداً رأه أبوه، فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله" (لو ۲۰:۱۵). وهكذا مقابلات السيد المسيح اشتملت جميعها أيضاً على الرحمة مثال لذلك مقابلته مع نيقوديموس "كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس، رئيس لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلاً" (يو ۳: ۱-۲)،ومقابلته مع المرأة السامرية "فجاءت امرأة من السامرة لتستقى ماء فقال لها يسوع أعطيني لأشرب" (يو ٧:٤). ومقابلته مع نازفة الدم "وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه" (مت ۲۰:۹)، ولقائه مع المرأة الكنعانية وتحننه عليها "وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه ارحمني يا سید یا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً" (مت ٢٢:١٥) ومقابلته مع زكا العشار "فلما جاء يسوع إلى المكان نظر إلى فوق فراه وقال له: يا زكا أسرع وانزل، لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك"(لو ٥:١٩). وهنا اسأل نفسك ماذا ستقول للسيد المسيح إن تقابلت معه يوماً ؟!! أعتقد لن تستطيع أن تنطق إلا بعبارة واحدة وهي: «ارحمني يا الله» فالطلب الأول والأخير الذي نطلبه من شخص السيد المسيح هو الرحمة. جولة في الكتاب المقدس المشاهدة رحمة الله: والآن سنتجول معاً في الكتاب المقدس، لنرى رحمة الله وشفقته على جنس البشر. أولاً: في العهد القديم شفقة الله على آدم، لقد ظهرت شفقة الله منذ بداية الخليقة عندما أوجد الإنسان الأول آدم، ووجده وحيداً فقال: "ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره" تك ۲ : ۱۸)، فخلق له أمنا حواء التي كانت الإنسانة الأولى على الأرض فخلقة حواء بطريقة خاصة من آدم كانت نوعاً من شفقة الله على الإنسان. وحتى بعد سقوط آدم وحواء في الخطية، وكسرهما وصية الله أشفق أيضاً عليهما !! فيقول الكتاب "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما "(تك ۲۱:۳)، وكان هذا نوعاً من الشفقة والرحمة حتى وهما خطاة!! شفقة الله على لوط، فقد كان الملاكان يعجلان لوطاً وعائلته بالخروج من المدينة، لأنها ستحرق بالنار والكبريت ولما توانى يقول الكتاب" أمسك الرجلان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة" (تك ١٦:١٩). شفقة الرب على ليئة، لقد تزوج أبونا يعقوب من ليئة ابنة لابان، ثم تزوج من راحيل أختها، ويقول الكتاب "وأحب أيضاً راحيل أكثر من ليئة" (تك ۳۰:۲۹)، إلى جانب أن راحيل كانت أكثر جمالاً من ليئة لذلك أشفق الله على ليئة، وأعطاها نسلاً قبل راحيل أختها، فيقول الكتاب: "ورأى الرب أن ليئة مكروهة ففتح رحمها، وأما راحيل فكانت عاقراً" (تك ۳۱:۲۹). أولاً: في العهد القديم شفقة الله على المساكين والفقراء ونجدها كثيراً في الكتاب المقدس، فهو يشفق على المسكين والبائس كما يقول الكتاب "لانه ينجى الفقير المستغيث، والمسكين إذ لا معين له يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء" (مر ۱۲:۷۲-١٣) ويشفق أيضا على الغريب واليتيم والضيف كما يعلمنا الكتاب قائلاً" الصانع حق اليتيم والأرملة، والمحب الغريب ليعطيه طعاماً ولباساً فأحبوا الغريب لأنكم كنتم غرباء . "(تث ۱۸:۱-۱۹)، فشفقة الله لا تستطيع أن تتكلم عليها، أو نصفها بتمام الوصف شفقة الله على حزقيا الملك، فقد كان حزقيا ملكاً صالحاً، وفي أحد الأيام قال له اشعياء النبي "الرب يقول إنك تموت ولا تعيش" هكذا يقول الرب أوص بينك لأنك تموت ولا تعيش" (اش ۱:۳۸)، فبكي حزقيا وصلى إلى الرب قائلاً: "اه يارب اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب سليم، وفعلت الحسن في عينيك" (۲مل ۳:۲۰) فاستجاب الله لصلاته، ولم يخرج إشعياء من المدينة حتى أمره الرب أن يعود الملك حزقيا مرة أخرى، ويقول له :هكذا قال الرب إله داود ابيك قد سمعت صلاتك قد رأيت دموعك هانذا أشفيك في اليوم الثالث تصعد إلى بيت الرب وأزيد على ايامك خمس عشرة سنة" (۲ مل٥:٢٠-٦) ثانيا: في العهد الجديد شفقة الله على الأعميين، لقد تقابل السيد المسيح معهما، وهو في الطريق خارجا من أريحا، فصرخا قائلين "ارحمنا یا سید یا این داود" فأشفق الرب عليهما. كما يقول الكتاب "فتحنن يسوع ولمس اعينهما فللوقت أبصرت اعينهما فتبعاه"(مت ٣٤:٢٠) شفقة الله على المرأة الكنعانية، التي كانت تصرح قائلة "ارحمنی با سید، يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا"(مت ٢٢:١٥)، وهنا أدخلها السيد المسيح في امتحان صعب جداً، فقال لها "ليس حسناً أن يؤخذ خبر البنين ويلقى للكلاب ولكن هذه المرأة الكنعانية في إيمان ثابت اجابته قاتلة نعم يا سيد والكلاب ايضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها (مت٢٧:١٥) فنظر إليها السيد المسيح وقال لها: "يا امرأة عظيم إيمانك ليكن لك كما تريدين. فشفيت ابنتها من تلك الساعة (مت ۲۸:۱۵) لقد تحين الله عليها وشفى ابنتها. شفقة الله على الأبرص، يقول الكتاب "وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني فمد يسوع يده ولمسه قائلاً: اريد، فاظهر (مت ۲:۸-٣) لقد تحنن الله على هذا الأبرص وطهره من برصه شفقة الله على أرملة نايين، فقد اقام لهذه الأرملة ابنها الوحيد، كما يقول الكتاب "فلما رأها الرب تحنن عليها، وقال لها لا تبكي، ثم تقدم ولمس النعش، فوقف الحاملون فقال أيها الشباب لك أقول قم فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى امه (لو ١٣:٧-١٥) شفقة الله على الجموع أن سبب هذه المعجزة هو شفقة الله على جموع الشعب المجتمعة لسماع تعاليمه، فيقول الكتاب "واما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني اشفق على الجمع، لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معى وليس لهم ما يأكلون ولست اريد أن أصرفهم صائمين لثلا يخوروا في الطريق (مت ٢٢:١٥). شفقة الله على الحيوان والجميل هنا أن شفقة الله وحنانه ليست على البشر فقط ولكنها على الحيوان أيضا، فيقول الكتاب "لا تحرث على ثور وحمار معا" (تث١٠:٢٢) لأن الثور أقوى من الحماروهذا يسبب تعبا وألما للحمار" وأيضاً يقول "لا تطبخ جدياً بلبن امه"(تث٢١:١٤)، وهناك مواقف أخرى كثيرة، فمن خلال الكتاب المقدس خرجت ما يسمى بجمعية الرفق بالحيوان وايضا جمعيات حقوق الإنسان في شكل من اشكال الرحمة. شفقة الله على الطيور فيقول الكتاب "المعطى للبهائم طعامها، لفراخ الغربان التي تصرخ (مز ٩:١٤٧) فراخ الغربان أي الأولاد الصغار للغربان، وهي تتميز باللون الأبيض في أيامها الأول، وهذا يجعل الغراب الأب يخاف من أولاده ويهرب ويتركهم ويقال أن هذه الغربان الصغيرة عندما تترك وحيدة ترفع افواهها إلى السماء وتصرخ وكانها تطلب من الله إطعامها وبالفعل يرسل لها الله بعض الحشرات الصغيرة التي تشبعها، ومع الوقت يبدا لونها الأبيض في التحول إلى اللون الرمادي الغامق، وهنا يعود الغراب الآب إلى أولاده ويكمل رعايته لهم ! شفقة الله على الأرض فيقول الكتاب "وست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها ، وأما في السابعة فتريحها وتتركها لياكل فقراء شعبك وفضلتهم تأكلها وحوش البرية كذلك تفعل بكرمك وزيتونك "(خر ۱۰:۲۲ -11) لأنه إن زرعت الأرض بصفة دائمة، فإن ثمرتها وإنتاجها وقوتها سوف تضعف وأيضاً لأنه في هذا العام سيخرج من الأرض بعض الأعشاب التي يقتات منها الإنسان الفقير ووحوش البرية إن الرحمة والشفقة من الصفات العالية جدا التي يتميز بها الإنسان ولكن للأسف الشديد قد يصاب قلب الإنسان بالقسوة سواء كان ذلك في إطار الأسرة الصغيرة أو المجتمع أو الأوطان فنجد الحروب في كل مكان وهنا يتخلى الإنسان عن الرحمة التي في قلبه، بينما يعلمنا الكتاب قائلاً" كونوا رحماء كما أن أباكم ايضاً رحيم، (لو ٣٦:٦). كيف ينال الإنسان شفقة الله ورحمته!! هناك ثلاث قنوات تساعد الإنسان، لكيما ينال رحمة الله وشفقته وهي التوية، والقدرة على التسامح، وعمل الرحمة. أولا التوبة فالتوبة تجعل الله يسكب على الإنسان كل البركات، وأيضاً تفرح السماء فيقول الكتاب "اقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة (لو ٧:١٥) فالتوبة هي التي تسكب رحمة الله على الإنسان، ففى توبة الابن الضال، كان كل ما يتمناه في رجوعه، هو أن يكون أجيراً في بيت أبيه، ولكن ما حدث كان خلاف هذا، فقد قبله أبوه وتحنن عليه، كما قال الكتاب "فقال الأب لعبيده أخرجوا الحلة الأولى والبسوء واجعلوا خاتما في يده، وحذاء في رجليه وقدموا العجل المسمن واذبحوه فناكل ونفرح "(لو ٢٢:١٥-٢٣)إن توبة الابن الصادقة هي التي جلبت كل هذه النعم والعطايا عليه، فيقول الكتاب "كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن" (مر ۱۳:۱۰۲ -١٤)، فتوبة الإنسان هي التي تجعل الله يتحنن عليه ثانيا : القدرة على التسامح فهناك مشكلات قد تستمر لسنوات عديدة بينما إن كان لأحد الطرفين القدرة على التسامح، لكان هذا الصراع قد انتهى سريعاً، لذلك نصلي في الصلاة الربانية ونقول "وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمدنيين إلينا" (مت ٦ :١٢) ويقول الكتاب "وإن لم تغفروا انتم لا يغفر أبوكم الذي في السماوات أيضاً زلاتكم "(مر ٢٦:١١)، فعلم نفسك أيها الحبيب كيف تستطيع أن تسامح، وقد تبدو هذه الكلمة سهلة، ولكنها في الحقيقة هي غاية في الصعوبة فكثير من الأشخاص ليس لديهم القدرة على المسامحة ولكن إن تخيل أي إنسان أن الله من الممكن أن يفعل معه ذلك، ولا ينسى له أخطاء، ماذا ستكون مشاعره !!! بالتأكيد سيكون شيئاً مؤلماً للغاية، لذلك حاول أن تسامح وتصفح، لتنسكب عليك رحمة الله وشفقته ثالثاً عمل الرحمة علم نفسك أيها الحبيب، أن تعمل دائماً. أعمال الرحمة وذلك بكل أشكالها، وضع امامك هذه الآية التي تقول "كونوا رحماء كما أن أباكم ايضاً رحيم،:(لو٣٦:٦).فمثلاً اجعل لك شفقة على الإنسان الضعيف فهناك من يتلذذ بإذلال الآخر وتعذيبه ولكن هذا يطيح بالإنسان بعيداً عن السماء فكيف تطلب من الله أن يشفق عليك وأنت لا تشفق على أخيك الإنسان مهما كانت قرابته لك علم نفسك كيف تكون رحيما بالآخرين، سواء كان هذا الآخر زوجاً أو زوجة أو ابناً أو جاراً أو صديقاً أو إلخ لكي ما تتمتع برحمة الله فحاول أيها الحبيب أن تبحث عن آية قساوة داخل قلبك، واعمل على إزالتها. وصل دائماً قائلاً "اشكرك يارب لأنك اشفقت على وأعطيتني النعمة التي استطيع بها أن أشفق على الآخرين". قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
26 يوليو 2024

نشكرك لأنك ... نعمة القبول

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله في تشكرك وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن نتلو الصلاة الربانية "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في اليد. عند الله كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يضي، في الظلمة والظلمة لم تدركه كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا هذا جاء للشهادة ليشهد النور، لكي يؤمن الكل بواسطته لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان أنيا إلى العالم كان في العالم، وكون العالم به، ولم يعرفه العالم إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه"(يو١: ۱-۱۲) إن كل إنسان في هذه الحياة، يسعى دائما أن يكون مقبولاً عند الآخرين، فمثلاً الراهب يسعى أن يكون مقبولاً عند رئيس الدير واخوته الرهبان، وآخر يسعى أن يكون مقبولاً في عمله، وآخر يسعى أن يكون مقبولاً في الخدمة أو في محيط الأسرة أو.. وهكذا فنعمة القبول نعمة عظيمة جدا، عندما يجدها الإنسان في حياته، وهذه النعمة تجدها متكررة كثيرة جدا، في مشاهد من الكتاب المقدس، سواء كان ذلك في العهد القديم أو العهد الجديد، فيقول الكتاب إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه (يو١ : ۱۱-۱۲). مشاهد من نعمة القبول في العهد القديم: إن نعمة قبول الله للإنسان كانت تظهر قديما من خلال تقديم الذبائح، فكان الإنسان منذ بدء الخليقة يقدم الذبائح لله وكان قبولها علامة لرضا الله عنه، أما رفضها فكان دليل غضب الله على الإنسان أو على شعبه، إن كانت تقدم عن الشعب فمثلاً قايين قدم ذبيحته من أثمار الأرض، أما هابيل فقدم من أبكار غنمه. فنظر الله إلى هابيل وقربانه، ولم ينظر إلى قايين وقربانه كما يقول الكتاب وإن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر، (تك ٣:٤-٥). وقد قبل الرب ذبيحة هابيل، لأنها كانت ذبيحة حيوانية دموية كما يعلمنا الكتاب وكل شيء تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم. وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة(عب ٢٢:٩) وهكذا نوح قدم ذبيحة للرب بعد خروجه من الفلك، فيقول الكتاب " وبني نوح مذبحا للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضاء "(تك ٢٠:٨-٢١)، وعبارة "فتنسم الرب رائحة الرضا" تشير إلى رضا الرب عن نوح الصديق. وفي عهد موسى النبي كانت تقدم ذبائح عن خطايا الشعب، ويطلب رضا الله، فيقول الكتاب عن هذه الذبائح إنها كانت "رائحة سرور وقود وهو للرب (خر ۱۸:۲۹) وكلمة "سرور" تعنى فرح ورضا وقبول فكانت الذبيحة مبعث شعور عند الإنسان أنه مقبول لدى الرب. وإذا تأملنا في العهد القديم قليلاً، نجد أن الله أحياناً كثيرة كان يغضب على شعبه بسبب خطاياهم الكثيرة، لذلك كان يرفض ذبائحهم التي تقدم لها كما يقول الكتاب "محرقاتكم غير مقبولة، وذبا ئحكم لا تلذ لي" (إر ٢٠:٦). إن شعب بني إسرائيل قديما، عندما كان يعيش في رضا الله وطاعته كان الله يتقبل ذبائحهم كرائحة سرور كما يقول الكتاب في سفر إشعياء "وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب (إش ٧:٥٦). إن عملية القبول خطيرة جدا في حياة الإنسان، وفي مسيرة حياته الروحية فكل إنسان منا قد يقوم بأعمال كثيرة خلال يومه، وهذا أسأل نفسك أيها الحبيب، هل تتنسم رائحة رضا الله وسروره عن كل ما تقوم به من أعمال !! هل تشعر أنك مقبول لدى الله هل تستطيع أن تصلى كل يوم وتقول، أشكرك يارب لأنك قبلتني إليك؟ وإرميا النبي وقف في إحدى المرات يعاتب الله في سفر المراثي على تركه له قائلاً "لماذا تنسانا إلى الأبد وتتركنا طول الايام ارددنا يارب إليك فنرتد جدد أيامنا كالقديم. هل كل الرفض رفضتنا هل غضبت علينا جدا، (مر ٢٠:٥١-٢٢) وهذا حال كل إنسان يقف يناجي الله ويسأله هل أنا مقبول أمامك هل حياتي وسلوكي مقبول امامك يارب ؟ إن الله عندما كان يرضى عن شعبه ويقبله إليه يرنم الشعب فرحاً قائلاً: غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الاتقياء ليفرح إسرائيل بخالقه، (مز ١:١٤٩-٢) ونقف قليلاً عند شاول الملك الذي رفض الرب وفارقه روح الرب، لأنه تعدى على الكهنوت، وقدم ذبيحة للرب " هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش" (١صم ٢٢:١٥)، وهذا نسمع تحذير الله له على لسان صموئيل النبي قائلاً لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (١صم ٢٢:١٥).مشاهد من نعمة القبول في العهد الجديد كما نعلم جميعاً أنه في العهد الجديد، لا توجد ذبائح دموية، وإنما أصبح سر التوبة والاعتراف هو الذبيحة التي يقدمها كل إنسان باعتبار أن السيد المسيح ذبح لأجلنا ولأجل خلاصنا، فعندما يشعر الإنسان أنه مقبول عند الله، يشعر داخله بالفرح والسلام مهما هاجت الأمواج. وايضا يشعر بالبركة في حياته ويظهورات قديسين له فتظهر له أطياف من القديسين تزوره وتفرح به ويتعزى بها فالسماء تفرح بخاطي واحد يتوب كما يقول الكتاب إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة (لو ٧:١٥) وسنذكر الآن بعض الاسئلة التي تبين قبول الله للإنسان أولاً: دعانا أولاده وهذه دعوة خاصة، تشعر الإنسان بالقرب إلى الله، فعندما تقف للصلاة تقول "أبانا الذي في السماوات" . وهي صلاة علمها لنا رب المجد بنفسه. كما قال الكتاب "فقال لهم: متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك، (لو ۲:۱۱) وفي العظة على الجبل، كرر السيد المسيح مرات كثيرة عبارة "أبوكم السماوي"مثال لذلك " انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها الستم أنتم بالحرى أفضل منها، (مت ٢٦:٦) وأيضا (مت ٦ ١٤، ١٥) ،(۱۱:۷)وأيضاً في (مر ٢٥:١١-٢٦) ثانياً الله يقبل الخطاة: وهذا أمر مفرح للإنسان، فالإنسان الذي يقع في الخطية، أو يعيش في خطايا معينة، أو يبتعد عن الله يشعر في داخله بعدم السلام، وكانه مرفوض ومكروه ولا أحد يبالي به والقديس بولس الرسول يقول "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (١ تي ٤:٢) وهذا ما حدث مع المرأة الخاطئة.فقد غفر لها السيد المسيح خطيئتها. كما ذكر الكتاب فقال للمرأة إيمانك قد خلصك اذهبي بسلام (لو ٥٠:٧) وأيضاً قبل زكا العشار الذي بسببه حدث تذمر من الكتبة والفريسيين على السيد المسيح. وقالوا كيف يدخل بيت إنسان خاطئ وهنا أجابهم المسيح قائلاً: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً ابن إبراهيم، لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك"( لو ۹:۱۹-۱۰) ثالثاً: الله يقبل الأطفال: وليس الأطفال فقط، بل أيضا يعيش بروح الأطفال، كما قال الكتاب "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات" (مت ١٩ :١٤)،ولعلنا جميعاً نتذكر صورة جميلة،كنا نأخذها في مدارس الأحد للسيد المسيح وهو فاتح ذراعيه للأطفال فالمسيح يحب ويقبل كل من يعيش بقامة الأطفال،كما علمنا الكتاب قائلاً" إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت ۳:۱۸)، وهذه القامة تتميز بالبساطة والنقاوة والبراءة. وبالحياة البعيدة عن أية خطية رابعاً: الله يقبل الضعفاء يقول معلمنا بولس الرسول "اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزى الأقوياء واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود ليبطل الموجوده (۱کو١: ۲۷-۲۸) فالله يستخدم الضعفاء والصغار لكيما يتمجد فيهم ويقبلهم ففي زمن السيد المسيح، كان العالم ينقسم إلى فئتين أمم ويهود، وكان اليهود يطلقون على الامم لفظاً صعباً وهو أنهم . كالكلاب ونرى هذا بوضوح في قصة المرأة الكنعانية التي طلبت من السيد المسيح شفاء ابنتها، فقال لها المسيح "ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" (مت ١٥ :٢٦) ولكن هذه الأم بإيمانها القوى بشخص المسيح، أجابته قائلة "نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها" (مت ٢٧:١٥)، وقد استجاب لها الرب وشفى ابنتها، وهذا يبين كيف قبل السيد المسيح الامم لذلك عندما نتامل في قصة ميلاد السيد المسيح، نجد أنه قد أتي لزيارته مجموعتان مجموعة الرعاة وهم يمثلون اليهود، ومجموعة المجوس وهم يمثلون الأمم، لكن للاسف رفض اليهود أن يعيشوا في المسار الصحيح، كما قال الكتاب" إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله (يو١ :۱۱) فهناك انسان يرفض النور ويفضل أن يعيش في الظلمة خامسا: الله يقبل الأعمال الصغيرة فكما يعلمنا الكتاب أن كاس ماء بارد لا يضيع أجره "ومن سقى أحد هؤلاء الصغر كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ. فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره "(مت ٤٢:١٠)، فمجرد أن يقوم إنسان بتقديم كأس ماء إلى شخص يشعر بالظماء الله يكافئه !! إنه عمل بسيط جداً. ومع هذا الله لا يضيع أجره، وليس هذا فقط بل وأيضاً يفرح بها ومن أمثلة ذلك، قصة الأرملة صاحبة الفلسين، لقد امتدحها السيد المسيح وقال عنها "الحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة قد القت أكثر من جميع الذين القوا في الخزانة، لأن الجميع من فضلتهم القوا وأما هذه فمن إعوازها القت كل ما عندها، كل معيشتها (مر ٤٢:١٢-٤٤)، فالله يقبل ويستخدم حتى الأمور الصغيرة ويحقق بها نجاحات كبيرة ويذكر لنا تاريخ الكنيسة قصة القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة وكيف أمن وأصبح من أياء الرهبنة العظام !! فيقول التاريخ عنه: إنه عندما كان جندياً في الجيش، عسكرت كتبيته بجانب مدينة إسنا وهناك فوجي أن أهل اسنا خرجوا اليهم بالطعام والشراب فتعجب وبدأ يسأل من هؤلاء الناس. ولماذا يفعلون لنا هذا، وهم لا يعرفوننا " وكانت الإجابة أنهم مسيحيون والمسيحية تعلمهم فضيلة إضافة الغرباء "كنت غريباً فاويتموني"( مت ٣٥:٢٥). إن من قام بإعداد كل هذا الطعام هم سيدات القرية البسطاء. وهم لا يعلمون من هم هؤلاء الجنود ولكنهم اعدوا هذا الطعام بكل أمانة وإخلاص وربما بصلواتهم أيضاً. وقد اصطاد هذا العمل البسيط نفس الجندي الشاب باخوميوس الذي قرر أن يصير مسيحيا، إن عاد سالماً من الحرب لقد قبل الله العمل البسيط الذي قامت به السيدات من إعداد الطعام، وقبل أيضا هذا الشاب الصغير الذي صار فيما بعد مؤسس حياة الشركة الرهبانية سادسا الله يقبل عبارات الصلاة القصيرة فقبل اللص اليمين وهو على عود الصليب حينما صرخ قائلاً هذه العبارة الصغيرة "اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك"( لو ٤٢:٢٣) ويقبل منا صلواتنا اليومية القصيرة مثل "ياربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ" و"اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني" وغيرها من الصلوات القصيرة وايضا يقبل منا عبارة كيرياليسون، التي تكررها كثيرا في صلواتنا فكل هذه العبارات القصيرة والصلوات الكثيرة يقبلها الله ويقبل قائلها كما فعل مع اللص اليمين فالله يقبلنا ويقبل كل أعمالنا الصغيرة، كما يقول الكتاب" تعالوا یا مبارکی ابی رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لأني جعت فاطعمتمونی عطشت فسقیتموني كنت غريباً فأويتموني عريانا فكسوتموني مريضا فزرتمونی محبوسا فاتيتم إلى" (مت ٣٤:٢٥-٣٦). كيف ينال الإنسان القبول من الله أولاً اجعل إيمانك مقترنا باعمالك فلا تجعل إيمانك إيمانا صامتا أو أخرس فعبر عن إيمانك بأعمالك، كما يقول القديس بولس الرسول "الإيمان العامل بالمحبة "(غل ٦:٥) بمعنى أن الإيمان الموجود داخل القلب يجب أن يترجم إلى أعمال محبة يقول الكتاب "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه "(عب ٦:١١)، فاجعل إيمانك دائما مقترنا بالأعمال، لأن الإيمان بدون أعمال میت كما يقول معلمنا يعقوب الرسول "ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال هل يقدر الإيمان أن يخلصه هكذا الإيمان أيضا إن لم يكن اعمال ميت في ذاته" (يع ١٤:٢-١٧) فمثلاً في مثل العذاري الحكيمات والجاهلات، تجد أنهن تشابهن في كل شيء عددا وشكلاً و إلخ، لكن كان هناك فرق واحد بينهن وهو أن الحكيمات كن مستعدات وقد سهرن وملأن مصابيحهن أما الجاهلات فأهملت كل شيء لذلك قال لهن العريس "الحق اقول لكن إلى ما اعرفكن (مت ١٢:٢٥)، والله لا يسمح أن يسمع أحد منا هذه العبارة القاسية.ونقرأ أيضا في الكتاب المقدس عن استير الملكة،وما فعلته لكي ما تنفذ شعبها من الفناء والإبادة فقد تطلب منها الأمر أن تدخل إلى الملك بدون دعوة منه، لكي ما تطلب منه انقاذ شعبها ولكن هذا الأمر كان من الممكن أن تدفع حياتها ثمنا له!! وهنا وبايمان كامل طلبت من الشعب أن يصلي ويصوم من أجل أن يعطيها الله نعمة امام الملك "صوموا من جهتي ولا تأكلوا ولا تضربوا ثلاثة أيام ليلا ونهارا. وأنا أيضا وجواری نصوم كذلك وهكذا أدخل إلى الملك خلاف السنة فإذا هلكت هلكت"(اس ١٦:٤)، وبالفعل وجدت نعمة أمام الملك، وأنقذت شعبها من الإبادة ثانيا: التوبة المستمرة إن الله يحب ويقبل الإنسان، الذي له التوبة المستمرة التي تعبر عن نقاوة قلبه. ويقبل أيضا من يحفظ ثوبه الأبيض الذي ارتداء يوم المعمودية، فالسيد المسيح مازال يدعونا كل يوم قائلاً "ارجعوا إلى يقول رب الجنود فارجع اليكم. يقول رب الجنود "(زك١ :۳) وايضا يقول "ومن يقبل إلى لا أخرجه خارجا "(يو٦ : ۳۷) وهنا نتذكر مثل الابن الضال، الذي رجع إلى أبيه بعد فترة من الضلال والاتعاب والخطايا، وقد استقبله أبوه ورحب به وفرح به وقبله إليه كما قال الكتاب "واذا كان لم يذل بعيدا راه ابوه، فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله" (لو ٢٠:١٥)، وهذه هي التوبة الصادقة التي ينطبق عليها قول الكتاب "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال، وأنا أريحكم (مت ۲۸:۱۱) ثالثا: التقوى: يذكر لنا الكتب أنه عند مقابلة بطرس الرسول مع كرنيليوس قائد المئة أنه قال له" بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده" (۱ع ٣٥:١٠)، فالتقوى تعنى مخافة الله، سواء كان ذلك في داخل غرفة الإنسان أو أمام الآخرين في الداخل كان أو في الخارج في كل مكان والمخافة في حضور الله الدائم في حياة الإنسان، كما قال معلمنا داود النبي "جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا اتزعزع (مز ٨:١٦) وأمنا العذراء مريم تقول في تسبحتها" ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه "(لو١: ٥٠)، فهي تقول لنا هذا الوعد الجميل فليعطنا الله دائما أن نعيش هذه النعمة ونتمتع ونفرح بها قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل