إنجيل عشية الأحد الرابع من الصوم الكبير ( لو ۱۲ : ۲۲ - ۳۱)

06 أبريل 2024
Large image

" وقال لتلاميذه: مِنْ أجل هذا أقولُ لكُم لا تهتموا لحياتِكُمْ بما تأكُلُونَ، ولا للجَسَدِ بما تلبسون الحياة أفضَلُ مِنَ الطَّعام، والجَسَدُ أفضَلُ مِنَ اللُّباس تأملوا الغربان إنَّها لا تزرع ولا تحصد ، وليس لها مَخدَعُ ولا مَحْزَنُ، والله يُقيتُها. كم أنتُم بالحري أفضَلُ مِنَ الطُّيُورِ وَمَنْ منكُمْ إذا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزيدَ على قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ فإن كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر، فلماذا تهتمون بالبواقي ؟ " تأملوا الزنابق كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقولُ لَكُمْ إِنَّهُ ولا سُلَيمانُ فِي كُلِّ مَجدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كواحدة منها فإنْ كانَ العُشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويُطرَحُ غَدًا في التَّورِ يُلبسُهُ الله هكذا، فكم بالحري يُلبسكُمْ أَنتُمْ يا قليلي الإيمان؟ " فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا ، فإِنَّ هَذِهِ كُلَّها تطلبها أمم العالم. وأما أنتُمْ فأبوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تحتاجون إلى هذه" بل اطلبوا ملكوت الله، وهذهِ كُلُّها تُزادُ لكم ".
الطعام الباقي الذي للحياة الأبدية:
في إنجيل القداس يتقابل الرب يسوع مع المرأة السامرية بينما يذهب التلاميذ ليبتاعوا طعامًا ولما عادوا إليه وطلبوا إليه قائلين "يا معلم كل"، فقال لهم: "لي طعام آخر لستم تعرفونه طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله"، ويتساءل التلاميذ في براءة : ألعل أحدًا قد أتاه بطعام؟" إذ لم يكونوا بعد يدركون كمال تدبيره الإلهي. لذلك يجيء إنجيل العشية كمقدمة لهذا الحوار وهو يبين قصد المسيح ويكشف عن الاهتمام بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية. فقول الرب لتلاميذه هنا "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون" عندما نقرنه بإنجيل السامرية يأخذ كمال معناه الإلهي.الحياة أفضل من الطعام أعني الحياة الأبدية التي لا تستمد وجودها ولا قوتها من هذا الطعام البائد يوجد طعام آخر هل ذقته؟ لقد شغل طعام هذا العالم قلب الإنسان وعقله من يوم أن وطأت قدماه أرض الشقاء لكي يفلحها بعرق الجبين وصار كل سعيه محصورًا في الحصول على قوت الجسد وبسبب لعنة الخطية صارت تنبت له شوكا وحسكًا يوخز الجسد فيئن مدى الحياة وقد دعا الرب يسوع هذا الطعام الطعام البائد بالمقارنة بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية وفي التجربة على الجبل عندما قال المجرب للرب "قل لهذه الحجارة أن تصير خبزًا موجّها سهمه نحو جسد الرب الجائع فكان أن الرب رد سهمه إليه وأخرج الرب من كنف المقلاع درة من سفر التثنية كانت مخزونة لليوم والساعة وهي المكتوب: أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله فارتزت في جبين العدو الشرير فسقط صريعًا كجليات في القديم. لقد جاء الوقت الذي فيه يقدم المسيح للبشرية الجائعة خبز الحياة الأبدية لكي يأكله الإنسان ولا يموت إنه طعام آخر غير الذي يعرفه الناس الخبز النازل من السماء لكي يأكله الإنسان ولا يموت وليس هذا الخبز سـوى المسيح نفسه المأكل الحقيقي هو جسده الذي بذله عنا. المسيح طلب من السامرية أن يشرب وكان وقت الساعة السادسة وقت الصليب الذي كان حاضرا في المسيح لأن المسيح غير زمني، فليس عنده مستقبل ولا ماض بل هو أزلي أبدي حاضر دائمًا فكان الصليب ماثلاً في تلك الساعة السادسة ووقتتها على الصليب أظهر عطشه مرة أخرى وقال: "أنا عطشان" ولما قدموا له خلاً ليشرب لم يرد أن يشرب لأنهم لم يفهموا أن عطش المسيح لا يرويه ماء هذا العالم، وجوع المسيح لا يشبعه خبز هذا العالم. قال اللص على الصليب للمسيح "اذكرني" وكانت يد المسيح ممدودة إليه وهو معلق إلى جانبه، وحين صلى اللص يطلب الخلاص ارتاح قلب يسوع وارتوى إذ وجد ثمار دمه المبذول لأجل الخطاة كان اللص أول من ارتمى تحت قدمي الصليب ليفيض عليه رشاش الدم الإلهي هذه كانت أول ثمرة تُشبع قلب يسوع وتروي عطشه يا للسرور الذي كان موضوعاً أمامه وهو على الصليب وهكذا السامرية لم تعطه ليشرب من ماء بئر، بل حينما مد يده وأخرجها من عمق بئر الخطايا وظلمة ماضيها ارتوت نفسه وارتاحت إلى خليقته الجديدة إذ رأى أنها وهى مفدية بدمه صارت حسنة جدًا جدًا ترى متى يبطل اهتمامنا بالطعام البائد، وإن كان هذا كثيرا نقول ترى متى نهتم بالطعام الآخر ونسعى إليه وما
هو مقدار سعينا نحوه؟.
وأين العرق الجديد للخبز الجديد ؟ أين أتعابنا وسهرنا
وكدنا في طلب خبز الحياة؟
قال الرب للرسل ارفعوا عيونكم الحقول ابيضت للحصاد"ظاهريًا حقول القمح هي خبز الجسد، ولكن المسيح يتكلم عن الحصاد الكثير وقلة الفعلة، وينقل الذهن إلى حبات حنطة الحياة الجديدة التي تلدها حبة الحنطة التي ماتت وأتت بثمر كثير كان باكورة هذا الحصاد هي السامرية. لقد حان أوان قطافها وقعت في يد المسيح نفوس كثيرة تحتاج كلمة نفوس كثيرة جاهزة للخلاص اطلبوا رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده، فالحصاد كثير جدا إن الوقت والجهد الذي نبذله من أجل خبز الحياة ضئيل جدًا جدًا إذا ما قورن بما نبذله من أجل لقمة العيش وخبز الجسد أين ما علمنا أياه الرب في الصلاة أن نطلب خبز الغد (خبز الحياة الأبدية أننا لا نعرف لنا غدًا سوى حياتنا في المسيح إلى الأبد) لكي يعطيه لنا اليوم نذوقه ونتمتع به ونغتذي عليه كمن يحيا الحياة الأبدية وهو بعد على
الأرض لا يفهم هذا على أنه تقليل من شأن الجهاد والعمل في العالم بحسب ما أعطى الله وزنات لكل واحد، إن كان للطالب في جهاده في دراسته أو عامل في عمله أو موظف في وظيفته أو مزارع في زراعة أو أم في تربية أولادها. وكل هذه أعمال واجبة وممدوحة نؤديها بالأمانة المسيحية في كل أخلاص ونجني ثمرها ونشكر الله على عمله معنا وسنده أيانا لكن الرب ينبه الذهن إلى عدم الهم وعدم القلق التي تعمل بها هذه الأعمال "لا تهتموا لا تقلقوا " لأن من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ يستحيل. فالهم علاوة على أنه لا يغير شيئًا فهو مؤذ للنفس الهم"في قلب الرجل يحني ظهره"(أمثال) والاهتمام تدبير أما الهم فهو عدم اتكال على الله. والأمر الثاني هو تحويل مركز اهتمامنا من الأرضيات إلى السماويات ومن خبز الجسد وضرورياته إلى خبز الحياة الأبدية والسعي الدائم نحوه. ففيما نحن نمارس
أعمالنا اليومية يكون شغل قلبنا فيما هو سماوي.
تداريب
تدرب على أكل الكلمة الإلهية "وجد كلامك فأكلته". قال الرب لحزقيال حين عرض عليه الكلمة الإلهية مكتوبة في درج كتاب قال له: "كُل ما تجده، فأكله فصار في فمه كالعسل حلاوة". تدرب على التلذذ بأكل الكلمة الحيةفتحيا بها كطعام يومي.
تدرب على التناول بوعي روحي وإدراك وحاسة مقدسة ومذاقة روحية لا تنس أنك أخذت المسيح نصيبك وحين تأكله اقض اليوم كله متأملاً فيه، كيف أعطانا جسده لنأكله الأمر الذي تشتهي الملائكة أن تطلع عليه.
كرر قول المسيح: لي طعام "آخر مرات كثيرة في اليوم ليدفعك للسعي نحو الحياة الفضلى والشبع بما هو نازل من فوق.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 26

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل