إنجيل عشية الأحد السادس من الصوم الكبير( لو ١٣ : ٢٢ - ٣٥ )

20 أبريل 2024
Large image

" واجتاز في مُدن وقرى يُعَلِّمُ وَيُسَافِرُ نَحوَ أَورُشَلِيمَ، فقال لهُ واحِدٌ : يا سيّد، أقَليل هُمُ الذِينَ يَخلُصونَ؟. فقال لهم : اجتهدوا أن تدخلوا مِنَ الباب الضَّيِّق، فإنّي أقولُ لَكُمْ: إِنَّ كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرونَ * مِنْ بَعدِ ما يكونُ رَبُّ البَيتِ قد قامَ وأَعْلَقَ الباب، وابتدأتُمْ تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين: يارب يارب افتح لنا يُجيب، ويقولُ لكُم: لا أعرفُكُمْ من أين أنتُمْ ! حينئذ تبتدئون تقولون: أكلنا قُدَّامَكَ و شربنا ، وعَلَّمت في شوارعنا " فيقول: أقولُ لكُم: لا أعرِفُكُمْ مِنْ أين أنتُمْ، تباعدوا عني يا جميـع فـاعلي الظلم ! هناك يكون البكاء وصَرِيرُ الأَسنانِ، مَتَى رأيتُمْ إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتُم مطروحون خارجًا. " ويأتونَ مِنَ المَشارِقِ ومِنَ المَغارِبِ وَمِنَ الشمال والجنوب، ويتكئون في ملكوت الله وهوذا آخرون يكونون أولين، وأولون يكونون آخرین في ذلك اليوم تقدَّمَ بَعضُ الفَرِّيسيِّينَ قائلين له: و اخرج واذهَبْ مِنْ ههنا ، لأنَّ هيرودس يُريدُ أنْ يَقتُلك. فقال لهم: امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أُخرج شياطين، وأشفي اليوم وغدًا ، وفي اليوم الثالث أُكَمَّلُ. بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يَلِيهِ، لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أنْ يَهْلِكَ نَبي خارجًا عن أورشليم يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلَةَ الأنبياء وراحِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كم مَرَّةٍ أردتُ أنْ أجمع أولادكِ كما تجمَعُ الدَّجَاجَةُ فِراخها تحت جناحيها، ولم تُريدوا ! هوذا بيتكُمْ يُترَكُ لَكُمْ خرابًا والحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَني حَتَّى يأتي وقت تقولون فيهِ : مُبارك الآتي باسم الرَّبِّ! ".
عشية أحد التناصير:
يتكلم إنجيل العشية عن الباب الضيق المؤدي للملكوت فعندما سأله واحد قائلاً يا سيد أقليل هم الذين يخلصون؟" رد الرب على السائل قائلاً للجميع " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق" وقال الرب: "إن كثيرين سيأتون بعدما يكون رب البيت قد أغلق الباب فلا يقدرون أن يدخلوا ولكنهم سيطرحون خارجًا حيث البكاء ورعدة الأسنان"ولكي يفهم هذا الفصل من الإنجيل في ضوء المعمودية وأحد التناصير، نقول إن المعمودية هي باب الملكوت وهي المدخل لكل النعم والتنعم بدون المعمودية لا دخول إلى داخل بل تظل النفس مطروحة خارجا معذبة حيث البكاء لا ينفع وصرير الأسنان لا ينقطع قال الرب لنقوديموس الحق أقول لك إن لم يولد الإنسان من الماء والروح لن يرى ملكوت الله" وباب المعمودية باب ضيق للجسد، فالروح يشتهي ضد الجسد. وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بحسب استحقاق معموديتهم يجدون الباب الضيق ملازما للحياة فيدخلون بشجاعة وبلا حساب لأتعاب الجسد. باب الجسد واسع للجسدانيين فهم يعيشون في طريق رحب بلا تضييق وبلا ضوابط وبلا قانون كحيوانات طبيعية نهايتها الصيد والهلاك أما الذين اختاروا الباب الضيق والطريق الكرب فهم يعلمون حقا أن النهاية حياة أبدية فمرحبا بالأتعاب والجهادات إن كانت النهاية حياة أبدية الذين يدخلون من الباب الضيق، هم داخل الملكوت والملكوت يصير داخلهم أما البرانيين فهم خارجًا. ما هو داخل لا يمكن وصفه للذين هم خارجاً أمور لا يسوغ لإنسان أن يتحدث عنها ولا يعرفها إلا الذي يأخذ. حينما يقول الرب لمختاريه : ادخل إلى فرح سيدك"، يعلم من ذلك أن هذا الفرح يدخل إليه ولا يتمتع به إلا الذين في داخل إذن لا يُدرك ملكوت الله بالكلام بل بالدخول إليه!!. نحن معمدون، وصار لنا بالمسيح الذي هو باب الخراف نعمة الدخول إلى الآب أنا هو باب الخراف إن دخل بي أحد". في المعمودية لبسنا المسيح أي دخلنا بالمسيح وفي المسيح. هذا الدخول ليس هو إيمانًا نظريًا يُدرك بالعقل ولكنه حركة دخول من خارج إلى الداخل من صلوات المعمودية المقدسة نقول على المعمد "الداخل من الظلمة إلى النور ومن الموت إلى الحياة ومن طريق الضلالة إلى معرفة الحق. فالمعمودية دخول من خارج حيث الظلمة إلى الداخل حيث النور الذي لا يُدنى منه المعمودية باب مؤد إلى طريق كربة موصلة إلى الملكوت فالمعمودية ليست حجابًا ولا عاصمة من الخطايا هي مدخل لكي نخرج إلى جدة الحياة ونسعى في الطريق الكربة حتى نكمل جهادنا فننال إكليلنا من يد المسيح من يغلب يأخذ"صارت معمودية شعب بني إسرائيل في القديم كمدخل لطريق الأربعين سنة، انتقلوا من العبودية القاسية إلى الحرية ومن السخرة في الطين (الجسد) إلى السير في نور وجه الله حيث الطعام النازل من السماء والماء النابع من الصخرة. لم تكن المعمودية نهاية بل بداية بداية حرب مع عماليق من دور فدور ، وبداية المسيرة مع الله واختبار عجائبه، وبداية مشوار الرحلة إلى كنعان. لذلك عندما نتأمل المعمودية كباب نقول: "ها" قد دخلنا منذ طفولتنا كمدعوين للسير إلى الملكوت فهل نحن مجتهدون لإكمال المسيرة حتى الجعالة؟".المعمودية كباب هي البداية بالروح. فهل بعدما بدأنا بالروح هل نحن مازلنا نكمل بالروح؟ باب المعمودية في بداية مشوار الحياة يقابله بداية الملكوت حينما يدخل العريس العذارى الحكيمات من ذات الباب ويغلق الباب إلى الأبد حيث العرس السماوي غير الزمني هذا الباب لما بلغت إليه العذارى الجاهلات وبدأن يقرعن الباب قائلات: "ربنا ربنا افتح لنا، فأجاب وقال: الحق أقول لكن إني ما أعرفكن اسهروا إذن !! فمن دخلن من الباب دخولاً روحيًا حقيقيا وسعين بحسب قانون الملكوت عابدات بالجهد النهار والليل، وخازنات زيت الروح ليوم المجئ بالكد والتعب ومالئات الآنية مع المصابيح بوقود النور في الأعمال الحسنة وفي ملء الروح القدس وأعمال المحبة والرحمة عندما تواجهن مع باب الملكوت وهن مستعدات دخلن إلى العُرس بلا مانع. أما الجاهلات فرغم دخولهن من باب المعمودية كمدعوات إلا أن الظلمة غشيتهن ومصابيحهن انطفأت لعدم الزيت، فالروح القدس نضب كأنه غير موجود. ولم يبق سوى الجسد والجسديات والشكل ومظهر العذارى. ولكن عوض الحكمة الروحية، فقد وصفن بالجاهلات غير المستعدات ففي جهلهن نسين دعوتهم ونسين السعي للملكوت، وخزين زيت الروح ونسين لقاء العريس الذي خرجن لأجله ويا للحسرة!. لذلك ننبه الذهن مرة أخرى لقول الرب: "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق. فالأمر مرهون بإرادتنا وجهادنا كثيرون يدعون ولكن قليلين ينتخبون". الجهاد موضوع أمامنا كباب ضيق ندخله كل يوم وفي كل مناسبة الباب الواسع مع كل إغراءاته معروض أيضًا بكثرة ووفرة في كل الميادين وكل المناسبات اجتهد أن تختار الباب الضيق ولا تخش من الدخول فيه الصلاة باب ضيق إذا ما قورنت بأنواع التسالي والمسامرة والهرج والمزاح وأنواع المسرات العالمية. لأن وقت الصلاة لا نصيب لمسرات الجسد فيه لذلك يعتبر بابا ضيقًا يغصب الإنسان نفسه إليه كل حين حتى يخضع الجسد ويتعود عليه العطاء يعتبر بابا ضيقًا إذا ما قورن بالأخذ فالطبيعة تحب الأخذ وتكره العطاء فمن يدرب نفسه كل يوم للدخول إلى هذا الباب ناظرًا للملكوت يغصب نفسه على العطاء والعطاء حتى يلقى وجه المسيح فيجازيه علانية في ملكوته.وهكذا إنكار الذات باب ضيق إذا ما قورن بالكبرياء وتمجيد الذات الاتضاع باب ضيق القداسة والعفة باب ضيق وعلى العموم جميع وصايا المسيح معتبرة هكذا وهي الطريق المؤدي إلى الملكوت، وطوبى للذين يسيرون فيه فإنهم أخيرًا يوضع لهم أكليل البر ويدخلون مع رب البيت ويدخلون مع العريس حيث يغلق الباب ولا خروج إلى خارج إلى الأبد.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 15

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل