إنجيل عشية الأحد الثالث من الخمسين( یو ۸ : ۱۲ - ۲۰ )

25 مايو 2024
Large image

" ثم كلَّمَهُمْ يَسوعُ أيضًا قائلاً: أنـا هـو نــور العـالم.مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة فقال له الفَرِّيسيّون: أنت تشهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتكَ لیست حَقًّا. أجابَ يَسوعُ وقالَ لَهُمْ: وَإِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لنفسي فشَهادَتي حَقٌّ، لأني أعلَمُ مِنْ أين أتيتُ وإلى أين أذهَبُ وأما أنتُمْ فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب أنتُمْ حَسَبَ الجَسَدِ تدينون، أما أنا فلست أدينُ أَحَدًا " وإن كُنتُ أنا أدين فدينونتي حَقٌّ، لأني لست وحدي، بل أنا والآب الذي أرسلني " وأيضًا في ناموسِكُمْ مكتوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَينِ حَقٌّ: أنـا هـو الشَّاهِدُ لنفسي، ويَشْهَدُ لي الآبُ الذي أرسلني. فقالوا له:أين هو أبوك؟ أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا
ولا أبي لو عرفتُموني لَعَرَفْتُمْ أبي أيضًا هذا الكلام قاله يسوع في الخزانة وهو يُعَلِّمُ في الهيكل ولم يُمسكهُ أحَدٌ، لأنَّ سَاعَتَهُ لم تكن قد جاءَتْ بعد ".
ماء الحياة :
الكنيسة تقدم لنا المسيح القائم من الأموات إنه هو الماء الحي وماء الحياة وذلك بمراجعة حديث المسيح له المجد مع المرأة السامرية بحسب ما دونه القديس يوحنا الإنجيلي في الأصحاح الرابع من بشارته وهو إنجيل قداس الأحد الثالث من الخمسين المقدسة ففي ضوء القيامة يُفهم حديث المسيح مع السامرية بجلاء ووضوح وعمق جديد فالقيامة نور يغشي القلب والذهن وينير الأعماق الداخلية لمعرفة سر الله في وجه يسوع المسيح الذي أضاء علينا بالقيامة وأنار لنا الحياة والخلود.
الماء الحي المختص بحياة أرواحنا هو بالضبط مثل الماء المادي لحياة الجسد، فهو إذن ينبوع الحياة، ومصدر الحياة وواهب الحياة وبدونه لا تقوم حياة وإذا تكلم المسيح عن ذاته أنه ماء الحياة فهذا يجب أن ندركه أنه لكي نأخذه ونشربه ونرتوي به ونعطش إليه ونحيا به لا يقدم المسيح نفسه ماءً حيًا لكي نتأمل فيه أو ندركه بالعقل أو نفحص جمال ينبوعه والصفاء المطلق الذي له بل لكي ننال منه وبه حياة المسيح فينا.وفي إنجيل العشية يبدو بوضوح كيف أنصد الكتبة والفريسيون ولم ينالوا من المسيح شيئا بسبب مقاومتهم وغباوة أفكارهم وعدم معرفتهم للمسيح إذ قد عثروا فيه تأمل قول الرب للفريسيين: "لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا" فالمسيح هو الذي عرفنا بالآب ووصلنا إليه في شخصه وهذا يوازي قول الرب للسامرية : لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يكلمك"إذن قبول المسيح بالقلب والإيمان وانفتاح الوعي الروحي لمعرفة المسيح يصير بمثابة فتح الفم لشرب الماء وقبول عمله المحيي معرفة المسيح تختلف جذريًا عن المعرفة عن المسيح فكثيرون يعرفون معلومات عن المسيح،وكثيرون يدرسون بتفاصيل حياة المسيح على الأرض، وكثيرون يأخذون درجات علمية في دراسة الإنجيل وكل ما يختص بالمسيح منذ ولادته في بيت لحم إلى صنع الآيات ثم الصليب والقيامة والصعود كل هذه إن انحصرت في العقل أو الاستذكار أو الحفظ أو قدرات الذكاء أو كلام الكتب والتأليف فهي تبقى حبيسة العقل والفكر بعيدًا عن المعرفة الحقيقية للمسيح.المسيح تجسد وصار إنسانًا لأجلنا فالتعرف على شخص المسيح هو تعرف شخصي أعرفه كشخص حي بل هو مصدر الحياة وأتعرف عليه وأجده وتصير لي معه علاقة حياة وحب وحديث لا ينتهي وأشواق حقيقية وطاعة مذعنة لكلامه وعمل حساب لوجوده، ومهابة قوية للوقوف قدامه مع كل ما يلزم للعلاقة الحية التي تزاد مع الزمن وتتأصل كلما زادت الاختبارات وتتقوى كلما لمست يده في الضيقات العيب في أيامنا هذه هو كثرة المعرفة العقلانية وإدراك حتى أعمق أسرار الحياة الروحية إدراكًا عقليا، بينما الحياة العملية تسير في اتجاه آخر تماما بعيدًا عن هذه المعرفة وكأن الإنسان أصيب بانفصام في الشخصية فهو يحيا حياتين مختلفتين في آن واحد فهو من جهة المعرفة خبير، أما من جهة الاختبار فهو فقير أو يكاد يكون حاصلاً على أبسط المبادئ الروحية في التطبيق هنا الدعوة للمعرفة لو كنت تعلمين عطية الله؟". الماء الحي وهب لنا مجانا في قيامة المسيح والعائق الذي يعطلنا هو عدم المعرفة حق المعرفة لو كنت أعرف - معرفة حقيقية - معنى الذبيحة التي على المذبح وكيف أن الملائكة ورؤساء الملائكة قيام حولها في خوف ورعدة لتغير سلوكي تمامًا في حضوري ودخولي إلى الكنيسة وفي صلاتي ووقوفي في القداس الإلهي وفي وقاري في التناول من الأسرار وفي حياتي ما بعد القداس كمن حصل على المسيح حالاً في يعمل الأعمال ويتكلم في ويعمل بي. الحاصل الآن في أغلب الأحيان هو العكس تماما فقد زاد عدد الذين يتقدمون للأسرار لا عن توبة وتغيير حياة بل كما لقوم عادة ونظرة واحدة للذين يتناولون بعد القداس مباشرة كيف يتكلمون وفيما يتكلمون وماذا هم فاعلون لقد كانت لحظات التناول دقائق معدودة ثم انتهوا منها وعادوا يمارسون حياتهم الطبيعية وكأن شيئًا لم يكن أين المسيح الذي أخذوه ؟ الذي تناول المسيح يحيا به أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" الذي يتناول المسيح يصير له فكر المسيح به يحيا ويتحرك ويوجد عدم المعرفة يحرم الإنسان من جوهر الأمر وهكذا يكون مع باقي الأسرار أقول لنفسي لو كنت تعلمين عطية الله لطلبت فأعطاك ماء الحياة لو كنا نعلم وبحق - عطية الله في سر الإكليل المقدس -لاختلفنا جذريا في السلوك والممارسات وكل ما يمت لهذا الأمر بصلة ولكن أعمالنا وعادتنا تشهد علينا أننا لسنا نعلم ولسنا ندرك قالت السامرية للرب : يا سيد أعطني من هذا الماء" ماء الحياة لا يُعطى إلا للطالبين ماء الحياة يُعطى للعطاش إلى البر والآن إذ قام المسيح من الأموات وقد دفنا معه في المعمودية وولدنا من الماء والروح فقد صار ينبوع الماء الحي فينا ينبع من باطننا كما قال الرب للسامرية: "ويفيض إلى ينابيع ماء حي" قال هذا عن الروح القدس وها قد اعتمدنا بالروح القدس الماء الحي ينبع إذن من داخلنا فلا تطلبه خارجا منك بل اطلب أن يجدده الرب في أحشائنا، يجدد فينا هذا الينبوع الذي كان يجب أن يفيض ويروي ويجري كأنهار يفرح مدينة الله تركت المرأة جرتها عند قدمي يسوع، أي كفت عن طلب الماء الذي تعودت عليه وهذا أمر جوهري فلا يمكن أن يأخذ الإنسان من ماء العالم وماء المسيح في آن واحد من يشرب من ماء العالم يعطش" أما من يشرب من ماء المسيح فلا يعطش إلى الأبد إذن ترك الجرة كان دليلاً على التغيير الجذري ليس في الفكر فقط بل وفي السلوك أيضًا نخطئ كثيرًا حينما نطلب أن يعطينا المسيح ماء الحياة بينما نحن متمسكون بالجرة القديمة، نعود إليها نحن نتوق الشرب الماء المسموم إنجيل السامرية تقرأه الكنيسة ثلاث مرات المناسبة الأولى هي الأحد الرابع من الصوم الكبير المقدس والحديث عن قدرة المسيح مُخلّص الخطاة وكيف أن التوبة تغير أخطى الخطاة لتصير أول الكارزين من الأمم بالمسيح مُخلّص العالم والمناسبة الثانية هي الأحد الثالث من الخمسين المقدسة حيث يقدم المسيح نفسه قائما من الأموات ومحيي نفوس أولاده كالماء الحي الذي يروي ويفيض من باطنهم كأنهار ماء حي والمناسبة الثالثة في صلاة السجدة - حلول الروح القدس - وهنا تشير الكنيسة إلى عمل الروح في الإنسان الباطن وملء الروح القدس الذي حل على الرسل الأطهار فطافوا يبشرون بغنى المسيح الذي لا يستقصى.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 254

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل