الاستنارة عطية القيامة

03 يونيو 2024
Large image

يقول معلمنا القديس لوقا عن تلميذي عمواس: "حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ" (لو ٢٤ : ٤٥) ، وعندما فتح الرب ذهنهم، كان شفاء "النوس" هو عربون الفداء الذي نالته البشرية بقيامة مخلصنا الصالح. عندما خلق الله الإنسان نَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاة" (تك ٢: ۷) وبموجب هذه النفخة اكتسب الإنسان قوى جعلته على صورة الله، ومن هذه القوى العقل [الذهن، الفكر العقل الفهم ](سترونج (٣٥٦٣) لقد خلق الإنسان في حالة نقية قابلة للنمو في المعرفة والفهم. فيذكر القديس يوستينوس الشهيد [إن الكلمة الأزلي ينير العقول البشرية منذ البدء، فأخصبت بذورا (Sperma) منه وزرع فيه جذر الإدراك والفهم؛ لكي يكون عاقلاً] (الدفاع الثاني ۱۰). لكن الاستنارة يتعطل عملها بالخطية. فبسبب السقوط صارت هناك غمامة على عين الإنسان، بل أَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لَأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً" (يو ۳ :۱۹) ، وابتعد الإنسان عن الله مصدر النور هكذا عاش الكتبة والفريسيين: عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانِ" (مت ١٥: ١٤) يبصرون النور ولكن لا يدركونه يبصرون المعجزات والتعاليم النقية السامية فيقولون به شَيْطَانٌ" (يو ۱۰ :۲۰)، بينما الذين لهم البصيرة يقولون: لَيْسَ هَذَا كَلامَ مَنْ بِهِ شَيْطَانٌ. أَلَعَلَّ شَيْطَانًا يَقْدِرُ أَنْ يَفْتَحَ أَعْيُنَ الْعُمْيَانِ؟" (يو ۱۰ : ۲۱).
بالقيامة نلنا الاستنارة ورد الإنسان إلى رتبته واستنارته الأولى.
ما هو السبيل للاستنارة؟
١- الكتاب المقدس يقودنا إلى الاستنارة ففي حديث السيد المسيح مع تلميذي عمواس قال لهما : أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِينَا الْقُلُوبِ فِي الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُب" (لو ٢٤: ٢٥-٢٧)، فعلمنا أن نبحث عن الاستنارة في كلام الله، الذي يهب نقاوة للنفس كما قال لتلاميذه: أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الكلامِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ" (يو ٣:١٥). أما عدم قدرة التلاميذ على إدراك النبوات التي قيلت عنه، فكان بسبب عدم امتلاكهم الذهن المفتوح، بدليل إنه بعد حلول الروح القدس طفقوا يفسرون النبوات(أع ٤ : ٢٥ ؛٣: ۲۲، ٢٣، ۸ :۳۵).
٢- الأسرار ونعمة الروح القدس تمنحنا الاستنارة بالقيامة أعطانا الأسرار الكنسية التي نحصل عن طريقها على استحقاقات الفداء الذي تم على الصليب وبالتالي الاستنارة الروحية. ويقول معلمنا بولس الرسول الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيُّ لا يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللَّهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ" (١كو ٢ : ١٤) الإنسان الطبيعي هو الذي لم يولد الميلاد الثاني ولم ينل نعمة الروح القدس وبالتالي ليس لديه القدرة على إدراك الإيمانيات التي لا يمكن فهمها إلا بواسطة الاستنارة التي يعطيها الروح القدس. لاحظ إن القديس بولس قال: "لا يَقْبَلُ مَا لِرُوح الله"، أي إنه لا يسمح للحقائق الإلهية أن تلج إلى قلبه.
٣- الصلاة والزهد طريقنا إلى الاستنارة أحاط جيش آرام بأليشع النبي ولكنه لم يخف لأنه كان يملك الاستنارة، بينما خاف جيحزي لأن محبته للمادة أعمت استنارته رغم إنه خادم أليشع، لكن بصلاة اليشع: "يَا رَبُّ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ. فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنِي الْغُلَامِ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ" (٢ مل ٦ :١٧).
لنجاهد يا إخوتي ونصلي ليهبنا المسيح القائم حياة الاستنارة، حسب قول القديس بولس الرسول: "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ" (أف ۱: ۱۸).
القمص بنيامين المحرقي

عدد الزيارات 304

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل