إنجيل عشية الأحد الخامس من الخمسين( يو ١٤ : ٢١ - ٢٥ )

08 يونيو 2024
Large image

" الذي عِندَهُ وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحِبُّني، والذي يُحِبُّني يُحِبُّهُ أبي، وأنا أحِبُّهُ، وأَظْهِرُ لَهُ ذاتي قال له يهوذا ليس الإسخريوطي يا سيد، ماذا حدث حتى إِنَّكَ مُرْمِعٌ أَنْ تُظهِرَ ذاتك لنا وليس للعالم؟ أجابَ يَسوعُ وقَالَ لَهُ إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحفَظُ كلامي، ويُحِبُّهُ أبي، وإليه نأتي ، وعِندَهُ نَصْنَعُ مَنزِلاً الذي لا يُحِبُّني لا يحفظ كلامي والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني " بهذا كلَّمتُكُمْ وأنا عندكُمْ ".
حفظ الوصية :
هذا هو الأحد السابق لصعود السيد المسيح له المجد إلى السماء وكأن الرؤيا تزداد وضوحًا وذهن التلاميذ الأطهار يزداد انفتاحًا، والحديث عن الآب لم يعد ألغازا، ولكن بحسب عطية المسيح وبسبب قيامته إذ قد صالحنا مع الآب، أصبح الحديث عن الآب علانية لقد جازت طبيعتنا أتون التغيير واقترب روح التطهير وروح الإحراق لتقبله البشرية المقامة في المسيح، وينسكب عليها روح الآب حاملاً كل المراحم الأبوية وكل التعطفات الإلهية ليحتوي البشرية الممجدة في المسيح ويدخلها إلى حضن الأب الحنون كان المسيح مزمعًا أن يصعد إلى السماء، ويجلسنا به وفيه عن يمين أبيه الصالح. فماذا عساه أن يخبر التلاميذ عن الآب الذي يحبهم؟
المدخل للحب هو الطاعة !! الذي عنده وصاياي ويحفظها هو الذي يحبني"المسيح اقتنى لنا حب الآب بطاعته المطلقة لما أخذ صورة العبد ووضع نفسه وأطاع. هذا هو النموذج الكامل لاجتذاب رضى الآب السماوي ومسرته، هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" مكتوب في درج الكتاب عن المسيح "هأنذا آتي لأصنع مسرتك". فهو أحضر أبناء الله الكثيرين والذين كانوا متفرقين، أحضرهم فيه وقدمهم للآب "هأنذا والأولاد اللذين أعطانيهم الرب" فإن سألت عن الطريق فهو المسيح وإن سألت عن المدخل فهو حفظ الوصية هذا هو برهان حبنا للمسيح أن نحفظ كلامه فالذي يحني عنقه لنير المسيح ويُخضع إرادته له يبرهن على أنه فعلاً يحب المسيح كسر وصايا المسيح هو ضعف في المحبة أو قل هو انحراف المحبة، فإن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب قلب الإنسان إذن هو الركيزة التي ترتكز عليها كل الحياة، فإن انشغل القلب بحب ذاك الذي أحبنا فإن برهان حبنا له هو حفظ وصاياه وتنفيذ كلامه كل ما عمله المسيح في تجسده كان يمجد الآب به هذا هو واجب البنوة الحقيقية وقد تفاضلت مسرة الآب غير المحدودة وشهادته لكمال ابنه بآيات وأعمال ومجد مساو مجدت وأمجد أيضًا فإن كنا اتحدنا بالمسيح بشبه موته وأقامنا معه وأنعم علينا بنعمة البنوة، فإنه علينا تقع مسئولية وواجب نحو الآب أن نحيا لمجده "أنا مجدت اسمك على الأرض"، "أنا أظهرت اسمك للناس"، هذه هي شهادة البنين حب الآب المنسكب علينا في المسيح شيء مهول لا حدود له ولا إدراك لكماله ومن يقدر أن يطيق، إنه نار ملتهبة تشعل القلب فيسعى الإنسان لتمجيد الآب حتى البذل وحتى الموت بل وما بعد الموت لقد اشتهى الشهداء أن يمجدوه بسفك دمهم كعلامة حب للذي أحبهم واشتهى النساك أن يمجدوه بتكريس الحياة وتقديس كل لحظة لمجده وأحرقوا أجسادهم في مجامر الحب الإلهي فامتلأ العالم من رائحة بخور حياتهم واشتهى الأبرار في كل جيل أن يمجدوه بأعمالهم ليرى الناس أعمالهم الحسنة فيمجدوا أباهم الذي في السموات فتناهوا في كل مجالات الفضيلة من بذل وعطاء وحب واتضاع وإنكار للذات وتقديس النفس والجسد، وإكرام الآخرين وحب العطاء رسالتنا إذن تنحصر في تمجيد الآب الذي أحبنا وأرسل ابنه كفارة لأجلنا، وقبل ذبيحته عن الخطاة وأرسل لنا روحه ليدخلنا إلى نعمة البنوة لنحيا في هذه الحظوة إلى أبد الآبد الصعود عمل إعجاز فائق على طبيعتنا البشرية ولكن المسيح بصعوده بجسدنا أدخل هذا الفعل الجديد إلى طبيعتنا فأصعدنا معه وفيه، بل نستطيع أن نقول إن كان يستحيل على إنساننا العتيق الطبيعي أن يرتفع أو يصعد إلى فوق إذ هو مرتبط بالجذب الأرضي الترابي، فإن إنساننا الجديد - الخليقة الجديدة في المسيح - مقام من الموت وصاعد إلى السماء في صميم خلقته فنحن مخلوقون في المسيح يسوع والمسيح قائم صاعد إلى السماء فالقيامة هي صميم طبيعتنا الجديدة والصعود منهج الحياة الجديدة والجلوس عن يمين الأب هو مركز طبيعتنا الجديدة ومجدها فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس وبرهان ذلك هو انشغال الإنسان بما فوق، وهذيذه في السمويات وشهوة قلبه وكنزه هناك اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" لقد نقل المسيح بصعوده مركز ثقل الإنسان من الأرض إلى السماء لما كنا في الجسد كان اهتمام الجسد هو المركز الذي ندور حوله كل الأيام ولا نستطيع أن نفلت من انجذابنا إلى كل ما هو ترابي مادي زائل ولما أصعدنا المسيح إلى السموات نقل سيرتنا إلى السماء لأن سيرتنا نحن في السماوات"وصرنا بحسب الطبيعة الجديدة ندور في فلك السماوات حول مركزنا العالي في الروح، هناك رجاؤنا وفرحنا وشهوة قلبنا ونعيمنا الدائم وهذا ما يعبر عنه بالحياة الأبدية في المسيح.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 257

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل