
تحتفل الكنيسة بعيد الصعود يوم الخميس في اليوم الأربعين لقيامة الرب، ونود أن نتأمل معاً ما في هذا العيد من معان روحية حتى نحتفل به في عمق، وفى فهم لما يحويه من أيحاءات قضى المسيح مع تلاميذه أربعين يوماً بعد القيامة، وفي يوم الأربعين ودعهم، ووعدهم بأنهم سينالون قوة متى حل الروح القدس عليهم (أع١: ٨) ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم، وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق - وقف بهم ملاكان وقالا لهم "ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه (أع١: ٩- ١١) فما هو تأملنا في هذا الصعود ؟
عيد الصعود عيد سيدى معجزته خاصة بالسيد المسيح وحده أى أنه يشمل معجزة لم تحدث مع أحد من البشر، وإنما كانت للسيد الرب وحده مثل الميلاد العذراوى، ومثل قيامته بقوة لاهوته وخروجه من القبر المغلق، ومثل التجلى على جبل طابور كذلك صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الأب لقد صعد بذاته، وليس مثل ايليا النبى الذى أخذته مركبة نارية فصعد فيها (۲مل ۲ :۱۰ ،۱۱) ولا مثل أخنوخ الذي لم يوجد لأن الله أخذه" (تك ٥: ٢٤) أما السيد المسيح فصعد بقوته، دون أية قوة خارجية فكما قام بقوته وحده ، دون أن يقيمه أحد، هكذا صعد بقوته كانت فيه قوة الصعود ، كما كانت فيه قوة القيامة وفي كلتيهما ظهر مجده .
كيف كان الصعود
لقد كان صعوداً بالجسد ، بالناسوت : فاللاهوت لا يصعد ولا ينزل. إنه مالئ الكل موجود في السماء وفي الأرض، وفى ما بينهما فكيف يصعد إلى السماء وهو فيها؟! وكيف يترك الأرض إلى السماء، وهو باق في الأرض أثناء صعوده؟! إذن لابد أن نقول إن السيد المسيح قد صعد بالجسد المتحد باللاهوت) وهذا ما نقوله له في صلاة القداس الغريغورى وعند صعودك إلى السماء جسديا.." .
كان صعود الرب في السحاب :
ارتفع وهم ينظرون، واخذته سحابة عن أعينهم (أع١ : ۹) صعد على سحابة في مجد، كما سيأتي ايضاً في مجيئه الثاني على السحاب في مجد وهكذا قال لرؤساء الكهنة أثناء محاكمته قبل الصلب من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء (مت ٢٦: ٦٤) وهذه العبارة تضيف أنه كان من أمجاد الصعود الجلوس عن يمين الآب والسحاب في الكتاب المقدس كان يرمز إلى مجد الرب وحلوله. ففي قصة مباركة السبعين شيخاً كمساعدين لموسى النبي، يقول الرب عن "موسى" فنزل الرب في سحابة وتكلم معه وفي الإنتهاء من إقامة خيمة الاجتماع، قال الوحي الإلهى ثم غطت السحابة خيمة الإجتماع، وملأ بهاء الرب المسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الاجتماع، لأن السحابة حلت عليها، وبهاء الرب ملا المسكن (خر ٤٠: ٣٤ ، ٣٥) وفي العهد الجديد قيل بعد معجزة التجلى وإذا سحابة قد ظللتهم، وصار صوت من السحابة : هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا (لو ۹: ٣٥) (مر ۹ :۷) .
قداسة مثلث الرحمات المتنيح البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات فى عيد الصعود