إنجيل عشية الأحد السادس من الخمسين ( مر ۱۲ : ۲۸ - ۳۷ )

15 يونيو 2024
Large image

"فجاء واحِدٌ مِنَ الكتبةِ وسَمِعَهُمْ يتحاورونَ، فَلَمَّا رأى أنَّهُ أَجابَهُمْ حَسَنًا ، سألهُ أَيَّةُ وصيَّةٍ هي أوَّلُ الكل؟ " فأجابَهُ يَسوعُ إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الوَصايا هي اسْمَعْ يا إسرائيل الرَّبُّ إِلَهنا رَبُّ واحد وتُحِبُّ الرَّبِّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدرَتِكَ هذه هي الوَصيَّةُ الأولى وثانيَةٌ مِثْلُها هي تُحِبُّ قريبك كنفسك ليس وصيَّةٌ أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتِبُ جَيِّدًا يا مُعَلِّمُ بالحَقِّ قلت، لأنَّهُ الله واحد وليس آخَرُ سِواهُ وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ القَلبِ، ومِنْ كُلِّ الفَهم، ومِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلَّ القُدْرَةِ ، ومَحَبَّةُ القريب كالنَّفس، هي أفضَلُ مِنْ جميع المحرقات والذبائح فَلَمَّا رَآهُ يَسوعُ أَنَّهُ أجاب بعقل، قال له لست بعيدا عن ملكوت الله ولم يَجسُرُ أَحَدٌ بَعدَ ذلك أَنْ يَسأله !ثم أجاب يسوع وقال وهو يُعَلِّم في الهيكل كيف يقولُ الكتبةُ إِنَّ المَسيحَ ابن داود؟ لأنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بالرّوحِ القُدُسِ قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجلس عن يميني، حتَّى أَضَعَ أعداءَكَ مَوْطِئًا لَقَدَمَيكَ فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدعوهُ رَبًّا فمن أين هو ابنه؟ وكان الجمع الكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بسُرور"
الموضوع الرئيسي الذي يشغل فكر الكنيسة هو الصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب والمسيح له المجد في إنجيل العشية يقول وهو يعلم الجموع كيف يقول الكتبة إن المسيح ابن داود؟ والمسيح هو رب داود، إن داود نفسه قال في المزمور قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك تحت موطئ قدميك" فداود نفسه يدعوه ربا ،وقول داود هذا غير محسوب إنه قول إنسان بل هو قول الروح القدس نفسه لأن كل الكتاب هو موحى به من الله ،ولم يتكلم أحد من نفسه لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس فالروح القدس هو في الحقيقة الشاهد للمسيح أنه رب بفم داود كقول المسيح له المجد عن الروح القدس "هو يشهدلي" فمن جهة ربوبية المسيا ولاهوته فقد أبرزها المسيح من هذا القول الإلهي قال الرب لربي" فداود ليس له سوى رب واحد وإله واحد ، ولكن هذه آية التجسد إن الكلمة صار جسدًا، فتجسد متأنسًا ، صائرًا في شبه الناس، مخليا ذاته آخذا شكل العبد، ثم إذ صلب عنا ومات قام ناقضا أوجاع الموت فكان يتحتم أن يصعد إلى السماوات حاملاً جسم بشريتنا فيه، ليجلسنا عن يمين الآب،وقول الآب للابن اجلس عن يميني هو محسوب أنه خطاب الآب لكل من اتحد بالابن ولكل من آمن به،لأن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المعترفين باسمه،وإذ هم فيه نالوا هذا النصيب الفائق أي الجلوس عن يمين الآب،أي صاروا في حضن الأب كبنين بحسب النعمة،وفي الصعود نلنا في المسيح نعمة النصرة التي ما بعدها نصرة "حتى أضع أعداءك تحت موطئ قدميك فأعداء المسيح مخضعين تحت موطئ قدمي إله السلام يخضع الشيطان تحت أقدامهم سريعًا" "رأيت الشيطان ساقطا من السماء مثل البرق" داس الموت بموته" أخضع الرؤساء والسلاطين، وأشهرهم جهارًا ظافرا بهم". "هأنذا أعطيكم السلطان لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" نسل المرأة يسحق رأس الحية" حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" وفي الواقع هذا هو النصيب العملي الذي يتمتع به أولاد الله في هذه الفترة من الخمسين وهى الإحساس بالنصرة والغلبة على كل قوة المضاد وهذه تعطي النفس ثقة في حربها ضد قوات الظلمة فتتهلل بالذي يقودنا في موكب نصرته كل حين نعود إلى قول السيد الرب، كيف يقول الكتبة أن المسيح هو ابن داود؟.
فهذا القول هو محور الكتاب المقدس كله، فمن نسل داود يظهر المخلص، ويرد الفجور عن إسرائيل، فمملكة أبينا داود كانت شهوة الأجيال وخلاصة تعليم الكتبة والفريسيين ومشتهى المنتظرين فداءً في إسرائيل فإن كان فكر الكتبة قد ارتبط بملكوت المسيح الأرضي ومولد المسيح من الجسد من داود وأماني رجوع مملكة داود الذي غلب جليات كأسطورة تنتشي لها النفس، فقد حول المسيح فكرهم إلى ربوبية المسيح ولملكوته السماوي وجلوسه عن يمين الآب وفي الواقع جاء تعليم المسيح هذا ردا على المحاورات التي كانوا يحاورون بها ولاسيما جماعة الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة، فسألوا المسيح لعلهم ينالوا منه، فلما أفحمهم بالرد من الكتب وأن الله إله أحياء وليس إله أموات، وقال لهم تضلون كثيرًا إذ لا تعرفون الكتب، هنا جاء واحد من الكتبة فلما رأى جواب المسيح أعجبه ليس محبة في المسيح ولكن تشفيًا في جماعة الصدوقيين. فسأل الكاتب السيد المسيح أية وصية هي أول الكل، وهذا أجابه الرب أيضًا من الكتب عن وصية المحبة، ثم قال له لست بعيدًا عن ملكوت الله، ولكن للأسف رغم أنه ليس بعيدًا عن الملكوت لكنه لم يدخله فملكوت الله يدخلون إليه ادخل إلى فرح سيدك ويدخلهم إليهم "ها ملكوت الله داخلكم" ثم بعد ذلك علم السيد الرب تعليمه من جهة قول الكتبة عن أن المسيح ابن داود، فأكمله بالمزمور أنه ليس ابن داود فقط بل رب داود أيضًا، وأن الأمر لا يختص بملكوت أرضي بشبه مملكة داود بل ملكوت سماوي نجلس فيه عن يمين الآب، ونترجى هذا الملكوت في كل يوم وفي كل ساعة حين نصلي قائلين" ليأت ملكوتك".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 229

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل