عمل الروح القدس في النفس البشرية

18 يونيو 2024
Large image

قال السيد المسيح من آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" (يو ۷ :۳۸)وهكذا ترتوي النفس البشرية بعمل الروح القدس وبدونه تجف وتموت روحيًا، لأنه كالماء للأرض العطشانة. وبالطبع هذا الماء الحي مختلف عن ماء العالم الذي يُغرق الإنسان ويهلكه، كما حدث في الطوفان، لذلك قالت المرأة السامرية للسيد المسيح يا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ لِكَيْ لَا أَعْطَشَ" (يو ٤: :١٥) وقد وصفه المزمور (۷۲: ٦) "يُنْزِلَ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ، وَمِثْلَ الْغُيُوثِ النَّارِفَةِ عَلَى الْأَرْضِ"حقا إنه عمل الروح القدس الذي يُنهي البوار، ويُميت الآفات، ويحطم الصخور، ويلغي المستنقعات، ويهيئ التربة للزراعة. إنه ماء الحياة الذي يغسل وينقي الروح الإنساني، ويُجدد الشباب الروحي ويغسل الإنسان من عتيقه بالمعمودية، ويخلق القلوب الجديدة، والنفوس المستقيمة الخاضعة للوصية. "وَأَرْشِ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أَطَهِّرُكُمْ. وَأَعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أحكامي" (حز ٣٦: ٢٥-٢٧) .
أول عمل للروح القدس إنه يبكت على خطية:حتى لا تغشى الظلمة على حياة الإنسان من قلبه وحواسه وأفكاره. وكمثال: حديث الرب مع ملاك كنيسة اللاودكيين الفاتر الذي قال عن نفسه إنه غني وقد استغنى ولا حاجة له إلى شيء ولم يعلم أنه الشقي والبنس والعريان (رؤ۳ :۱۷). لذلك من محبة الله أنه يُبكت الإنسان على خطيئته، لأنه يريد له النقاء والطهارة والعودة لطريق الله. وهذا التبكيت يمنع خداع النفس كما ورد في (غل ٦: ٣) "إنَّ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُضُّ نَفْسَهُ". وقليل من الناس يفرحون بالتبكيت لفوائده الروحية، والأكثرية يجهلون فائدته فيتضايقون منه كثيرا.
وحين يبكت الروح القدس فإنه بإيجابية يكشف عن حلاوة حياة القداسة وثمارها وقوتها، إذ يغسل جروح الخطية فيبرأ الإنسان منها. لذلك فرق كبير بين تبكيت الروح القدس والندامة البشرية الضعيفة، إذ يعطي روح الله الفرح الداخلي بالتوبة والنصرة على الخطية والعزاء القلبي والرجاء مع الدموع والسلام الذي يتم بالمصالحة مع الله، مثل داود النبي الذي تاب وانجذب للقداسة حتى قال الله عنه: وَجَدْت دَاوُدَ بْنَ يَسْى رَجُلًا حَسَبَ قلبي" (أع ۱۳ :۲۲) إنه عمل الروح القدس الذي جعل داود يقول: تسمعني سرورًا وفرحا فتبتهج عظامي المنسحقة، رد لي بهجة خلاصك"( مز ٥٠). هذا عكس يهوذا الذي ندم فيئس فشنق نفسه وصار هالكا. لذلك قال الرب: "وَمَتى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرِّ وَعَلَى دينُونَةٍ" (يو (١٦: (۸)لذلك يقول معلمنا بولس في (عب٣ : ۷-۸) "اليوم إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلَا تُقَسُوا قُلُوبَكُمْ.
حقا ما أحلى عمل روح الله فينا بأنات لا ينطق بها (انظر رو ٨ :٢٦). إنه سُلَّم روحاني يقود خطواته روح الله، حتى يصل بالنفس إلى كمال التوبة بالعتاب الرقيق كما حدث مع بطرس الرسول فبكى بكاء مرا نخس في قلبه فقاده للتوبة، وقول الرب طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَفْنَى إِيمَانُكَ" (لو ۲۲ :۳۲). هكذا كلمة الله تنخس القلب كقول الرب: "أَلَيْسَتْ هَكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطَّمُ الصَّخْرَ" (إر ۲۳: ۲۹)لذلك لَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالُوا مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإخْوَة" (أع ۲: ۳۷). نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها

عدد الزيارات 449

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل