إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر باؤنه ( مت ٥ : ٣٤ - ٤٨ )

29 يونيو 2024
Large image

" وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تحلفوا البَتَّةَ، لا بالسماء لأنَّها كرسي الله ، ولا بالأرض لأَنَّها مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، ولا بأورشليم لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيم. ولا تحلف برأسك، لأنَّكَ لا تقدر أن تجعَلَ شَعرَةً وَاحِدَةً بَيضاء أو سوداء. " بل ليكن كلامُكُمْ : نَعَمْ نَعَمْ، لا لا. وما زادَ على ذلك فهو مِنَ الشَّرِّيرِ. سمعتُم أنَّهُ قيلَ : عَينٌ بعَينِ وسِن بسن. وسن بسن. وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوموا الشَّرَّ، بل مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خدك الأيمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخر أيضًا. ومَنْ أَرادَ أنْ يُخاصِمَك ويأخُذَ ثوبَكَ فاترك له الرداء أيضًا. ومن سخَّرَكَ ميلاً واحِدًا فاذهب معه اثنين. مَنْ سألك فأعطهِ، ومَنْ أَرادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنكَ فَلا تَرُدَّهُ. سمعتُمْ أَنَّهُ قيلَ: تُحِبُّ قريبك وتُبغِضُ عَدوَّكَ وأما أنا فأقولُ لكُم: أحبوا أعداءكُمْ. باركوا لاعنيكُمْ.أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إِلَيْكُمْ ويطردونكُمْ ، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماواتِ، فَإِنَّهُ يُشرِقُ شَمسَهُ علَى الأشرار والصالحين، ويُمطِرُ على الأبرار والظَّالِمِينَ لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الذين يُحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ ذلك؟ " وَإِنْ سلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ هكذا ؟ فكونوا أنتُمْ كاملين كما أنَّ أباكم الذي في السماوات هو كامل ".
ناموس المسيح
قيل للقدماء ... أما أنا فأقول لكم". الله لم يتغير ، ووصاياه وأحكام فمه هي هي. ولكن الذي يتغير هو الإنسان كان قبلاً عبدًا أما الآن فابن المسيح كان مرفوضًا أما الآن فمقبول ... كان ميتا أما الآن فحي بالمسيح ... كان قبلاً ظلمة أما الآن فنور في الرب. لذلك لم يعد ما قيل للقدماء وهم في حال العبودية يتناسب مع الأبناء المولودين ثانية الذين حررهم الابن فصاروا بالحقيقة أحرارًا. لم ينقض الرب الناموس، حاشا، بل أعطاه كماله ورفع قدر الوصية فصارت تتناسب مع الإنسان الجديد.
فإن كانت الوصية في العهد القديم تحكم على الإنسان وتدين انحراف إرادته وتظهر الخطية أنها خاطئة جدا، وتضع أمام الإنسان بشاعة الخطية ناهيه عنها مثل "لا تزن ... فإنسان العهد الجديد ليس فقط ينفر من الزني كخطية بشعة فهذه بديهية، ولكن حتى بذرة الخطية صارت مكروهة... فالدعوة الجديدة لتقديس النظر لأن الداخل مقدس وصار مسكنا لروح القداسة، فالوصية الجديدة جاءت من فم المسيح أن يتحذر الإنسان لنظره ويرفعه دائما نحو السماويات ولا يدع العدو الشرير يخدعه بخداع النظر
وتحويل القلب إلى الشهوات القديمة. الوصية الجديدة إيجابية تشجع على حياة الفضيلة ليس بالنهي عن الرذيلة بل بارتفاع الحياة في الفكر والقلب والنظر معًا . قيل للقدماء وهم محصورون في الجسد - أي جسدانيون - أما أنا فأقول لكم كروحيين.
القسم:
كان كلام الرب في القديم أن تحلف باسم الرب إلهك" لأن الأمم الذين كانوا حولهم كانوا يتعبدون لآلهة كثيرة غريبة - كلها شياطين وكانوا يتبارون في احتفالاتها ونجاساتها وبناء معابدها ونشر أسماءها، لذلك سمح الرب لشعبه أن يحلفوا باسمه، لإظهار اسمه بين الأمم ولكي يظهر أنهم ينتمون إليه تمييزا لهم عن الأمم وآلهة الأمم... أما وقد ظهر أنه ليس إله آخر في السماء وعلى الأرض إلا الآب والابن والروح القدس لذلك قال الرب "لا تحلفوا البتة".أما ما يدور بين الناس في المعاملات، ويتعود الناس على الحلف ليثبتوا كلامهم ويتدخلوا بالأقسام من أجل التصديق فهذا نهى عنه الرب تماما. وضع قانون الكلام لأولاده هكذا "ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا". وهذا مرجعه إلى الروح القدس الساكن فينا والناطق والعامل في حياتنا، مرشدنا إلى جميع الحق، وليس فيه كذب أو شبه ظل دوران ... فإن عشنا بالروح فإن من فضلة القلب والكنز الصالح كنز الروح القدس تخرج الصالحات على شفاهنا ... ويمتلئ لساننا سبحًا ... فلا مجال لكلام بطال ولا لأقسام... بل تصير النعم نعم واللا لا... موزونين بميزان
الحق. فإن عاش الإنسان بحسب هذا القانون فإن لغته تظهره أنه إنسان حق وصدق ولا يحتاج إن يبرهن على صدق كلامه لأن الروح نفسه يختم على صدق أقواله في ضمائر الناس جميعًا وصايا الكلام واللسان لا تعالج المظاهر إطلاقا بل تعني بالقلب لأن منه مخارج الحياة من فضلة القلب يتكلم الفم.لذلك يصير الأمر طبيعيًا كلما امتلأ الإنسان بروح النعمة والتضرعات وامتلأ من كلام الصلاة وكلام البركة وصار ينبوع قلبه عذبًا فمن أين يأتي ماء مر كقول يعقوب الرسول فلنجعل الينبوع الذي في الداخل، ينبع إلى حياة أبدية ونعطي للروح القدس أن يعمل فينا بلا مانع من إرادتنا أو عنادنا أو شهوات قلوبنا حينئذ يفيض كقول المزمور فاض قلبي بكلام صالح" فإن كان ثمة وصية للكلام وللسان كمثل باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" فهى تأتي طبيعية سهلة في حياة أولاد الله الذين امتلأت قلوبهم من نعمة الروح المعزي فلا مكان للعنة أو كلمة نابية أو إساءة إلى أحد، بل كل الكنز صار مباركًا فإن لزم الأمر أن أرد على شاتمي فمن ينبوع الروح القدس في قلبي أرد بالبركة فالفم الذي يُبـــــــارك لا يعرف اللعنة.
عين بعين وسن بسن
هذا ما قيل للإنسان البشري ... فإن حقق الإنسان ذلك يكون قد ارتفع عن الطبيعة الحيوانية التي تهاجم وتفترس وتبتدئ بالعدوان.أما وقد رفع المسيح من شأن الإنسان حتى دعي ابن الله. فلا يقاوم الشر... بل يغلب الشر.الذي يشتم فيشتم يصير هو والشاتم في ذات المستوى. الذي يشتم فيبارك يبرهن أنه ارتفع عن مستوى الشاتم إلى مستوى البركة ... الإنسان المسيحي لا يتاجر في الشر، ولا يقابل شرا بشر إن جاع عدوك أطعمه وإن عطش اسقه... هذا هو ناموس المسيح، ناموس الخير كل الخير ... يغلب الشر ويهزمه كما يغلب النور الظلام.إنه عمل كمثل إخراج الشياطين. لا يقدر شيطان أن يخرج شيطانا ، فالشتيمة لا تغلب الشتيمة، والغضب لا يغلب الغضب والبغضة لا تغلب البغضة. بل بروح الله نخرج الشياطين بروح الوداعة نغلب الغضب وبروح المحبة نغلب العداوة.المسيح بذل نفسه لأجل الخطاة. البار من أجل الأثمة
ليقربنا إلى الله ... هذا هو منهج الحياة في المسيح.فبذل الخد الآخر عمل إرادي لا يسلبه أحد منا عنوة أو يغصبنا عليه ... نحن نقدمه طواعية حبًا في الذي مات عنا. هكذا قدم الشهداء ذواتهم حتى ما كان غير مطلوب منهم فعلوه حبًا في المسيح... لقد صاروا أبعد من الوصايا، وتجاوزوا الميل الثاني والثالث لأن الحب الذي فيهم صار کنار لا تعرف حدود.إن الخضوع لوصايا المسيح وعدم مناقشتها يُظهر أننا أولاد الله، وهذه الوصايا عينها هي التي تفرزنا من العالم وتظهر للجميع أننا فعلاً لسنا من هذا العالم... ولأن أولاد الله مولودون من فوق لذلك فالوصايا جميعها فوقانية عالية أعلى من كل ما في العالم وحين نحيا الوصايا فإنها ترفعنا من مجد إلى مجد.بقي أن نقول للذين يستصعبون وصايا المسيح بحسب فكر العقل البشري إن وصاياه" ليست ثقيلة" هذه شهادة التلميذ الحبيب وأن نير المسيح هين وحمله خفيف"بحسب قول المسيح نفسه فلا تصدق عكس هذا الكلام، الأمر يحتاج إلى مجازفة وتنفيذ دون أن نحسب حسابات ويضعف إيماننا يسوع المسيح قال : الذي يحبني يحفظ وصاياي".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 266

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل