
" ودعا تلاميذه الاثني عشر، وأعطاهم قوَّةً وسُلطانًا على جميع الشياطين وشفاء أمراض، وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى. وقال لهم : لا تحملوا شيئا للطريق : لا عَصا ولا مِرْوَدًا ولا خُبزًا ولا فِضَّةً، ولا يكون للواحد ثوبان. وأيُّ بَيْتِ دَخَلتُمُوهُ فهناك أقيموا ، ومِنْ هناك اخرجوا . وَكُلُّ مَنْ لا يَقْبَلُكُمْ فاخرجوا مِنْ تِلكَ المدينة، وانفضوا الغبار أيضًا عن أرجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا خرجوا كانوا يجتازون في كل قريةٍ يُبَشِّرُونَ ويشفون في كل مَوْضِع ".
إنجيل القداس : إرسالية السبعين رسولاً.
إنجيل العشية: دعوة الاثنى عشر تلميذا. عيد الرسل الأطهار وهو عيد استشهاد أبينا بطرس الرسول ومعلمنا بولس الرسول يقع في 5 أبيب من كل عام. لذلك رتب الآباء أن تكون قراءات الأحد الأول مركزة حول الرسل الأطهار . وفي إنجيل العشية يقول إن الرب دعاهم وأعطاهم قوة وسلطانًا والذين دعاهم قال القديس بولس الرسول سبق فعرفهم وسبق فعينهم وبررهم ومجدهم أيضًا.ولأن مملكة المسيح ليست من هذا العالم لذلك فجميع هذه الأوصاف لا تأتي على شاكلة العالم بحال من الأحوال فالدعوى والمعرفة والتعيين والمجد كله يختلف جذريا عما في العالم فلا مثيل ولا وجه للشبه على الإطلاق انظر إلى الرسل الأطهار لا كيس ولا مزود ولا سند مال ولا عصا للطريق لقد جردهم تماما لكي يصير
هو الكل في الكل، هو أكلهم وشربهم وحمايتهم بل هو طريقهم "أنا هو الطريق" وهو غناهم فصاروا فقراء وهم
يغنون كثيرين وكأن لا شيء لهم وهم يملكون كل شيء. أعطاهم قوة وسلطانًا على جميع الشياطين وشفاء الأمراض هذا هو رصيد الكنيسة الذي استقر فيها حين استودعه الرب تلاميذه الأطهار، وهذا ما تصرف منه الكنيسة في كل أجيالها وهو لا ينفد ولا ينقص "هذه الآيات تتبع المؤمنين" ولما كانت مصارعتنا ليست مع لحم ودم بل مع قوات الشر الروحية في السماويات، لذلك لزم الأمر أن المسيح له المجد يعضد تلاميذه بالقوة الروحية ليتفوقوا على قوات الشر ويطردوها إذ أن الرب سحق الشيطان وكسر شوكة الجحيم والموت وهتك قوات الظلمة بصليبه.
إرسالية واضحة محددة :
تحددت معالم إرسالية الرسل بفم المسيح المبارك حين أرسلهم قائلاً : اكرزوا بملكوت الله، اشفوا المرضى، طهروا البرص، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين، مجانًا أخذتم، مجانا أعطوا .
فطافوا يكرزون بالملكوت وفتحوا أبواب السماء أمام الخطاة وردوا الضالين وأقاموا موتى الخطايا والأجساد وشفوا أسقام النفس والبدن معًا. وصارت كرازتهم هي عملهم ومهمتهم وإرساليتهم إنقاذ نفوس من الهلاك ورد الضالين وبرجوع وتوبة الخطاة بدأت الكنيسة كجماعة المفديين الذين قبلوا سر الخلاص في المعمودية وعاشوا الحياة
الجديدة ولم يرتبك الرسل الأطهار بعمل آخر تنفيذا لأوامر الذي أرسلهم فحتى حين ظهر أمر خدمة الموائد إذ كان كل شيء عندهم مشتركا قال الرسل في غاية الوضوح: "لا يرضى أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد". وحين باع المؤمنون أملاكهم وأتوا بأثمانها وضعوها عند أرجل الرسل فلم تشغل بالهم بحال من الأحوال ولا صعدت إلى مستوى أفكارهم بل ظلت عند أرجلهم لقد اختبر الرسل المعنى الكامل للتحرر من نير العالم واهتماماته الباطلة وحين قال القديس بطرس الرسول للرجل الأعرج عند باب الهيكل الجميل - لا فضة لي ولا ذهب - كان يعني ما يقول إنه فقير حقا كسيده ولكن الذي لي إياك أعطيه له اسم الخلاص اسم يسوع المسيح هذا هو الغنى الحقيقي فمن يمتلك اسم يسوع صار أغنى من العالم كله لا يستطيع غنى العالم أن يُعين هذا الرجل المولود من بطن أمه هكذا ولم يمش قط، ولا يستطيع غنى العالم أن يُسعد الإنسان المولود أعمى ولا أن يُعيد له شيئًا مما هو فاقد غنى العالم عاجز أما بطرس الرسول فاستطاع بنعمة الذي دعاه واستودعه القوة والسلطان استطاع أن يقيم الأعرج بكلمة، وليس ذلك فقط بل ما هو فوق الخيال أيضًا لأن الناس كانوا يأتون بالمرضى ويضعونهم على جانب الطريق منطرحين حتى لو خيم ظل بطرس الرسول على أحد فإنه يبرأ شيء مذهل حقًا هكذا صار تجرد التلاميذ علة تمجيد بالأكثر لاسم يسوع المسيح أما قول المسيح له المجد إنه أعطاهم سلطانا على جميع الشياطين فهو مذخر فيه من النعم ما لا يُحصى فكما قال الرب في القديم ليشوع بن نون: "لا يقف إنسان في وجهك" - هنا يقول الرب للرسل وخلفائهم من بعدهم
"لا يقف شيطان في وجهك"جميع الشياطين، فلا يوجد
شيطان يستطيع أن يصمد أو يتجبر جميع الشياطين مثل شيطان الزني، وشيطان الكبرياء، وشيطان محبة المال، وشيطان البغضة، وشيطان الغضب إلخ.ونحن يوم تعمدنا قلنا " أجحدك أيها الشيطان وكل أعمالك النجسة وكل شياطينك الشريرة وكل حيلك الردية والمضلة وكل جيشك وكل سلطانك" ولأننا انحزنا إلى المسيح، وبالسلطان الذي أعطاه المسيح نفخ الكاهن فينا بقوة وسلطان قائلاً : اخرج أيها الروح النجس" فطرد من مسكنه وحل الروح القدس في هيكله المخلوق جديدًا في مياه المعمودية المقدسة.
من يقبلكم... ومن لا يقبلكم
قال الرب للرسل إن من يقبلهم فقد قبل المسيح ومن يسمع كرازتهم فقد سمع صوت المسيح، وعلامة القبول أن يدخلوا إليه حاملين المسيح ويقيموا هناك ويعطوا سلام
المسيح وكل نعمه وإحساناته بينما الذي يرفضهم فقد رفض المسيح فمن هناك يخرجون وينفضون حتى غبار أرجلهم علامة على براءتهم من وزر الرفض وما سيحل بهذا البيت أو المدينة من دينونة ولكن على أي حال، قال الرب إنهم يلقون حتى في مسامع الرافضين هذا القول الإلهي: "ولكن اعلموا أنه قد اقترب منكم ملكوت الله". أي يظل الباب مفتوحا لكل من يراجع نفسه ويرجع إلى الرب الموضوع إذن معلّق بإرادة الإنسان إن في القبول أو في الرفض بكامل الحرية فهل نقبل وهل نقول مبارك الآتي باسم الرب فيدخل إلينا الرسل بكل كلام المسيح الصالح ونفرح بالكلمة ونقبلها
بكل القبول !!
وهل نفرح بحلول الرسل الأطهار في مسكننا حيث يقولون بفم المسيح السلام لهذا البيت؟
آمين أيها الرب يسوع أرسل رسلك كما في البداية يدخلون كنائسنا وبيوتنا بل ويقيمون داخل قلوبنا فيحل السلام الروحاني الحقيقي في كل نفس وبيت وكنيسة كعلامة حقيقية لتمتعنا بالمسيح فينا.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد