إنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائى هو فصل من معلمنا متى إصحاح 18 يقول لنا أنّ تلاميذ يسوع المسيح بيسألوا يسوع سؤال شاغلهم جداً يريدون أن يعرفوا من هو الأعظم فى ملكوت السماوات ؟!! وماهى معاييرك ؟! وحدّد وقل فلان وفلان نريدك أن تبسّط لنا الأمور بالطبع هم منتظرين أن يسمعوا كلام ويروا صفات معينّة فوجدوا إن ربنا يسوع عمل موقف تعجبّوا من فهو دعى طفل وأوقفه فى وسط الجموع كلها طفل عنده 3 أو 4 سنين وقال" إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات " أجابهم إجابة سهلة جداً وصعبة جداً فيها لون من ألوان إستخدام وسائل الإيضاح وليست إجابة نظرية فهو أعطاهم درس عملى وهو أن ترجعوا وتصيروا أطفال لذلك يا أحبائى نستطيع أن نقول إن حياتنا كلها هى جهاد من أجل الرجوع إلى حالة الطفولة ، فنحن غير منتظرين أن نكتسب أمور جديدة ولكن حياتنا هى الرجوع إلى الحالة التى خُلقنا عليها صورة الطفل الذى لم يتلّوث بطبيعة العالم أريد أن أتكلّم معكم فى ثلاث نقط :-
1- الطفولة الروحية :-
الطفولة الروحية ياأحبائى تجعل الإنسان يشعر أنّه بسيط بساطة الأطفال تأّملوا يا أحبائى فى طفل صغير تجدوا عنده بساطة ونظرة بسيطة للأموروعنده محبة صادقة وإتضاع وإيمان للأسف كلّما كبر الإنسان كلّما فقد صورة طفولته كلّما بعد عن الطريق الصحيح الإنسان الواعى هو الذى يحاول أن يكون طفل وأن يرجع إلى الصورة التى خلقه ربنا عليها من الأمور الجميلة التى نتدرب عليها وهى أكيد إن كل واحد منّا محتفظ بصورته وهو طفل فإنظر للصورة وإعرف ما فقدته فأحد القديسين يقول : " حدّد فىّ صورة ملامحك " ، الصورة التى تلّوثت بأفعال كثيرة بالخطايا وبالشرور محتاجة أن تتجدّد فأحد القديسين يقول : " أصلح فىّ ما قد أفسدته " جهادنا على الأرض ياأحبائى هو أن نقترب إلى صورة الطفولة محتاجين جداً أن نرجع ونكون أطفال كم أنّ الإنسان عندما ينظر إلى نفسه يحزن على الأمور التى أفسدناها فالطهارة فسدت والبساطة فسدت نحن محتاجين لجهاد كبير جداً حتى نصل إلى حالة الطفل الذى لا يبالى بعثرات ولا يبالى بمناظر شريرة بولس الرسول يقول " كونوا أطفالاً فى الشر " ، أريدك أن لا يكون عندك جراءة ولا إقدام فى الشر لذلك شرط ربح الملكوت هو أن نكون أولاد فى الشر ونرجع إلى الطفولة أقبل الملكوت كولد0أقبل الملكوت كطفل0لدرجة عندما أحبّوا أن يُعطوا علامة كميلاد يسوع المسيح وهو" تجدون طفلاً مُقمطاً "فعلامة أن نتلاقى معه هى أن نراه كطفل الطفل عنده هدوء عنده سلام ولا يوجد عنده صراعات ولذلك تجدوا فى زى الرهبان والراهبات فى القلاسوة يوجد فيها شريطة تُربط وهى مثل شريطة الأطفال لأنّه يريد أن يقول لك وأنت راهب أنت بتلبس مثل الأطفال أنت بترجع إلى سذاجة الأطفال " إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السماوات " كم أنّ يااحبائى العالم لوثّ داخلنا جداً ولوثّ ذهننا ولوثّ ملامحنا ففى هذه الأيام الذى تقول له كلمة يفكّر فيها بمئة طريقة ولو حدث موقف من سنين الإنسان يتذكّره و لا ينساه إنظر لطفل بيبكى تجده بعد لحظات بيضحك بعد أن كان بيبكى بطريقة شديدة جداً نريد أن نتكلّم فى بعض صفات الأطفال
2- صفات الطفولة :-
أ- الإيمان والتسليم
نجد الطفل الصغير يعيش فى إيمان فى ثقة لا توجد عنده أى زعزعة ولا يوجد عنده شكوك فإن كان أبوه يشعر بخطر فهو لا يكون عنده إحساس بخطرلو قلت له عن أمر يفوق الخيال تجده يصدّقه هو بيستلم منّا بدون نقاش الإنسان ياأحبائى محتاج أن يصل إلى هذه القامة الطفولة هى قامة روحية عالية الإنسان محتاج أن يرجع لها فلو معرفتنا زادت جداً وفقدنا طفولتنا فستكون معرفتنا ليس لها فائدة فكثيراً معرفتنا بتحجز عنّا الطفولة البريئة فتقول لو أنا عشت بالطفولة هذه فإنّ الناس ستهزأ بى أقول لك أنّ النعمة تُعطى مع كل فضيلة فإنّ الله سيعطيك نعمة أزيد وأزيد وسيعطيك مع طفولتك إفراز وحكمة فنجد ربنا يقول لإبراهيم " إبراهيم إبراهيم إترك أهلك وعشيرتك وبيتك وإذهب إلى الأرض التى أُريك إياها " فأطاع فهو طفل مُطيع لأبيه ولكن لو أبونا إبراهيم فكّر بعقلة وبشيخوخته فإّنه كان سيقول كيف أترك أرضى وأهلى ولكنّه أطاع بولس الرسول يقول " شكراً لله لأنكم أطعتم من القلب صورة التعليم " فأطاوع بطفولة أطاوع بدون نقاش فالإنجيل يقول أحب الأعداء لا أُناقش بل أطاوع فعندما أعطى ربنا وعد لأبونا إبراهيم بأبن فى شيخوخته فإنّه صدّق الوعد فأين شيخوختك يا أبونا إبراهيم وأين خبرتك فى الحياة فإنّه يقول أنا سألقى شيخوختى وخبرتى جنباً ونجد الله يقول له " أنا سأرجع بك إلى زمن الحياة " فكيف سترجع به ياالله إلى زمن الحياة ؟ ولكن أبونا إبراهيم صدّق وبعد ذلك يقول له ربنا يا إبراهيم هات إبنك الذى أعطيته لك فيطيع فلابد أن تكون طفل فالإنسان الذى عنده طفولة يكون عنده تصديق وعنده وعى فهل تعرفوا يا أحبائى لماذا الله حاجز مسئوليته عننا ؟! لأننا نسير بحسب هوانا نسير بتفكيرنا ولكن لو طفل مسلّم لأبوه فإنّه يترك لأبيه ما يفعله ولا يقول له لا تفعل كذا ولكن عندما نصرّ على رأينا فإننا بذلك بنعطّل إعلان مسئولية ربنا عن أنفسنا لأننا نقول له أنا سأفعل وسأفعل وأسير بإرادتى فالطفولة الروحية هى مجد للمشيئة الشخصية فأقول له يارب أنا لا أريد أن أسير بإرادتى ونجد ربنا يقول لموسى إضرب البحر بالعصا فسينشق معقول واحد إن موسى لو ضرب البحر بالعصا فإنّه سينشق ولكن موسى أطاع كطفل وصدّق وضرب البحر بالعصا فإنفتح له فيه مسلك فالإنسان محتاج أن يعيش فى إيمان الطفولة فى روسيا فى زمن من الزمان كان لا يوجد فيها إيمان بالله إطلاقاً وكان يوجد ثلاث أطفال مسيحيين فى فصل فى المدرسة فكان باقى الأطفال يهزأون بهم ويسخرون بهم ويقولوا لهم هل يوجد شىء إسمه ربنا !! فالثلاث أطفال حزنوا جداً فدخل المُدّرس وسألهم ما بالكم حزانى هكذا فقالوا له إنّ أصدقائهم يقولون لهم أنّه لا يوجد إله فقال لهم وهذا صحيح فإنّه لا يوجد إله فحزن الأطفال فقال لهم إثبتوا إن فى إله ! فالثلاث أطفال سجدوا وواحد منهم صرخ وقال أيها الطفل يسوع تعال وأخذ ينادى ويقول هكذا أيها الطفل يسوع تعال ففجأة أبرق نور وأستمر النور فى الفصل لمدة نصف ساعة حتى يصدّق الأطفال بوجود الله فهو إيمان أطفال إيمان بسيط عديم الغش أو الشك القديس العظيم الأنبا أبرآم أسقف الفيوم أتوا إليه ثلاث أشخاص وقالوا له إن أبوهم مات فأعطاهم فلوس المستشفى التى كان يُعالج فيها وفلوس الشادر وأعطاهم كل إحتياجاتهم وأخذوا مبلغ كبير وخرجوا ووصلوا البيت فوجدوا أبوهم قد مات فعلاً فقالوا نحن أخطأنا وحزنوا فالقديس الأنبا أبرآم صدّقهم ببساطة وتعاطف معهم ولذلك فأنت لا تحزن إن ظلمك أحداً بل سلّم لمن يقضى بعدل لأنّه يوجد إله هو الذى قال :" لى النقمة أنا أجازى يقول الرب " وكما يقول الحكيم فى سفر الجامعة أنّ : " فوق العالى عالى وفوقهما أعلى يُلاحظ "،يوجد واحد عالى يُلاحظ بولس الرسول يقول : " أخشى أنّه كما خدعت الحية حواء أن تُفسد أذهانكم عن البساطة فى المسيح يسوع " حواء الحية خدعتها وأفسدت بساطتها نخاف جداً يا أحبائى على أنفسنا لئلاّ البساطة والإيمان البسيط الذى عندنا نفقده0
ب- التسليم
نتكلّم فى نقطة أخرى وفى قامة مرتفعة جداً وهى قامة التسليم الطفل عنده تسليم عجيب جداً تأخذه أمه فى أى مكان فإنّه لا يُناقش لا يخاف من أى مكان فيه خطر وهو فى حضن أمه يكون فرحان وإن كانت أمه حزينة الطفل يعيش فى تسليم فوق العقل محتاجين أن نعيش كأطفال فلا يكون عندى أى لون من ألوان القلق ولا أجلس أفكّر بعقلى ولا أخاف ولا أتردد وأعيش فى تسليم الطفل ولا يكون عندى أى نوع من الخوف من أى ظرف توجد قصة تحكى عن أنّه كانت توجد سفينة فى البحر فهاجت الأمواج وإشتدت الرياح وكادت السفينة تغرق فكان الناس الموجودين فى السفينة خائفين جداً وفى وسط هذه الظروف كانت توجد طفلة بتلعب فإنتهرها الناس وقالوا لها أنتِ تلعبين فنحن سنغرق فأجابتهم الطفلة بكل هدوء إنّ قائد السفينة هو بابا وأنا ركبت معه كثيراً وبابا بحّار ماهرفأنا لا أخاف وأنتم لا تخافوافأنشأت سلام وتسليم فى كل المركب
نحن محتاجين ياأحبائى أن نثق فى أبانا السماوى نحن ياأحبائى أبونا هو ضابط الكل هو الذى يُخرج الشمس فى ميعاد هو ضابط أعماق البحارمحتاجين أن نعيش فى قامة الطفولة فى التسليم إسحق قبل أن يُربط لكى يُقدّم كذبيحة فالذى يعيش فى قامة الأطفال يكون عظيم فى ملكوت السماوات الأمر محتاج منّا جهاد كبير وأن نبكى على أنفسنا ونحزن على كل شىء فسد بداخلنا ربنا خلقنا أن نكون بلا لوم وعلى صورته فنحن مخلوقين من أجل أن نسبحّه " من أفواه الأطفال هيأّت سُبحاً " وربنا يسمعها لأنها صاعدة ببساطة وبلا رياء0
ج- إتضاع الطفولة
لا تجد طفل عنده سنتين أو ثلاثة أو أربعة ويكون مُتكبّربعد ذلك يقول أنا مين وأنا عندى وفلان لا يوجد عنده لكن لو قبل ذلك حتى ولو كان إبن ملك فإنّه يلعب مع إبن غفير ولا تجده يطلب أن يلبس ذهب أو يطلب ملابس مُعينّة فهو طفل صغير تلّبسه أمه تلّبسه ، تخلع الملابس تخلعها ، فلا يوجد عنده إعتراض ولا نقاش لانجد عنده تعال أو غرور أو عظمة فنحن كثيراً ما نفسد أمور كثيرة فينا فنحن محتاجين أن نلغى كل هذا الإفساد ونقول له يارب علّمنى أن أسلك كطفل فالطفل أكبر شىء يحلم به هو اللعبة أحلام بسيطة جداً الطفل لا يعرف أن يعتدّ بذاته ولا يحتدّ ولو أُهين يصفح ولو أدخلت الطفل فى أى مكان فإنّه لا يطلب أن يُغيّره ولذلك المسيح يريدنا أن نسلك كأطفال ولذلك نقول له يارب " نحن لا نعلم ماذا نفعل ولكن نحوك أعيننا " الطفولة تحتاج جهاد طويل تحتاج صلوات كثيرة تحتاج نقاوة تحتاج تعب تحتاج مقاومة للغرور والعظمة تحتاج بإستمرار انّ الإنسان يتابع نفسه التمتّع بالملكوت ياأحبائى سوف لا يأتى إلاّ بالطفولة يقولوا عن الأنبا موسى الأسود أنهم حبّوا أن يرسموه كاهن فأخذوه للبطريركية وقالوا له نحن إختارناه ليكون كاهناً فوقف أمام البطريرك يرسمه وحوله آلاف الرهبان فقال لهم البطريرك ما هذا الأسود ؟ وطرده ، فعندما خرج خارجاً سمعوه يقول لنفسه ( حسناً ما فعلوا بك يا أسود اللون ) ، وأخذ يوبّخ نفسه فخرجوا إليه ورجع معهم فهو طفل يقولوا له إذهب يذهب تعال يأتى كثيراً ما نجد الإنسان يصّر على موقفه ويكون عنده إعتداد بذاته ربنا يسوع المسيح الذى دعانا أن نكون أطفال يثبّت فينا روح الطفولة ويُجدّد صورة الطفولة فينا ربنا يسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً امين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
الأعظم فى ملكوت السماوات
21 يوليو 2024
عدد الزيارات 60