لقاءات القديسين

07 أغسطس 2024
Large image

بمناسبة صوم العذراء ،أود أن نتأمل معاً في درس روحي نتعلمه من حياتها من الأحداث الهامة فى حياة العذراء زيارتها لاليصابات نريد أن نأخذ من هذا اللقاء الروحي العجيب بين القديسة العذراء والقديسة اليصابات درساً عن لقاءات القديسين .
لقاءات القديسين
دروس من مقابلة العذراء الأليصابات :
1- اول ما يتميز به هذا اللقاء ، ما ظهر فيه من روح الخدمة:
حالما سمعت العذراء بأن اليصابات حبلى في شيخوختها ، أسرعت لتخدمها ، لأنها شعرت أن هذه العجوز القديسة في حاجة إلى من يقف إلى جوارها وهكذا ظلت معها حتى ولدت وبذلت العذراء ما تستطيعه لتخدمها ، وبقيت إلى جوارها ثلاثة أشهر .
٢- نرى في هذا اللقاء أيضاً روح الاتضاع ، من الجانبين :
اتضاع من أم المخلص ، التي لم يرتفع قلبها بظهور الملاك لها ، و ببشرى ميلاد المسيح منها ، وما وصلت اليه من مركز أكبر من أن تحتمله امرأة ، ومع كل ذلك ذهبت لتخدم دون أن يكبر قلبها . لهذا قالت اليصابات أيضاً في اتضاع ، من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ، ؟!
٣- كان هذا اللقاء أيضاً مملوءاً من عمل الروح القدس .
يقول الكتاب : فلما سمعت اليصابات سلام مريم ، ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلات اليصابات من الروح القدس . ( لو ٤١:١ ) مجرد كلمة السلام ، سمعتها اليصابات من مريم ، جعلتها تمتلىء من الروح القدس ما أعجب هذا التأثير الروحي في لقاءات القديسين . كثيراً ما نسمع عنه في الكتاب : بطرس يدخل بيت كرنيليوس ويتكلم ، فيمتلىء الجميع من الروح القدس وهنا لم تمتلىء أليصابات فقط من الروح ، بل أيضاً جنينها كان هناك لقاءان : أحدهما بين مريم واليصابات ، والثاني بين
يوحنا الجنين ، وبين المسيح الجنين وكما امتلات اليصابات من الروح . كذلك قيل عن جنينها "ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس ، ( لو ١ : ١٥ )وهكذا بالروح عرف الرب ، وارتكض بابتهاج في بطن أمه للقاء ربه ، الذي من أجله سيولد ، ليعد الطريق قدامه لقاء مريم بأليصابات : كان فيه روح الخدمة ، وروح الإتضاع ،وعمل الروح القدس وماذا كان فيه أيضاً ؟
٤- انه لقاء كان يتسم بكلام البركة والتطويب :
صرخت اليصابات بصوت عظيم ، وقالت لمريم و مباركة أنت في النساء ، ومباركة هي ثمرة بطنك فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب .
ه - وكان لقاءا فيه أيضاً روح النبوة والكشف والاعلان الالهى.من أين علمت اليصابات بأن العذراء قد صارت أم الرب ، حتى تقول لها و من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ؟! كذلك كيف عرفت أنه قيل لها شيء من قبل الرب وأنها آمنت بما قيل لها ؟ لا شك أنه نوع من الكشف الإلهى، ومعرفة الخفيات إنه روح النبوة تمتعت به هذه التي امتلات من الروح القدس .
٦ - وفي هذا اللقاء أيضاً ترى روح التسبيح وروح الصلاة : وقفت مريم تسبح الرب بتسبحتها الشهيرة ، وتصلى صلاة طويلة ،وتقول : تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي ، لأن القدير صنع بي عجائب ، واسمه قدوس.
٧- انه لقاء روحی بین امراتين قديستين ، يعطينا فكرة عما يجب ان تكون عليه اجتماعات النساء وأحاديثهن .
امرأة تقابل أخرى ، فى امتلاء من الروح القدس، بلقاء فيه روح الخدمة ، وروح الاتضاع ، وروح النبوة، وفيه البركة والتطويب وفيه الصلاة والتسبيح هكذا يكون لقاء القديسين.
لقاءات القديسين وصفاتها :
قد يجتمع اثنان خاطئان . فكل منهما يجذب الآخر إلى اسفل ويملا سمعه وفكره وقلبه بما لا يفيد على رأى قديس قال : إذا سرت مع إنسان قديس من قلايتك إلى الكنيسة ، يقدمك في الحياة الروحية عشر سنوات ، وإن سرت مع إنسان منحل ، يؤخرك خمسين سنة لهذا ينبغى أن تحسن اختيار الأشخاص الذين تلتقى بهم نتخير نوع الشخص ، ونوع الجلسة، ونوع الحديث، حتى لا نخسر أرواحنا من مشورة الأشرار ومن مجالس المستهزئين ( مز١) نقرأ في بستان الرهبان أن كثيرين كانوا يتكبدون الاسفار ، ويعبرون البحار ، والبرارى والقفار ، لمجرد سماع كلمة منفعة من راهب فلقاءات القديسين فيها كلام المنفعة ، وفيها أيضا المنظر الروحي قابل البعض القديس الأنبا أنطونيوس ، وسألوه في أمور . وشخص آخر لم يسأل، وإنما قال للقديس و يكفيني مجرد النظر إلى وجهك يا أبى مجرد نظر وجه القديسين كانت فيه منفعة روحية لذلك كان قديسون يتقابلون ، ويجلسون صامتين ،ويستفيدون روحيا مثال ذلك اللقاء بين البابا ثاوفيلس والأنبا بفتوتيوس قال الأنبا بفنوتيوس، إن لم يستفد من سكوتى ، فمن كلامي أيضاً سوف لا يستفيد. لان الذي يريد أن يستفيد ، ممكن أن يستفيد من السكوت لقاءات القديسين مملوءة من النفع الروحي فيها كلمة المنفعة وفيها القدوة الصالحة ، والروح الطيبة التي يمتصها الشخص من الآخر. وفيها أيضا البركة . يكفى أن تقابل قديسا لمجرد اخذ بركة.
لقاءات القديسين في الكتاب
من هذه اللقاءات التاريخية : مقابلة ابراهيم أبي الآباء لمشيصادق( تك ٤ ) ملشيصادق ملك ساليم ، وملك البر ، وكاهن الله العلى .لقاء قدم ابراهيم فى هذا اللقاء العشور، وقدم خبزاً وخمراً . ومن العجيب أنه لقاء كان يحمل أيضاً رموزاً روحية ، ونبوءات.
كذلك من المقابلات التاريخية ، لقاء ابراهيم بضيوفه الثلاثة ( تك ۱۸ ) لقاء ظهرت فيه روح البساطة ، إذ ركض ابرام لاستقبالهم وهو شيخ ، وروح الاتضاع ، إذ سجد لهم إلى الأرض وقال : يا سيد.
إن وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك . وروح الخدمة والكرم إذ غسل أرجلهم وذبح لهم وأحضر طعاماً كثيراً . كما ظهرت في هذا اللقاء مواعيد الله ، وظهرت محبة ابراهيم وتشفعه في أهل سادوم لاشك أنه ما كان يعلم أن ضيوفه هم الرب وملا كان معه ، وإلا ما كان يذبح لهم ويقدم زبداً ولبناً وخبزاً.
ومن لقاءات المحبة المشهورة في الكتاب : لقاء داود ويوناثان إنه لقاء الحب، والإخلاص، والعهود . وقف فيه يوناثان ضد أبيه من أجل محبته لداود مسيح الرب . وقف ضد الملك وتعرض
لايذائه ، وضحى بنفسه لينقذ صديقه . وبكى الاثنان ، وظل داود زماناً طويلا يذكر محبة يوناثان . وقال بعد وفاته و قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان كنت حلواً لى جداً . محبتك لي أعجب من محبة للنساء ( ٢ صم ١ : ٢٦ ) . ولما صار ملكاً ، ظل يبحث : هل بقى هناك أحد من بيت شاول ، لأقدم له معروفاً ، لأجل يوناثان.
هناك أيضا لقاءات للقديسين خاصة بالخدمة كلقاء بولس بتيموثاوس ، كاجتماع الرسل في مجمع اورشليم قال له : بادر ان تجيء إلى قبل الشتاء خذ مرقس وأحضره معك، لأنه نافع لى للخدمة" ( ٢ تى ٤ : ۹ - ۱۱ ) وتقابل الثلاثة لأجل الخدمة.
هناك لقاءات أخرى للتصافى ، كلقاء يوسف الصديق بأخوته بكى وبكوا ، وغفر لهم ، وتصافوا ، وأعطاهم من حبه ، وأعطاهم أرضاً ورزقاً وصفحاً ، وأراح قلوبهم ، وكفكف دموعهم.
ولعل من أعظم اللقاءت في التاريخ لقاء السيد المسيح بالمعمدان منذ زمان كان يوحنا يشتاق إلى هذا اللقاء وهو لقاء ظهر فيه تواضع الرب العجيب ، وظهر فيه الروح القدس كحمامة ، وسمع فيه صوت الآب إنه يوم الظهور الإلهي.
من اللقاءات الجميلة أيضاً لقاء موسى وايليا على جبل التجلى ، مع الرب في وسطهم كذلك لقاء فيلبس بالخصى الحبشى ، حيث شرح له سفر أشعياء ،وقاده إلى الإيمان وإلى العماد أيضاً. حدثه عن الأمور المختصه بالملكوت كما حدث المسيح تلاميذه ، وكما شرح لتلميذى عمواس جميل في لقاءات القديسين ، التقاؤهم حول كلمة الله .
لقاءات للقديسين ، في التاريخ :
من أشهر هذه اللقاءات ، لقاء الأنبا انطونيوس بالأنبا بولا بهذا اللقاء عرفنا سيرة الأنبا بولا ، وعرفنا السياحة ، وجلس القديسان يتحدثان عن عظائم الله ، وعن عمله في الكنيسة شعر به الأنبا أنطونيوس العظيم بضآلة شأنه ، وأن هناك من هو أعظم منه في حياة الرهبنة.
وكما أخذ القديس انطونيوس درساً في الاتضاع من لقائة بالأنبا بولا ، كذلك اتضع القديس مقاريوس عندما التقى بالسائحين رجع مكاريوس العظيم الأب الروحي لبرية شيهيت وقال لتلاميذه . و إني لست راهباً ، ولكني رأيت رهباناً . من اللقاءات المشهورة أيضاً لقاء الأنبا أنطونيوس بالقديس مقاريوس ، وقوله عنه : إن قوة عجيبة تخرج من هاتين اليدين .
لقاءات القديسين لقاءات عجيبة ، حياة في جو روحي ، لقاء للناس مع الله ، لقاء يجذب الى فوق ، فيه بركة ، وقدوة ، ومنفعة وعمق - لقاء حول كلمة الله ، أو حول الصلاة ومن لقاءات الصلاة هذه ، لقاء الانبا غاليون السائح بالسواح الثلاثة الذين ترهبوا في دير القديس الانبا شنوده راهم من بعيد ،وهم يرتلون المزامير ، فأخذ يصليها معهم بلحنها واقتربوا وهم يصلون ،وهو يصلى معهم ووقفوا معه يكملون ترتيل المزامير ووهو يصلى معهم وهكذا التقوا في الرب .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن مجلة الكرازة العدد الثانى والثلاثون عام 1976

عدد الزيارات 75

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل