السيد المسيح المعلم (1)

24 يناير 2019
Large image

من خلال قراءتنا للكتاب المقدس نكتشف أن من أهم القاب ربنا يسوع المسيح أنه هو المعلم الصالح، فقد كان الرب يسوع يعلّم دائمًا طوال فترة خدمته الجهارية. فقد بدأ خدمته الجهارية بالموعظة على الجبل كأول عمل له بين الجموع، ولا شك أن التعليم في الكنيسة هو أساس خلاص الإنسان لأننا من خلاله نتعرّف على عمق اللاهوت وسر الثالوث وسر التجسد ووسائط النعمة والاستعداد للابدية، وبه يتضح طريق خلاصنا ونتعرف على ملكوت السموات وكيفية تكوين العلاقة مع الرب يسوع الفادي والمخلص، وكل هذه العقائد والإيمانيات إن لم نعرفها لا يكون لنا بركات الخلاص.
لذلك فإن التعليم في كنيستنا ضرورة، ولهذا نجد معلمنا بولس يوصي تلميذه تيموثاوس: «لاحظ نفسك والتعليم» (1تي4: 16). كما يسجّل الوحي الإلهي في العهد القديم كلمات النبي «هلك شعبي من عدم المعرفة» (هو4: 6). كما تخاطب الدسقولية الآباء في الكنيسة قائلة: "امحُ الذنب بالتعليم". ونحن نرى أن أسلوب التعليم الانفعالي الذي يعتمد على إثارة المشاعر فقط هو أسلوب تعليم غير نافع للإنسان لأنه يعتمد على التأثير النفسي فقط، ولا يهتم كثيرًا بالعمق الروحي السليم الذي يساعد الناس على خلاص نفوسهم، لذلك كان علينا أن نكتشف منهج الرب يسوع في التعليم، وعلى ملامح ووسائل التعليم التي استخدمها الرب يسوع... وهذه بعض الأفكار...
أولًا: علاقة الرب يسوع بأولاده في التعليم:
1) كان يسوع كمعلم يحتفظ في قلبه بحب غير محدود لأولاده، فقوة المعلم تظهر في مدى محبته لمن يعلمهم، فكان يسوع دائمًا يعلن لتلاميذه عن محبته لهم قولًا وعملًا، فقد أحبهم حتى المنتهى وقبل الموت من أجلهم، وأعلمهم بهذا الحب مرات كثيرة. وكانت محبة الرب يسوع تظهر لكل من يتعامل معهم أو يعلمهم: لتلاميذه، وللخطاة، للقريبين، وللبعيدين، لبني جنسه من الشعب اليهودي، وللغرباء كالسامرية والكنعانية... فقد أحب الجميع، وقدم لهم كل الحب، فسار من أجل السامرية مسافات طويلة، وانتظر موعدًا مناسبا لها، وامتدحها رغم ضعفها وخطيتها! كان يسوع كمعلم يمتاز بمحبته لكل من يعلّمهم.. وحتى في المواقف التي كانت تحتاج إلى الحزم، كان حزمه لا يخلو من الحب، فعندما صنع سوطًا وطرد باعة الحمام من الهيكل، كان قلبه ممتلئًا غيرة وحبًا وحزنًا للمخالفين لوصايا الناموس، فلم يؤذهم بل خاطبهم «بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص» (مت21: 13). وهو بهذا يعلمنا أن المعلم النافع في الكنسية هو ذلك المعلم الذي يحمل قلبًا ملتهبًا بالحب تجاه قطيعه.
2) كان يسوع كمعلم يمتاز بطول الأناة: فكثيرًا ما كان يفسّر للتلاميذ تصرفاته التي يتساءلون عنها، ويفسر لهم أسباب تصرفه رغم أنه لم يكن مُطالَبًا أن يقدم لهم تفسيرًا لسلوكه. فعندما تساءلوا عن سبب جلوسه مع امرأة سامرية، بدأ يشرح لهم عن رؤيته لخلاص البشرية كلها. وحتي في المواقف التي تشكك فيها تلاميذه فيه، كان يقابلها بطول الأناة دون رفض أو عتاب، فهكذا فعل مع توما عندما تشكك في قيامته. كما كان يتعامل أيضًا بطول أناه مع الذين يعجزون عن تنفيذ وصيته، فنراه يتحدث إلى الشاب الغني الذي دعاه ليتبعه ولكن امواله كانت عائقًا له، ونجده يعامله بكل رفق (مت19: 13).
3) كان الرب يسوع كمعلم يقدم ذاته نموذجًا عمليًا وقدوة قبل أن يعلم. كان يصلي فيعلم تلاميذه الصلاة، وكان يعفو قبل أن يعلم التسامح، وكان يقبل الجميع قبل أن يعلمهم أن يذهبوا للعالم أجمع... فلم يكن يسوع معلمًا بالكلمات فقط، بل كان عاملًا ومعلمًا بكلمة الخلاص...
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

عدد الزيارات 4195

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل