عصر ما بعد داود وسليمان - الجزء الثاني

12 فبراير 2019
Large image

+ نهضة في عهد يهوياداع الكاهن..
وقد حدثت نكسات أخرى في حياة الشعب، وسادت الشرور والآثام، وتراجعت الروحانية والحب والتسبيح حتى قام كاهن عظيم هو "يهوياداع".
ردَّ يهوياداع الشعب إلى الله، وخلع "عثليا" الملكة الشريرة، وملَّك يوآش بن أخزيا. وكان تجليس الملك في حفل ديني مهيب أعاد إلى الأذهان مجد الهيكل القديم أيام داود وسليمان: "وإذا المَلِكُ واقِفٌ علَى مِنبَرِهِ في المَدخَلِ، والرّؤَساءُ والأبواقُ عِندَ المَلِكِ، وكُلُّ شَعبِ الأرضِ يَفرَحونَ ويَنفُخونَ بالأبواقِ، والمُغَنّونَ بآلاتِ الغِناءِ، والمُعَلمونَ التَّسبيحَ" (2أخ13:23).
وبعد حفل التجليس هذا الذي أحيا مجد التسبيح في الهيكل.. "قَطَعَ يَهوياداعُ عَهدًا بَينَهُ وبَينَ كُل الشَّعبِ وبَينَ المَلِكِ أنْ يكونوا شَعبًا للرَّب" (2أخ16:23).
لقد كان من علامات هذه النهضة الروحية أن "جَعَلَ يَهوياداعُ مُناظِرينَ علَى بَيتِ الرَّب عن يَدِ الكهنةِ اللاويينَ الذينَ قَسَمَهُمْ داوُدُ علَى بَيتِ الرَّب، لأجلِ إصعادِ مُحرَقاتِ الرَّب، كما هو مَكتوبٌ في شَريعَةِ موسَى، بالفَرَحِ والغِناءِ حَسَبَ أمرِ داوُد" (2أخ18:23). لقد كان التسبيح هو المقياس الذي يقيس درجة الحرارة الروحية لشعب الله. والنظام الذي أرساه داود النبي كان هو المعيار والمرجع عند إعادة أي ترتيب لخدمة الهيكل.
+ نهضة في عهد حَزَقيَّا الملك البار..
قام في يهوذا ملك عظيم تقي هو "حَزَقيَّا" الذي قيل عنه إنه "عَمِلَ المُستَقيمَ في عَينَيِ الرَّب حَسَبَ كُل ما عَمِلَ داوُدُ أبوهُ" (2أخ2:29). هذا الملك القديس اجتهد أن ينهض بالشعب روحيًا "فتحَ أبوابَ بَيتِ الرَّب ورَمَّمَها" (2أخ3:29)، ونبَّه الكهنة واللاويين إلى التوبة (راجع 2أخ4:29-11). ثم "أوقَفَ اللاويينَ في بَيتِ الرَّب بصُنوجٍ ورَبابٍ وعيدانٍ حَسَبَ أمرِ داوُدَ وجادَ رائي المَلِكِ وناثانَ النَّبي، لأنَّ مِنْ قِبَلِ الرَّب الوَصيَّةَ عن يَدِ أنبيائهِ. فوَقَفَ اللاويّونَ بآلاتِ داوُدَ، والكهنةُ بالأبواقِ. وأمَرَ حَزَقيّا بإصعادِ المُحرَقَةِ علَى المَذبَحِ. وعِندَ ابتِداءِ المُحرَقَةِ ابتَدأَ نَشيدُ الرَّب والأبواقُ بواسِطَةِ آلاتِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ. وكانَ كُلُّ الجَماعَةِ يَسجُدونَ والمُغَنّونَ يُغَنّونَ والمُبَوقونَ يُبَوقونَ. الجميعُ، إلَى أنِ انتَهَتِ المُحرَقَةُ" (2أخ25:29-28).
كانت عودة رائعة إلى الله، فيها اقترنت – مثلما فعل داود – الذبيحة الدموية مع ذبيحة التسبيح. وبعد ذلك: "قالَ حَزَقيّا المَلِكُ والرّؤَساءُ للاويينَ أنْ يُسَبحوا الرَّبَّ بكلامِ داوُدَ وآسافَ الرّائي، فسَبَّحوا بابتِهاجٍ وخَرّوا وسجَدوا... فاستَقامَتْ خِدمَةُ بَيتِ الرَّب. وفَرِحَ حَزَقيّا وكُلُّ الشَّعبِ مِنْ أجلِ أنَّ اللهَ أعَدَّ الشَّعبَ" (2أخ30:29،35-36).
كانت أيام حزقيا أيامًا روحية عاد فيها الشعب للرب، وعملوا "عيدَ الفَطيرِ سبعَةَ أيّامٍ بفَرَحٍ عظيمٍ، وكانَ اللاويّونَ والكهنةُ يُسَبحونَ الرَّبَّ يومًا فيومًا بآلاتِ حَمدٍ للرَّب... وأكلوا المَوْسِمَ سبعَةَ أيّامٍ، يَذبَحونَ ذَبائحَ سلامَةٍ ويَحمَدونَ الرَّبَّ إلهَ آبائهِمْ... وفَرِحَ كُلُّ جَماعَةِ يَهوذا، والكهنةُ واللاويّونَ... وكانَ فرَحٌ عظيمٌ في أورُشَليمَ، لأنَّهُ مِنْ أيّامِ سُلَيمانَ بنِ داوُدَ مَلِكِ إسرائيلَ لم يَكُنْ كهذا في أورُشَليمَ. وقامَ الكهنةُ اللاويّونَ وبارَكوا الشَّعبَ، فسُمِعَ صوتُهُمْ ودَخَلَتْ صَلاتُهُمْ إلَى مَسكَنِ قُدسِهِ إلَى السماءِ" (2أخ21:30-27).
كَمُلَت الفرحة الحقيقية إذ "أقامَ حَزَقيّا فِرَقَ الكهنةِ واللاويينَ حَسَبَ أقسامِهِمْ، كُلُّ واحِدٍ حَسَبَ خِدمَتِهِ، الكهنةَ واللاويينَ للمُحرَقاتِ وذَبائحِ السَّلامَةِ، للخِدمَةِ والحَمدِ والتَّسبيحِ في أبوابِ مَحَلاَّتِ الرَّب" (2أخ2:31).
كذلك اهتم الملك حزقيا بأن يعطي مرتبات مجزية للكهنة واللاويين والمُسبِّحين، ولاحتياجات الهيكل "وأعطَى المَلِكُ حِصَّةً مِنْ مالِهِ للمُحرَقاتِ، مُحرَقاتِ الصّباحِ والمساءِ... وقالَ للشَّعبِ سُكّانِ أورُشَليمَ أنْ يُعطوا حِصَّةَ الكهنةِ واللاويينََ، لكَيْ يتمَسَّكوا بشَريعَةِ الرَّب" (2أخ3:31-4).
+ نهضة في عهد يوشيا الملك..
في عهد "يوشيا" الملك البار حدثت نهضة روحية جديدة، وكان أيضًا من علامات هذه النهضة أنه اهتم بترتيب خدمة التسبيح: "وكانَ الرجالُ يَعمَلونَ العَمَلَ بأمانَةٍ، وعلَيهِمْ وُكلاءُ... ومِنَ اللاويينَ كُلُّ ماهِرٍ بآلاتِ الغِناءِ" (2أخ12:34)، "عَمِلَ يوشيّا في أورُشَليمَ فِصحًا للرَّب" (2أخ1:35)، وذبح الذبائح واهتم بالتسبيح مع الذبيحة وباقي الترتيبات: "والمُغَنّونَ بَنو آسافَ كانوا في مَقامِهِمْ حَسَبَ أمرِ داوُدَ وآسافَ وهَيمانَ ويَدوثونَ رائي المَلِكِ" (2أخ15:35). لذلك فعند موته "كانَ جميعُ المُغَنينَ والمُغَنياتِ يَندُبونَ يوشيّا في مَراثيهِمْ" (2أخ25:35).
إن الأحوال السياسية والعسكرية للمملكة كانت تتأرجح صعودًا وهبوطاً، وكانت حياتهم الروحية تتذبذب أيضًا بين الروحانية العالية، والانتكاس إلى الأوثان.. أما التسابيح الكنسية فكانت هي المؤشر المُعبِّر بصدق عن عمق روحانية الشعب، ومحبته لله وانتمائه للهيكل.. فكانت تعلو مع ارتفاع الروحانية وتهبط مع النكسات الروحية حتى وصلت قمة مأساة شعب الله عند سبي بابل.
فما هي إذًا قصة هذا السبي؟
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة

عدد الزيارات 1429

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل