من واقع مشكلات الشباب

11 نوفمبر 2024
Large image

( التحديات الثلاث )
أود أن أحدثكم عن ثلاث قضايا شبابية ، تعتبر بمثابة أهم التحديات العصرية التي يلزم مواجهتها بمنهج متعمق وبأسلوب عصري سليم :
۱ - مشكلة السطحية .
٢ - مشكلة القلق
٣- مشكلة الاندفاع والعنف .
السطحية :
العمق مرتبط صميمياً بالتفهم الواعي للكيان والصورة الإلهية والسطحية مرتبطة أيضاً بضياع هذا الوعي اللاهوتي ان يعتبر الانسان نفسه حلقة من حلقات التطور المادي فحسب هبوط بالبشرية الى المادة الصرفة وانزلاق نحو السطحية في فهم أمور الحياة أما ان اتاكد اني مخلوق على صورة الله ومثاله ، فهذا يلقى على تبعة الأصالة والعمق، والدخول الى اعماق الكيان، لتحقيق
مقاصد الله في ذاتي وفي البشرية كلها الشباب في أمريكا - كما رأيتهم - لا يعبأون بأصالتهم الروحية ، ويكتفون بواقعهم المادى وتشجعهم على هذا وسائل الإعلام والابحاث العلمية المادية الصرفة وكأن نظرية أصل الانواع لدارون هي انجيل العصر الحديث وكأن المادة هي محرك الحياة كما ادعى ماركس !!
وبات الانسان تائها وسط هذه النظريات ، يبحث عن نفسه الأصيلة فلا يجدها ، فيغرقها في العمل والتلهي معاً ....
انني لست هذا الجسد المادي من قال اني اجهزة معقدة تعمل في انسجام ،لأجل لقمة العيش وانجاب النسل ؟ !
إنى وإن كنت مأخوذاً من التراب حقاً، وإن كنت مرتبطاً كيانياً بالكون المادى لاني مأخوذ منه . ولكني أنا أيضاً نفخة إلهية ، وخلق فريد ، وكيان يحمل السمائي والأرضى معاً إنسانيتي على صورة الله ومثاله وأنا مدعو لتحقيقها في كياني وفي الأرض كلها من مثل الإنسان، على صورة الله في الإرادة والحرية والعقل والانتاج ..؟
ان أهملنا كياننا هذا ، فنحن في ضياع وهبوط ، في دوامة السطحية والقلق والسام وضلال في التيه والاغتراب أن أعمل بعمق فهذا لأن الله أمرني أن أخضع الكون وأسوده
أن أعمل بأصالة ، فهذا لأنى كاهن الخليقة كلها والمسئول عنها أمام الله أن أعمل بذكاء ، فهذا لأني مدعو إلى هذه الحياة في كياني وعقلي وقدرتي فالأمر إذن جد خطير ، والهدف من الحياة ووضوح الرؤية وتبيان الرسالة ، هي بالحقيقة إلهامات العمق ومصادره الأصيلة إن كنت مسيحياً حقاً ، فإني مدعو أن أشارك إلهى في عمله الخلاصي ان كنت ابنا للكنيسة بالروح والحق فرسالتي ان احول العالم الى كنيسة إن كنت منفعلا برسالة الانجيل
وبشارة الملكوت ، فلن أكون بعد سطحياً في كلامي و نظراتي وإتجاهاتى ولن أذهب وراء اللذة السطحية ، بل أحيا في الفرح الأصيل الذي قيل عنه إنه فرح لا ينطق به ومجيد والعمق مرتبط بالهدوء والتأمل ومحاسبة النفس لأجل هذا حرص العلماء والفلاسفة واللاهوتيون والرهبان أن يعيشوا بعيداً عن الصخب والضجيج ومشتتات الفكر والحياة.كان لا بد من الصعود على جبل طابور ليحدث التجلى وكان لابد من الارتفاع إلى جبل الموعظة لسماع التطويبات الخالدة وكان لابد من السجود بروح الخشوع والهدوء والصلاة لتنزل ألسنة نارية يوم العنصرة انها دعوة الى شبابنا أن يقاوم سطحية العصر ، بالتفهم الواعي لكيانه ، وتحقيق دعوته ورسالته ، والتأمل الدائم في مسيرة حياته.
القلق :
في نظر أهل العالم الوجود الانساني نسيج من التوتر والقلق لأنه يجمع بين المتناقضات أبدية وزمنية ،مخاطرة وكسب ، حياة وموت ، اتصال و صراع توتر دائم بين المتناهي واللامتناهي وعند كير كجورد الفيلسوف الوجودي أنه لا تستطيع أية حياة إنسانية أن تفلت من القلق ، والقلق عنده كاليأس علامة من علامات الوجود . أما الأول فيسبق الحرية وأما الآخر فيأتي في أعقابها .
بل قد وصل الأمر عند الوجوديين ، أنه لا شيء يستطيع أن يقوى الشعور بالوجود كالهم والقلق ، وأن الانسان وهو في الأسى يشعر أنه موجود، أكثر بكثير مما يشعر بذلك وهو في السرور هذه القسوة في النظرة الفلسفية مرجعها ضياع مفهوم الحزية الأصيل والتركيز على حرية الإختيار فحسب كما أكد سارتر ولكن الحرية عند المؤمن هي حرية الفعل أنتم عبيد للذي تطيعونه إما للخطية للموت أو الطاعة للبر ( رو ٦ : ١٦ ) لما كنتم عبيد الخطية كنتم أحراراً من البر وإذ اعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر . وصار لكم ثمركم القداسة والنهاية حياة أبدية الحرية عند الشاب المسيحي هي أن يتحرر من عبودية الذات والخوف من الموت. وهو يعلم انه اذا حرره المسيح فبالحقيقة يكون حرا ويرتبط القلق أيضا بضياع انجيل
الخلاص الشباب يستعبد للخطية ولا يريد أن يواجه نفسه لقد كلمنا اللاهوتي شمعان في مقاله عن الاعتراف قائلا : انه عندما كان كاهنا للارثوذكس في فيلادلفيا ، لم يتقدم إليه طيلة مدة خدمته الطويلة شاب يطلب الخلاص من الخطية ولكن تقدم كثيرون يطلبون الارشاد لحسن التكيف مع المجتمع لهذا يصرخ قائلا :على الكنيسة الأرثوذكسية أن تحمل رسالة الخلاص ، وتواجه بها ضمير العالم الميت » . فالانسان الخاطيء ميت ، وبدون الصليب لا حياة أبدية . وإنه إن تبررنا بالايمان فلنا سلام مع الله . وهذا السلام يفوق كل عقل في المسيح يسوع ، ويرفع عنا
كل قلق وكل حزن ردىء ووجع القلب فاختفاء بشارة الفرح وبشرى الخلاص ، تؤدى الى حزن النفس الداخل وقلقها ودورانها حول ذاتها . المسيحي المؤمن فرح لأن بهجة الخلاص تملأ قلبه ، ونعمة بشارة الملكوت تغطى حياته وفرح الأبدية قد غطاه وملاه ، كما ينحدر الطيب من لحية هرون إلى جيب قميصه ، وكما ينحدر الندى
الطيب على جبل حرمون حيث أمر الرب بالبركة والحياة إلى الأبد .
٣- - الاندفاع والعنف :
العنف في حياة الشباب قد يتخذ صورة فكرية عندما ينحرف الشباب نحو الشكوك والنظريات والأيديولوجيات السلبية والالحادية وقد يتخذ طابعاً نفسياً عندما يعيش الشاب حياة التعصب والتحيز التعصب اندفاع نفسى منغلق، والمسيحية ترفضه لأنها تؤمن بالحق والحق يملك قدرته على إثبات وجوده دون انغلاقية حركات العنف والتهور السائدة بين شباب العالم في الخارج تكشف عن فشل المجتمع في استخدام طاقات الشبيبة ولهيب حماسهم ، تجاه ما هو حق وجليل وطاهر وصيته حسن .
العنف الاجرائي يحمل كبرياء و احتقارا للآخرين الوديع يصنع حواراً ويجرى وراء الحق أينما كان العنيف يتعامل مع الآخر كأنه شيء يعصف به ، وليس كشخص مخلوق على صورة الله يستحق الاحترام، مهما كان فكره أو مذهبه أو دينه الاندفاع عندما يتقدس بالحياة الروحية وعمل النعمة ، يتحول إلى غيرة وحماس إيجابي والغيور خادم صالح للجميع مأساة الانسان الجسدى أنه :
فقد الوحدة مع الله ، فعاش في السطحية.
وفقد الوحدة مع نفسه . فعاش في القلق.
وفقد الوحدة والحب مع الآخرين، فعاش في الاندفاع والعنف وليس من علاج يقدم سوى أن يعود الإنسان إلى أصالته في :
حياة الشركة مع الله بالصلاة والأفخارستيا وحياة السلام مع نفسه بالإيمان والمصالحة مع الله وحياة الحب مع الآخرين بالخدمة والود وبذل الذات وهذا هو عمل الكنيسة تجاه التحديات الثلاث .
نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن مجلة الكرازة العدد الثانى الاربعون عام ١٩٧٥

عدد الزيارات 133

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل