
العفة والنمو النفسي
السنوات الأولى وأثرها :
لقد أوضحت الدراسات النفسية أن السنوات الخمس الأولى من حياة الانسان لها دور فعال للغاية في تشكيل الجهاز النفسي للانسان . هذا ما يسميه رجال علم النفس بالاتجاهات أو المواقف النفسية Attitud والميول Tendencies انما تبدا جذورها الأولى في هذه المرحلة المبكرة ولان هذه الاتجاهات عميقة ولها قدرة ضخمة في التحكم في حياة الانسان الداخلية - وأنشطته المختلفة ، فإنه من السهل علينا أن ندرك خطورة هذه المرحلة على الحياة الجنسية عند الانسان . بل إن كثيراً من العقد النفسية ، وما يتصل بها من نواحي الجنس ، تكمن أصولها في المراحل المبكرة من حياة الإنسان .
المراهقة وفاعليتها :
وكما أن السنين الأولى من عمر الانسان لها أثرها في النمو النفسي الوجداني وبالتالى فى النمو الجنسي ، هكذا أيضاً لمرحلة المراهقة أثرها الكبير في قضية العفة . فالمراهق يشعر في قرارة نفسه برغبات غامضة توجه له نداءات قوية وخفية ، وهو يتذبذب بين الفرح والحزن وبين الياس والجمود، وبين الميل الشديد واللامبالاة، بين حركات الطفولة والتزام الرجولة .ويقع المراهق في صراع عنيف بسبب الاثارات الخارجية العنيفة ،المواجهة بين وسائل الاعلام واباحية الموضات وما يقابل هذه المثيرات
من قیم روحية ودينية تعلمها فى الكنيسة ومن الكتاب المقدس والمرشدين الروحيين بل وكثيراً ما يظل هذا الصراع عنيفاً ولا يعرف له مصالحة مزيده حدة توجيهات الكبار : فبعضها حرفى متزمت وبعضها متساهل وبعضها يركز على الداخل والبعض الآخر يهتم بالشكليات و الممارسات الخارجية وقد ثبت علميا أن للحياة النفسية أكبر الأثر على الحياة الجنسية . فالانسان عندما يقع فى الضيق والملل والحزن الشديد والفشل وخيبة الأمل، تثور عنده الغريزة الجنسية ولهذا تفسير نفسى معروف . ومما يؤكد هذا الاتجاه أن المراهقين الذين يعيشون فى حرمان شديد وقسوة وبعد عن الوالدين كثيراً ما يسقطون فى العادة السرية والشذوذ والانحراف وكما أن عقدة النقص تؤثر في عفة الانسان ، هكذا عقدة الكبرياء والعجب والخيلاء لها فاعليتها في هذا المضمار فالفتاة أو الشاب المعجب بجماله أو صوته أو قوامه أو مواهبه أو تفوقه ، يتمركز فى ذاته . وهذا يؤدى إلى ما يسمى بالنرجسية ( Narcissism ) التي تعبر عن نفسها أعمق تعبير في نفس الانحرافات التي يعاني منها أصحاب عقدة النقص .
عمل النعمة في الجهاز النفسي :
هل معنى هذا أن كل حزين لا بد أن يسقط ؟ وان كل معجب بنفسه لا بد أن ينحرف ؟
لقد أعطانا الرب يسوع علاجاً لكل متاعبنا النفسية . إذ يعلم هو بضعف و نقص البشرية . فقد أتى بنفسه ليدخل إلى متاعبنا الداخلية كما دخل العلية والأبواب مغلقة، وعندما دخل قال لتلاميذه سلام لكم ففرحوا إذ رأوا الرب هكذا نحن نحتاج إلى اللقيا والسلام كل الذين تدربوا على أن يسلموا حياتهم بكل ما فيها من متاعب وآلام لكي يعمل فيها الرب يسوع ، وبروح الطلبة والتضرع تذللوا أمام الله لكي يملا حياتهم الداخلية أمكنهم أن يتجاوزوا انفسهم ويعيشوا في اختبار النصرة والفرح سلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ عقولنا وقلوبنا وأفكارنا وجميع أجهزتنا في المسيح يسوع والفرح الذي لنا في الرجاء ،والبهجة التي لنا فى الخلاص ، والنعمة الغنية التي لنا في الأسرار الإلهية ،تزيل عقد النقص والكبرياء وبصمات الطفولة ولهب المراهقة . ويملا الرب حياتنا بوعده الأمين ها أنا أصنع كل شيء جديداً .
نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن مجلة الكرازة العدد الثالث الاربعون عام ١٩٧٥