نقرأ في سفر الرؤيا الإصحاح الأول ﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها فلما رأيته سقطت عند رجليه كميتٍ فوضع يده اليمنى عليَّ قائلاً لي لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ﴾ ( رؤ 1 : 13 – 18 ) .
يتكون لدينا إنطباع جميل عن شخص يسوع المسيح أنه لطيف جداً ومحب وغافر ولكن عدو الخير يرغب أن تثبت هذه الفكرة وهذا الإنطباع في أذهاننا حتى نزداد في الشرور والخطايا ويؤجل كلٍ منا توبته ويزداد الإستهتار على أساس أن الله موجود في كل وقت وأنه غافر ولطيف إن الإنسان يحتاج إلى الإتزان في معرفة رب المجد يسوع بين لطفه وصرامته يجب أن أعرف هذه الصورة عن رب المجد ﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ﴾ حتى لا أُفاجأ بها في الأبدية الذي نعرفه نحن أن الله لطيف ووديع ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ولكنه كما هو لطيف هو صارم جداً إنه يعاملنا بكل رأفة وشفقة ولكن إستغلال الرأفة والشفقة إذا دعت الإنسان للإستهتار تصبح ضد الإنسان وليست معه إذا تصورنا هناك طفل يلهو في بيته وعن قصد كُسرت زهرية البيت وعندما بدأ في البكاء والإعتذار سامحه أبوه على أن لا يفعل ذلك مرة أخرى وبين طفل آخر قام بكسر الزهرية عن عمد ( عن قصد ) وعند مجئ أبوه ضحك ولا يعترف بالخطأ وكان رده مستهتر فماذا نقول له ؟ لو ظل رب المجد معنا لطيف رغم إصرارنا على الشرور والخطايا فهو يعلن عدم محبته لنا دليل محبته لنا إنه يوجهنا دليل محبته لنا أنه يقسو علينا حتى يقومنا يقول معلمنا داود النبي ﴿ خيراً صنعت مع عبدك يارب بحسب قولك صلاحاً وأدباً ومعرفة علمني ﴾ ( مز 119 : 65 )إذا تركنا الله في شرورنا وآثامنا دون تأديب فإننا في هذه الحالة لا نعنيه .. يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين ﴿ إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نغول لا بنون ﴾( عب 12 : 8 ) أي غير شرعيين علامة حب الله لك هي أنه يهتم بتأديبك نحن نرغب في التعامل مع رب المجد يسوع باللطف والوداعة والمحبة فقط فهل محبة ربنا تظهر في حياتنا وسلوكنا وطاعتنا لربنا أم أن محبة ربنا جعلتنا نزداد في العناد ولا نخاف منه رغم أخطاءنا هذا خطأ كبير على حياتنا الروحية جميل أن نعرف لطف الله وصرامته عند التعدي أيضاً جميل أيضاً أن أتذكر الدينونة مهمة الله هو أن يُصلح الناس لهذا يحدثنا كثيراً عن المخافة﴿ أُريكم ممن تخافون خافوا من الذي بعد ما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم ﴾ ( لو 12 : 5 ) معلمنا بطرس ينصحنا نصيحة غالية جداً ﴿ سيروا زمان غربتكم بخوفٍ ﴾ ( 1بط 1 : 17) وبولس الرسول في رسالته إلى فيلبي ﴿ تمموا خلاصكم بخوفٍ ورعدةٍ ﴾ ( في 2 : 12) ورسالة يهوذا ﴿ خلصوا البعض بالخوف ﴾ ( يه 1 : 23 ) ويقول العهد القديم عن الكنيسة قديماً عن قصة حنانيا وسفيرة أنهم كذبوا وماتوا لماذا يارب تسمح بهذا ؟ حتى يكون في الكنيسة خوف لا إستهتارجميل أن يُقال على الإنسان أنه خائف الله أن الله الديان العادل إله مخوف يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى رومية ﴿ لا تستكبر بل خف ﴾ ( رو 11 : 20 ) ويقول معلمنا أرسانيوس معلم أولاد الملوك الذي كان دائماً يبكي ولما سؤل رد قائلاً ﴿ أتذكر الدينونة وخطاياي فإن رعب هذه اللحظة لا يفارقني لحظة واحدة ﴾ فإن أي خطية السبب فيها أن الإنسان لا يضع الدينونة وحضرة الله في قلبه حسب قول المزمور ﴿ لم يجعلوا الله أمامهم ﴾ ( مز 54 : 3 ) .
هناك أشياء تؤمِّن الإنسان :-
1- الإحساس بالديان العادل والدينونة .
2- أن أجعل الله أمامي ومحبته تثبت في لحمي وتستقر فيه .
نذكر قصة الراهب التي أرادت إمرأة أن تغويه فطلب منها أن يتقابلا في سوق المدينة وقال لها إفعلي الآن ما تريدين فقالت له هنا في هذا المكان ؟! ينبغي أن نتقابل في مكان منفرد فقال لها الراهب أنتِ تخافين من عيون الناس ولا تخافي من عيون العالي الذي يراقب كل الناس ؟! إن الإنسان لو جعل الله أمامه كل حين لا يُخطئ وكما يقول الآباء القديسين ﴿ من يخاف الله لا يُخطئ ومن أخطأ فإنه لا يخاف الله ﴾ ما سر نجاة يوسف الصديق من الخطية ؟ أنه يشعر أن ربنا أمامه في كل وقت فإنه إعتبر أن الخطية موجهة لله وليست موجهة لزوجة فوطيفار يستبيح الإنسان كثيراً أن يفعل الأمور في الخفاء لأنه لا يتذكر الدينونة دائماً يقول القديس سلوانس ﴿ دائماً أشعر إني أقف أمام الله في وقت الدينونة ﴾ هذا الإحساس هو سر تقدمه في حياته الروحية يقول لتلاميذه ﴿ عِش بفكرك في الجحيم وكأنك مستوجب الدينونة ولكن لا تيأس أبداً ﴾ يقول القديس مارإسحق وهو ينصح تلاميذه ﴿ عند الصلاة صلي كأنك مجرم ومُدان وليس هناك حق لك قف وضع يدك للوراء ووجهك في الأرض وأنت مستوجب الحكم ﴾ علمتنا صلاة الأجبية أن نقول ﴿ من يطفئ لهيب النار عني من يضئ ظلمتي إن لم ترحمني أنت ﴾( قطعة " 2 " من صلاة الستار ) جميل أن تقف أمام الله في إنكسار فهو الله اللطيف جداً وهو الذي يحابي عن الخطاة كما حدثنا الكتاب المقدس عن الخطاة الذين وقف أمامهم وحماهم من بطش الفريسيين والكتبة مثل المرأة التي أُمسكت في زنا وقفت وراءه والناس أمسكت بالحجارة لرجمها لأن قديماً كانت مثلها تقف على حافة حفرة وتُرجم من يبدأ بالرجم الشهود الإثنان أما يسوع قال لهم من منكم بلا خطية فليرمها أولاً ( يو 8 : 7 ) حكم يسوع على المرأة بالبراءة قال لها إذهبي ولا تُخطئِ ( يو 8 : 11) المشكلة ليس في الخطية لكن المشكلة في الإصرار على الخطية فإن عدو الخير لا يعنيه أن نسقط ما يعنيه أن نستمر في السقوط ونزداد في تحدي الله ومشاعرنا تتبلد مشكلة عدو الخير مع آدم قديماً ليست مجرد أنه غواه أن يأكل من الشجرة المهم عنده أن ينفصل آدم عن الله إنه يريد إبعادنا عن الله وفصلنا حتى نزداد في التحدي معه ممكن جداً أن يكون الإنسان غير قادر على التوبة ولكن لا يريد التوبة ؟! هذه هي المشكلة يريدك الله أن تقول له أريد أن أتوب يريدنا أن نتقابل مع إرادته قديماً كان هناك في الشريعة ما يُسمى بمدن الملجأ عندما يقتل فرد أحد دون قصد مثل الرجل الذي يقع فأسه وهو في الحقل على رجل آخر فيموت هذا الرجل فكان عليه أن يلجأ إلى هذه المدينة ويختبئ حتى لا يأتي ولي الدم ويقتله ولكن إن كان القتل عمد أو عن قصد ولجأ القاتل إلى هذه المدينة فعلى حُراسها تسليمه إلى ولي الدم لقتله ﴿عين بعين وسن بسن ﴾( مت 5 : 38 ) نريد أن نقول إذا كانت الخطية عن جهل هذا جائز ولكن إن كانت بقصد وبدون توبة فهذا غير جائز لو نظرت إلى الله الذي أبقانا أحياء حتى الآن لكي يترجى توبتنا ليضمن أبديتنا تعرف في هذا الوقت أنك تعيش من أجل التوبة في العهد القديم تمهل الله على شعبه كثيراً جعل نوح يبني السفينة في 120 سنة حتى تكون هناك فرصة أكبر للتوبة نتذكر الطفل الذي وُلد وعاش 969 سنة الذي يُدعى متوشالح أي عندما أموت سأرسله حدث الطوفان وكان نوح إبن 600 سنة وقتها مات متوشالح نذكر أن هذا الرجل ولد لامك وهو إبن 187 سنة ولامك ولد نوح وهو إبن 182 سنة وأخذ نوح يبني الفلك وعندما أمطرت السماء وأراد نوح أن يغلق باب السفينة رفض الله لأنه أراد أن يظل الباب مفتوح حتى النهاية فربما يرجع أحد ويتوب كل هذا ينتظر الرب ثم أغلق الباب وكان الطوفان يوجد لطف وتوجد صرامة تصور أنت جحود الإنسان بعد الطوفان وحتى لا يحدث هذا ثانياً وينجو من الطوفان يقوم بعمل برج بابل حتى إذا جاء الطوفان لا يضرهم شئ فكان رد الله أنه سوف يبلبل ألسنتهم فإنه مالك الأرض ولا يستطيع أحد أن يتحداه فهو قاضي المسكونة ينتظرنا الله منذ أن خلقنا في الأبدية فأعطانا أنبياء قديسين روح قدس الكنيسة الأسرار خيرات ونِعَم كل هذا حتى يضمن خلاصنا أجمل شئ تجلت فيه محبة الله مع صرامته على الصليب وهو مُعلق لأجل خطايانا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
صرامة الله
02 نوفمبر 2024
عدد الزيارات 112