بيان يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة

23 أبريل 2019
Large image

فلما رجع السيد المسيح له المجد من بيت عنيا في صباح يوم الثلاثاء إلى المدينة ورأى التلاميذ أن التينة التى لعنها قد يبست تعجبوا(1) فكلمهم عن الايمان(2)وحينما دخل يسوع الهيكل سأله الفريسيون بمكر بأى سلطان تفعل هذا ومن أعطاك هذا السلطان فأجابهم على سؤالهم قائلا لهم عن معمودية يوحنا(3)ثم ضرب لهم مثل الابنين(4)ومثل الكرامين الاشرار(5)ومثل عرس ابن الملك(6) وبعدئذ سأله الفريسيون عن جواز إعطاء. الجزية لقيصر(7)والصدوقيون عن القيامة والناموسي عن الوصية العظمي(8)ثم سأل الفريسين عن اعتقادهم فيه وأظهرلهم رياءهم(9) ثم حذر الجموع وتلاميذه من خبث الكتبة والفريسين(10)ثم أعطى الويل للكتبة والفريسيين ورثى أورشليم(11) ثم مدح الارملة المسكينة التى ألقت فى الخزانة الفلسين وكانا كل ما تمتلك(12) ثم طلب أناس يونانييون أن يروه ثم تكلم قليلا مع الجمع وترك الهيكل وفيما هو خارج منه أشار تلاميذه إلى فخامة وعظمة أبنية الهيكل فأنبأهم بخرابه واضطهاد اليهود لهم إذ رثى أورشليم لاجل خرابها (13) ولما صعد إلى جبل الزيتون جلس هناك وابتدأ أن يشرح لبطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس ترتيب الحوادث وعلامات مجيئه وخراب أورشليم وقلب الامة اليهودية إزالة نظامها(14) ومجيئه الاخير فى يوم الدينونة والحث علي السهر (15) ومثل العشر العذارى ومثل الوزنات وكان ذلك على جبل الزيتون(16) ولما أكمل يسوع هذه الاقوال كلها قال لتلاميذه أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الانسان سيسلم للصلب(17) ثم مضى إلى بيت عنيا ليستريح فيه وفى هذا المساء تشاور رؤساء اليهود علي قتله(18) ويحسن بنا أن نصنع هنا عجالة تاريخية عن بناء الهيكل وهدمه وها هى بنى سليمان الهيكل الاول سنة 1005 قبل الميلاد فى اليوم الثاني من الشهر الثانى من السنة الرابعة لملكه فى أورشليم فى جبل المريا حيث تراءى الرب لداود أبيه حيث هيأ مكاناً فى بيدر ارنان اليبوسى(19) حيت أقام جدراناً عالية من بطن وادى يهوشافاط إلى قمة الجبل وملأ الفراغ الكائن بين القبة والجدران بالتراب والحجارة. وقل يوسيفوس المؤرخ انه كان طول بعض تلك الحجارة خمساً وأربعين قدماً وعرضه ستاً وسمكه خمساً وانه كان أكبر الحجارة فى الجانب الشرق. وزين سلمان كل ما بناه بالهيكل من غرف ودور وأروقة وأعمدة و أبواب وكانت هذه جميلة مغشاة بالفضة والذهب وأحدها من النحاس الكرنتى . و بالاجمال فأنه قدر رصع البيت بحجارة. كريمة بهية الجمال(20) وشغل بينائه مدة سبع سنين ونصف واستخدم في عملية بنائه 183300 شخصا منهم 30000 من اليهود و كانوا يخدمون بالدور 10000كل شهر ومنهم 153300 من الكنعانيين فتعين منهم 70000 لحمل الحجارة والاخشاب وغيرها و 80000 من النحاتين والنجارين و 3300 ناظراً و كانت المود تشغل علي بعد من مكان البناء فلم يسمع فى البيت عند بنائه منحت ولا معول ولا اداة حديد 1مل 7:6 وكان مقدم الهيكل نحو الشرق وخلفه بناء يقل عنه ارتفاعاً وكان على جانبى هذا البناء غرف صغيرة يدخل اليها من الخارج بواسطة باب من خشب الصندل وفوقها غرف مغشاة بالذهب لا يسمح لاحد الا للملوك أن يصعدوا اليها 1 مل 6: 8وبقى هيكل سليمان 424 سنة الي أن هدمه نبوخذ ناصر سنة 584 فبل الميلاد(21) و بنى زربابل الهيكل الثانى عز3 : 81 مكان الاول بعد سبعين سنة من هدمه فكان دون الهيكل الاول فى الزينة والبهاء ولم يكن فيه تابوت العهد اذ فقد فى السبي ولم تظهر فيه سحابة المجد. ولا كاروبا المجد ولا اوريم ولا تميم ولاروح النبوة مع ذلك فأنه قد فاق الاول مجداً وكرامة لدخول السيد المسيح فيه(22) وكثراً مادنس هذا الهيكل ملوك الامم الذين استولوا علي أروشليم وخربوا منه جانباً. وأخذ هيرودس الكبير يرممه ويصلحه ليستميل اليه قلوب اليهود وابتدأ بعمل ذلك فى السنة الثامنة عشر لملكه وذلك كان قبل الميلاد بعشرين سنة وشغل بترميمه نحو عشرة آلاف من مهرة البنائين وظل خلفاؤه يصلحونه ويبدلون فيه بعضه حتى صح قول اليهود للمسيح انه " بنى فى ست واربعين سنة " (23) وكانت فسحة الهيكل مربعة عرض كل من جدرانها اربع مائة ذراع.
وكان فى ذلك الهيكل اربع أدور (الاولى) دار الامم وفي الجانب الشرقى من هذه الدار باب الهيكل الجميل(24) ويحيط بها اروقه وعلى جوانبها غرف لسكن اللاويين. فى أحد تلك الجوانب مجمع أو مدرسة لعلماء اليهود وفى تلك المدرسة جلس فيها يسوع وهو ابن اثنتى عشرة سنة فى وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم (25) وفى تلك الاورقة خاطب يسوع الشعب. وفيها كان يجتمع التلاميذ كل يوم بعد صعوده(26) و أشتهر أحد هذه الاروقة اكثرمن غيره بنسبته الي رواق سليمان(27) وكان علو هذا الرواق سبعمائة قدم وهناك جرب الشيطان المسيح بان يطرح نفسه من سطحه الى أسفل(28) وكان فى تلك الدار موائد للصيارفة وباعة الحمام وامثالهم. وسميت بدار الامم لانه لم يكن لغير اليهود ان يجاوزها الى الداخل. ولم يكن فى هيكل سليمان دار للامم فما كان فيه سوى دار للكهنة والدارالعظيمة(29) (الثانية) دار النساء ونسبت الى النساء لا لانها مختصة بهن بل لانه لم يجز لهن أن يتعدينها الى داخل فكن يأتين اليها ليقدمن القرابين. وهى أعلى من الدار الاولى فكانوا يصعدون اليها بتسع درجات وفصلوا بين الدارين بجدار من حجر علوة ذراع واقلموا قرب الدرجات عمداً من الرخام كتبوا عليها باليونانية واللاتينية انذرات للامم خلاصتها أن من جاوزها منهم الى لداخل يقتل(30) واتهم بولس انه أدخل يونانيين الى الهيكل ودنس ذلك الموضع المقدس(31) وكان اليهود يمارسون العبادة العادية فى تلك الدار (32) وكان فى جوانبها ثلاثة عشر صندوقاً يضع العابدون قرابينهم فيها(33) (الثالثة) دار اسرائيل أى دار ذكور الاسرائيلين وكانت الدار العظيمة فى هيكل سليمان تشتمل على هذه الاقسام الثلاثة(34) وهى أرفع من دار النساء وكانوا يصعدون اليها بخمس عشرة درجة وفصلوا بينهما بجدار علوه ذراع فيه ثلاثة أبواب(الرابعة)دار الكهنة شرقى داراسرائيل وفيها مذبح المحرقة والمرحضة. وغربى هذه الدار الهيكل الحقيقى وهو أعلى منها وكانوا يصعدون اليه باثنتى عشرة درجة وكل قدامه رواق متجه إلى الشرق علو قمته مائة وتسعون قدماً وفى مدخله عمودان أسم أحدهما ياكين والثانى بوعز وقسم إلى قسمين الاول القدس وطوله ستون قدماً وعرضه ثلاثون قدماً وفيه المنارة الذهبية ومائدة خبزالوجوه ومذبح البخور والثانى قدس الأقداس وهو مربع طول كل من جوانبه الاربعة ثلاثون قدماً. وكان الفاصل بينه وبين القدس حجاباً نفيساً(35) وهدم هذا الهيكل في حصارتيطس أورشليم بعد الميلاد بسبعين سنة كما تنبأ عنه السيد له المجد(36) واجتهد الأمبراطور يوليانوس أن يبنيه سنة 363 ب. م فذهب اجتهاده هو واليهودية باطلا الذين كان يسرهم اعادة بنائه غير أنه لما حفروا الاساس حدثت انفجارات شديدة وظهرت كرات نارية كسرت أدوات الشغل وثارالغبار والدخان حتى أظلم المكان ولما عادو اليهود العمل فيه ثانياً أندفعوا بقوة غير عادية والقوا جميع أدواتهم تاركين الشغل يائسين.
ذكر دخول الروم إلي قدس الاقداس ذى العظمة والفخار
وأحراقهم أياه بالنار(37)
لما كانت الحرب قائمة بين الروم واليهود أمر تيطس أصحابه ومن جاء اليه من الجموع من سائر الامم أن يحيطوا بمدينه أورشليم ويحاصروها ويضيقوا على من بقي من أهلها فيخضعوا من غير أن يتعرضوا لمحاربتهم ففعلوا كذلك فلما طال الحصار على اليهود مات أكثر من تبقى ثم جاء من هربوا إلى تيطس فقبلهم ثم دخل الروم إلى المدينة و إلى بيت الله عز وجل. فملكوه ولم يبقى من يمنعهم عنه وآمنوا جميع من كانوا يخافونه من اليهود وكان تيطس قد أوصى أصحابه وأكد عليهم ألا يحرقوا القدس فقال له رؤساء الروم انك إذا لم تحرقه لا تستطيع أن تملك اليهود ولاتقهرهم لانهم لا يفترون ولا يكفون عن القتال لاجله ما دام باقياً فاذا حرقته ذهب عزهم و لم يبق لهم مايقاتلون عنه فتنكسر قلوبهم ويذلون فقال لهم تيطس قد علمت ذلك ولكن على كل حال لاتحرقوه حتى آمركم بحرقه وكانت الطريق إلى القدس الاجل عليها باب عظيم مصفح بصفائح فضية وكان مغلقاً لان اليهود كانوا قد أغلقوه بأحكام فجاء بعض الروم الي هذا الباب فاحرقوه ليأخذوا الفضة التى عليه. فلما أحرقوه وجدوا سبيلهم إلى القدس فدخلوا اليه وتوسطوه ثم نصبوا أصناهم فيه وقربوا ذبائحهم لتيطس سيدهم ورفعوا أصنامهم بمدحه والثناء عليه واقبلوا يفترون على البيت ويتكلون بالعظائم فلما علم من بقى من اليهود ذلك لم يصبوا فخرج قوم منهم فى اليل إلى الروم الذين فى القدس فقتلوهم فبلغ الخبر إلى تيطس فجاء بجنوده إلى القدس فقتل أولئك وهرب من بقى منهم إلى جبل صهيون فأقاموا فيه فلما كان الغد أجتمع الروم واحرقوا باب قدس الاقداس وكانت كلها مغشاة بصفائح الذهب فلما سقطت الابواب صرخوا صراخاَ عظيماً فعلم تيطس بذلك فجاء مسرعاً إلى قدس الاقداس لينعهم من احراقه فلم يتم له ذلك فان الناس كثيروا و اجتمع فيه خلق كثير من الروم وغيرهم من الامم التى كانت تعادى اليهود وتطلب التشفى منهم فغلبوا تيطس على رأيه وهو يصرخ باعلى صوته ليمنعهم. وقبل أنه قتل فى ذلك اليوم جماعة من أصحابه وذلك انهم دخلوا إلى القدس بحنق عظيم وحدة شديدة وغيظ مفرط فخرج الامر من يد تيطس ولم يقدر على منعهم. ويقال أيضاً أنه صاح فى ذلك اليوم إلى أن بح صوته ولم يسمع كلامه ولما رأى قدس الاقداس وشاهد حسنه وتفرس فى عظم بهجته ورائق جماله وكثرة زينته تحير وتعجب وقال حقاً أن هذا البيت الجليل ينبغى أن يكون بيتاً الله اله السماء والارض ومسكن جلالة ومحل نوره وأنه يحق لليهود أن يحاربوا عنه ويستقتلوا لاجله. وفد أصابت الامم وأحسنت أعظامها لهذا البيت واجلالها له وحملها له الهدايا و الاموال وانه لاعظم من هيكل روميه ومن جميع الهياكل التى شاهدناها وبلغنا خبرها والشاهد على هوالله انى لم أشأ أحراقه ولكن القوم قد فعلوا ذلك من فرط شرهم وعظم الحاحهم. ثم اشتعلت النار فى القدس واحرقت جميعه واذ علم من بقى من الكهنه بدخول الروم إلى قدس الاقداس ليحرقوه جاءوا مستقتلين فحاربوا الروم إلى أن لم تبق لهم حيلة ولا قدرة على محاربته فلما غلبوا علي أمرهم ورأوا أن البيت قد احترق قالوا بعد احتراق قدس الله مالنا وللحياة وأى عيش يطيب لنا بعد فزجوا بانفسهم فى النار فأحترقوا باجعهم وكان حريق القدس في اليوم العاشر من الشهر الخامس مثل اليوم الذى أحرق فيه الكلدانيون البيت الاول. ولما علم اليهود الذين تبقوا فى المدينة بأن قدس الاقداس قد أحترق مضوا إلى جميع ما فى المدينة من القصور الجليلة والمنازل الحسنة والابواب الملوكية فأحرقوها مع جميع ما كان فيها من الذخائر الكثيرة العدد والاموال. ولما كان غد اليوم الذى أحرق فيه القدس ظهر رجل بين اليهود يدعى النبوه قائلا إن هذا البيت يبنى كما من غير أن يبنيه إنسان لكنه يبنى بقدرة الله عز وجل فثابروا على ما أنتم عليه من مقارعة الروم والامتناع عن إطاعتهم. ولما سمع كلامه من بقي من اليهود اجتمعوا وقاتلوا الروم فظفر الروم عليهم وقتلوهم عن آخرهم وقتلوا أيضاً جمعاً كبيراً من أمة اليهود ممن كانوا قبل ذلك قد رحموهم وأحسنوا اليهم ا.ه
(ذكر أشياء جرت قبل خراب القدس دلت على خرابه)
كان قد ظهر على القدس قبل مجئ وسباسيانى كوكب عظيم له نور قوى شديد وكان القدس يضئ بذلك الكوكب كضوء النهار تقريباً. فأقام ذلك مدة سبعة أيام عيد الفصح ثم غاب ففرح به أعوام الناس وجهلاؤهم وأغتم العلماء واهل الفضل والمعرفة. وكانوا قد احضروا الى القدس فى ذلك العيد بقرة ليقربوا بها فلما طرحوها ليذبحوها ولدت خروفاً فأستشنعه الناس واستنكروه ومن ذلك أن باب القدس الشرقى كان باباً عظيماً ثقيلاً ولم يقدر يفتحه إلا جماعة من الرجال فلما كان فى تلك الايام كانوا يجدونه كل يوم مفتوحاً فكان الجهال يفرحون بذلك واهل العلم والمعرفة يغتمون له. وظهر بعد ذلك على بيت القدس فى الهواء صورة وجه انسان شديد الحسن عظيم الجمال والبهاء ساطع النور والضياء. وظهر فى الجو ايضاً في تلك الايام صور ركبان من نارعلى خيل من نار يطيرون فى الهواء قريباً من الارض وكان ذلك يري على أورشليم وعلى جميع أرض اليهود. وبعد ذلك سمعت الكهنة فى القدس لية عيد العنصرة حس جماعة كثيرة يذهبون ويجثون ويمشون فى الهيكل من غير أن يروا شخصاً أصيلا كانوا يسمعون حسهم. ثم كانوا يسمعون صوتاً عظيماً يقول أمضى بنا حتى نرحل من هذا- البيت وقبل خراب القدس بأربع سنين ظهر فى المدينة انسان من العامة كان يمشى بين الناس كالمجنون ويصيح بأعلى صوته قائلاً صوت فى المشرق صوت في المغرب صوت فى أربع جهات العالم صوت على أورشليم صوت على الهيكل صوت على الحصن صوت علي العروس صوت على جميع الناس الذين بأورشليم. وكان الناس يمقتونه وينتهرونه ويستثقلونه ويتصورونه بصورة متوسوس ولم يكن هو يفتر من هذا فلم يزل على ذلك حق أحاط الروم بالمدينة. فلما كان فى بعض الايام والحرب على المدينة ابتدأ أن يتكلم بما كان يتكلم به على عادته فرمى بحجر على هامته فمات. ووجد حجر قديم فى ذلك الزمان مكتوب إذا كمل بنيان القدس وصار مربعاً عند ذلك يخرب. فلما كان بعد ذلك هدم تيطس البنيان الذى كان إلى جانب القدس المسمى بالعبرانيه أنطونيا فأنه تم سور القدس بهدمه وذلك أن اليهود بنوه بنياناً جيداً وأضافوه إلى جملة القدس فصار مربعاً وكانوا قد نسوا ذلك المكتوب الذى وجدوه على الحجر. فلما رأوا القدس وقد تربع تذكر و ذلك. ووجدوا أيضاً في جانب حيط قدس الاقداس حجراً مكتوب عليه اذا صار الهيكل مربعاً يملك حينئذ علي اسرائيل ملك ويستولى علي سائر الارض فقال بعض الناس هو ملك اسرائيل وقالت الحمكاء والكتبه بل هو ملك الروم.

عدد الزيارات 1728

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل