تساؤلات فى التجسد

08 يناير 2025
Large image

التجسد الإلهي هو جوهر الحياة المسيحية إن فهمناه فهمنا عقيدتنا المسيحية بعد ولادة ربنا يسوع المسيح اضطرب هيرودس الملك وأمر بقتل أطفال بيت لحم من سِن سنتين فما دون كان يجب أن يكون الطفل يسوع وسطهم لكن الملاك ظهر ليوسف البار وقال له قم وخُذ الصبي وأمه واهرب إلى أرض مصر .. لو كان ربنا يسوع أتى ليموت ويفدينا كان يمكنه أن يموت وسط أطفال بيت لحم وانتهى الأمر .. فهل كان يليق أن يموت وسط أطفال بيت لحم أم لا ؟ ولماذا ؟لا يليق أن يموت المسيح وسط أطفال بيت لحم .. لماذا ؟
أولاً لكي تتحقق فيه النبوات .
ثانياً لكي يمر بمراحل حياة الإنسان المختلفة لأنه لما تجسد أخذ طبيعتنا وجسدنا فيمر بمراحل حياتنا ويُقدسها كلها .
ثالثاً لابد أن يفدينا عن طريق الصليب وليس بسيف هيرودس أيضاً كان لابد أن يعيش ويكون له أصدقاء وأحباء وعائلة وأعداء ويُبارك حياتنا ويعيش حياتنا بحيث أنه يأكل ويشرب ويحزن ويتألم ويفرح ويتضايق ويجوع ويئِن ويتهلل ويتعامل مع كل الفئات ويُبارك الحياة بكل ظروفها ويُبارك الطبع البشري كله ويُعلِّمنا كيف نسلك ونُحارب عدو الخير ويُصلب ويغلب الموت لذلك صار إنسان كواحد منا .
لماذا لم يمُت وسط أطفال بيت لحم وينتهي الأمر أليس هو موت ؟ لا لكن لكي يحمل خطايانا ويأخذ لعنتنا ﴿ ملعون كل من عُلِّقَ على خشبة ﴾ ( غل 3 : 13) لأن موت يسوع كان له شروط هي :-
1. أن يكون موت إرادي ﴿ أسلم ذاته بإرادته وحده ﴾ كان يمكنه أن يهرب من البستان لكن عندما سأله الجنود " نريد يسوع الناصري " أجابهم " أنا هو " .
2. لابد أن يموت موت به إشهار وإعلان أي فضيحة فإن مات وسط أطفال بيت لحم ألـ 144000طفل كيف سنعرف يسوع وسط كل هؤلاء ؟ لكن بالصليب كل الناس عرفت أن يسوع قد مات .
3. لكي يجتاز به عقوبات من مختلف الأنواع لكي يُبررنا من خطايانا الكثيرة التي فعلناها كل هذا تعبير عن طبيعة الفداء الذي فدانا به .
يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته للعبرانيين ﴿ لأنه لاقَ بذاكَ الذي من أجلهِ الكل وبهِ الكل وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد ﴾ ( عب 2 : 10) فهل يليق بالله أن يصير إنسان ؟ الله هو جوهر إلهي لا يليق أن يكون إنسان لكن " لاقَ بذاكَ " هو لا يليق لكن لكي يُنقِذنا لاق به نعم قد نتعجب من الأمر لكن لأجل محبتهِ لاق به لأنه لا يليق أن ينظر الله الإنسان يموت وينتظر فداء الله ولا يتدخل الله لكن لكي يُكمِّل خلاصنا لاق به واشترك معنا في اللحم والدم هل يليق يا الله أن تأخذ شكل المحدود وأنت غير محدود تأخذ شكل الزمني وأنت غير زمني ؟ نعم من أجل الصلاح وحده﴿ لأنه صالح ومُحب البشر ﴾ عندما نتعجب من تصرفات يسوع وأفعاله قُل أنه صالح ومُحب البشر سواء جاع أو عطش أو نام أو بكى لأنه صالح ومُحب للبشر .
إذا ذهب طفل مع والده إلى الكنيسة وأثناء مسيرة سقط الطفل في بِركِة ماء غير نظيف وكان يرتدي ملابس جديدة هل يتركه الأب ويسير أم ينادي من يُنقِذه أم ؟ بالطبع ينتشله بسرعة ولا يهتم بمظهره وملابسه لأنه إن لم ينتشله بسرعة يكون مُخطِئ في حق ابنه نعم لا يليق أن الله يتجسد لكن أيضاً لا يليق أن لا يفدينا .
يقول الكتاب ﴿ لأجلهم أُقدِّس أنا ذاتي ﴾ ( يو 17 : 19) هل يحتاج يسوع للتقديس ؟ توجد قاعدة مهمة وهي أن يسوع كنائب عنا أخذ جسد بشريتنا لكي يُقدسه الجسد الذي فسد وانحرف وجمحت تيارات الشر بمقاصده كان لابد أن يُصلَح ويُحوِّل تيارات الشر التي فيه إلى تيارات بر من يفعل ذلك ؟ أبونا إبراهيم ؟ نعم هو بار لكنه كِذِب وموسى النبي ؟ أخطأ داود الملك ؟ نعم قلبه حسب قلب الله لكنه زنا وأخطأ وإذاً الجميع زاغوا وفسدوا ليس من يفعل الصلاح ليس ولا واحد ( رو 3 : 12) كل الزرع البشري ورث الفساد كيف يُصلِح الأمر ؟ أن المسيح أصلح البذرة في نفسه يُقدس ذاته أي يُقدسنا نحن فيه نحن جسده أي يُقدسنا نحن أي طبعِنا يتجدد ويتغير الجسد الذي ازدادت فيه حدة الشهوة لابد أن تُحد بتقديس الجسد عندما يأخذ ربنا يسوع هذا الجسد يُقدسه لم يكن مُمكناً أن الشهوات الطبيعية تكُف عنا إلاَّ إذا صار جسد مذلتنا جسد خاص بالابن الكلمة ليُبيد الشر داخلي ويسحقه ويجعل جسدي البشري الخاضع للفساد لا يفسد ولن يُباد الموت إلاّ بالحياة فورثنا جسده بالمعمودية ميلاد الفداء والخلاص الميلاد الفوقاني فيتقدس بها جسدنا ﴿ أُقدِّس أنا ذاتي ﴾ أي يُقدسنا فيه ويضبُط الحركات المغروسة في جسدنا لأن الخطية صارت في جسده مائتة ﴿ ليكونوا هم أيضاً مُقدسين في الحق ﴾ ( يو 17 : 19) لذلك يقول له ﴿ باركت طبيعتي فيك ﴾ هو نائب عنا وأعماله كلها تؤول إلينا .
لذلك كل إيجابيات المسيح لم يعملها لنفسه بل لنا هو قادر أن يغلب عدو الخير على الجبل لكنه فَعَل ذلك لنا يغلِب الموت على الصليب ويصعد لنا كل أعماله الخلاصية لأجلنا لتنتقل لنا لذلك صرنا قائمين في المسيح ومن سكان السماء في المسيح فإن قال لك شخص أن معه في العمل زملاء مُتعبين ومُنحرفين وكارهين لنا أقول له اُنظر المسيح عاش كل هذا لأن حياته من أجلنا لذلك جسده نحن ورثناه في أمور كثيرة جداً نحن داخل جسده أعضاؤه لحم من لحمه وعظم من عِظامه ( تك 2 : 23 ) كيف نفهم أن يسوع يصوم أو يصلي ؟ ولمن يصلي ؟ ﴿ الذي في أيام جسدهِ إذ قدم بصُراخٍ شديدٍ ودموعٍ طِلباتٍ وتضرعات ﴾ ( عب 5 : 7 ) كيف نفهم ذلك عن الله ؟ كيف يصرخ ويطلب ويتضرع ؟كان يصلي لنفسه كيف ؟ وكيف يصلي إلى درجة البُكاء ؟ هل هو محتاج لذلك ؟ هذه صفة ناسوتية لنتعلم منه نحن كنا فيه ومادُمنا داخله إذاً الذي يفعله يفعله لأجلنا إن صلى نُصلي معه وإن صام نصوم معه وكأنه يقول العلاقة التي فسدت بين آدم والله أنا أتيت لأُصلِحها وكأني الجسد بينكم وبين الله جعل جسد بشريتهِ وسيلة تصالُح مع الله ولأن صلاته مقبولة لدى الآب صارت صلاتنا مقبولة فيه لدى الآب كذلك الصوم ولذلك لما نصلي نصلي باسم يسوع المسيح ولما نصوم نصوم باسم يسوع المسيح الكنيسة وضعت الصلاة الربانية كما هي في الكتاب المقدس وأضافت لها " بالمسيح يسوع ربنا " كأننا نقول صلاتنا مقبولة في اسمه ونقول له أنت وقفت وصليت اجعل صلاتي الآن لا أظهر فيها أنا بل اظهر فيها أنت وقَّع على صلاتي لتُعطيها قوة لذلك لما صلى علَّمنا كيف تُقبل صلاتنا لدى الآب باسمه لأن صلواتنا ضعيفة ومملؤة طياشة لكنها محمولة في قوة صلاة يسوع لله عندما صلى جعل لنا صِلة بالآب التي كانت قد قُطِعت من قبل لأن الابن الوحيد هو القادر أن يُصلِحها لأنه لا يليق بشخص عادي أن يُعيد علاقتنا بالآب لأنه مُخطِئ مثلنا لكن الابن هو الوحيد الذي له هذا السلطان فصرنا مقبولين فيه لذلك صلى بلسان إنسان وبجسدنا من أجلنا بدليل أنه كان يِعرَق ويقضي الليل كله في الصلاة لذلك صلاة يسوع هي لتُقبل صلاتنا من خلالها وكأنها فتحت لنا الباب المُغلق وصارت صلاتنا مقبولة لدى الآب من خلاله لذلك يقول مُعلمنا بولس الرسول ﴿ الذي في أيام جسدهِ إذ قدم بصُراخٍ شديدٍ ودموعٍ طِلباتٍ وتضرعات ﴾ كأنه يقول عندما نقدم صلاة من خلال حياة يسوع يسمع لها من أجل تقوى يسوع نفسه لأن أي تقوى خارجة عنه تقوى مُزيفة لذلك هو الذي جدد طبعنا فصار طبعِنا مقبول في صلاته ويسمع لها من أجل تقواه هو لذلك قال في صلاته الوداعية ﴿ أنا علمت أنك في كل حينٍ تسمع لي ﴾ ( يو 11 : 42 ) نحن أيضاً نقول له أنا علمت أنك تسمع لي كل حين في شخص يسوع أيضاً صام لأننا داخله فصُمنا معه وكأنه يقدم للآب صوم عنا ويقول له هذا الجسد البشري الذي فسد عن طريق الأكل يقدم لك صوم من جديد وأصلحته قال أنتم أولادي ترثوني ﴿ إن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ﴾ ( رو 8 : 17) صومه كان لينزع عار البشر لأن آدم غُلِب بالأكل فقدم به علاج لذِلِّة آدم أفعال يسوع كانت هامة لأنها تمس خلاصنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية

عدد الزيارات 36

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل