انجيل قداس الأحد الرابع من شهر طوبة

02 فبراير 2025
Large image

تتضمن البحث في العقاب الزمني للخطاة مرتبة على فصل إنجيل تفتيح عيني المولود من بطن أمه أعمى.
( يو ٩ : ١-٤١ )
بينما كان السيد مجتازا فى الطريق رأى انسانا مولودا من بطن أمه أعمى فسأله تلاميذه قائلين " يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى فأجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا ابواه لكن لتظهر أعمال الله فيه " إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن
أمه أعمى فأين ومتى أخطأ؟ أفى البطن وقبل أن يولد ؟إن في هذا عجبا لأنه قبل أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصا له على خطيته وبالتالي لم يكن ممكنا أن يخطئ وقول البشير أيضا " أم أبواه " لا يصح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل إن الله إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن أمه أعمى فأين ومتى أخطأ ؟ أفى البطن وقبل أن يولد؟ إن في هذا عجباً لأنه قبلى أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصاً له على خطيته وبالتالي لم يكن ممكناً أن يخطئ وقول البشير أيضاً " أم أبواه " لا يصلح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل أن الله لا يعاقب الابن بخطأ أبيه كما يظهر من قول حزقيال النبي " النفس التي تخطئ هي تموت أيكون السبب إذن الذى جعل الرسل أن يلقوا هذا السؤال " من أخطأ هذا أم أبواه " ذلك المثل الدارج بين اليهود : " الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الابناء ضرست كلا ليس هذا هو السبب لأن الله قد أثبت بقسم أنهم لا يرون اتمامه بالفعل إذ قال بواسطة حزقيال النبي " حى أنا يقول السيد الرب لا يكون لكم من بعد أن تضربوا هذا المثل في اسرائيل " وإنما السبب في ذلك عقيدة التناسخ التي كانت سائدة بين اليهود في ذلك الحين فظن التلاميذ السائلون وهم من اليهود أن هذا الأعمى كان صحيح العينين عند ولادته الأولى وأخطأ في جسده الأول ولما ولد ثانية عوقب بالعمى ليتطهر من خطاياه السابقة وهذا الظن ألجأهم لأن يسألوا معلمهم قائلين " من أخطأ هذا أم أبواه " فأجابهم بقوله " لا هذا أخطأ ولا أبواه " فأبطل بهذا ظنهم الذى كان قد خامرهم وقوض أركان الرأى الخاطئ الذي كان سائداً بين اليهود وهو عقيدة التناسخ وقد ظهرت أعمال الله في هذا الأعمى بتحويل ظلام عينيه إلى نور بواسطة الطين والتفل وعلى ذكر هذا الإشكال الذى عرض للتلاميذ بخصوص المولود من بطن أمه أعمى نبحث في التجارب وأنواعها فنقول إنها تكون لتمجيد الله كما سمعتم بفصل انجيل هذا اليوم للقصاص المادى الزمني كما حدث للانسان الزاني الذي أمر بولس الرسول بتسليمه للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص النفس يوم الرب يسوع للخلاص من شر الكبرياء كما قال بولس الرســـــول عــــن نفسه أنه أعطى في جسده ملاك الشيطان ليلطمه فسأل الرب من أجله ليفارقه فقال له " تكفيك نعمتى لان قوتي في الضعف تكمل " للتجربة كما حدث لأيوب البار هذه أنواع التجارب ويعترض البعض على وجود أبرار معاقبين وخطاة يرقدون بسلام ونسى أو تناسى أن أحكام الله لجة عظيمة وانها بعيدة عن الفحص والاستقصاء لأن من يقدر أن يعرف أفكار الرب أو من صار له مشيراً نعم يوجد خطاة قد عوقبوا كقايين وفرعون و شاول و آخاب
ونبوخذ نصر وغيرهم كثيرون ويوجد خطاة آخرون عاشوا في سعة ورقدوا وعمرى وغيرهم كثيرون وذلك لأنه لو عاقب الله بسلام كرحبعام وأبيا جميع الخطاة في هذا العالم لصارت الفضيلة أمراً اضطرارياً وخوفاً من العقاب الحسى الزمني وليس حباً في الصلاح ولا لأجل الحظوى بالملكوت الأبدى إذ لا يكون ثواباً للفضيلة وحينئذاك يكون خضوع الإنسان للناموس كخضوع الفرس للجام وتكون الدينونة العامة غير لازمة فيبطل القول بخلود النفس ويعكف الاشرار على شرب كأس الخطية ولا شرب الماء وفى هذا إنكار لعناية الله تعالى وبما أننا نؤمن بعدل الله فمتى شاهدنا بعض الخطاة غير معاقبين في هذا العالم فأنه يجب علينا أن نتأكد بوجود حياة أخرى مستقبلة وأنه سيأتي يوم فيه يعاقب الله الخطاة الذين رقدوا بدون عقاب أما معاقبته للبعض في هذه الدنيا فإنما هو لكي يقمع ذوى الشر والفساد ويرهبهم ولكى يظهر اعتناءه بالبشر وبأعمالهم غير أن البعض ارتأى ان الله يعاقب في هذه الدنيا أولئك الذين قد بغضهم لكثرة خطاياهم ويترك أولئك الذين أخطأوا خطايا صغيرة وهذا الرأى غير صحيح، لأن الكتاب يقول من أجل الخطاة المعاقبين في هذه الدنيا أن " الذي يحبه " الرب يؤدبه وكأب بأبن يسر به " ويقول من أجل الخطاة غير المعاقبين في هذه الدنيا : " لا أعاقب بناتكم لانهن يزنين ولا كناتكم لأنهن يفسقن لأنهم يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع الناذرات الزني وشعب لا يعقل يصرع " فمن هذا ايها الاحباء نعلم أن الله يؤدب ذوى الخطايا الصغيرة لأنه يحبهم ولكي يجذبهم اليه بواسطة التوبة أما ذوى الخطايا الثقيلة فأنه يتركهم ويحفظهم ليوم السوء والأبرار أيضاً قد يطرأ عليهم ما يطرأ على الاشرار فإننا نرى في الكتاب ودانيال مشرفاً من من هو مشرف وموفق في هذه الدنيا ومنهم من هو محتقر ومضطهد ومضطهد. كيوسف مثلا نراه راكباً مركبة ملوكية وأيوب مطروحا على المزبلة وداود جالسا على كرسى الملك و وإرميا ملقى في جب الحمأة نبوخذ نصر وميخا مضروبا من صدقيا فإن قلت ولماذا هذا ؟ أجبتك بأن الله قد جعل بعض الأبرار مشرفين لكى يراهم الناس فيكرموا الفضيلة ويجتهدوا في اقتنائها وجعل البعض الآخر محتقراً ليمتحن شجاعتهم ولكي يضئ نور فضيلتهم في هذا العالم فيتعظم اسمه القدوس كان الله في العهد القديم يعاقب الخاطئ أثر ارتكابه الخطية ومن ذلك أن رجلا قطع حطبا في يوم السبت فأمر بقتله بالحجارة فقتل وكم من الناس لا يجمعون حطبا يوم السبت فقط، بل يصرفون في كل أيام الاعياد في محال الخمور والفجور ومع ذلك لا يرجمون ولا يقتلون إن مريم وهرون تكلما على موسى لاتخاذه أمراة حبشية قائلين " هل كلم الرب موسى وحده ألم يكلمنا نحن أيضاً وفى الحال صارت برصاء وكـــــم من الناس يسعون لضرر غيرهم بالوشاية والنميمة ومع ذلك لا يسهم البرص إن عزة مد يده إلى تابوت الرب فجرح ومات لدى التابوت وكـــــم مــــن المسيحين في هذه الايام يتجاسرون ويمدون أيديهم إلى الاسرار الالهية بدون استحقاق ومع ذلك لا يجرحون ولا يموتون إن كثيرين يحسدون ويطمعون ويكذبون ويفعلون شروراً متنوعة ومع كل ذلك لا يعاقبون كأولئك فلماذا هذا يا ترى ؟
الجواب إن الله جل وعز قد عاقب البشر بأنواع كثيرة على سبيل العبرة والمثال لكي يبين للناس أنه ينتقم من الخطية ويؤدب الخطاة كما يقول الرسول"كلى تعد ومعصية نال مجازاة عادلة " ولاجل هذا تراه في هذه الايام يطيل أناته فلا يؤدب الجميع أثر أرتكاب الخطية في هذه الحياة وذلك حتى تبقى إرادة الانسان حرة فيعمل الفضيلة بالرضاء والاختيار وإلا فالقصاص سوف ينتظره فسبيلنا أيها الأحباء أن نحزن ونذرف الدموع على خطايانا مقدمين فروض التوبة والندامة معترفين حتى بما نظنه صغيراً كالحقد والحسد والنميمة وما أشبه ذلك لنحظى بما وعدنا به ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الابد أمين.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 29

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل