
التعرف على طريق خلاصنا
كثيرًا ما يتساءل البعض: ما هو طريق خلاصي؟ هل أسلك في التكريس وأنا في العالم وأعمل للإنفاق على معيشتي؟ أم ألتحق ببيت للتكريس لأبذل كل طاقاتي ومواهبي لحساب ملكوت الله، ولا أرتبك بالتزامات مادية؟ أم أخدم في سلك الكهنوت أو سلك الرهبنة؟ أم أسلك في البتولية وأنا متزوج؟ أم أشهد لإنجيل المسيح وأنا متزوج ولي أسرة؟
لا يستطيع أب الاعتراف أن يختار للمعترف طريقًا مُعينًا، ولا يجوز له ذلك، ففي كل هذه الفئات يوجد قديسون، بل صاروا أشبه بملائكة الله، وأيضًا وجد من بين هذه الفئات من انحرفوا وهلكوا. ما يهم الشخص وأب الاعتراف هو أن يكون "إنسان الله" يليق بالمؤمن كما بأب اعترافه السعي نحو الجوانب الإيجابية وأيضًا التحذير من الجوانب السلبية وما يجب تأكيده أن المسيح نفسه هو الطريق الحقيقي المؤدي إلى الحياة (يوحنا ١٤: ٦)، فما يشغل المكرس ليس شكل الطريق فحسب، إنما هل يسير في رفقة المسيح؟ هل يراه في كل خطوة يخطوها أينما ذهب؟ ليس المهم الطريق المادي إنما الصراخ إلى الله
أين أنت؟ عرفني الطريق إلى صدرك؟ أريد أن أتكئ عليه كيوحنا الحبيب حيثما تسير أذهب معك إن ذهبت إلى جبل التجلي أرى مجدك هناك وإن ذهبت إلى جثسيماني فاسمح لي أن أقترب إليك وأصلي معك هناك الصلاة الحارة وإن ذهبت إلى الإقرانيون فخذني معك لأحمل الصليب معك عند القبر الفارغ أختبر معك قوة القيامة أختبر سلطانك ونصرتك على الطبيعة يا ضابط الكل" ما يشغلني ليس أين أذهب إنما أن أكون في حضن مسيحي، الطريق الحقيقي المشبع لاحتياجاتي.
الجوانب الإيجابية
١. أن يدرك المؤمن أنه مدعو أن يحمل أيقونة المسيح في أعماقه وأن يتشبه بالسمائيين، سواء كان كاهنا أو راهبًا أو بتولاً أو متزوجا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [يجب أن تتوقوا إلى السماء، والأمور التي في السماء، بل حتى قبل الدخول في السماء فقد أمرنا أن نجعل الأرض سماءً، وأن نتصرف ونتحدث في كل الأمور كما لو كُنا نتحدث هناك، بينما نحن على الأرض هذا أيضًا يجب أن يكون غاية صلاتنا التي نقدمها للرب فلا شيء يُعيق وصولنا إلى كمال القوى العلوية لأننا نقطن على الأرض إنما من الممكن حتى ونحن نسكن هنا أن نفعل كل شيء كما لو كنا قاطنين سلفا في الأعالي ] لم يكن هذا الحديث موجها للكهنة والرهبان والبتوليين فحسب بل لكل المؤمنين.ما جذب البشرية للإيمان المسيحي، أنهم رأوا الكنيسة اشبه بالسماء على الأرض. لقد تطلع القديس يوحنا الذهبي الفم إلى حركات الرهبنة في مصر فقال[ السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك ] وبهر القديس يوحنا كاسيان وغيره من رجال الغرب الذين جاءوا إلى مصر ورأوا البراري قد تحولت إلى فراديس مملوءة فرحًا عبر عن ذلك بقوله إنه إذ عبر من الإسكندرية حتى أقصى جنوب مصر، كان يسمع صوت التهليل يصدر عن الأديرة والقلالي والمغاير حتى تساءل: تُرى هل هؤلاء ملائكة نزلوا على الأرض أم أناس ارتفعوا إلى السماء؟!
٢. يدعونا القديس باسيليوس الكبير في القانون الثمانين من كتاب الأخلاقيات، أن ندرك سمات المسيحي ومركزه الحقيقي فنسلك بما يليق بنا خلال نعمة الله، أيا كان وضعنا في هذا العالم. فإننا تلاميذ المسيح، وقطيعه، وأغصان في الكرمة، وأعضاء المسيح، وعروس المسيح، وهيكل الله، وذبيحة الله، أبناء الله، نور العالم، ملح الأرض، ثابتون في الرجاء في الحياة الحقيقية، مؤتمنون على الشهادة للإنجيل، معلنون عن ملكوت السماوات نموذج وقانون للتقوى، كعين بالنسبة للجسد. فلا يستخف المؤمن بدوره، لأن نعمة الله تعمل به ما يبدو مستحيلاً.
٣. أن يسلك بروح الرجاء والفرح. يقول القديس أنطونيوس الكبير : [النفس دائما تتربى بهذا الفرح وتسعد به، وبه تصعد إلى السماء، فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي.]
٤. السؤال المستمر لله ما دمنا في الجسد : لماذا خلقتني؟ وما هي خطتك من نحوي؟ وكيف أُحَقِّقها؟
٥- تكريس فترات صوم وصلاة ومطانيات لكي يقودنا روح الله القدوس إلى التمتع بشركة أعمق مع مسيحنا القدوس فنكتشف خطة الله لخلاص نفوسنا وخلاص العالم كله.
الجوانب السلبية
١. أخطر ما في حياة المؤمن التذبذب بين طريق وآخر مع الشعور بالفشل كلما دخل طريقا وحسب أنه ليس من الله، مما يُسَبِّب له حالة من الإحباط.
٢- يلزم عدم الإنشغال بالمظهر والرسميات، متذكرين قول الرب لإيليا النبي: وقد أبقيتُ في إسرائيل سبعة آلاف، كُلُّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجِتُ للبَعْلِ وَكُلُّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلُهُ» (ملوك الأول ۱۹: ۱۸). هم خورس الأبرار المجهولين من الناس والمعروفين من الله. حتى اليوم يوجد كثيرون يعيشون البتولية الناجحة، والعالم لا يعرفهم. ٣- يلزم عدم تصيد الأخطاء للآخرين، والنظر إليهم أنهم
أساءوا اختيار الطريق.
الراهب هو ذلك الإنسان الذي لا يدع ضميره يلومه في أمر من الأمور (الأنبا أغاثون)
القمص تادرس يعقوب ملطى
كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج