القمص تادرس يعقوب ملطى

Large image

تاريخ الرسامة: 25 نوفمبر 1962 م.
الاسم في الرتبة الأولى: أبونا القس تادرس يعقوب ملطي.
الخدمة في: كنيسة مارجرجس القبطية الأرثوذكسية، سبورتنج، الإسكندرية، مصر.
وكان اسمه العِلماني هو الشماس فايز يعقوب ملطي.
كان من ضمن مَنْ تعرَّضوا للاعتقال من خلال قرارات سيادة الرئيس محمد أنور السادات الخاطئة (قرارات التحفُّظ في سبتمبر 1981 م.)، وتم ذلك في سجن المرج.
هو واعظ شهير وهو مؤلف لكتب في موضوعات عِدة
له مقالات في مجلة الكرازة.
يقوم بالسفر من آن لآخر خارج البلاد في خدمات متنوعة، وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية.

المقالات (51)

07 أبريل 2025

البشارة بالتجسد الإلهي ( لوقا 1 : 26 – 35)

“وفي الشهر السادس أٌرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم…”[26-27]. أولاً: منذ خمسة أشهر سبق فبشَّر الملاك زكريَّا الكاهن، والآن مع بداية الشهر السادس جاء يبشِّر القدّيسة مريم، لكن شتَّان بين البشارتين. حقًا إن البشارة الأولى تمَّت داخل الهيكل أثناء العبادة الجماعيّة، رافقها زكريَّا أمام الجميع وتحدَّث عنها الكهنة، إذ تمَّت مع زميلهم الكاهن، لكن كانت بشارة بميلاد أعظم مواليد النساء يوحنا السابق خادم الكلمة؛ أما البشارة الثانية فتمَّت في بيت مجهول في قريّة فقيرة بطريقة سريّة لم يلمسها حتى صاحب البيت نفسه “يوسف النجار”، وقد كانت بشارة بتجسّد الكلمة ذاته! لقد أخلى الابن ذاته، حتى في البشارة به لم تتم به بين كهنة، ولا في داخل الهيكل، ولا على مستوى الجماعة، إنما تمَّت مع فتاة فقيرة في مكان بسيط. ثانيًا: أٌرسل الملاك إلى “عذراء مخطوبة لرجل“، لماذا لم يُرسل إلى عذراء غير مخطوبة؟ أ. يجيب العلامة أوريجينوس بأن وجود الخاطب أو رجل مريم ينزع كل شكٍ من جهتها عندما تظهر علامات الحمل عليها، ويقول القدّيس أمبروسيوس:[ربَّما لكي لا يُظن أنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين في آن واحد، أنها زوجة وعذراء. فهي عذراءلأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة حتى تُحفظ ممَّا قد يشوب سمعتها، فانتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتوليّة (في نظر الناس)هذا وقد اِختار الرب أن يشك البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكُّوا في طهارة والدته لم يجد داعيًا للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته] سبق لنا دراسة الخطبة والزواج حسب التقليد اليهودي، وكيف كانت الخطبة تعادل الزواج حاليًا في كل شيء ماخلا العلاقات الجسديّة، لهذا دعيت القدّيسة مريم “امرأة يوسف”. ب. يرى العلامة أوريجينوس نقلاً عن القدّيس أغناطيوس أن وجود يوسف يشكِّك الشيطان في أمر المولود ويُربكه من جهة التجسّد الإلهي وقد قدَّم لنا القدّيس أمبروسيوس ذات الفكر حين قال: [هناك سبب آخر لا يمكن إغفاله وهو أن رئيس هذا العالم لم يكتشف بتوليّة العذراء، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشك في المولود منها، وقد شاء الرب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته. هذا ظهر عندما أوصى السيِّد تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه المسيح (مت16: 22)، كما منع الذين شفاهم من إظهاراسمه (مت5: 4) وأمر الشيَّاطين ألا تتكلَّم عن ابن الله (لو 4: 35). يؤيِّد ما ذكره الرسول أيضًا “بل نتكلَّم بحكمة الله في سّر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيَّنها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يعملها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوالما صلبوا رب المجد”(1 كو 2: 7-8)… إذن لقد توارى الرب عن إبليس لأجل خلاصنا. توارى لكي ينتصر عليه، توارى عنه في التجربة، وحين كان يصرخ إليه ويلقبِّه “ابن الله” لم يؤكِّد له حقيقة لاهوته. توارى الرب أيضًا عن رؤساء البشر. وبالرغم من تردّد إبليس حين قال: “إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل”(مت 4: 6) إلا أن الأمر قد انتهى بمعرفته إيَّاه، فقد عرفتْهُ الشيَّاطين حين صرخت: “ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذِّبنا؟!” (مت 8: 29).لقد عرفتْه الشيَّاطين إذ كانت تترقَّب مجيئه، أما رؤساء العالم فلم يعرفوه… استطاع الشيطان بمكر أن يكشف الأمور المكتوبة أما الذين اقتنصتهم كرامات هذا العالم فلم يستطيعوا أن يعرفوا أعمال الله.] ثالثًا: كرَّر الإنجيلي كلمة “عذراء” وكأنه أراد تأكيد عذراويَّتها ليعلن أن السيِّد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي: “هذا الباب يكون مغلقًا لايُفتح، ولا يدخل من هإنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، الرئيس، الرئيس هو يجلس فيه”(حز 44:2-3). ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيِّدة العذراء: [السلام لكَ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده]. إنها عذراء وزوجة (عروس) في نفس الوقت، إذ تمثِّل العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [كانت مريم الزوجة العذراء تمثِّل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب. فالكنيسة عروس المسيح البتول، حبلت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج، وهكذا صارت تمثِّل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة، وإن كانت تتَّحد ظاهريًا تحت لواء راعٍ بشري.] يقول القدّيس أغسطينوس: [كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة، لأن الكنيسة هي أيضًا أم وعذارء، أم في أحشاء حبنا، وعذراء في إيمانها غير المزعزع. هي أم لأمم كثيرة الذين يمثِّلون جسدًا واحدًا، وذلك على مثال العذراء أُم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أُم للواحد]. يقول القدّيس كيرلس الكبير: [لنُطوِّب مريم دائمة البتوليّة بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدَّسة]. رابعًا: يحدّد الإنجيل اسم المدينة التي جاء إليها الملاك ليلتقي بالقدّيسة العذراء مريم، وهى”ناصرة“. مدينة في الجليل بشمال فلسطين، تبعد 88 ميلاً شمال أورشليم، و15 ميلاً جنوب غربي طبريّة. عاش فيها القدّيس يوسف والقدّيسة العذراءمريم، وقد قضى السيِّد المسيح القسط الأوفر من الثلاثين عامًا الأولى في حياته فيها (لو 3: 23؛ مر1: 9)، فدُعيَ بالناصري (مت12: 11؛ مر 1: 24). إذ بَدَأ رسالته رفضَهُ أهلها مرّتيْن (لو 4: 28-31؛ مت 4: 13؛ 13: 54-58؛ مر 6: 1-6). تقع على تل (لو4: 29)، ولم يكن لها أهميّة تُذكر، فلم ترد في العهد القديم، ولا في وثائق الدول العظمى قبل مجيء المسيح، ولا في كتابات المؤرِّخ اليهودي يوسيفوس. لعلَّ كلمة “ناصرة” تعني “قضيب” أو”غصن”… ولهذا السبب كثيرًا ما دُعي السيِّد المسيح بالغُصن. خامسًا: جاءت تحيّة الملاك: “سلامٌ لكِ أيَّتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء”[28]. لم تكن بالتحيّة العاديّة وإنما جاءت تحيَّة فريدة، حملت كل معنى الفرح، فالكلمة اليُّونانيّة “شيريه” التي تُرجمت هنا “سلام” ورد فعلها حوالي 80 مرة في الترجمة السبعينيّة للعهد القديم، تُرجم نصفها “يفرح” والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم.وكأن القدّيسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلها التي هي عضو فيها فرحًا فائقًا خلال تجسّد الله الكلمة وحلوله فيها. فيما يلي بعض التعليقات للآباء على هذه التحيّة الفريدة: – انفردت بدعوتها “الممتلئة نعمة”، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها، إذ امتلأت بمواهبالنعمة. القدّيس أمبروسيوس – هذا الميلاد مطلقًا هو نعمة، فيه تمَّ الاتِّحاد، اتِّحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة… لم تكن الأعمال الصالحة هي الاستحقاق لتحقيقه القدّيس أغسطينوس – التحفت بالنعمة الإلهيّة كثوب، امتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة، في القلب تنعَّمت بالزيجة مع الله، وتسلَّمت الله في أحشائها! الأب ثيؤدسيوس أسقف أنقرة سمعت القدّيسة مريم الملاك يقول لها: “الرب معكِ”، وكانلهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معيّة الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدَّمت له من جسدها ودمها! “مباركة أنت في النساء”… وكما يقول العلامة أوريجينوس: [الفرح الذي بوَّق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء، [كما بدأت الخطيّة بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل، هكذا بدأت البشارة بالنسوة (مريم واليصابات ]. سادسًا: “فلما رأتهُ اضطربت من كلامه وفكَّرت ما عسى أن تكون هذه التحيّة. فقال لها الملاك: لاتخافي يامريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله”[29-30]. يقول القدّيس جيروم: [لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه، إذ لم يسبق لها أن قدَمت تحيّة لرجلٍ من قبل، لكنها إذ عرفته من هو أجابته، هذه هي التي كانت تخاف الحديث مع رجل، صارت تتحدَّث مع ملاك بلا خوف]. هكذا يرى كثير من الآباء أن السيِّدة العذراء كنموذج حيّ للعذارى اللواتي تكرَّسن للعبادة يسلُكن بحياءٍ شديدٍ، ولا يلتقين برجالٍ، بل يقضين حياتهنَّ في بيوتهنَّ أو في بيوت العذارى، لا يتعاملْن مع الرجال. لكننا لا نستطيع أن ننكر أن مع ما اتَّسَمت به العذراء من حياء شديد وتكريس كامل لحساب الرب، وعدم رغبتها في الزواج، كما يظهر من قولها للملاك: “كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً” لكنها كانت الإنسانة الفعّالة في الجماعة المقدَّسة. فعّالة بصلواتها وتقواها، وفعّالة أيضًا بقبولها عطيّة الله الفائقة (تجسّد الكلمة في أحشائها)، وفعّالة في الخدمة، ففي أول معجزةللسيِّد المسيح طلبت منه “ليس لهم خمر”(يو 2: 3)، ورافقت السيِّد حتى الصليب، وبعد الصعود كانت مع التلاميذ تسندهم.فالبتوليّة لا تعني السلبيّة، إنما إيجابيّة الحّب الباذل المُعلن خلال العبادة والعمل، في حدود مواهب الإنسان التي يتسلّمها من الرب نفسه. لذلك يقول القدّيس أغسطينوس: [لا تكرم البتوليّة من أجل ذاتها، وإنما لانتسابها لله]. سابعًا: جاء الوعد الإلهي للقدّيسة مريم على لسان الملاك: “وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمِّينه يسوع. هذا يكون عظيمًا وابن العلي يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولايكون لمُلكه نهاية”[31-33]. تمتَّعت القدّيسة مريم بهذا الحبل الإلهي، إذ تجسّد ابن العلي فيها، هذا الذي ترقبه رجال العهد القديم كملكٍ يجلس على كرسي داود ويملكأبديًا، وكمخلِّصٍ لذا يدعى “يسوع” الذي يعني “يهوه خلاصي”. – ليس من يشبه والدة الإله، فإنَّك وأنت تسكنين الأرض صرِت أُمًا للخالق. (بارالكس) لحن البركة – إن كان ابن الله قد صار ابنًا لداود، فلا تشك ياابن آدم أنك تصير ابنًا لله. إن كان الله قد نزل أعماقًا كهذه، فإنَّه لم يفعل هذا باطلاً، إنماليرفعنا للأعالي! وُلد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنًا لله. القدّيس يوحنا ذهبي الفم ثامنًا: إذ سمعت القدّيسة مريم الوعد الإلهي بروح التواضع وفي إيمان، دُهشت إذ كان الوعد فريدًا لم يُسمع في الكتب المقدَّسة إنسانًا ناله، لهذا تساءلت: “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!. فأجاب الملاك، وقال لها: الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوّة العليّ تظلِّلك، فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله”[34-35]. أ. يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنهاكانت تود الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: “متى يكون هذا؟!” منتظرة تحقيق الوعد خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة. وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي… فقد أكّد السيِّد المسيح بتوليّة القلب التي يريدها للكنيسة أولاً خلال بتوليّة جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدِّم له ذاتها تمامًا]. ب. يقول القدّيس أمبروسيوس: [لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولا اعتذرت عن قبوله، بل أبدت استعدادها له، أما عبارة: “كيف يكون هذا؟”فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر… إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة… فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.] لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة: “الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك ،فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله“. الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل ابنه في أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له من سرّ إلهي فائق فيه يًعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له! أما هذا الإعلان أحنت رأسها بالطاعة لتقول: “هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك”[38]. شك زكريَّا الكاهن في إنجاب زوجته، والبتول آمنت، وفي طاعتها قبِلت عمل الله، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لقد سَمت بإيمانها على الكاهن؛ فالكاهن أخطأ وتوارى، والعذراء قامت بإصلاح الخطأ.] هكذا صمت زكريَّا بسبب شكِّه وحملت العذراء بالكلمة المتجسّد أو النطق الإلهي الذي لن يصمت. يرى القدّيس إيريناؤس أن طاعة القدّيسة مريم قد حلَّت موضع عِصيان أُمِّها حواء؛ الأخيرة بعِصيانها عقَّدت الأمر، وجاءت ابنتها تحِل العقدة بالطاعة. ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدَّمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسُّد، إذ لم يكن ممكنًا أن يتم التجسّد بغير إرادتها وقبولها للعمل، إذ يقدِّس الله الحريّة الإنسانيّة. يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنها تصف نفسها أَمَة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.] ويقول القدّيس أغسطينوس أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمة في الحبل به- الكبرياء بل التواضع! القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس اسبوىتج
المزيد
19 أبريل 2025

سبت الفرح والتهليل

لقاء حول ظهور النور في سبت الفرح في جلسة عائلية بعد الاحتفال بعيد القيامة المجيدة، الذي كان يُدعى « عيد الفصح المسيحي » سألت الفتاة الصغيرة أن ( حنة ) لماذا يظهر النور في سبت النور من قبر المسيح وليس في أحد القيامة ؟ أجابت والدتها سوسنة : إذ تجسد كلمة الله وصار إنسانًا ليُخلصنا بصلبه، مات بإرادته في نهاية الجمعة العظيمة. مع بدء السبت انطلقت نفسه إلى الهاوية، فاهتزت أسوارها واستقبله الراقدون الذين ماتوا وكانوا يؤمنون بمجيء المسيح المخلص. انطلقت نفوس أطفال بيت لحم الذين قتلهم هيرودس ومعهم الآباء ابراهيم وإسحق ويعقوب وعائلاتهم والمؤمنون من نسلهم وأيوب البار وأمثاله في موكب عظيم يضم البلايين يقدمون الشكر والتسبيح تهللت كل القوات السمائية من ملائكة ورؤساء ملائكة وشاروبيم وسيرافيم وغيرهم في منظر جميل ورائع، الكل كانوا يسبحون المخلص بتسبحة جديدة، إذ رأوا ما كان سرًا إلهيا مخفيًا عنهم دهشوا لمحبة الله لبني البشر الذين صاروا كملائكة الله وقد انضموا إلى خورس الملائكة للتسبيح نحن أيضا نفرح في سبت الفرح ونتغنى بتسابيح المؤمنين الذين عاشوا في العهد القديم والعهد الجديد فظهور النور في يوم السبت يدعونا أن نهنئ الراقدين بتمتعهم بالقيامة قبلنا، ونحسب فرحهم في يوم السبت بداية لفرحنا يوم الأحد. مارك : اخبريني يا أمي هل في السماء سننضم نحن الخطاة الضعفاء مع هؤلاء المسبحين لمسيحنا المصلوب القائم من الأموات؟ سوسنة : لماذا تقول هذا يا مارك ؟ انجيلنا معناه « الأخبار السارة » فهو يدعونا أن نلتقي مع مسيحنا مفرح القلوب بالتوبة. مارك : أليست التوبة تعني الحزن على خطايانا ؟ سوسنة : التوبة هي رجوع إلى مخلصنا السماوي مفرح القلوب، ففي مثال الابن الراجع إلى أبيه (لوقا١٥)، عاد الابن إلى أبيه حزينًا على خطاياه ومتهللا بأبيه الذي انطلق إليه وحضنه وقبله، ودخل به إلى البيت ليجد وليمة عظيمة أعدها أبوه له. فالتائب مثل داود النبي كان يبكي على خطاياه وكانت دموع الفرح أيضًا تتدفق من عينيه إذ يرى ويلمس حب الله له ! لماذا كل هذه التسابيح في سبت النور ؟ آن : لاحظت يا أبي أننا في سبت الفرح نسبح بتسابيح كثيرة لأناس في أجيال متعددة مثل موسى النبي، وحنة أم صموئيل، وحبقوق النبي، ويونان النبي، وحزقيا ملك يهوذا، وابنه منسى الذي كان أشر ملوك يهوذا لمدة أكثر من خمسين عامًا وتاب في آخر أيامه، وإشعياء النبي، وإيليا النبي، وسليمان النبي وسمعان الشيخ، وغيرهم كثيرون الكنيسة كل هذه التسابيح ؟ لماذا وضعت الأب دانيال : وضعت الكنيسة هذه التسابيح لأشخاص في أجيال متنوعة، وأيضًا في ظروف مختلفة، رجال ونساء، لكي تجعلنا دائما في رجاء بدون يأس مهما كانت خطايانا ما دمنا نطلب نعمة الله وحبه ونؤمن في جدية أنه غافر الخطايا، ونجاهد كأبناء واثقين في محبة أبينا السماوي. مارك : كيف يفرح كل المؤمنين، خاصة إذا ظلمهم الناس أو ضايقوهم أو أصيبوا بمرض شدید؟ الأب دانيال : هلم نرى كيف يريدنا ربنا أن نعيش متهللين به على الدوام انظر عندما تجلى السيد المسيح أمام بطرس ويعقوب ويوحنا على جبل تابور، رأوا السيد المسيح كله نور حتى سقطوا على الأرض، وكان معه موسى النبي الذي عانى الكثير من الشعب في البرية حتى طلبوا قتله هو وأخيه هرون الكاهن، كما ظهر إيليا النبي الذي كانت الملكة إيزابيل وزوجها الملك أخاب يطلبان قتله، ترى كيف كان حال موسى وإيليا وهما مع السيد المسيح المنير ببهاء عظيم في تجليه ؟! مارك : حتما كان نور المسيح منعكسا عليهما، وكانا يتحدثان معه بفرح شديد عن ما سيقدمه المسيح للبشرية بصلبه وقيامته. دانيال : وماذا كان حال بطرس ويعقوب ويوحنا ؟ مارك : لقد طلب بطرس لنفسه وليعقوب وليوحنا من الرب المنير : ( جيد يا رب أن نكون ها هنا » (مت ١٧ : ٤)، فالثلاثة اشتهوا أن يعيشوا إلى الأبد على الجبل مع السيد المسيح وموسى وإيليا. دانيال : هل كان يفكر موسى وإيليا في الذين كانوا يريدون قتلهما ؟ مارك : حتما إن ما كان يشغلهم هو الشكر والتسبيح لهذا المخلص المنير، الذي يهبهم انعكاس مجده عليهما. دانيال : ونحن أيضًا نتألم قليلاً في العالم، لكن السماء ترحب بنا والرب وملائكته ينتظروننا بفرح. صلاة منسى بين التسابيح آن : يقول الكتاب المقدس عن منسى بن حزقيا الملك الصالح أنه أشر ملوك يهوذا قيل عنه إنه أضل الشعب ليعملوا أقبح من الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل (۲مل ۲۱ : ۹) ، « وجعل أيضا يهوذا يخطئ بأصنامه » (۲مل ۲۱ : ۱۷) ؟ سوسنة : حقا قضى منسى أغلب ملكه الذي استمر ٥٥ عامًا يمارس شرورا خطيرة، لكنه في أواخر حياته تاب، وجاء في صلاته الواردة في الترجمة السبعينية للعهد القديم" الآن أحني ركبتي قلبي، وأطلب من صلاحك. أخطأت يا رب أخطأت، وآثامي أنا عارفها. ولكن أسأل وأطلب إليك يا رب اغفر لي، ولا تهلكني بآثامي لأنك أنت إله التائبين فأسبحك في كل حين كل أيام حياتي، لأنك أنت هو الذي تسبح لك كل قوات السماوات، ولك المجد إلى الأبد آمين لقد صار منسى شاهدًا عجيبا الله غافر الخطايا، مراحمه أعظم من كل الخطايا كل من يتطلع إليه لا ييأس مطلقا من مراحم الرب. تسبحة الثلاثة فتية القديسين مارك : لماذا نسبح الله بتسبحة الثلاثة فتية القديسين الذين كانوا يتمشون في وسط النار وهم متهللين، وتسمي الكنيسة هذه التسبحة الهوس الثالث نرددها كل يوم، أما في سبت النور فلها لحن رائع يردده حتى الأطفال الصغار وهم متهللين، يقولون سبحوه مجدوه، زيدوه علواً إلى الأبد رحمته، فهو المسبح، والمجد، والمتعالي علي الأدهار ، وإلى الأبد رحمته. سوسنة : إننا نردد هذه التسبحة كل يوم لأن الكنيسة تكشف لنا أن ظلم الأشرار حتى ولو صدر عن أباطرة وملوك، يحوّله الله إلى مصدر فرح وتهليل، لأن النار صارت للفتية كأنها ندى رقيق ولطيف رأى الامبراطور في النار الذي أعدها لحرق الثلاثة فتية شخصا يصاحبهم، قال عنه إنه شبيه بابن الآلهة يليق بنا ألا نخاف من أية ضيقة مهما كانت شديدة فالله يحولها لفرح قلوبنا ومجدنا الأبدي. صلاة ختامية وقفت الأسرة كلها للصلاة، وقام الفتى الصغير بالصلاة قائلاً نشكرك يا رب، لأنك مفرح قلوبنا بصليبك فرحت الطغمات السماوية، لأنك حطمت الهاوية ووهبتنا أن نتمتع بالفردوس لم نعد نخاف الموت، إذ نراك ترحب بنا وتدهش الملائكة أننا ننضم إليهم نعمتك تسندنا، حتى إن كنا في وسط النار نسبحك مع الثلاثة فتية القديسين نعتذر لك عن كل أخطائنا وشرورناهب لنا أن نتقدس ونتمتع ببرك ! بموتك تحوّل الراقدين في الهاوية إلى خورس للتسبيح نردد بالحقيقة مع الرسول بولس أقمتنا من موت الخطية وأجلستنا في بهجة السماوات. » أحببتنا، ونحن نشتاق أن نراك ! نعم، تعال سريعا أيها الرب يسوع. آمين. القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج
المزيد
27 يناير 2025

نظرة إنجيلية الحركات البتولية والرهبنة

التعرف على طريق خلاصنا كثيرًا ما يتساءل البعض: ما هو طريق خلاصي؟ هل أسلك في التكريس وأنا في العالم وأعمل للإنفاق على معيشتي؟ أم ألتحق ببيت للتكريس لأبذل كل طاقاتي ومواهبي لحساب ملكوت الله، ولا أرتبك بالتزامات مادية؟ أم أخدم في سلك الكهنوت أو سلك الرهبنة؟ أم أسلك في البتولية وأنا متزوج؟ أم أشهد لإنجيل المسيح وأنا متزوج ولي أسرة؟ لا يستطيع أب الاعتراف أن يختار للمعترف طريقًا مُعينًا، ولا يجوز له ذلك، ففي كل هذه الفئات يوجد قديسون، بل صاروا أشبه بملائكة الله، وأيضًا وجد من بين هذه الفئات من انحرفوا وهلكوا. ما يهم الشخص وأب الاعتراف هو أن يكون "إنسان الله" يليق بالمؤمن كما بأب اعترافه السعي نحو الجوانب الإيجابية وأيضًا التحذير من الجوانب السلبية وما يجب تأكيده أن المسيح نفسه هو الطريق الحقيقي المؤدي إلى الحياة (يوحنا ١٤: ٦)، فما يشغل المكرس ليس شكل الطريق فحسب، إنما هل يسير في رفقة المسيح؟ هل يراه في كل خطوة يخطوها أينما ذهب؟ ليس المهم الطريق المادي إنما الصراخ إلى الله أين أنت؟ عرفني الطريق إلى صدرك؟ أريد أن أتكئ عليه كيوحنا الحبيب حيثما تسير أذهب معك إن ذهبت إلى جبل التجلي أرى مجدك هناك وإن ذهبت إلى جثسيماني فاسمح لي أن أقترب إليك وأصلي معك هناك الصلاة الحارة وإن ذهبت إلى الإقرانيون فخذني معك لأحمل الصليب معك عند القبر الفارغ أختبر معك قوة القيامة أختبر سلطانك ونصرتك على الطبيعة يا ضابط الكل" ما يشغلني ليس أين أذهب إنما أن أكون في حضن مسيحي، الطريق الحقيقي المشبع لاحتياجاتي. الجوانب الإيجابية ١. أن يدرك المؤمن أنه مدعو أن يحمل أيقونة المسيح في أعماقه وأن يتشبه بالسمائيين، سواء كان كاهنا أو راهبًا أو بتولاً أو متزوجا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [يجب أن تتوقوا إلى السماء، والأمور التي في السماء، بل حتى قبل الدخول في السماء فقد أمرنا أن نجعل الأرض سماءً، وأن نتصرف ونتحدث في كل الأمور كما لو كُنا نتحدث هناك، بينما نحن على الأرض هذا أيضًا يجب أن يكون غاية صلاتنا التي نقدمها للرب فلا شيء يُعيق وصولنا إلى كمال القوى العلوية لأننا نقطن على الأرض إنما من الممكن حتى ونحن نسكن هنا أن نفعل كل شيء كما لو كنا قاطنين سلفا في الأعالي ] لم يكن هذا الحديث موجها للكهنة والرهبان والبتوليين فحسب بل لكل المؤمنين.ما جذب البشرية للإيمان المسيحي، أنهم رأوا الكنيسة اشبه بالسماء على الأرض. لقد تطلع القديس يوحنا الذهبي الفم إلى حركات الرهبنة في مصر فقال[ السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك ] وبهر القديس يوحنا كاسيان وغيره من رجال الغرب الذين جاءوا إلى مصر ورأوا البراري قد تحولت إلى فراديس مملوءة فرحًا عبر عن ذلك بقوله إنه إذ عبر من الإسكندرية حتى أقصى جنوب مصر، كان يسمع صوت التهليل يصدر عن الأديرة والقلالي والمغاير حتى تساءل: تُرى هل هؤلاء ملائكة نزلوا على الأرض أم أناس ارتفعوا إلى السماء؟! ٢. يدعونا القديس باسيليوس الكبير في القانون الثمانين من كتاب الأخلاقيات، أن ندرك سمات المسيحي ومركزه الحقيقي فنسلك بما يليق بنا خلال نعمة الله، أيا كان وضعنا في هذا العالم. فإننا تلاميذ المسيح، وقطيعه، وأغصان في الكرمة، وأعضاء المسيح، وعروس المسيح، وهيكل الله، وذبيحة الله، أبناء الله، نور العالم، ملح الأرض، ثابتون في الرجاء في الحياة الحقيقية، مؤتمنون على الشهادة للإنجيل، معلنون عن ملكوت السماوات نموذج وقانون للتقوى، كعين بالنسبة للجسد. فلا يستخف المؤمن بدوره، لأن نعمة الله تعمل به ما يبدو مستحيلاً. ٣. أن يسلك بروح الرجاء والفرح. يقول القديس أنطونيوس الكبير : [النفس دائما تتربى بهذا الفرح وتسعد به، وبه تصعد إلى السماء، فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي.] ٤. السؤال المستمر لله ما دمنا في الجسد : لماذا خلقتني؟ وما هي خطتك من نحوي؟ وكيف أُحَقِّقها؟ ٥- تكريس فترات صوم وصلاة ومطانيات لكي يقودنا روح الله القدوس إلى التمتع بشركة أعمق مع مسيحنا القدوس فنكتشف خطة الله لخلاص نفوسنا وخلاص العالم كله. الجوانب السلبية ١. أخطر ما في حياة المؤمن التذبذب بين طريق وآخر مع الشعور بالفشل كلما دخل طريقا وحسب أنه ليس من الله، مما يُسَبِّب له حالة من الإحباط. ٢- يلزم عدم الإنشغال بالمظهر والرسميات، متذكرين قول الرب لإيليا النبي: وقد أبقيتُ في إسرائيل سبعة آلاف، كُلُّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجِتُ للبَعْلِ وَكُلُّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلُهُ» (ملوك الأول ۱۹: ۱۸). هم خورس الأبرار المجهولين من الناس والمعروفين من الله. حتى اليوم يوجد كثيرون يعيشون البتولية الناجحة، والعالم لا يعرفهم. ٣- يلزم عدم تصيد الأخطاء للآخرين، والنظر إليهم أنهم أساءوا اختيار الطريق. الراهب هو ذلك الإنسان الذي لا يدع ضميره يلومه في أمر من الأمور (الأنبا أغاثون) القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
11 يناير 2025

قتل أطفال بيت لحم والهروب إلى مصر

بسبب ميلادك يا واهب الحياة للكل ذبُح الأطفال! فلأنك أيها الملك ربنا رب الملوك ستذبح،من أجلك في غباوة ذبح الطاغية رهائن! الحمام في هديره صار يتأوه،لأن الحية (هيرودس) أهلكت صغارها! الصقر طار إلى مصر لينزل فيها،وتتحقق المواعيد! فرحت مصر به أنه جاء، فترد له دينها الذي سقطت فيه مع أبناء يوسف لقد عاد لعمل ويسٌد الدين لأبناء يوسف مبارك هذا الذي من مصر دُعي! كان الكتبة يقرأون يوميًا أن كوكبًا يشرق من يعقوب،فكان لهذا الشعب الصوت والقراءة،أما الأمم فكان لهم ظهور النجم وتفسير النبوة! كانت لهم الأسفار أما نحن فصارت لنا الوقائع! كانت لهم الأغصان، أما نحن فلنا الثمار! كان الكتبة يقرأون فيما هو مكتوب،والمجوس رأوا ما قد حدث استضاءة النجم المقروء عنه! مبارك هذا الذي سلمنا كتبهم! حملق الطاغية في المجوس عندما سألوا عن ابن الملك،وبينما كان قلبه متكدرًا تظاهر بالفرح! أرسل مع الحملان ذئابًا حتى يقتلوا "حمل الله" أجابه المجوس "عندما ترسل معنا خدامك، يخفي النجم عنا لمعانه، وتختفي عنا طرقه"،دون أن يعلم المباركون أن الملك يريد إرسال أعداء ألداء قتلة،لهم صورة المتعبدين،حتى يفسدوا الثمرة الحلوة التي يأكل منها المر فيصير حلوًا! عندما تسلم المجوس وصية منه أن يذهبوا ويبحثوا عن الطفل،كُتب عنهم أنهم رأوا النجم اللامع وابتهجوا! وهكذا عُرف أنه كان قد اختفي عنهم، لذلك ابتهجوا برؤيته لقد اختفى النجم ومنع القتلة،ثم ظهر ودعا العابدين لقد ألقى بجماعة (المجرمين) وجاء بأخرى! مبارك هذا الذي أنتصر في كلى الجماعتين! كيف أفلت "الطفل" من الرجل الفظ الذي قتل كل الأطفال؟! لقد عاقته العدالة عن تنفيذ أفكاره بأن يعود المجوس إليه وبينما بقى منتظرًا أن يلقي القبض على المعبود وعابديه،أفلت الكل من يديه! هرب العابدون بتقدماتهم من الطاغية إلى ابن الملك المجد لذلك الذي يعرف كل المشورات! إذ نام المجوس الذين بلا لوم، تأملوا في فراشهم،وصار النوم لهم كمرآة، وظهر لهم حلمًا كنورٍ؛رأوا فيه القاتل فارتعبوا، إذ لمع أمامهم غدره وسيفه لقد علم الناس الغدر، وسن سيفه للقطع، أما "الساهر" فعلم نائميه مبارك ذاك الذي يهب حكمة للبسطاء! البسطاء الذين يؤمنون يعرفون مجيئين للسيد المسيح،أما الكتبة الأغبياء فلم يدركوا حتى مجيئًا واحدًا الأمم ينالون حياة من مجيئه الأول، ويقومون في المجيء الثاني! الشعب الذي أعمى ذهنه، تشتتوا بمجيئه الأول، وينزع بالمجيء الثاني! مبارك الملك الذي جاء وسيجيء! أعلن الأنبياء عن ميلاده، لكنهم لم يوضحوا تمامًا وقت مجيئه! لقد أرسل المجوس، الذين وأظهروا وقته لكن المجوس الذين عرفوا الوقت لم يكونوا يعرفوا من هو هذا الطفل فإذا بنجم عظيم في نوره يظهر بمسيره، من هو هذا الطفل؟! وكم كان نسبه جليلًا؟! مبارك هذا الذي عُرف بواسطتهم جميعًا! لقد احتقر (اليهود الأشرار) بوق إشعياء الذي تغنى بكهنوته! لقد أسكتوا قيثارة الروح التي تغنت بملكوته! وفي صمت عميق أغلقوا على الميلاد العظيم،فإذا بالأصوات العلوية تصرخ مع الأصوات التي من أسفل مبارك هو هذا الذي ظهر في وسط صمت عميق! الكتبة صمتوا في حسدٍ،والفريسيون سكتوا في غيرة،ومتحجرو القلب (المجوس) صرخوا مقدمين تسبيحًا! أنشدوا في حضرة "حجر الزاوية"، الذي احتقره (اليهود)،وقد صار رأسًا (للزاوية) صارت القلوب الحجرية لحمية بواسطة "حجر الزاوية"وصارت لها أفواه تسبح،إذ جاءت الحجارة تنطق أمام "حجر الزاوية"مبارك هو ميلادك الذي جعل الحجارة تنطق! القمص تادرس يعقوب ملطي عن كتاب من تسابيح الميلاد للقديس مار أفرام السرياني
المزيد
28 سبتمبر 2024

عيد الصليب المجيد طريق العريس السماوي

رأينا في عيد النيروز دعوة تقدمها الكنيسة لكل المؤمنين، بل ولكل البشرية بكل فئاتها كي ينضم الكل إلى موكب العرس السماوي. الآن إذ تلتهب قلوبنا شوقاً أن نكون أعضاء في العروس السماوية الممجدة، نتساءل: ما هو الطريق الذي نسلكه ونحن في صحبة العريس السماوي؟ تأتي الإجابة السريعة والفعالة: أن نحتفل بعيد الصليب، فنكون في صحبة المصلوب، نسلك فيه (كولوسي (٢: ٦) ونترنم عمليا : " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غلاطية ٢٠:٢). كيف تحتفل بعيد الصليب قيل عن السيد المسيح "من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مستهينا بالخزي" (عبرانيين (۱۲ :۲). يبدأ الاحتفال بأن تدرك غاية صلبنا مع المسيح، فتتهلل نفوسنا به وفيه ومعه، نصلب ونتألم لا لأنه حلت بنا ضيقة مصادفة كما يظن البعض، أو بسبب عنف الآخرين ضدنا، إنما ندرك أنه لا يحل بنا إلا ما يسمح به الرب وبسلطان منه فتلمس رعايته وحكمته وقدرته نشكره كصانع الخيرات ونسبحه ونصلي من أجل خلاص العالم، خاصة المضايقين لنا. يدعو القديس مار يعقوب السروجي جبل الجلجثة «جبل العرس» فقد علق العريس على الصليب ليقدم دمه مهرا لعروسه. لقد ركب مركبة الصليب وانطلق إلى الجحيم ليحرر مؤمنيه،وينطلق بهم إلى الفردوس هكذا يليق بنا ألا نركز أبصارنا على آلام الصليب، بل على أمجاده حيث تنعم بالمصلوب واهب الحياة المقامة كعربون للأبدية. عار الصليب وجاذبيته صليب ربنا يسوع في الظاهر عار، أما من يدرك جوهره فيجده جذابا للغاية تطلع إليه إشعياء النبي منذ حوالي ۷۳۰ ق .م فقال: «لا صورة له ولا جمال فتنظر إليه، ولا منظر فتشتهيه» (إشعياء ٢:٥٣). ويقول الرسول: ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة، واليونانيين جهالة (كورنثوس الأولى (۱ :۲۳) فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله (كورنثوس الأولى١ : ۱۸). الصليب ضعف وقوة يظهر المصلوب كمن في ضعف شديد قيل له في سخرية: «خلص نفسك وانزل عن الصليب » (مرقس ١٥: ۳۰) بينما وهبنا الصليب نصرة على الشيطان وقواته، إذ قيل «شهر بالرئاسات والقوات، ووهبنا الغلبة عليهم به »( كولوسي ۲ :١٥). بالصليب سخروا به، بينما بالصليب قدم ديماس اللص تسبحة مبهجة. بالصليب مات السيد المسيح بينما وهب المصلوب الحرية للأموات. بالصليب بكى تابعوه، وفي نفس الوقت خلص الذين في الجحيم. بالصليب حدث شعور بالعزلة، بينما تحققت مصالحة بين الآب والبشر وبين البشر وبعضهم البعض. بالصليب تعرى المصلوب، بينما جعل منا ثياب البر. بالصليب ابطال الكهنوت اللاوى واقامة كهنوت سماوي. القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
المزيد
14 مايو 2024

فترة الخماسين وفرح الأفراح

كثيرًا ما نربط الفترة ما بين الصوم الكبير وعيد الصعود، فنشعر أنها فترة انتعاش روحي أشبه بدينمو يولد فينا شوقا إلى رؤية الرب الذي يرافقنا رحلة حياتنا بآلامها وأفراحها ليرفع قلبنا وفكرنا إلى السماء . للأسف ويشعر البعض أن فترة الخماسين تتسم بالخمول. كم سررت حين قال لي أحد الأحباء: «أشعر بفرح شديد في فترة الخماسين، ولست أبالغ إن قلت إن حياتي فيها أكثر التهاباً بحب السماوي من فترة الصوم المقدس».المؤمن الذي في صحبة رب المجد يجد في كل مرحلة من مراحل هذه الفترة المتناغمة أنها فترة فريدة ، لها عذوبتها الروحية، ودورها في اتحادنا مع الرب، وتذوقنا لخبرة الحياة السماوية. وإني أود أن أبرز الارتباط بين فترة الصوم وفترة الخماسين المقدسة. . في فترة الصوم الأربعيني نشتهي أن نتشبه بموسى وإيليا النبيين اللذين مارسا الصوم الأربعيني فتأهلا للتمتع بالتجلي على جبل تابور (متى ١:١٧-١٣) . في فترة أسبوع البصخة، تهلل قلوبنا بمرافقتها للمسيح المتألم المصلوب الراقد بين الأموات والقائم ليقيم المؤمنين من موت الخطية مع سحق رأس التنين، الآن في فترة الخماسين تتهلل نفس المؤمن بصعود أعماقه كما إلى السماء. مع كل صباح نتذوق مراحمه الجديدة مراثي (۳ :۲۲) ونتغنى مع إرميا النبي «نصيبي هو الرب قالت نفسي (مراثي ٣:٢٤). نحسب كل يوم بداية جديدة لرؤية السماوي في أعماقنا ! خلال تداريب الصوم والمطانيات نقدم ذبيحة حب ومحرقة روحية للرب، فنشتهي أن نكون كإبراهيم الذي قدم ابنه الحبيب المطيع بسرور محرقة للرب. وفي فترة الخماسين نتذوق خبرة عمل روح الله القدوس الذي يصعد أعماقنا يوميًا فتنعم بالشركة مع الثالوث القدوس، ويصير العالم كله نفاية لنربح مسيحنا (فيلبي (۳ :۸) مع أبيه الصالح والروح القدس . فترة الخماسين ترمومتر روحي يكشف أن حبنا للرب يرفعنا فوق كل الشهوات الزمنية. الصوم يسندنا في البذل بسرور، وفترة الخماسين تهبنا خبرة فرح الرب، ننعم به، بل ونشتهي أن ينعم العالم كله بفرح الروح . تدعونا فترة الخماسين للتمتع بخبرة الرجاء المفرح. فإن كان الصوم يدعونا أن ترتبط بالإيمان لنسلك في الطريق، ففترة الخماسين تدعونا للارتباط بالرجاء، فنسر بالمتاعب من أجل الأبدية التي تعلن عمليا في داخلنا، حتى تبلغ إلى أورشليم العليا، مدينة الله الكلي الحب! تدريب عملي قبل كل صلاة يرفع المؤمن قلبه، قائلاً: «هب لي أن ينطلق قلبي وفكري وعواطفي إلى سماواتك». القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل