لماذا أنا مسيحى؟

28 يوليو 2019
Large image

المسيحية هي ديانة الكمال "قد أكمل "
"تم جميع «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ " (لو 44:24)
تمهيد:
المسيحية قد شهد لها الأعداء قبل الآبناء والأصدقاء بأنها أكمل وأعظم تعاليم السماء علي الأرض كما قال الزعيم الهندي "غاندي " وغيرة ممن قرأوا الإنجيل وتعرفوا عن قرب عن سيرة وأعمال الرب يسوع واكتشفوا مجالات عظيمة وكماله المطلق الذي به تفوق علي كل الأنبياء والرسل
ولم يستطيع علماء اليهود وكبار رجال دينهم أن يردوا علي تحديه لهم بقوله:" مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ " (يو 46:8)؟ بينما سجلت الكتب المقدسة أخطاء الأنبياء والخدام بكل جلاء في العهدين وذكرت ضعفاتهم أجمعين.
وفي الرب يسوع نري الكمال والجمال وعظمة الحب العملي وجليل الأقوال والأعمال التي لا تضارع وهو ما نناقشه بعد قليل للتدليل علي عظمة الإيمان المسيحي وكمال تعاليمه وعباداته وسمو رسالته وممارساته وحلاوة تقاليده وعاداته وفهمه السامي للفضيلة وكيفية تنفيذها وكشفه الواضح عن أسباب الشر والخطية وعلاجه الوحيد لنتاجها وآثارها الضارة علي النفس والروح والجسد وقد كسبت المسيحية الملايين من البشر ولا تزال تضم اليها –كل يوم – الكثيرين من كل العالم بالحب البازل وليس بالغضب أو بالعنف
(1) السيد المسيح هو المثال الكامل لكل الأجيال:
إنها دعوة للقارئ –ولكل نفس في هذا العالم –أن تتأمل في حياة وآلام الرب يسوع وكيف ألزمه حبه أن يأتي ليفدي البشرية الخاطئة – ويسدد الدين لكل خاطئ حزين كان مصيره المحتوم الهلاك هنا وهناك.
وعلي كل إنسان غير متحيز أن يعرف ما سجلته التوراة والإنجيل والقرآن عن السيد المسيح من صفات تفوق طبيعة عن السيد المسيح من صفات تفوق طبيعة البشر في الخلق وفي السلوك والخلق العظيم وكذلك كل ما نراه في حياته البسيطة وعدم تعلقه بأمور الدنيا الفانية مثل ميلاده من بتول متواضعة وفي مكان وضيع وعاش فقيراً في المال وغنياً بلا حدود في النعمة وفي البر والتقوي والفضيلة الجميلة وفي زهده في المأكل والمشرب والمسكن فلم يكن له – في الواقع – أين يسند رأسه كما أعلنه بنفسه (مت 10:8) ولم ينظر لمملكته أرضية ولم يأتِ السيد المسيح –كبقية أنبياء العهد القديم – مهدداً ومتوعداً الخطاة بهلاك محتوم بل جاء ليساعدهم وينتشلهم من وحلهم ويسامحهم علي عظم آثامهم ويشجعهم علي ضرورة سلوك طريق الفضيلة من جديد "وجاء طبيباً شافياً وليس قاضياً
وقد علم الرب – بالقول وبالعمل الفعلي -أن الخاطئ مريض يحتاج علاج لا عقاب لا توبيخ ولا تجريح ولا لوم بل صلاة وإرشاد وطبق السيد المسيح هذه السياسة علي كل من تقابل معهم من صرعي الخطية وأعطاهم الأمل في النجاة لو بدأوا معه سلوك طريق الحياة الجديدة. وها هو يتعامل بحب وبكلام رقيق جداً مع السامرية ومع المرأة الزانية ومع زكا القاسي القلب ومع بطرس بعد إنكاره له.وحتي مع يهوذا الذي خانه فلم يوبخه أو يعنفه بل كان مستعداً أن يقبل ضعفه وأن يصفح عنه لو تاب عن زلته ولكنه يأس من رحمة الله ففقد الحياة وأضاع أخراه مثل كثيرين جداً من الجلاء روحياً ومن المعاندين الأغبياء في كل زمان ومكان علي الأرض.
(2)المسيح أكمل الفداء كما قررته السماء وشهد به كل الأنبياء:
لا ينكر أحد أن الإنسان الأول قد أخطأ بإرادته وخالف وصية الله واستحق الشقاء والعقاب الأرضي والآبدي وإذا كان الله عادلاً جداً فهو أيضاً رحيم جداً وكيف تحل هذه المشكلة المعضلة؟وهل بسهولة يمكن أن يقول الرب لآدم "مغفورة لك خطاياك؟" وإن كان الله قد غفر له خطاياه – التي لم يتب عنها فعلاً –فلماذا طرده من الجنة الأولي؟ولماذا يعاني –مع ذريته –من نتائج وراثة ارض الخطية وآثارها الردية ويستحق الحكم العادل "بالموت "الهلاك الآبدي؟
وهو أمر عادل بسبب كسر قانون السماء والإساءة إلي قداسة الله الغير حدود لذلك فقد وعد الرب آدم بخلاصه وذريته من عبودية إبليس وسداد الدين الروحي الكبير الذي لم يستطيع أن يدفعه وها هو موقف "القاضي "العادل الذي قد يفاجأ ذات مرة بوجود ابنه –متهماً أمامه بالسلب والنهب –واقفاً في قفص الاتهام بلا مال ولا تعليل مقبول؟ لقد كان لابد أبد يحكم هذا القاضي علي ابنه المدين المسكين حسب قانون العدل الذي يطبقه ويقوم هذا القاضي بنفسه بسداد دين ابنه الثقيل جداً ويحرره من السجن الدائم ولهذا فقد طالب الأنبياء الرب يإنقاذهم من الهاوية التي كان يلقي بهم فيها الشيطان وجاء "إبن الرب "الذي بلا خطية ليفدي البشرية ويخرج أرواح مؤمني العهد القديم من سجن الجحيم ويفتح لهم أبواب الفردوسي انتظاراً ليوم الدين لدخول الملكوت مع المفديين في العهد الجديد الطائعين لوصايا الله ويدخله كل منهم حسب درجة عمله الروحي.وليس أمر الفداء وموضوع الخلاص من إبتداع المسيحية بل هو أساس التوراه ورموز ذبائجها القديمة التي كان يقر ويعترف الخاطئ بذنوبه علي رأسها وتذبح في الهيكل فداء عنه لأنه " وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! " (عب 22:9) وأكد الرب يسوع – في عدة مناسبات –علي أنه جاء خصيصاً لإتمام فداء الإنسان وأعلن ذلك مراراً لرسله وأصر لي إتمام هذا المشروع الروحي رغم إعتراض القديس بطرس عليه (مت 22:16) وخلال أكله خروف الفصح مع رسله مساء خميس العهد –أعلن لهم عن بدء المسيرة –نحو جبل الجلجثة –حيث يتم صلبه وقال لهم بوضوح "ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ (مر21:14) ولكي تكمل نبوات الكتب (العهد القديم "وكان القديس مار متي الإنجيلي البشير يدعم ما سجله من سيرة وأعمال السيد المسيح بنصوص كثيرة من التوراة وأقوال أنبياء العهد القديم ويكتب ويقول كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ..ألخ (مت 22:1،:5) ولكي يتم ما قيل بالأنبياء..الخ (مت 35:13) ويذكر لنا القديس مار يوحنا الحبيب أنه حينما إلتقي الرب يسوع بالمرأة السامرية الخاطئة – لكي يخلصها وشعبها – حضر إليه تلاميذه –حاملين الطعام الذي اشتروه –وطلبوا منه أن يأكل معهم فأعن –له المجد –أن له هدفاً أهم جداً من طعام أو شراب الجسد وقال لهم عنه:طعامي (الهدف الذي يشبعني) أن أعمل مشيئة (الآب) الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. (يو 34:4) وسجل لنا القديس لوقا الإنجيلي ما نصه وحين تمت الأيام لارتفاعه (علي الصليب)ثبت (المسيح) وجهه (هدفه) لينطلق إلي أورشليم " (لو 51:9) استعداد للآلام وإتمام الفداء العجيب علي عود الصليب كما يذكر القديس لوقا البشير أنه قبل القبض عليه جاء بعض اليهود لكي يبتعد عن أورشليم حتي لا يقتله هيرودس الملك الجبار والمكار فقال لهم المخلص بكل شجاعة: «ﭐمْضُوا وَقُولُوا لِهَذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَداً وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ. (لو31:13-32) ويروي القديس مار متي أنه عندما مضي يسوع إلي بستان جسيماني (شرق القدس)وجاء يهوذا الاسخريوطي (تلميذه الخائن) مع جمع كثير من الجنود بسيوف وعصي لقيض عليه وتقديمه للمحاكمة لم يوافق السيد المسيح علي تصرف القديس بطرس عندما إندفاع بسرعة –وقطع أذن عبد رئيس الكهنة بسفه –فأبرأه بحبه العملي وأعلن للرسول بطرس أنه كان في استطاعته أن يطلب فوراً إثني عشر جيشاً من الملائكة لإبادة كل بني إسرائيل وكل قوات الرومان ولم يفعل بالطبع لأن ذلك سوف يفسد هدفه في الموت عن البشر وإنما خلاصهم ثم قال له المجد لبطرس متسائلاً "فكيف تكمل الكتب " (تتم نبوات الهد القديم): أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟ (الفداء) (مت 54:26) ثم أعلن المخلص لمن جاءوا إليه من الجنود –وغيرهم – أنه كان من السهل عليهم أن يقبضوا عليه في الهيكل أثناء تعليمه للناس هناك ثم أضاف قائلاً: "وأما هذا كله (القبض عليه) فقد كان لكي تكمل (نبوات) كتب الأنبياء " (مت 56:26) وكان يسوع له المجد قد تنبأ لبطرس الرسول عن إنكاره له – أثناء محاكمته الغير قانونية والظالمة ليلاً –قبل أن يصيح الديك (وهو ما حدث فيما بعد رغم إصرار القديس بطرس أنه لن يفعله ويدل علي علم الله في المستقبل) وقد أكد الرب علي أنه سيصلب مع لصين مجرمين وقال لرسله:لأني أقول لكم:أنه ينبغي أن يتم في أيضا هذا المكتوب (أش12:53) وأحصي مع أثمة (لو 34:22،37) وفي صلاته الشفاعية والوداعية – عن تلاميذه وعن كل شعبه ليلة صلبه طلب المخلص من الآب –أن يفيض عليهم بالروح القدس المعزي ثم قال له "العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكلمته " (4:17) وسجل القديس يوحنا الإنحيلي – كشاهد عيان –أنه قبل صلب الفادي إقترع الجنود الرومان علي من يأخذ ثيابه؟ وعلق البشير علي هذا العمل بأن هذه اقسمة كانت مكتوبة (مز 18:22) وبذلك تمت في حينه (يو 24:19) وكذلك علق القديس علي عدم كسر الجند ساقي السيد المسيح بعد موته علي الصليب بأنه "لكي يتم هذا أيضا كما هو مكتوب " (مز 18:22)... (يو 36:19) وبعد ما تم صلب الحبيب علي عود الصليب قام بالإهتمام بأمه البتول "مريم " بتسليمها للقديس يوحنا الحبيب لتعيش في بيته بأورشليم وقد قبل هذا الكنز الروحي العظيم وسجل لنا في إنجيله ما يلي "بعد هذا رأي يسوع أن كل شئ قد كمل..وقال "قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح " (يو 28:19-30) وبذلك كمل الفداء والخلاص لكل الناس ولكل من يقبله فادياً خاصاً له وبعد صعود السيد المسيح إلي السماء تحدث القدس بطرس الرسول مع زملائه الرسل الإحدي عشر عن خيانة وموت يهوذا الأسخريوطي وقال:"كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقال بفم داود عن يهوذا.. (مز 9:41)..." (أع 16:1) وخاطب القديس بطرس اليهود أورشليم شارحاً لهم مجئ الخلص الحقيقي وهدف صلبه ثم قيامة حيا بقوة ذاته ثم قال:"والآن –أيها الأخوة – أنا أعلم إنكم بجهالة عملتهم – كما رؤسائكم أيضا وأما فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه (أع 1:3-7) وشرح القديس بولس الرسول لليهود المجتمعين في مجمع إنطاكيه بسيديه (بآسيا الصغري) كل ما تحدثت عنه نبوات العهد القديم من أن السيد المسيح الذي جاء، وصلب وقام من الأموات هو نفسه:" الذي يأتي من نسله داود حسب الموعد " (مز 11:132) وأضاف قائلاً لهم:"ولكن رؤساء الكهنة في أورشليم تمموا أقوال الأنيباء التي تقرأ – كل سبت – إذ حكموا ليه ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة (فيه) للموت طلبوا من بيلاطس (الوالي) أن يتقبل ولما تمموا كل ما كتب عنه (في العهد القديم) أنزلوا عن الخشبة (الصليب) ووضعوه في قبر ولكن اله (الآب)أقامه من الأموات "واستطرد الرسول قائلاً:"ونحن نبركم بالموعد (الوعد)الذي صار لآبائنا أن الله قد أكمل هذا الفداء)لنا نحن إذ أقام يسوع كما هو مكتوب..الخ " (أع 1:13-34). وفي رسالته إليإلي العبرانيين قال القديس بولس الرسول عن الفادي العظيم " مَعَ كَوْنِهِ ابْناً (لله)تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. 9وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ(يقبلون دعوته) (عب 9:5) وبعدما ذكر لهم سلسلة من أبطال الإيمان من أنبيائهم القدامي ونماذج من عذابات إخوتهم شهداء العهد الجديد (عب 11) دعا الكل إلي التمثل بهم في إيمانهم (عب 7:13) وعلي رأسهم " رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. الخ (عب 12) وهكذا صار القديس بولس لرسول في جهاده إلي النهاية (من أجل إتمام الخدمة ونشر كلمة الخلاص)علي درب الصليب مثل بقية الرسل والخدام المجاهدين –وأعلن لتلميذه الأسقف تيموثاوس (اسقف أفسس) في رسالته له قبل استشهاده في روما بعد قليل (67م) قائلا:"فإني الآن أُسكب سكيباً ووقت إنحلالي قد حضر للرحيل من العالم للفردوس) قد جاهدت الجهاد الحسن –أكملت السعي الجهاد في نشر كلمة ملكوت الله علي الأرض حفظت الإيمان (سليماً) وأخيراً وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي –في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبونه عند ظهوره (مجيئه الثاني أيضا" (2تي 6:4-8) وختاماً لهذه النقطة نذكر أن الرب يسوع –له المجد قد أظهر للقديس يوحنا البشير بعض أمجاد أورشليم السمائية المعدة للمؤمنين المفديين ثم أعلن له ما سجله الإنجيلي في رؤياه ما يلي " «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. " (رؤ 1:21-6) وبالطبع لا قبلة لولا بعده كمال لما فعله الفادي في الدنيا وما أعده أيضا لأولاده في السموات من ملكوت أبدي سعيد وكامل وشامل
(3) كمال التعاليم والأقوال:
أعظم وأكمل تعليم في العالم ذاك الذي قدمه الرب يسوع للعالم وبهتت به الجموع (مت54:13) وقد طور يسوع مفاهيم الشريعة القديمة ليصل بها إلي حد الكمال المطلوب كما قال لسامعيه علي الجبل "«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. " (مت 17:5) وهكذا أوضح الرب في تعاليمه العظيمة من هم المطوبون من الله في دنياه وسماه – وعنكيفية البعادات والمماراسات الروحية ليس بالفرض أو الحبر والإلو\زام بل بمقاس الحب والإتضاع والخفاء والعمق: إن كنتم تحبونني فإحفظوا وصاياي (يو 15:14) وبعيداً عن المظهرية والسطحية والطقوس الجامدة ووضع مفاهيم جديدة للحب ليس علي أساس الأنانية بل الامحبة القائمة علي البذل والتضحية:ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو 13:15) وقدم المعلم الأعظم المثال العملي للحب المثالي بالصليب والرحمة والإتضاعي الحقيقي بغسل أرجل تلاميذه وغفرانه لمن عذبوه وصلبوه وعندما إمتنع القديس الشهيد يوحنا المعمدان عن تعميده بسبب عظم قدره ومركزه الإلهي طلب منه الفادي بكل إتضاع أن يسمح له بالعماد (مثل باقي الناس الخطاة) وقال إسمح الآن لأنه ينبغي بنا أن نكمل كل بر (مت 15:3) كما قدم تعليمه للناس في قالب تربوي صالح لكل المستويات ويقوم علي أساس ذكر الأمثلة المستمدة من البيئة المحلية ثم شرحها بعمق أكثر – لتلاميذه الأخصاء وعلم بأن العظمة الحقيقية لا تكمن في السلطة والغني والمال ومناصب العالم وإنما في الإتضاع والمسكنة بالروح والخدمة (مت 19:5) وبساطة الأطفال وفي الصفح عن الإساءات وتقديم الخير للغير والصلاة من أجل المسيئين وضرورة "تنقية القلب " من دنس الخطية وعدم تعلق المؤمن بالله في نفس الوقت وفي نفس المجال كانت دعوة السيد المسيح إلي الكمال الحقيقي بعدم إنشغال المرء أكثر من اللازم بمحبة العالم إذ طلب له المجد من شاب غني كتدين أن ينمو أكثر في طريق الكمال الروحي بنبذ محبة المال ولكنه كان غير حكيم بما فيه الكفاية لأنه ظل يفضل عطايا الله عن رضاه فعاش حزيناً رغم توفر الأمور لديه (لو 16:19-22) بينما نما البقديس أنطونيوس في طريق الكمال الروحي مبتدئا بتوزيع كل ثروته علي المحتاجين ومكرساً قلبه ووقته للعبادة والجهاد الروحي وخلاص الآخرين أيضاً فنال الملكوت السعيد وإدانة النفس بدلا من إدانة الغير وطلب الحكمة واقتناء النفس بالصبر والإيمان واعتبار الألم "بركة عظمي (فيلبي 29:1) كما تضمنت تعاليمه مفاهيم سليمة للملكوت الآبدي القائم علي أساس روحي في عشرة الرب وملائكته وشهدائه وقديسيه وخدامه الأمناء وليس متع جسدية وأعلن أن التعاليم الدينية والتأملات الروحية تنير الذهن وتهذب القلب وتعين المؤمن علي الوصول إلي الحياة الفضلي وإلي الكمال الروحي أي النمو الروحي التدريجي بوسائط النعمة المختلفة "إلي ملء قامة المسيح " (أف 13:4) الوصول إلي درجة ممتازة من النمو في النعمة بالنعمة والجهاد الوحي ومن تعاليم الفادي التأكيد علي الحياة الروحية المعتدلة والتوازن بين مطالب الروح والجسد وبين العبادة والعمل مع أفضلية التكريس بالطبع والتأكيد علي خطورة العثرة علي النفس والغير وأهمية القدوة الصالحة للصغار والكبار وخطورة العثرات وضرورة السلوك بضمير صالح أمام الله والناس (أع 1:23) أي السلوك بأمانة حتي الموت (رؤ 10:2 وفي كافة الظروف وفي كل شئ القليل والمثير أي أمانة نحو الله ونحو النفس السعي لخلاصها وأمانة نحنو الأسرة ونحو الكنيسة وطقوسها وإيمانها المسلم مرة من القديسين وأمانة الإنسان أيضا في ماله وفي عمله وفي علاقته بالآخرين..الخ وقامت تعليمة العظيمة علي الإيمان والأعمال الصالحة معاً والتأكيد علي غربة الإنسان في الدنيا وضرورة الإستعداد للرحيل المفاجئ منها والتدرب علي الجدية وعلي قبول الوضع الصعب وفهم طبيعة الحياة والناس كبشر ضعفاء ومفهوم القوة في الحب وليس في الضرب وأن العنف ضعف وتتركز تعليم الكمال علي ضرورة حدوث التغير الداخلي عن طريق تغيير الفكر بتجديد الذهن (رؤ 2:12 أف 23:4) لا بتجديد الثياب (المظهر الخارجي)والتلمذة الدائمة لإكتساب الخبرة والعلم الجيد من رجال أمناء كما يعلمنا المخلص أنه ينبغي حل المشاكل بالمناقشة المنطقية الهادئة القائمة علي الإقتناع بالأدلة بدلا من الغضب والثورة أو العاطفة الهوجاء التي تدل علي الجهل المطبق متمثلين في ذلك بالري يسوع الذي كان يقدم الدليل الملموس والمثال الواضح الذي يقنع الغير ويقود إلي قبول لرأي الآخر وإلي حلول السلام في النهاية وغير ذلك من التعاليم العظيمة التي تضمها الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد التي ندعو الآن كل واحد لدراستها بتأمل وعمق ورغبة في الإستفادة الفعلية وحتماً سيجد فيها متعة ونعزية وعلماً نافعاً للنفس والروح والجسد ويشير القديس يعقوب الرسول إلي أن السيد المسيح "قد أعطانا الناموس الكامل ناموس الحرية " (يع 25:1) فهو الوحيد الذي يمكنه أن يحرر المرء من شهواته ومن خطاياه ويمتعه بالنمو بعد التحول من حياة النجاسة إلي حياة القداسة ويؤهله لفردوس الموعود كما يقول القديس بولس "أعد لنا المسكن الأعظم " (عب 11:9) علما بأن تعاليم المسيح توضح أن العبودية الحقيقية هي في سيطرة الخطية والعادات الردية علي الخاطئ الذي يسمع الصوت إبليس ولأعوانه من أصدقاء السوء ومن وسائل الإعلام العالية الفاسدة والمغرضة فإلجأ إليه تجد المساعدة لديه
وللحديث بقية

عدد الزيارات 1708

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل