لماذا أنا مسيحى؟الجزء الثانى

29 يوليو 2019
Large image

(4) كمال الأعمال الربانية:
صحيح إن الهدف الرئيسي لمجئ السيد المسيح للعالم ليس هو عمل المعجزات من شفاء مرضي أو إطعام الجموع من سمكتين وخمس خبزات وغير ذلك وإنما الموت عن الخطاة كما قلنا سابقا وأن أعماله الجليلة التي سجلت الأناجيل عدد محدوداً منها قد أكد لنا حبه وأنه هو نفسه الله الخالق (عيون للأعمي) وفي إقامة الموتي بالأمر وهوالشافي لجميع الأمراض حتي تلك التي يصعب علي الطب شفائها حتي الآن وهو المسيطر علي الطبيعة الحية والجامدة انظر كيف أسكت هيجان البحر بالأمر وسار علي الماء وصعد وحده إلي السماء (بعكس قانون الجاذبية)..الخ وأراح التعابي وبإختصار إن أعمال السيد المسيح كلها إعجاز ولم يأت أعظم الأنبياء بمثلها أو بعددها أو بطريقة عملها كما كانت للرب يسرع سيطرة (سلطان) علي الشياطين طرد الأرواح النجسة بكلمة منه) ومعرفته الغيب وأسرار وخفايا القلوب وأفكار ونيات الناس والتنبؤ بما سيحدث قبل نهاية العالم وأعلن بعض ما في السماء من أمور مخفية عن البشرية وهو ما إعترف بع الأعداء قبل الأصدقاء وقد قال المخلص للناس "إن الأعمال –التي أعطاني الآب لأكملها –هي الأعمال هي بعينها التي أنا أعملها وهو مستعد أن يعملها لكل من يطلبها إذا ما توقفت مع مشيئة الله الصالحة (أو لأجل شفاعة ملائكته وقديسيه وشهدائه أيضاً) ولهذا تم تطويب كل من رآه بالجسد وسمع منه بالأذن لأن أنبياء وأبراراً كثيرين –في العهد القديم –كانوا يشتهون ويتمنون رؤياه –له المجد –ولم تتح لهم الفرصة الذهبية لإتمام مثل هذا اللقاء العجيب (مت 16:13-17) ومع ذلك يسمح الرب بلقاء كل نفس مؤمنه به وتشتاق إليه الآن ويعمل الروح القدس في النفس فتستطيع أن تعمل أعمال عجيبة وتثمر عملاً صالحاً باراً وتحتمل الألم الشديد..الخ لأننا بدونه لا نستطيع كل شئ أن نفعل شيئاً (يو 5:15) "وأستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني " (في 13:4) فهو يسند الضعفاء ومعين لكل من ليس له معين وهو الوحيد الذي يقول لكل الأجيال "تعالوا إلي يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم " (مت 28:11) ويقول أيضا لكل ضال:"كل من يقبل إلي لا أخرجه خارجاً (يو 37:6) وهو ما لم يستطيع أن يقوله أي نبي أو رسول أرسله
(5) أعطانا المسيح الفرح الكامل:
في ليلة الصلب تحدث الرب –بصراحة عما سيجابهه تلاميذه وخدامه من الآم شديدة من من أجل الإيمان بعد رحيله عن العالم ولكنه وعدهم بإرسال الروح القدس المعزي لهم من اعند الآب لكي تمتلئ به النفوس المؤمنه وتتمتع بمواهبه الهامة لنجاح الخدمة ولتستفيد بثماره الكثيرة من محبة وفرح وسلام وطول أناة وصلاح ولطف وبر ووداعة وتعفف ومزيد من الإيمان (غل 22:6-23) وكان له المجد قد قال لهم من قبل أنه يرسلهم للخدمة أنهم كغنم وديعة وسط ذئاب مفترسة ولن يخافوا لأن الراعي الصالح سيكون معهم ويدافع عنهم فمتي أسلموكم للمحاكمة فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم (الروح القدس) الذي يتكلم فيكم " (مت10) وأعطي الرب يسوع أولاده الطمئنينة وقال:لا تضطرب قلوبكم..في بيت أبي منازل كثيرة (درجات) كثيرة أنا أمضي أعد لكم مكاناً وإن مضيت وأعددن لكم مكانا آتني وأخذكم حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً ولكنني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم " (يو 17:14) وهكذا تمتع أولاد الله بفرح روحي داخلي دائم من عمل الروح القدس في النفس وهو يختلف عن فرح العالم المادي والمؤقت والذي يتذبذب حسب الظروف وخير دليل علي ذلك أنهم تعرضوا للتعذيب علي أيدي الرومان بنحو أربعين نوعاً من العذابات البدنية والنفسية التي لا يستطيع أن يتحملها البشر ولكن الرب اذي لم يمنع عنهم بركات الألم وقف بجوارهم وسندهم وعزاهم حتي أنهم كانوا يندفعون إلي أقصي الولاة لإعلان الإيمان والإلحاح عليهم أيضا بتعذيبهم حتي موتهم لأن الروح القدس عزاهم جداً وأعطاهم عربون الحياة الآبدية في الدنيا وهو ما لا يوجد في أي دين آخر علي الأرض

وهو ما أوضحه السيد المسيح في صلاته الشفاعية وقال "أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك..ليكونا واحداً كما نحن..ليكون لهم فرحي كاملاً فيهم..لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير..أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلي واحد" (يو 17) وقد تم وعد الله وانسكب الروح القدس علي كل المؤمنين من الجنسين يوم الخمسين وفرح الرسل بالآلام والسلام كما سجله القديس لوقا في سفر أعمال الرسل وقال "دعوا الرسل وجلدوهم وأما هم فذهبوا فرحين –من أمام المجمع –لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه وكانوا لا يزالون (رغم كل هذه الآلام) كل يوم في الهيكل وفي البيوت –معلمين ومبشرين بيسوع المسيح (أع40-42) والمؤمن الحكيم لا يتعقد من الظلم ولا من الاضطهاد ولا من المعاناة من أجل إيمانه وأمانته بل يفرح جداً بكل بركات الألم وسيسند الروح القدس كل نفس تتألم ونشكر الرب وتدعو للظالمين بالخلاص من ظلمهم (لا أن تدعي الرب للإنتقام منهم لأنهم مرضي بالروح وفي حاجة علاج لا عقاب
(6) أعطانا الأسرار المقدسة الكاملة والمكملة:
من أعظم نعم الله التي تتميز بها المسيحية عن غيرها تمتع المؤمنين بها "بأسرار الكنيسة السبعة "ونتائجها العظيمة للنفس والغير وعلي رأسها سر المعمودية حيث يولد المسيح ولادة جديدة من الماء والروح ويتخلص من الخطية "الجدية التي ورثتها ذرية أدم كمرض روحي وهي الديانة الوحيدة التي تقدم العلاج الحقيقي لهذه المشكلة الروحية وفي سر التوبة يجلس الخاطئ مع جلسة مصالحة طالباً رحمة الله ثم يتقدم بإيمان تام إلي المستشفي الروحي (الكنيسة) حيث يلتقي التائب مع الرب يسوع طبيب الروح والجسد فيسكب أمامه دموعه ويعلن توبته الحقيقية وندمه الشديد عما فعله وبصلوات الكاهن يرحمه الله من كل آثامه وذنوبه وشروره وخطاياه ثم يتقدم للتناول من السر الأقدس دواء وشفاء وعزاء للنفس ويشتعل الروح القدس فيه بالأكثر بممارسة باقي وسائط الخلاص من صوم وصلاة وعطاء وخدمة وقراءات روحية ومطانيات وتسبيح وترنيم وتأملات..الخ فيزداد فرح النفس وتتقدس وربما تتكرس لخدمة الرب والشعب في سر الكهنوت المقدس أو الوحدة بالبرية أو يقدس نصف الوقت للعبادة والخدمة مع العمل لطعام الجسد ويمكن للمريض الجسدي أن يدعو رجل الله لكي يعترف بخطاياه ويشفيه الله منها ومن مرض الجسد بصلاة مسحة المرضي إذ رأته عناية الرب أو علي الأقل يتمتع المريض بالإنعتاق من عبودية الخطية وهو الأهم من كل مرض للجسد الترابي وترتفع المسيحية بقمة الكمال والجمال في سر الزيجة المقدس الذي به تقام أسرة مسيحية مؤسسة علي صخرة المسيح ولا تتأثر بمتاعب الدنيا الكثيرة إذ يربط الروح القدس بين الشريكين برباط المحبة والإخلاص والوفاء والأمانة وغيرلاها من الفضائل المتميزة بها الأسرة المسيحية وتقوم الأسرة المسيحية علي أساس وجود المسيح في البيت المقدس والمكرس للعبة والحب للرب لأنه "حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمي هناك أكون في وسطهم (مت 20:18) ولذلك يتم اختيار الشريك المبارك الممتلئ نعمة والذي له علاقة قوية بالله وبكنيسته والمرتبط باجتماعاته وخدمته (بالوزنة المعطاه له من الله) وتكون الشريكة "الأمينة "معينة لزوجها كما حدده الله للإنسان منذ بدء الخلق وتشاركه كل أفراحه وأحزانه ويتقاسمان معا متاعب الدنيا فتخف أثقلها (جا 9:4-12) ولا تتكون زيجة مسيحية سليمة علي أساس مادي جسدي أو جنسي فقط كما يفعل أهل العالم لأنها ستكون حتما مثل بيت مبني علي الرمل يسط بسرعة وبسهولة متوقعة من أول تجربة صعبة (مت 27:7) وبندم الشريك ولكن لا ينبغي له أن يلقي بالمسئولية علي الله فالزواج ليس قسمة ونصيب كما يزعم البعض بل هو إختيار بحكمة ويطلب النعمة وبمشورة القريب والغريب وسؤال الرب وخدامه والبحث والإستقصاء –لفترة طويلة قبل وبعد مشروع الخطبة ولا يلومن أحد سوي نفسه كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم
وتبلغ الأسرة كمالها وجمالها بتفيذ مفاهيم وتعاليم المسيح السليمة
عن الحب الروحي والمضحي وعن مساندة الشريك للضعيف الآخر وعن عدم التخلي عن الشريك المريض بالروح أو بالجسد والصلاة من أجله إلي أن يسترد صحته الروحية والجسدية وأن تدنيس الرباط المقدس يكون بدخول طرف شرير ثالث بينهما وهو السبب الرئيسي (الخيانة)لفصم عري هذا الزواج المقدس علاوة الزنا الروحي بترك أحدهما الإيمان المسيحي عندما يغوي إبليس طرفا ً ضعيفا ً روحيا لبيع مخلصه بغباء من أجل لذة عابرة وغيرها من أمور العالم الفاني ويندم الغبي إلي الآبد ولا يمكن منطقياً لمن يغضب الرب ويترك أو يخالف شريعة الكمال أن يشعر براحة بال بسعادة حقيقة بأية حال من الأحوال وهو أمر مؤكد للكل وأسألوا المجربين البين عن الله ووصاياه
الخاتمة:
والخلاصة أن المسيحية الجميلة بما فيها من سمو في الروحيات وفي الإجتماعات والصداقات الروحية وفي التعاليم العظيمة هي حقاً ديانة الجمال والكمال ومن يشك في هذا المقال عليه أن يدرس كتابها وما يحتويه من أقوال وأفعال تدعو للسعادة الحقيقية والأستقرار والهدوء والسلام النفسي والاجتماعي أيضا وهو ما إخترته الملايين ووصل أتباع هذا الدين العظيم إلي نحو من ثلاثة مليارات من سكان عالمنا المعاصر ويزدادون كل يوم بعمل الروح القدس في كل نفس تؤمن وتعتمد وتخلص
وختاماً تعلمنا الكنيسة القبطية في صلوات (ومزامير الساعة الأولي من النهار (صلاة باكر بالأجبية) كيف يومنا بكل آلامه وآماله وكيف نتعامل مع الناس ومختلف الأجناس بتلك الكلمات الجميلة التي نطق بها الروح القدس علي لسان القديس بولس وقال
"أطلب إليكم أن الأسير في الرب (في سجن روما أجل الإيمان) أن تسلكوا كما يحق للدعوة " (المسيحية التي دعيتم بها بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة مجتهدين (مسرعين تحفظوا وحدانية الروح برباط سلام "
وليتنا نستمع بالأكثر ونستمع بتلك أيضا الوصايا الجميلة والكاملة:"لا تسلكوا فيما بعد كما يسلك سائر الأمم (الأشرار) ببطل ذهنهم إ هم مظلمو الفكر ومتجنبون (بعيدون) عن حياة الله (المقدسة) لسبب الجهل الروحي)الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم
"لا يسرق السارق والعاطل فيما بعد بل بالحري يتعب (يكسب العيش) عاملاً الصالح بيديه (لتوفير المال) وليكون له أن يعطي من له احتياج "
"لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم بل كل ما كان صالحاً للبنيان (لا للعثرة) كي يعطي نعمة للسامعين ولا تحزنوا روح الله القدوس
" لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. (لؤم أو مكر) وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ. فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاَللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، 2وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً (لخلاصنا) وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً. " (أف 5-4)

عدد الزيارات 1359

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل