يوم الثلاثاء من الأسبوع الثالث (یو ۸: ۳۱- ۳۹)

11 مارس 2025
Large image

فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ تَبْتُمْ فِي كَلَامِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاميذي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ تُسْتَعْبَدُ لأَحَدٍ قَطُّ كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟» أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الْابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً. أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لَكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلَامِي لَا مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ : أَبُونَا هُو إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلَادَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ!]
ما الذي تفعله الخطية؟
إنجيل هذا الصباح يحمل قضية الإنسان العظمى، الأولى والأخيرة قضية الخطية: «من يعمل الخطية فهو عبد للخطية». سنتكلم هنا عن كيف تستعبد الخطية الإنسان، وكيف يصير الإنسان خاضعاً كسيراً مقهوراً تحت سلطانها. سنعبر عليها درجة درجة
الدرجة الأولى: حينما يخطئ الإنسان الروحي لأول مرة يحس أن الخطية غريبة عليه، ويبدأ الضمير يشهد ضده. يضطرب قلبه تضطرب نفسه، يشعر أن عنصراً خطراً دخل فيه. ثم بعد أن يقع الإنسان في أول خطية، في الحال. يحس بشعور الذنب هنا الخطية أعلنت عن نفسها بمنتهى الصراحة، كما أعلن الله نفسه أيضاً بمنتهى الصراحة. إذ يشعر الضمير أنه قد اقترف التعدي. وهنا يُبرئ الله ذمته من الإنسان، ليبدأ الإنسان يدخل مجال الخطية بإرادته.
الدرجة الثانية: تبدأ الخطية تستقر في أعماق الشعور، أي العقل وما يتبعه، أي الإنسان الباطن غير الواعي تبدأ الخطية تعيش في الإنسان كغريب ولكن مقتحم أعطني له الفرصة أن يدخل البيت رسمياً وبأمر من الإرادة وبموافقة من النفس والعقل ، فهو صحيح غريم خطير ؛ ولكن في يده تذكرة دخول لا يستطيع الإنسان أن يحتج، فإرادته الحرة هي التي سمحت لها بالدخول.
الدرجة الثالثة: تبدأ الخطية تنطبع في الإنسان قليلاً قليلاً، لدرجة أننا نطلق على الإنسان اسم الخطية، وكأن الخطية صارت جزءاً لا يتجزأ من طبيعته. الإنسان العظيم الذي على صورة الله أخذ اسم الخطية بكل مسمياتها الكريهة، فهذا سارق، وهذا زاني، وهذا مغتصب. يا إلهي وهكذا ترتفع الخطية على الإنسان وتستحوذ على أثمن ما في داخله وما في خارجه.
الدرجة الرابعة هي المعركة الحاسمة : حيث ينتبه الإنسان لحاله الرديء بأي طريقة من الطرق عظة كلمة روحية نصيحة ناصح، أو حتى من ضميره. يحس بالفارق فيما كان وفيما صار إليه، يحس باحتقار الناس له، ولكن بالأكثر يحس باحتقاره لنفسه في نفسه، هذا أمر صعب جداً. وفي الحال يفكر بعزم أن يقاوم. ولكن، إذ به يتكشف له، ولأول مرة في حياته، أن الخطية تحصنت داخله وعملت لها سراديب داخل نفسه وشعوره ولا شعوره داخل الأعصاب والعواطف والمشيئة، وإذا بها متسلحة به ضده.
يستجمع إرادته؛ يلقاها متآكلة يستنفر قواه النفسية فلا يجدها، ويكتشف أن الخطية كانت هي اللص الذي اعتاد الدخول فعرفت خفايا البيت، وتسلحت بأسلحة صاحب البيت تسلحت بالإرادة ضد الإرادة، وبالفكر ضد الفكر، وبالنفس ضد النفس، وينقسم الإنسان على ذاته، ولا يبق له إلا الخراب في الخراب وتكون النتيجة أن كل محاولاته تبوء بالفشل وتزيده سقوطاً في الوحل.
حصر التلفيات، ماذا صنعت الخطية؟
الخطية فعل سلبي، والأفعال السلبية حينما تتكرر، تعمق وتحفر داخل الإنسان الطبيعي لتشوه صورته الطبيعية وتعطيه صورة غير طبيعية، ويكتشف الشخص الأضرار:
أولاً النفس: تصبح نفساً منحرفة لا تسير في مسارها المستقيم، بل تنحرف ذات اليمين وذات الشمال.
ثانياً الإرادة كل مرة يخطئ فيها الإنسان بإرادته أو بجزء من إرادته تلتهمه الخطية ويصير تابعاً لها، ومرة وراء مرة تبتدئ الإرادة تتهرأ وتنحاز إلى الخطية.
ثالثاً الأعصاب الأعصاب مخلوقة في الإنسان لتعمل على مستوى الطبيعة الإيجابي، ولكن ما أن ينحرف عن ما خُلق عليه؛ يصير ثقل الخطية على الأعصاب أكثر من احتمالها، ولا يعود ذلك الجهاز الحساس على مستواه الأول، بل تحدره الخطية إلى مستوى الصفر.
رابعاً الشعور الواعي وهو الذي يُعبّر عن الشخصية، مثل العقل والعواطف والمشاعر، فهو من كثرة التأنيب والعجز عن المقاومة، تضعف الشخصية، ويحس الإنسان إنه ضاع.
عنه خامساً اللاشعور : معروف أن . كل فعل يؤديه الإنسان وهو غير راض . يسقط في اللاشعور، ويعيش هناك ويُفرّخ، ثم يظهر بصورة تلقائية غير إرادية ويفضحه، كما يظهر في أحلام النوم، فيستيقظ الإنسان فيرى أن الخطية قد استطاعت تخريب كل ملكاته الداخلية وأضعفت نفسه وكل ملكاته.
مزيد من التلف
بتكرار المحاولات الفاشلة التي يحاول بها الإنسان في ضعفه وعجزه أن يتغلب على الخطية يزداد يأسه فيزداد ضعفه وكلما استنزفت الخطية من إمكانياته كلما خضع لها أكثر وأكثر، وازدادت عبوديته إجباراً.
وهكذا، في النهاية، يكتشف هذا الإنسان العظيم الجبار ذو النفس الجميلة البهية كيف هو صار مقهوراً ساقطاً تحت سلطان الخطية، وكيف هي غررته وخدعته تحت سلطان الشهوة واللذة والغنى الحرام، ويقيس فيجد أن كله كذب في كذب، لأن الخطية في الحقيقة هي أكبر كذبة في عالم الإنسان، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا من تمرمر تحت ثقلها وذاق عمقها الفاجر، لكي تتركه في الختام فاقداً أعز ما يملك. وبهذا يتم قول المسيح: الذي يعمل الخطية هو عبد للخطية».
ولكن، الله، لم يترك الإنسان في هذا الوضع، الله تحرك منذ البدء وحرك السماء والأرض وحرَّك الأجيال والأنبياء والزمان والتاريخ ليعمل كله لحساب هذا الخاطئ الواقع في هذه العبودية، أرسل ابنه لينقذه منها، بل إن أول اسم حازه المسيح هو : مخلص، جاء ليخلص شعبه من خطاياهم، هذا هو عمله الوحيد أمات الخطية وقام غالباً إياها ورفع عن الإنسان ثقلها، وأعطاه جدة روحية في كل شيء فكر جديد، إرادة جديدة، مشيئة جديدة. كل شيء قد صار جديداً للإنسان.
المتنيح القمص متى المسكين

عدد الزيارات 33

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل