يوم الثلاثاء من الأسبوع السابع (يو ١٢ : ٣٦ - ٤٣)

08 أبريل 2025
Large image

فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «النُّورُ مَعَكُمْ زَمَاناً قَلِيلاً بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلا يُدْرِكَكُمُ الظَّلامُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظُّلامِ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمنوا بالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ». تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا ثُمَّ مَضَى وَاخْتَفَى عَنْهُمْ. وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ أَمَامَهُمْ آيَاتِ هَذَا عَدَدُهَا ، لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، لِيَتِمَّ قَوْلُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الَّذِي قَالَهُ: «يَا رَبُّ، مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا ، وَلِمَنِ اسْتَعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ لِهَذَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا. لأَنَّ إِشَعْيَاءَ قَالَ أَيْضاً: «قَدْ أَعْمَى عُيُونَهُمْ، وَأَغْلَظَ قُلُوبَهُمْ، لَتَلا يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَشْعُرُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ». قَالَ إِشَعْيَاءُ هَذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ. وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضاً، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلَّا يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، لَأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللَّهِ ] .
إنجيل تصفية الحساب
إنجيل هذا اليوم هو إنجيل تصفية حساب. الله يصفي حسابه مع شعبه الذي رفضه، فرفضه الله لعل يكون في إنجيل اليوم توعية لنا، لأنه إنجيل يحاصر النفس محاصرة لا يمكن أن تفلت منها.
السؤال الذي حير ولا يزال يحير الجميع هو : لماذا لم يؤمنوا بالمسيح؟ المسيحجاءهم خصيصاً، إلى خاصته جاء»، فكيف رفضوه، لماذا رفضوه؟! جاءهم المسيح بحسب المواعيد تماماً، وفق النبوات بالحرف، كل العلامات التي أشارت إليه تمت فيه. ولكن العجب أن الرؤساء اجتمعوا به وهو في الهيكل في عيد التجديد، وقالوا له: إلى متى تعلّق أنفسنا ؟ إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً. فكان رده في منتهى الوضوح قد قلت لكم ولم تؤمنوا. والقديس يوحنا يعطي سبباً عجيباً لعدم إيمانهم، يقول: «لأنه قد أعمى عيونهم، وأغلظ قلوبهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم».
واضح هنا أن الشعب وبالأكثر المعلمين والرؤساء أصبحت لهم عيون عاطلة وآذان صماء، فكان أن الرب أسلمهم إلى ذهن مرفوض، فأكمل عماهم وأكمل صممهم وأغلظ قلوبهم فوق غلظتها. في الحقيقة ، هذا الأمر مهم جداً، وفيه خلاصنا الله وضع في الإنسان روحاً، والروح هي المركز. والمركز الروحي للروح الذي تعمل به له أيضاً عينان وأذنان وقلب، ولكن كلها من طبيعة روحية. وهذا المركز، أي جهاز الفطنة الروحية والوعي الروحي هو جهاز روحي حساس إلى أقصى الحدود، ولكنه مُعرَّض لثلاث ضربات يمكن أن تصيبه:
الضربة الأولى: هي أن الجهاز لا يعمل، أو بمعنى أصح تركناه ليعمل في أمور أخرى كثيرة في العالم، نعم ربما أشياء ليست رديئة أو بطالة، ولكن هذا الجهاز الحساس هو موضوع بالأساس لكي يتحسس به الإنسان صوت الله، يفهم كلام الله وماذا يريد أن يقوله. هنا طالما أن الجهاز لا يعمل فلابد أن يفسد ولا يعود صالحاً للعمل. وفي الحقيقة هذا الكلام ينطبق تماماً على المستوى المادي، فالجهاز الذي يترك فترة ولا يستخدم يخرب من ذاته.
الضربة الثانية هي أن الإنسان يعمل بالخطية. الخطية عنصر سلبي وعنصر فتاك بالنسبة للجهاز الروحي، وهو قادر أن يؤذيه ويُفسده تماماً لدرجة أنه قادر أن يقضي عليه. فلا يعود يسمع أو يفهم أي كلام روحي ينصد عن الأمور الروحية، ولا يعود لديه رغبة في الذهاب للكنيسة أو للصوم أو قدرة على محبة الله أو الناس. هنا الجهاز تالف، الخطية ضَرَبَتْهُ بسهمها، جعلته غير صالح.
يقول إشعياء وعنه نقل الإنجيليون: «سمعاً يسمعون ولا يسمعوا، نظراً ينظرون ولا ينظروا» هم رأوا المسيح ولم يستفيدوا، سمعوه وكأنهم لم يسمعوا شيئاً.
الضربة الثالثة: ضربة ملعونة ضربة مريعة جداً، هي الضربة القاضية. فإذا استمرأ الإنسان الخطية وأحبها، يبتدئ تتكون فيه عداوة ضد الله، يكره الكنيسة، يكره الإنجيل يكره أن يسمع كلام الحياة، لا يطيق الوعظ، لا يتحمل أن أحداً يوبخه، صار فيه بغضة طبيعية ضد الله، وهذه البغضة تزيد البعد عن الله. وهكذا في دائرة شيطانية لا تنتهي. وهنا الرب يطمس عينيه ويسد أذنيه ويُغلظ قلبه ويجعله لا يفهم أي أمر روحي على الإطلاق. ولكن لماذا؟! الرب يقول: لأنه احتقرني رفضني، أتلف جهازي داخله، جعله يعمل لنفسه وليس لي } .في الحقيقة، إن الكلام حتى الآن سلبي، ولكن الواقع أن الجهاز يعمل إيجابياً وليس سلبياً. فطالما أن الإنسان يسير مع الله، تزداد حساسية الجهاز، وتزداد قدرته على اللقط وتزداد قدرته على التسجيل، وتنفتحأذنه الروحية بأقصى حساسية، وباختصار ينفتح وعيه الروحي أكثر وأكثر.
في الحقيقة نحن معرضين كل يوم لمثل هذا : إما أن نغلق الجهاز ونخرج للكلام والرغي والذهاب هنا وهناك ونُضيع اليوم، واليوم يصير اثنين وثلاثة، وبالطبع عندما نقف للصلاة لا نجد نفساً، ترفع يدك توجعك، تقف تتعب لا تجد روحاً، لا تسمع صوتاً... ولو أنت تماديت فإن الأسبوع سيصبح أسبوعين وثلاثة وسنة وأكثر ... ماذا يعمل الرب هنا؟ لقد صار الجهاز تالفاً، ويحتاج الأمر إلى صراخ شديد من الله لكي بحنانه ورحمته يُغير القطع التي تلفت وتعود للجهاز إمكانياته الأولى.
مع أنه يكفي ولو نصف ساعة كل يوم تشغل فيهم الجهاز، فتضمن عدم تعطله، بل يزداد عافية.
لو كل يوم نراجع فيه صوت الله ونسمع ماذا يريد أن يقوله لنا، يكون من المستحيل أن يحدث أي ضرر للجهاز.
الخطورة، كل الخطورة أن نستهتر، ونستخف بالكلام الذي نسمعه، هنا نسمع ما قاله يوحنا: لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا» انتهت منهم قدرة الإيمان. لماذا؟ لأن الله أعمى عيونهم. الله يرحمنا.
المتنيح القمص متى المسكين

عدد الزيارات 22

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل