أحاديث السيد المسيح عن المجئ الثاني

26 أغسطس 2019
Large image

تحدث السيد المسيح عن مجيئه الثاني في مواضع عديدة من الكتاب المقدس سواء بحديث شخصي مباشر أو عن طريق أنبيائه ورسله القديسين.فموضوع المجيء الثاني هو من أهم المواضيع التي تكلّم عنها السيد المسيح. ولا نقصد موعد المجيء الثاني على وجه التحديد، وإنما ما يعنيه هذا المجيء، وما يقترن به، وما يؤدى إليه، وأيضًا ما هي العلامات التي تسبق هذا المجيء. وتأثير ذلك كله في حياة الكنيسة كجماعة المؤمنين الذين ينتظرون قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.
جعت فأطعمتموني
نشير هنا إلى كلمات السيد المسيح عن مسألة سوف تشغله هو شخصيًا في يوم الدينونة الرهيب.
قال السيد المسيح: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء، فيقيم الخرافعن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم.. ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته.لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني، كنت غريبًا فلم تأووني، عريانًا فلم تكسوني، مريضًا ومحبوسًا فلم تزوروني.. الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 25: 31-34، 41-43، 45، 46).والشيء الملاحظ هنا كما يقول قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث أن السيد المسيح حينما يجلس على كرسي الدينونة سوف يحاسب الناس أولًا عن أعمال الحب والرحمة التي مارسوها تنفيذًا لوصية "تحب قريبك كنفسك" (مت22: 39) مسألة شرط الإيمان والمعمودية للدخول إلى الملكوت ذكرها السيد المسيح في أحاديث أخرى وهي مسألة مفهومة يدركها كل إنسان مسيحي لأن "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو3: 36).
في حديث السيد المسيحعن يوم الدينونة ركّز على تجاهل الأشرار لجوع المساكين وغيرهم معتبرًا أن ما نفعله بأحد إخوته الأصاغر فبه قد فعلنا ربما يُطمئِن الإنسان نفسه بأنه قد نال العماد المقدس ويمارس التوبة والاعتراف ويحفظ الأصوام، ويحرص على التناول وينتظم في حضور الكنيسة، وله العديد من الأنشطة في خدمة الكنيسة. ولكن الموقف الرهيب هو أن كل هذه الأمور لن تعفيه من سؤال الرب عن تنفيذ وصية المحبة "تحب قريبك كنفسك" (مت22: 39) ينبغي أن يواجه الإنسان نفسه على حقيقتها. هل هو متعاطف مع ذاته؟ هل يفضّل نفسه على غيره؟ هل يكتفي بأنه مرتاح ويتجاهل معاناة الآخرين؟
إن الله قادر أن يشبع الجائع وأن يروى العطشان وأن يكسو العريان وأن يشفى المريض ويطلق المحبوس.. ولكنه يضع هذه الأمور في طريقنا لاختبار محبتنا. لأن "من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجًا وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه؟" (1يو3: 17).
الحب والعطاء للكل
وربما يُطمئن الإنسان نفسه بأن له نشاط متسع في خدمة المحتاجين. ولكن السيد المسيح يقول: "ما فعلتموه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم". أي أن إهمال فقير واحد فقط يحزن قلب السيد المسيح.
الذي يخطئ في حق إنسان واحد فكأنه قد أخطأ في حق البشرية كلها، لهذا قال السيد المسيح: "أحد هؤلاء الأصاغر". واحد فقط من المساكين تجاهلناه سوف نعطى عنه حسابًا في اليوم الأخيرأليس لهذا الإنسان الواحد مشاعر؟ أليست كل دنياه هي واقعه وآلامه ومعاناته هو شخصيًا؟
إن من يضع نفسه في مكان المسكين والبائس يستطيع أن يدرك أن التاريخ والعالم والوجود كله سيقف أمام حالة واحدة. ألم يقل الكتاب "من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة، فقد صار مجرمًا في الكل" (يع2:10) فما بالك بمن أهمل كثيرًا من الفقراء والأرامل والأيتام. وما بالك بمن يظلمهم أو يسلب حقوقهم ويصرخون عليه أمام الرب ما أكثر الإنذارات التي وجهها الله إلى شعبه في القديم لئلا يسلبوا حق اليتيم والأرملة وحق الكادح،وكذلك الإنذارات التي وجهها في العهد الجديد حول نفس هذه الأمور مثل قول يعقوب الرسول للأغنياء "هلم الآن أيها الأغنياء ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ، وثيابكم قد أكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد صدئا، وصدأهما يكون شهادة عليكم، ويأكل لحومكم كنار، قد كنزتم في الأيام الأخيرة. هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم المبخوسة منكم تصرخ، وصياح الحصادين قد دخل إلى أذني رب الجنود" (يع5: 1-4) لهذا ينبغي أن نراجع أنفسنا قبل فوات الأوان.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي

عدد الزيارات 790

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل