الكنيسة والاستعداد للمجيء الثاني

28 أغسطس 2019
Large image

تهتم الكنيسة المقدسة جدًا بالاستعداد للمجيء الثاني للسيد المسيح. لذلك نردد في ختام قانون الإيمان المسيحيالعبارة التالية: (وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين) وذلك تحقيقًا للوصية الرسولية "منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب" (2بط 3: 12). وكذلك للتعليم الرسولي "وتنتظروا ابنه من السماء الذي أقامه من الأموات يسوع الذي ينقذنا من الغضب الآتي" (1تس1: 10). وقول معلمنا بولس الرسول "السماوات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى3: 20، 21). وكذلك قوله: "وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح" (1تس5: 23).
كذلك رتبت الكنيسة في القداس الإلهي أن يصلى الكاهن عند تقديس القرابين قائلًا: (فيما نحن أيضًا نصنع ذكرى آلامه المقدسة وقيامته من الأموات وصعوده إلى السماوات وجلوسه عن يمينك أيها الآب وظهوره الثاني الآتي من السماوات المخوف المملوء مجدًا نقرب لك قرابينك من الذي لك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال) وقد يتساءل البعض: كيف نصنع ذكرى ظهوره الثاني الآتي من السماوات المخوف المملوء مجدًا؟ وهل يمكن أن نصنع ذكرى شيء لم يحدث إلى الآن؟!إن حضور السيد المسيح على المذبح في سر القربان المقدس يحمل معه كل معاني التجسد والصلب والقيامة والمجيء الثاني. إن جسده الكائن على المذبح هو نفسه الذي ولد من العذراء والذي صلب من أجلنا وقام وصعد إلىالسماوات وهو نفسه الذي سيأتي في ظهوره الثاني. ومن يتناول منه فإنه ينال عربون الحياة الأبدية (يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه). ولذلك فنحن كما نعيش ذكرى الصليب والقيامة فإننا نعيش ذكرى المجيء الثاني ونستعد بكل قلوبنا لهذا المجيء الآتي من السماوات المخوف المملوء مجدًاإننا حينما نصنع تذكار موت المسيح فإننا نصنع أيضًا تذكار مجيئه الثاني. ونردد كل يوم في تسبحة نصف الليل السابقة للقداس (عند ظهورك الثاني المخوف؛ لا نسمع برعدة إنني لست أعرفكم) لذلك يقول معلمنا بولس الرسول:"لأنني تسلّمت من الرب ما سلمتكم أيضًا إن الرب يسوع في الليلة التي أُسلم فيها أخذ خبزًا، وشكر فكسر وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكرى. كذلك الكأس أيضًا بعد ما تعشوا قائلًا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى. فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 23-26)أي أننا نصنع تذكار موت الرب على الصليب إلى أن يجيء. فالتذكار هو لموته وقيامته والانتظار هو لمجيئه الثاني. وقد ربط الرسول بولس بهذه العبارة بين الإخبار بموت الرب وانتظار مجيئه إن حضور السيد المسيح على المذبح يذكرنا بموته ويذكرنا أيضًا بمجيئه الثاني،كما أننا حينما نستعد للتناول بالتوبة والاعتراف فإننا نستعد للحياة الأبدية. أي أنالاستعداد للتناول من جسد الرب ودمه هو استعداد لمجيء المسيح وعربون للحياة الأبدية وتذوق لها. ألسنا نشترك في جسد الرب المقام من الأموات؟!
كيفية الاستعداد
إننى أتعجّب ممن يتكلمون عن الاستعداد لمجيء الرب بعيدًا عن أسرار الكنيسة المقدسة كيف ينال الإنسان قوة الاتحاد بالمسيح والثبات فيه بدون التناول من جسده الحقيقي ودمه الحقيقي وكيف ينال الإنسان قوة الاتحاد بالمسيح في مجيئه الثاني دون أن يقترب من المائدة متذكرًا إنها عربون للميراث الأبدي ومائدة المسيح الأبدية كثيرون يتكلمون عن الخلاص ولا خلاص إلا بدم المسيح. وأين نجد هذا الدم إلا في الكأس كما قال هو بنفسه "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى" (لو22: 20، 1كو11: 25). لقد جعل السيد المسيح الكأس الحاوية لدمه هي العهد الجديد وليس الدم بدون الكأس. لأن الكأس هو الوسيلة التي تجعل دمه -الذي للعهد الجديد والذي سفك علىالصليب- حاضرًا ومتاحًا وفاعلًا في حياتنا من خلال سر الافخارستيا إننا كلما نحضر القداس الإلهي نستعد لمجيء الرب لأنه بالفعل يحضر وسطنا سرائريًا.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي

عدد الزيارات 791

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل