الجحيم الهاوية

04 سبتمبر 2019
Large image

"الجحيم" كلمة معناها الهاوية، وهي ترجمة للكلمة العبرية "شِئول" وللكلمة اليونانية "هاديس ᾍδης"، وهو كمقر للانتظار كان يحوى أرواح القديسين، وأرواح الأشرار، وذلك قبل أن يتمم السيد المسيح الفداء. ولكن صار مقرًا لانتظار أرواح الأشرار فقط بعد إتمام الفداء، وفتح الفردوس ونقل أرواح القديسين إلى هناك.بالنسبة للقديسين كانت أرواحهم تتطلع إلى مجيء المخلص ليخرجها من بيت السجن حسب وعد الرب "أجعلك عهداًللشعب ونورًا للأمم لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (إش42:6، 7) كانت هناك رموز كثيرة للجحيم في العهد القديم مثل جب الأسود الذي ألقى فيه دانيال النبي. ففي قصة إلقاء دانيالفي الجب إشارة واضحة إلى عمل الخلاص. فالملك داريوس والحكم الذي أصدره وخَتَمه، ولا يمكن أن يتغير حتى بالرغم من محبة الملك لدانيال، كان إشارة إلى حكم الموت الذي صدر ضد البشرية ولم يكن من الممكن إلغاؤه. كان الملك يتمنى أن ينقذ دانيال من الجب، ولكن الحكم كان ينبغي أن يتم وقال الملك لدانيال: "إن إلهك الذي تَعبُدُه دائمًا هو ينجيك" (دا 6: 16) وحينما أُلقى دانيال في الجب لسبب مؤامرة أعدائه الأشرار الذين يرمزون إلى الشياطين أعداء الرب وأعداء البشرية، أرسل الله ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تمس دانيال بسوء "إلهي أرسل ملاكه وسدَّ أفواه الأسود فلم تضرني" (دا 6: 22)، وخرج دانيال من الجب حيًا إشارة إلى قيامة السيد المسيح بعد نزوله إلى الجحيم، وإلى صعوده إلى الفردوس دون أن يمسكه الجحيم ودون أن يمسكه الموت أيضًا "إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسَك منه" (أع2: 24) وبهذا تم حكم الموت دون إلغاء، ولكن أمكن العبور منه والتحرر من سلطانه. وقد تنبأ عن ذلك داود النبي فقال "لأنك لا تترك نفسي في الجحيم (الهاوية) ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (أع2: 27، انظر مز15: 10). وشرح القديس بطرس في عظة يوم الخمسين أن هذا الكلام قد قيل عن السيد المسيح (انظر أع 2: 25) وبهذا أكّد بطرس الرسولأن السيد المسيح قد نزل إلى الجحيم. وعاد فقال عنالسيد المسيح في رسالته الأولى إنه "ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 19). وبذلك ربط نبوءة إشعياء (42: 6) بنبوءة داود النبي في المزمور (15: 10)موضحًا أن الجحيم كان سجنًا للأرواح كان إبليس هو صاحب سلطان الموت كما أوضحالقديس بولس الرسول في حديثه عن عمل السيد المسيح في تخليصنا منإبليس "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15) إن تصوير القديس بولس هنا للموقف في رسالته إلى العبرانيين هو تصوير في غاية القوة، ربط فيه بين رفع سلطان الموت وبين إبادة إبليس أي إبادة سيطرته على أرواح البشر،وكذلك أوضح أن الخوف من النزول إلى الجحيم بعد الموت في حياة حتى الذين رقدوا على رجاء الخلاص، هو حالة من العبودية، لأن الأرواح كانت في طريقها إلى السجن هناك فيالهاوية. ولكن بالطبع كانت أرواح القديسين الراقدين في حالة أفضل من أرواح الأشرار وغير المؤمنين الذين ليس لهم رجاء على الإطلاق كان القديسون في السجن ينتظرون بالإيمان تنفيذ وعد الرب بالفداء.. كانت عبوديتهم مؤقتة سيحولها المسيح إلى بنوة.. وكان خوفهم ممتزجًا بالرجاء بعكس الآخرين الذين لا رجاء لهم وعبوديتهم لا نهاية لها كما قال أبو الآباء يعقوب في بكائه وحزنه حينما اعتقد بموت يوسف ابنه "إنى أنزل إلى ابني نائحًا إلى الهاوية" (تك37: 35). ولكنه قبيل موته حينما كان يتنبأ أمام أبنائه قال: "لخلاصك انتظرت يا رب" (تك49: 18). "ولما فرغ يعقوب من توصية بنيه ضم رجليه إلى السرير وأسلم الروح وانضم إلى قومه" (تك49: 33) وحينما قاوم قورح ومعه داثان وأبيرام وأولادهم موسى وهرون وقدموا بخورًا في مجامرهم، عاقبهم الرب بأن هبطوا أحياء إلى الهاوية إذ "انشقت الأرض التي تحتهم وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورحمع كل الأموال. فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقت عليهم الأرض فبادوا من بين الجماعة" (عد16: 31-33). ومعنى نزولهم أحياء إلى الهاوية أي أنهم نزلوا إلى أقسام الأرض السفلى أحياء وماتوا هناك حيث يوجد الجحيم وقد ذكر السيد المسيح أن الجحيم له أبواب فقال عن الكنيسة: "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18) وكذلك قيل عن حزقيا الملك "كتابة لحزقيا ملك يهوذا إذ مرض وشفى من مرضه، أنا قلت في عز أيامي أذهب إلىأبواب الهاوية. قد أُعدمت بقية سِنِيَّ" (إش38: 9، 10) وقد حطّم السيد المسيح متاريس الجحيم حينما نزل إليه من قبل الصليب ليحرر المسبيين الذين رقدوا على الرجاء ويصعد بهم من الجحيم إلى الفردوس كما هو مكتوب "سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا. وأما أنه صعد فما هو إلا إنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السفلى" (أف4: 8، 9) وتنبأ داود النبي عن ذلك فقال في المزمور "أعظمك يا رب لأنك احتضنتني ولم تشمت بي أعدائي أيها الرب إلهي صرخت إليك فشفيتني. يا رب أصعدت من الجحيم نفسي. وخلصتني من الهابطين في الجب.. أية منفعة في دمى إذا هبطت إلى الجحيم.. حوّلت نوحي إلى فرح لي. مزّقت مسحي ومنطقتني سرورًا، لكي ترتل لك نفسي ولا يحزن قلبي. أيها الرب إلهي إلى الأبد أعترف لك" (مز29).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي

عدد الزيارات 1251

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل