القيامة الأولى والموت الأول القيامة الثانية والموت الثاني

07 سبتمبر 2019
Large image

كتب القديس يوحنا الرسول في سفر الرؤيا "هذه هي القيامة الأولى. مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم" (رؤ20: 5، 6).
ما هي القيامة الأولى؟ وما هو الموت الثاني؟ وما هي علاقة ذلك بالمجيء الثاني للسيد المسيح؟ هذه الأمور سنحاول أن نجيب عنها. إلى جوار ذلك فإن القيامة الأولى تفترض قيامة ثانية، والموت الثاني يفترض موتًا أولًافيلزمنا أيضًا أن نضع هذا في اعتبارنا عندما نتأمل في هذه الأقوال الإلهية الصادقة.
القيامة الأولى
الموت الثاني
الموت الأول
القيامة الثانية
القيامة الأولى
أولًا: القيامة الأولى
القيامة الأولى هي النصرة الروحية التي يطالبنا الرب بها في حياتنا الحاضرة لكي نتأهل لميراث الملكوت ونستحق أن نشارك في قيامة الأبرار أي القيامة الثانية عن القيامة الأولى قالالسيد المسيح: "كل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد" (يو11: 26). وقال أيضًا "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر9: 1) طبعًا لم يكن المقصود في كلام السيد المسيح عن عدم موت المؤمنين به إلى الأبد بمعنى أنهم لن يُنقلوا من هذا العالم، بل كما نقول في صلاةأوشية الراقدين (لأنه لا يكون موت لعبيدك بل هو انتقال( فإننا نفهم الموت في كلام السيد المسيح بمعنى السقوط تحت سلطان ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. وبهذا يكون السيد المسيح قد وعد أن من كان حيًا بالجسد وآمن به فلن يذوق الموت الروحي إلى الأبد وفي قوله: "إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" يقصد إلى جوار أن هناك قومًا كانوا عتيدين قبل وفاتهم أن يحضروا حلول الروح القدس في يوم الخمسين، فإنه قصد أيضًا أن من آمنوا به وثبتوا فيه فلن يموتوا موتًا روحيًا إلى أن يعاينوا مجيئه الثاني واستعلان ملكوت السماوات بقوة مع ملاحظة أن عبارة "ملكوت الله"هي عبارة عامة تشمل ملكوته الحالي وملكوته الآتي في السماوات، أما عبارة "ملكوت السماوات" فإنها غالبًا تشير إلى الحياة الأبدية في السماوات القيامة الأولى أيضًا نفهمها عن المعمودية في قول معلمنا بولس الرسول: "حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته.. كذلك أنتم أيضًا احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا" (رو6: 4، 5، 11).
ثانيًا: الموت الثاني
من الطبيعي أن من عاشوا حياتهم ملتصقين بالرب وأكملوا جهادهم وسعيهم أي أنهم قد تمتعوا بقوة القيامة الأولى، فإن الموت الثاني لن يكون له سلطان عليهم كما ورد في سفر الرؤيا والموت الثاني من المفهوم إنه الهلاك الأبدي. ومن ليس للموت الثاني سلطان عليه ينطبق عليه قول الرب: "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته" (رؤ3: 5) الذين للموت الثاني سلطان عليهم ينطبق عليهم قول السيد المسيح لليهود: "وتموتون في خطيتكم" (يو8: 21). هؤلاء يموتون في خطاياهم بمعنى أنهم يموتون الموت الأول بنهاية حياتهم على الأرض، ويتأهلون بموتهم في خطاياهم للموت الثاني أي الهلاك الأبدي وقيل أيضًا عن هلاك الأشرار: "وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرِح في بحيرة النار" (رؤ20: 14، 15).
ثالثًا: الموت الأول
يقول الكتاب: "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب9: 27). والمقصود بذلك موت الجسد، وهذا الموت الأول يشترك فيه جميع البشر حتى القديسون مثل السيدة العذراء مريم وحتى أخنوخ وإيليا بعد صعودهما إلى السماء أحياء، فإنهما سوف يرجعان إلى الأرض ويصيران شهداء وتموت أجسادهما كباقي البشر ولكن هذا الموت الأول الذي يشترك فيه الجميع لا يعني وحدة المصير للجميع لأن الكتاب يقول: "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم" (رؤ14: 13).
رابعًا: القيامة الثانية
من البديهي أن القيامة الثانيةهي قيامة الأبرار للحياة الأبدية. وقد تكلّم السيد المسيح عن الأبرار الذين سوف يقيمهم عن يمينه في يوم الدينونة "يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34). وقال عن الأشرار مقارنًا إياهم بالأبرار في يوم الدينونة: "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 46) معنى ذلك أن قيامة الأشرار للدينونة لا ينطبق عليها لقب القيامة الثانية الخاصة بالأبرار لأن الأشرار أصلًا لم يتمتعوا بالقيامة الأولى الروحية التي للأبرار، وبهذا فإن قيامة الأشرار قد أخذت فقط لقب "قيامة الدينونة"كقول السيد المسيح: "تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28، 29). أما القيامة الثانية الخاصة بالأبرار فهي "قيامة الحياة" إذا كانت القيامة الأولى هي الانتصار الروحي على الشر فإن القيامة الثانية تكون هي التحرر من سلطان الموت الناتج عن الخطية الأولى التي بها دخل الموت إلى العالم، لذلك قيل في الكتاب "آخر عدو يُبطل هو الموت" (1كو15: 26).
خاتمة إن المعاني الخاصة بالموت الأول والموت الثاني والقيامة الأولى والقيامة الثانية، ترتبط بعمل السيد المسيح الخلاصي لتحرير البشر المفديين من عواقب الخطية، وصولًا إلى المصير الأبدي للإنسان بعد مجيء السيد المسيح الثاني الذي ينتظره القديسون بكل اشتياق ومحبة.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي

عدد الزيارات 4615

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل